منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العلمانية: مشروع إبليس الدنيوي - د. يزيد حمزاوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-07-08, 11:28   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عبدالإله الجزائري
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية عبدالإله الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(الحلقة 5)
30 يونيو 2020م

* الطغيان المالي:


يذكر كرسون في كتابه (المشكلة الأخلاقية) أنه كانت الفضائل المسيحية كالفقر والتواضع والقناعة والصوم والورع والرحمة، كل ذلك كان خيرا للمؤمنين والقسيسين والقديسين والخطب والمواعظ، أما أساقفة البلاط والشخصيات الكهنوتية الكبيرة فقد كان لهم شيء أخر، البذخ والأحاديث المتأنقة مع النساء، والشهرة في المجالس الخاصة، والخدم والأرباح الجسيمة والموارد والمناصب.
ويقول وول ديورنت: أصبحت الكنيسة أكبر مُلاك الأراضي، وأكبر السادة الإقطاعيين في أوربا، فقد كان دير (فلدا) مثلا يمتلك خمسة عشر ألف قصر صغير، وكان دير (سانت جول) يمتلك ألفين من رقيق الأرض، وكان أحد القساوسة يملك عشرين ألفا من الأقنان (العبيد) وكان رجال الكنيسة يطلق عليهم ألقاب الدوق والكونت وغيرها من الألقاب الإقطاعية، فأضحت الكنيسة جزءا من النظام الإقطاعي.
وكانت أملاكها الزمنية، أي الدنيوية، مما يُجَلل بالعار كل مسيحي متمسك بدينه، وسخرية تلوكها ألسنة الخارجين على الدين ومصدرا للجدل والعنف بين الأباطرة والبابوات، وكانت مصادر تلك الأملاك متعددة منها الأوقاف والهبات والضرائب والسخرة.
والذي جعل التمرد العلماني يقوى ويزداد أن الطغيان المالي حوَّل رجال الكنيسة إلى أثرياء يتمتعون برغد العيش، بينما جعل من عامة الشعب فقراء عبيدا يتكففون ويعيشون حياة الذل والفقر المدقع، مما دفع كارل ماركس إلى قول مقولته الشهيرة "الدين أفيون الشعوب" لأن الدين النصراني أسهم في الحفاظ على الإقطاعية وفي نفس الوقت دعا الشعب إلى عدم التمرد وإلا دخل النار.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد أصابت بعض المسلمين المنتسبين إلى أهل العلم عدوى عبادة المال، حتى طغوا وصاروا كهنوتا يسعى لجمع حطام الدنيا والإخلاد إلى الأرض والإثراء على ظهور المسلمين، بمساعدة حكام فاسدين راشين لهم بالمناصب والجاه والرواتب والمال والعقارات والفيلات والسيارات والزوجات والخدم والامتيازات...حتى شبعوا من مرقة السلطان واُتخموا من خبزه، فظهرت على أشكالهم وأجسامهم وأولادهم ومعيشتهم علامات الرغد والبذخ والثراء الفاحش، فباتوا في سجن النعم يرفلون ويتمتعون، وفي البزنسة بالمواقف والمتاجرة بالفتاوى غارقون، فسكتوا عن نصرة الدين، حتى وإن كان بعضهم مؤمنين صادقين، فحب الدنيا "مجبنة" تصنع جبناء وعملاء برتبة علماء.... حرفوا الدين وطوعوه لخدمة الظالمين وخذلوا الحق، وتكلموا بالباطل... ثم رآهم الناس فأساؤوا الظن بهم وبدينهم وذهبت هيبتهم وهيبة ما يمثلونه من شرع ووحي...فتكررت النتيجة الحتمية من معادة الدين والمتدينين، التي هي بذرة العلمانية... (يتبع).
توقيع: د يزيد حمزاوي










رد مع اقتباس