منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العاشقةُ الخرساء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-10-22, 15:35   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي






.../ ...
بان الصبحُ ولم تظهر تباشير الصباحِ وإشراقه.
فتحرّكت فاطمة في فراشها مستيقظة.. حتى وأنها لم تنم ليلتها.
استيقظت لتقومَ بتحضيرِ زاد حسين كعادتها.
في حين أن حسينَ كان قد انتهى من صلاته وتهجده، مادام أن الأرقَ والسهاد قد سرق النومَ من عينيه.
فتناول قهوته ثم حمل زاده، وتهيأ للخروج ذاهبًا الى عملهِ ..
فتقدمت إليه فاطمة كعادتها لتودّعه، ولكن هذه المرة قبّلت رأسه .
وبقيت تنظر إليه وهو سائرًا في طريقه حتى توارى عن نظرها.
تذكرت فاطمة ثورة حسين أمس..إلاّ أنها لم تفقه ما كان يقوله.. ولكنّها شعرت وأحسّت بالغضب أصابه بسببها، فأنّبت نفسها وكم أشفقت عليه.
وهو الذي وجدت فيه عضدًا ونصيرا. كما وجدت معه من يضمد جراح وكلوم السنين.
وأخًا صاحب قلبٍ يحميها من تقلبات الأيام.
وما هي إلاّ ساعة وذهبت هي الأخرى إلى المركز كعادتِها، وعند وصولها للمركز وجدت أنّ فترة بعض الظهر لا تعليم ولا تدريب فيها بسبب أن من تقوم بتعليم فتيات المركز أصيبت بوعكة صحية.
وفي منتصف النهار وهي عائدة للمنزل سائرة بين الحقول تريد أن ترفه عن نفسها بمشاهدة ما يروّح عن نفسها مع تلك الطبعية الغنّاء.
وعلى طرف الوادي وقفت فاطمة تستنشق النسيم العليل، وهي ترعي بسمعها تغريد البلابل على الأفنان.
ثم أجلت بطرفها في تلك الأنحاء وهي تنظر إلى الأزهار، وكأن الطبيعة تشكّلت فأصبحت بساطًاً مزركش الألوان، صار لوحة بديعة فاقت محاسنها، فهي تسرّ الناظرين.
وفاطمة على تلك الحال والمنوال.
لاح لها منظر غابة بها أشجار السندان والصفصاف الوارفة الظلال.. فتذكرت مسقط رأسِها في بلدتها بغاباتها وأحراشها.. تذكرت رياضها المخضرّة بسهولها ذات بساطٍ من الأعشاب والأزهار التي تأخذ بالألباب. فقررت التجوال والتنزه في الغابة ..ثم أن المساء لم يأتِ بعدُ
فذهبت بفكرها بعيدًا.
وها هي الأيام قد طوت ذلك العهد بالسعادة كان حافلاً ، ولكنه الآن صار آفلا . إن هو إلاّ حال الأيام، وقد أظهرت عجائب مكرها، و غرائب دهرها، فالأحبة قد رحلوا وابتعدوا عن المزار، وتطاول البعد و نأي الديار.
و هي في تأملاتها .. بان لها أن وجدت بتلك الغابة ما كانت تشاهده عندما كانت تخرج في نزهةٍ بغابات بلدتها من أعشابٍ وأزهارٍ وأطيارٍ .
فوجدت انواعًا من الكمأة والفطر.
فتذكرت والدها، وهو يشير لها أن حذاري! يافاطمة أن هناك أنواعًا من الفطر هي سامة قاتلة.
بل أنه بيّنَ لها تلك الأنواع السامة ، وكم كان يشير لها:
ـــ أيّاكِ أن تقتربي منها، أو تقتلعيها، أو تضعينها في فمكِ.
تذكرت كل ذلك عندما رأت ذلك الفطر السام موجودًا بهذه الغابة. عقلته و عرفته تمام المعرفة ..
فجمعت قدرًا كبيرًا منه وجلست تحت شجرة، ثم بقيت ترنو إليه و ترفع رأسها إلى السماء.
ويا لها من هول ما أقدمت عليه!
..فقد بدأت بتناوله الواحدة تلو الأخرى.. وماهي إلاّ لحظاتٍ حتى
خارت قواها بقيت بلا حراكٍ.
صادف أن شيخًا كان من هواة جمع وجني الكمأة والفطر كان بذلك المكان ، ورأى ما أقدمت عليه.
فذهب مسرعًا إلى الطريق العام و أخبر المارة ..فجاء رجال الإسعاف فوجدوا فاطمة جثة هامدة.
فتأكدوا أنها أقدمت على وضعٍ حدّ لحياتها.
فحملوها إلى المستشفى لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرًا كان مفعولا.
فهل أنتم منتظرون؟

... يتبع










رد مع اقتباس