منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تاريخ الصراع العقدي مع الرافضة في بلاد المغرب الإسلامي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-15, 10:12   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الرابع :

أساليب المقاومة السنية لبدعة التشيع

لقد سلك علماء السنة المغاربة في مقاومة التشيع أساليب عديدة ذكرنا منها في معرض حديثنا المقاومة السلبية أيّ اعتزال كلّ ما هو شيعي وكل ما يمت للتشيع بصلة وإلى دولتهم بسبب والمقاومة الجدلية والمقاومة المسلحة وكان هناك أنواع أخرى من المقاومة مثل المقاومة الجدلية والمقاومة المسلحة وكانت هناك أنواع أخرى من المقاومة مثل المقاومة عن طريق التأليف والمقاومة عن طريق نظم الشعر والمقاومة عن طريق مخالفة الشيعة في أعيادهم كيوم عاشوراء مثلا الذي يعتبره الشيعة على اختلافهم يوم حزن لأن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قتل فيه فهو إلى يوم الناس هذا يوم حزن وبكاء ولطم للوجوه وتعذيب للنفس وقد يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى قتل النفس فداء للحسين رضي الله عنه أما عندنا – نحن أهل السنة – فهو يوم له فضل ولذلك أمرنا بصيامه فقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم وندب الناس إلى صيامه وقال : (إنّه يكفّر السنة التي قبلها) .
وفيما يلي من البحث نتطرق للحديث عن وسائل المقاومة واحدة واحدة .

الوسيلة الأولى :

المقاومة السلبية

أولى الوسائل التي استعملها علماء المغرب السنة في مقاومة التيار الشيعي : الوسيلة السلبية ونعني بها : المقاطعة الجماعية التي قاطع بها علماء المغرب كل ما له صلة بالتشيع أو بالحكم القائم وتمثلت تلك المقاطعة في مقاطعة قضاة الدولة وعمالها ورفض من استطاع منهم دفع الضرائب لها .
ومن العلماء من اختار العزلة والإختفاء عن أعين بني عبيد وقد مرّ ذكر هذا الصنف من العلماء ومن مظاهر هذه المقاومة مقاطعة حضور صلاة الجمعة التي كانت مناسبة للعن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على المنابر : (فتعطّلت الجمعة دهرا بالقيروان) .
ومنهم من اكتفى بالدعاء عليهم كما كان يفعل الواعظ عبد الصمد وكما كان يفعل أبو إسحاق السبائي الزاهد إذا رقى رقية يقول بعد قراءة الفاتحة وسورة الإخلاص والمعوذتين : (وببغضي في عبيد الله وذريته وحبي في نبيك وأصحابه وأهل بيته اشف كل من رقيته) .
ومن مظاهر المقاومة السلبية أيضا مقاطعة كل من يسير في ركب السلطان واعتزاله وكل من كانت له صلة بهذا السلطان أو سعى إلى تبرير وجوده عملا بقوله تعالى : (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) ) [المجادلة :22] .
فهذا خلف بن أبي القاسم البراذعي (ت نحو 400 ه) قام عليه فقهاء القيروان بصلته بملوك بني عبيد وقبوله هداياهم وتأليفه كتابا في تصحيح نسبهم وزادت النقمة عليه عندما وجدوا بخطه الثناء على بني عبيد متمثلا ببيت الحطيئة :
ألئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ....... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا
لذلك كله أفتى فقهاء القيروان بطرح كتبه وعدم قراءتها وإزاء ذلك اضطرّ هو إلى الهجرة إلى الصقلية حيث حصلت له حظوة كبيرة عند أميرها .
وهذا إبراهيم بن حسن بن إسحاق القيرواني (ت 443 ه) هو الآخر امتحن بسبب فتواه في تقسيم الشيعة إلى قسمين :

أحدهما : من يفضل عليا على غيره من الصحابة من غير سب لغيره فليس بكافر .
ثانيهما : من يفضله ويسب غيره فهو بمنزلة الكافر لا تحل مناكحته وقد أنكر عليه هذه الفتوى فقهاء المغرب وأرسلوا إليه أن يعاود النظر فيها ويرجع عنها فلم يفعل وإن كان أظهر التوبة أمامهم .

