منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مسألة مهمة في رفع اليدين في دعاء خطبة الجمعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2016-02-09, 22:15   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
التواتي الكنتي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

محمد عزالدين الغرياني
عضو هيئةالتدريس بجامعة ناصر - طرابلس

دعاء الإمام بعد الصلاة يعتبر دعاءمشروعاً دلت عليه الأحاديث والآثار النبوية، ولكي تكون الصورة واضحة لنا تمامالوضوح ندرس هذا الدعاء من خلال أسسه الثلاثة التي يتكون منها وهي:
أ‌.رفع الإمام يديه
ب‌.دعاؤه بصيغة الجمع
ت‌.تأمين المأمومين على دعائه.

الأساس الأول: رفع الإماميديه
يعتبر رفع الإمام يديهبعد الصلاة حين دعائه بالمأمومين رفعا مشروعا دلت عليه الأحاديث النبويةالشريفة
روى الطبرانيعن محمد بن أبي يحيى قال: رأيت عبد الله بن الزبير، ورأى رجلا رافعا يديه يدعوقبل أن يفرغ من صلاته، فقال له: إن رسول الله لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ منصلاته]
قال الحافظ الهيتمي: رجاله ثقات ( مجمع الزوائد 10/ 172 ) ]،فهذا الحديثالصحيح يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الدعاء بعد أنيفرغ من صلاته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان إمام المصلين.
أخرجالحافظ السيوطي في جزء سماه ( فض الوعاء عن أحاديث رفع اليدين في الدعاء ) ذكر فيهمائة حديث، ومما ذكره ما رواه ابن أبي شيبة عن الأسود العامري عن أبيه قال: " صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما سلم انحرف ورفع يديهودعا
قال الحافظ أبو الفضل عبدالله بن محمد الصديق الغماري:الأسود عبد الله بن الحاجب ذكره ابن حبان في الثقات،وقال الذهبي: محله الصدق وأبوه صحابي ( اتقان الصنعة ص 96 ط 97


الأساس الثاني: الدعاء بصيغةالجمع
يعتبر دعاء الإمام بعدالصلاة للمأمومين بصيغة الجمع دعاء مشروعا دلت عليه الأحاديث النبوية أحيانابالصيغة العامة وأحيانا بالصيغة الخاصة.
بالصيغةالعامة:جاء في صحيحالترمذي بسند حسن عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال " قلما كان رسول الله صلى اللهعليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه:اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بينا وبين معصيتك، ومنطاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنابأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على منظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبرهمنا ولا ملبغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. الترمذي، عارضة الاحوذي 13/32 ]. ]
وهذا الحديث يدل على:
أ‌.أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مواضبا في مجالساهالمتعددة على الدعاء لأصحابه، ويدخل في لفظ المجلس الوارد في الحديث المجلس الذييكون بعد الصلاة، فقد جاءت الأحاديث المتعددة التي تطلق كلمة ( المجلس ) على مابعد الصلاة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحدكم إذا دخلالمسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم مادامفي مجلسه الذي صلى فيه " [حديث صحيح، سنن ابن ماجه 1/133، والحديثموجود في الصحيحين انظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ص 387 ].
وفي صحيح مسلم " كان صلى الله عليه وسلم إذا صلىالفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس [ مسلم بشرح النووي 5/171
فهذان الحديثان يسميان ما بعد الصلاة مجلسا، وحديث ابنعمر السابق يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يقوم من مجلس من مجالسهإلا ويدعو لأصحابه، ولاشك أنه صلى الله عليه وسلم كان حرصا في دعائه لغيره على مواطن استجابة الدعاء التي من أهمها ما بعدالصلاة، فقد سئل صلىالله عليه وسلم أي الدعاء أسمع ؟قال: جوف الليل ودبر الصلواتالمكتوبات[ حديث حسن، نيل الأوطار 2/345 ].
ولا يعقل أن يكون صلى الله عليه وسلميدعو لأصحابه في مجالسه المتعددة حتى إذا جاء وقت القبول - وهو ما بعد الصلاة - امتنع من الدعاء لهم.
ب‌.. أن صيغة الجمع في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يدخلفيها الحاضرون من صحابته ؛ فقد أخرج ابن جرير والطبراني في السنن والحاكم وصححه عنجابر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول:يا مقلب القلوب ثبت قلوبناعلى دينك. قلنا يا رسول الله: تخاف علينا وقد آمنا بك. فقال: إن قلب بني آدمبين أصبعين من أصابع الله عز وجل فغذا شاء أن يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغهازاغه " [ الدرالمنثور في التفسير بالمأثور 2/10].
والشاهد أن الصحابة كانوايفهمون من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الجمع أنه يقصدهم ولهذا قالوا فيهذا الحديث بعد أن دعا بصيغة الجمع: ( تخاف علينا وقد آمنا بك (
بالصيغة الخاصة:فهمنا من الحديثين السابقين ؛ حديث ابن عمروحديث جابر:
أ‌.أن النبي صلىالله عليه وسلم يدعو لأصحابه بعد الصلاة من خلال تحليلنا للفظ العام في حديث ابنعمر.
ب‌.أن الصحابة كانوايفهمون من دعائه بصيغة الجمع أنه كان يقصدهم ويشملهم، وقد جاء التصريح بأن النبيصلى الله عليه سلم كان يدعو بصيغة الجمع بعد صلاته ( أي يدعو لأصحابه المأمومين)،
فقد أخرج ابن مردويهعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانيقول إذا قضيصلاته:
" اللهم إني أسألكبحق السائلين عليك، فإن للسائلين عليك حقا، أيما عبد أو أمة من أهلالبر والبحر تقبلتدعوتهم واستجبت دعاؤهم أن تشركنا في صالح ما يدعونك به، وأن تعافينا وإياهم، وأنتقبل مناومنهم، وأنتتجاوز عنا وعنهم بأنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين " [ الدر المنثور 2/40 ]، وهذاالحديث يدل على:
أ‌.صحة التحليللحديث ابن عمر السابق، وصحة الاستنتاج منه بأنه صلى الله عليه سلم كان يدعولأصحابه بعد الصلاة.
ب‌. التشريعللأئمة بالدعاء للمأمومين.
ت‌.جواز الدعاء بالقبول بعد الصلاة، وجواز الدعاء بالقبولبعد تمام العمل وراد في القرآن، قال سيدنا ابراهيم بعد إتمامه عمل البناء ( ربناتقبل منا إنك أنت السميع العليم )، وقد جاء الأمر الإلهي لرسول الله صلى الله عليهسلم ولأمته بالإقتداء بسيدنا ابراهيم في قوله ( وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم علىقومه ) إلى أن قال: ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [ الانعام: 83-90 ].