والواقع أّ فتواه صحيحة لا غبار عليها كما يقول القاضي عياض : (ولا امتراء عند كل منصف أن الحق ما قاله أبو إسحق وأنه جرى على العلم وطريق الحكم ومع هذا فما نقصه هذا عند أهل التحقيق ولا حط من منصبه عند أهل التوفيق وإن رأى الجماعة في النازلة كان أسدّ) .
هكذا كان أسلوب علماء المغرب مع كل من سولت له نفسه التقرب من بني عبيد أو مداراتهم ولو كانت تلك المداراة حقا وقد رأينا – قبل – كيف أنهم أفتوا بكفر من دخل في دين بني عبيد ولو ظاهرا .

النوع الثاني [الوسيلة الثانية] من المقاومة :

المقاومة الجدلية

لقد كانت المقاومة الجدلية هي أقوى وأوسع أنواع المقاومة التي قام بها علماء السنة المغاربة ضدّ الشيعة المنحرفين وقد سطع في سماء هذه المساجلات العلمية والمناظرات العقدية عدد كبير من العلماء كانوا لسان أهل السنة الناطق والذاب عن بيضة هذا الدين وسأحاول في هذا المبحث أن أذكر أبرز الرجال الذين كانوا قائمين على هذا النوع من المقاومة ..
فمنهم ابن البردون (299 ه) الذي كان – كما ذكرت – قوي الحجة في الجدل لم يكن في شبابه أحد أقوى على الجدل والمناظرة وإقامة الحجة على المخالفين منه .
ومنهم الإمام محمد الرقادي القيرواني (ت 416 ه) الذي كان – هو الآخر – من أئمة هذا الشأن وكانت له في هذا الميدان مقامات مشهودة ذبّ فيها عن مذهب أهل السنة .
وممن لمع نجمه أيضا في سماء هذه المساجلات عبد الله بن التبان (ت 371 ه) فقد كان هذا الإمام العظيم من أشد الناس على بني عبيد وأكثرهم مقاومة لهم ومن مواقفه المشهورة التي ذكرتها لنا المصادر التي ترجمة له أنه كان يوما في جمع من أصحابه وكان يوم عاشوراء فلما (رأى جمع بني عبيد بكى فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : والله ما أخشى عليهم الذنوب لأن مولاهم كريم وإنما أخشى عليهم أن يشكوا في كفر بني عبيد فيدخلوا النار ) .
وقد اشتهر بسبب مناظرته لبني عبيد حتى ضربت إليه أكباد الإبل من الأمصار المختلفة لعلمه بالذب عن أهل السنة وقد حفظت لنا كتب التراجم بعضا من هذه المناظرات نذكر منها ما نقله صاحب المعالم أنهم سألوه مرة – أثناء مناظرة له معهم – (أيّهما أفضل فاطمة أم عائشة رضي الله عنهما ؟ فقال : عائشة وذلك لأمرين اثنين : الأمر الأول : أنّ عائشة إذا مات عنها زوجها فلا يجوز لها أن تتزوج غيره بعده أبدا بيما فاطمة لها أن تتزوج عشرين بعده الثاني : فلأنها مع النبي صلى الله عليه وسلم في منزلته يوم القيامة وفاطمة مع علي رضي الله عنه في منزلته يوم القيامة ودرجة النبي صلى الله عليه وسلم أعلى من درجة علي رضي الله عنه )
وكان هذا الإمام – فضلا عن براعته في الجدل والمناورة – شجاعا مقداما لا يهاب الموت من ذلك ما ذكره المالكي والدباغ من (أن عبد الله المعروف بالمحتال صاحب القيروان قد شدد في طلب العلماء فاجتمعوا بدار ابن أبي زيد القيرواني فقال لهم ابن التبان : أنا أمضي إليه أبيع روحي لله دونكم لأنه إن أتى عليكم وقع على الإسلام وهن عظيم) وفعلا ذهب إليه وأقام عليه الحجة هو وجماعته الذين جاء بهم ليناظروه .
وبعد أن هزمهم في مجلس المناظرة لم يخجلهم أن يعرضوا عليه أن يدخل في نحلتهم ولكنه أبى وقال : شيخ له ستون سنة يعرف حلال الله وحرامه ويرد على اثنتين وسبعين فرقة يقال له هذا ؟ لو نشرتموني في اثنتين ما فارقت مذهبي .
ولما خرج من عندهم بعد يأسهم منه تبعه أعوان الدولة الظالمة وسيوفهم مصلتة عليه ليخاف من يراه من الناس على تلك الحال فإذا به وهو تحت الضغ يهدي الناس ويقدم لهم النصيحة ويقول لهم دون خوف ولا وجل : (تشبّثوا ليس بينكم وبين الله إلاّ الإسلام فإن فارقتموه هلكتم) .
ومنهم الإمام عمرو بن هارون الوراق (ت 379 ه) فقد كان هو الآخر فارسا من فرسان الميدان ونجما ساطعا في سماء هذه المساجلات وكان هذا الفن من فنون العلم أكثر علمه .
إلا أن بطل هذه المساجلات بلا منازع وفارس حلقاتها بلا مدافع هو الإمام عثمان بن سعيد الحداد (ت 302 ه) لسان أهل السنة وابن حنبل المغرب حتى قال عنه السلمي صاحب طبقات الصوفية : (كان فقيها صالحا فصيحا متعبدا أوحد زمانه في المناظرة والرد على الفرق) .
وقال عنه الخشني : (كان يرد على أهل البدع المخالفين للسنة وله في ذلك مقامات مشهودة وآثار محمودة ناب عن المسلمين فيها أحسن مناب حتى مثله أهل القيروان بأحمد ابن حنبل) .
وقال عنه المالكي : (وكانت له مقامات في الدين مع الكفرة المارقين أبي عبد الله الشيعي وأبي العباس أخيه وعبيد الله – لعنة الله عليهم – أبان فيها كفرهم وزندقتهم وتعطيلهم) .
وقال عنه أبو الأسود موسى القطان : (لو سمعتم سعيد بن محمد في تلك المحافل – يعني مناظرته للشيعة – وقد اجتمع له جهارة الصوت وفخامة المنطق وفصاحة اللسان وصواب المعاني لتمنيتم ألاّ يسكت) وكان هذا الإمام مهجورا من قبل المالكية لكونه كان يتهكم عليهم ويسمي مدونة سحنون ب (المدودة) إلاّ أنّ مناظرته للشيعة ودحضه لشبهاتهم ردت إليه الاعتبار واصبح أكثر من نار على علم في الشهرة والمنزلة العالية لقد دعي هذا الإمام لمناظرة الشيعة وعقدت بينهم مناظرات عديدة ذكرها المالكي في (رياض النفوس) والخشني في (طبقاته) وغيرهما .

والسبب في هذه المناظرة أن بني عبيد لما ملكوا القيروان أظهروا تبديل مذهب أهل البلد وأجبروا الناس على مذهبهم بطريقة المناظرة وإقامة الحجة مرة والتهديد بالقتل مرة أخرى فارتاع أهل البلد من ذلك ولجّؤوا إلى أبي سعيد وسألوه التقية فأبى وقال : (قد أربيت على التسعين ومالي في العيش حاجة ولا بد لي من المناظرة عن الدين أو أن أبلغ في ذلك عذرا ففعل وصدق وكان هو المعتمد عليه بعد الله تعالى في مناظرة الشيعة )

وكانت هذه المجالس تنقسم إلى قسمين : مجالس عامة يشترك فيها عدد كبير من علماء السنة على اختلاف مذاهبهم الفقهية لمناظرة الشيعة وعلى الرغم مما كان بين هؤلاء العلماء من حساسيات وخصومات بسبب اختلاف مذاهبهم الفقهية إلاّ أنّ هذه المجالس وحدت كلمتهم وأزالت كل ما كان بينهم من تطاحن وأحقاد حتى قال المقدسي في أحسن التقاسيم – وكان قد زار المغرب - : (وليس غير حنفي ومالكي مع ألفة عجيبة لا شغب بينهم ولا عصبية قد أقبلوا على ما يعنيهم وارتفع الغلّ من قلوبهم) ومن ذلك ما كان بين ابن الحداد وابن عبدون (ت : 299 ه) من هجران وذلك لأن ابن عبدون كان قد حبس ابن الحداد أيام توليه القضاء يقول المالكي : (وكان أبو عثمان مهاجرا لابن عبدون وذلك أنه حبسه إبان قضائه فقال ابن عبدون لابن الحداد : تقدم يا أبا عثمان) فلم يجبه فقال : (تقدم فليس هذا وقت مهاجرة فلسانك سيف الله وصدرك خزانة الله وإنما أراد ابن عبدون أن يحرضه على محاورة الشيعة) .
وأما القسم الثاني من هذه المجالس فهو المجالس الخاصة التي كان يحضرها رجل واحد من أهل السنة وكان هذا الرجل هو الإمام ابن الحداد ورجل من الشيعة هو أبو عبد الله الشيعي أو أخوه العباس .