الأساس الثالث: تأمين المأمومين علىالدعاء:
عنحبيب بن مسلمة الفهري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يجتمعملأ فيدعو بعضهم ويؤمن سائرهم ( أي يقول آمين ) إلا أجابهم الله " [ رواه الطبراني ورجاله رجالالصحيح غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث. مجمع الزوائد 10/173
ويؤخذ من هذاالحديث:
أ‌.أن الدعاءالجماعي دعاء مقبول، وأن التأمين عليه سبب في الإستجابة، وهو ما دل عليه أيضاالحديث الشريف الصحيح: " ما رفع قوم أكفهم إلى الله عز وجل يسألونه شيئا إلا كانحقا على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا " [ رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، مجمعالزوائد 10/172، باب ماجاء في الاشارة في الدعاء ورفع اليدين ]
ب‌.أنه يدعو إلى ما دعت إليهالآية الكريمة الآتية من الترغيب في الدعاء الجماعي، ومن التبشير باستجابته: ( وقال موسى ربنا إنك آيتي فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنااطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبتدعوتكما ) [ يونس: 88 ]،فهذه الاية بدأت بالدلالة على ان الداعي فرد واحد ( وقالموسى )، وختمت بأن الداعي شخصان ( أجيبت دعوتكما )، لأنه كما قال عكرمة رضي اللهعنه كان موسى عليه السلام يدعو، ويؤمن هارون، فذلك قوله ( أجيبتدعوتكما ) [ الدرالمنثور في التفسير بالمأثور 3/341 ]،وكان هارون عليهالسلام حريصا على الدعاء الجماعي، قال أبو هيرية وابن عباس رضي الله عنهما: ( كانموسى إذا دعا أمن هاورن على دعائه، يقول آمين ) [ المرجع السابق ]،وهذا يدل على:
أ. أن الصحابة كانوا مطالبينشرعا بالتأمين على دعاء الرسول صلى الله عليه سلم حين كان يدعو لهم بعد الصلاة،لأن الله تعالى يقول عن موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء والمرسلين كنوح وإبراهيموسليمان ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [ الانعام:90]، والصحابة رضي الله عنهم مدركون لدلالة هذهالآية، وأنهم مطالبون بالإقتداء بالأنبياء السابقين فيما لا يخالف الشريعةالإسلامية:
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن العوام قال: سألت مجاهداعن سجدة (ص)، فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت - أي ما دليلك على السجود فيها -،فقال: أو ما تقرؤون: " ومن ذريته داود وسليمان وايوب ويوسف وموسى هارون " إلىقوله: ( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده )، فكان داود ممن أُمِرَ نبيكم صلىالله عليه وسلم أن يقتدي به، فسجد بها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى اللهعليه سلم. [ الدر المنثور5/336 ].
ب. أن الحرص على دعاء المقبولين منهج إسلامي عمل بهالمرسلون أولا، ثم عمل به الصحابة والتابعون من بعد:
أخرج ابن أبي شيبةوالبخاري في الأدب وابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه أن ثابتا قال له: إن أخوانكيحبون أن تدعو لهم، فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة في الآخرة حسنة وقنا عذابالنار. [ الدر المنثور 1/242 ] وجاء في الحلية للحافظ أبي نعيم أن عمر بن عبد العزيز جلسإلى قاص العامة بعد الصلاة، وكان يرفع يديه إذا دعا [ الحلية 5/277 ]، أي يرفع يديه إذا دعا بهمدعاء جماعيا.
وآخر دعوانا أنالحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه في كل وقتوحين.
المصدر / مجلةالأسوة الحسنة - العدد 19 السنة السادسة.









آخر تعديل ابو اكرام فتحون 2016-02-09 في 22:20.
رد مع اقتباس