مواضيع هذه المجالس :

والمواضيع التي كانت تدور حولها هذه المجالس وهذه المناظرات هي المواضيع التي لا يزال الخلاف فيها قائما بين أهل السنة والشيعة إلى يومنا هذا فالشيعة يحاولون جاهدين إثباتها ويحشدون الأدلة والبراهين لها وأهل السنة والجماعة ينفونها ويفندون تلك الأدلة والحجج .
هذه المواضيع كانت كلها ترتكز حول إمامة علي رضي الله عنه وإمامة المفضول مع وجود الفاضل وصلاة التراويح ونكاح المتعة والتقية وغير ذلك من المواضيع التي يسعى الشيعة جاهدين من أجل فرضها وإثباتها .
ولقد كانت تلك المجالس كثيرة قدرها بعضهم بأربعين مجلسا والذي نقل إلينا لا يعدو مجالس معدودة وسأكتفي هنا بنقل مقتطفات من هذه المجالس تخدم بحثنا وتفي بالغرض والمقصود من نقلها .
وللعلم أذكر هنا أن هذه المجالس كانت تدور في بيت الحكمة التي كان الأغالبة أنشؤوها لتدريس الفلسفة والعلوم العقلية الأخرى .

ذكر المجالس ومواضيعها :

أول هذه المجالس كما يذكر ذلك صاحب المعالم كان يدور حول التفاضل بين أبي بكر وعلي رضي الله عنهما فبعد الإجتماع بين ابن الحداد وأبي عبد الله الشيعي (سأل أبو عبد الله الشيعي ابن الحداد : (أنتم تفضلون على الخمسة أصحاب الكساء غيرهم ؟ - يعني بأصحاب الكساء : محمدا صلى الله عليه وسلم وعليا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهما ويعني بغيرهم : أبا بكر رضي الله عنه - ) فقال أبو عثمان : (أيّما أفضل ؟ خمسة سادسهم جبريل عليه السلام ؟ أم اثنان الله ثالثهما ؟) فبهت الشيعي ) .


مناظرة أخرى حول موالاة عليّ


في هذه المناظرة أراد عبيد الله الشيعي أن يثبت أن الموالاة في قوله عليه الصلاة والسلام : (من كنت مولاه فعلي مولاه) بمعنى العبودية (قال له : فما بال الناس لا يكونون عبيدا لنا ؟ فقال ابن الحداد : لم يد ولاية رق وإنما أراد ولاية الدين ونزع بقوله تعالى : ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80) ) [آل عمران : 79-80] قال فما لم يجعله الله لنبي لم يجعله لغير نبي وعلي رضي الله عنه لم يكن نبيا وإنما كان وزيرا للنبي صلى الله عليه وسلم .
مناظرة أخرى حول قيام رمضان (التراويح) :
في هذه المناظرة يريد الشيعة أن يقنعوا أهل السنة بأن صلاة التراويح بدعة ابتدعها عمر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن كلّ بدعة ضلالة) ولهذا (جمع عبد الله بن عمرو المروزي علماء السنة وقال لهم : إنّي أمرت أن أناظركم في قيام رمضان فإن وجبت لكم حجة رجعنا إليكم وإن وجبت لنا رجعتم إلينا قال أبو عثمان سعيد ابن الحداد : (قلت له : ما تحتاج إلى المناظرة) فقال : (لا بدّ منها) فقال أبو عثمان سعيد الحداد : (فقلت : شأنك وما تريد) .
فقال : (ألستم تعلمون وتروون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم إلاّ ليلة واحدة وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي استن القيام) قال أبو عثمان سعيد بن الحداد : فقلت هذه البدعة من البدع التي يرضاها الله عز وجل ويذم من تركها فقال : وأين تجد ذلك في كتاب الله عز وجل ؟ قال ابن الحداد : فقلت : في قوله تعالى : ( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (27) ) [الحديد : 27] فنحن نثابر على هذه البدعة التي هي رهبانية لئلا يذمنا الله عزّ وجلّ كما ذمهم ) .

مناظرة أخرى حول القياس وحد شارب الخمر :

قال أبو عثمان سعيد بن الحداد : (قال أبو عبد الله الشيعي : من أين قلتم بالقياس ؟ قال أبو عثمان : قلنا ذلك من كتاب الله عزّ وجلّ قال : فأين تجد ذلك ؟ قال : قال الله عزّ وجل : (ياأيها الذين ءآمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة) [المائدة : 95] فالصيد معلومة عينه والجزاء الذي أمرنا أن نمثل ما لم ينص ذكر عينه بالقياس والإجتهاد ومنه قوله تعالى : (يحكم به ذوا عدل منكم) الآية فلم يكله إلى حاكم واحد حتى جعلهما الله اثنين ليقيسا ويجتهدا .
قال أبو عثمان سعيد بن الحداد : ثمّ عطف (أي أبو عبد الله الشيعي) على أبي الأسود بن عبد الرحمن القطان فقال له : أين وجدتم حدّ الخمر في كتاب الله عزّ وجل ؟
فقال له موسى القطان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من شربها فاضربوه بالأردية ثم إن عاد فاضربوه بالأيدي ثم إن عاد فاضربوه بالجريد ) فقال أبو عبد الله الشيعي – على النكير منه – أين هذا ؟ أقول لكم أين وجدتم حد الخمر في كتاب الله تعالى تقول : اضربوه بالأردية ثم بالأيدي ثم بالجريد ؟
فقال أبو عثمان سعيد بن الحداد : فقلت له : إنما أخذنا قياسا على حدّ القاذف لأنه إذا شرب سكر وغذا سكر هذى وإذى هذى افترى فوجب عليه ما يؤول إليه وهو حدّ القذف
) .

مناظرة أخرى حول ولاية المفضول مع وجود الفاضل ومبدأ النص والإختيار :

(قال أبو عثمان سعيد بن الحداد : (قال لي أبو العباس الشيعي (أخو عبد الله الشيعي) : (أليس قولك إجازة تقديم المفضول على الفاضل) : فقلت أعزّك الله بتوفيقه أنا متبع في ذلك لكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وذلك لا يخفى على ذي لب نظر في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعدوهما إلى غيرهما ) قال لي : (وأين تجد ذلك في كتاب الله) ؟ (قلت : قال الله تعالى : (وقال لهم نبيّهم إنّ الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنّى يكون له الملك علينا ونحن أحقّ بالملك منه ولم يوت سعة من المال قال إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم) [البقرة : 247] فقال عند ذلك كالمغضب : ( ليس القصة كما توهمت) فقلت له : (و الأمر الذي لم أتوهمه وفيه الحق عندك هل إلى ذكره من سبيل ؟) فقال : (نعم ذكرت خبر طالوت واحتججت فيه بقول نبيّهم ؟) فقلت له : قال الله : (وقال لهم نبيّهم إنّ الله قد بعث لكم طالوت ملكا) لما كان خروج طالوت من فوق إذن نبيهم ثبت أن الله قدم المفضول على الفاضل إذ كنا لا نشك نحن ومن خالفنا أن نبيّهم أفضل من طالوت وطالوت هو المفضول فقال لي : (وهكذا اعتقادك ؟) فقلت : (نعم أيها الأمير) فقال : (إنّما كان خروج طالوت من تحت يد نبيهم لا كما توهمت أنه من فوق إذنه لأن نبيهم هو الذي أخبرهم أن طالوت مقدم على الجيش فلما كان هذا هكذا كان الفاضل بعد هو المفضول فقد تبين فساد قولك وتناقضه ) .
قال أبو عثمان سعيد بن الحداد : (فقلت له : نفس الآية شاهد ولا تكون الحجة من غيرها وذلك أن الله أخبر عن نبيهم أنه قال لهم : (إنّ الله قد بعث لكم طالوت ملكا) الآية ولم يقل : إنّي بعثته لكم فلما جاء الخبر من نبيهم وأضافه إلى الله تعالى لا إلى نفسه وجب بهذا أن أمر طالوت من فوق إذن نبيهم وكذلك قالت الآية ) .
قال : (ثم قلت : وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر فيها إلى تقديم المفضول على الفاضل وهو ما لا ينكره أحد من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر على جيش عمرو بن العاص فكان يقسم الفيء ويأمر وينهى فيطاع ويصلي لهم الصلوات ويشاورونه ويستأذنونه في جميع شأنهم وتحت يديه في الجيش أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وهما جميعا أفضل منه ولا يشك في ذلك أحد
وأيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر على جيش زيد بن حارثة رضي الله عنه فكان يفعل في ذلك وفيمن تحت يديه من المسلمين كفعل عمرو بن العاص رضي الله عنه فيمن تحت يديه من المسلمين وتحت يديه من الجيش جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أفضل من زيد بن حارثة فلما ثبت عندنا وقام مقام العيان جاز للأمة تقديم المفضول على الفاضل
)

وهذه بعض المناظرات التي وقعت بين علماء السنة والشيعة وهي جزء صغير من مجموع المناظرات التي دارت بين الفريقين










رد مع اقتباس