منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أحكام اللباس >> العادات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-24, 19:19   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مبتلى بحب التشبه بالنساء

السؤال

رجل ملتزم يحافظ على النوافل ، ويتقي الله قدر الاستطاعة ، مريض منذ صغره بحب تفريغ الشهوة في تشبهه بالنساء ولبس أشيائهن ، فهل عليه إثم ؟ ومع الالتزام امتنع فعليّاً عن هذا الداء

ولكن بقيت أفكار الذل للنساء والتشبه بهن مع إمكانية خروج مني أو مذي . فهل عليه إثم ؟

وهل التمادي في الأفكار فقط دون إنزال عليه إثم ؟ وإن كان الحل في الزواج فهل يخبر زوجته ؟

أو يستطيع أن يمارس معها التشبه إن وافقت ؟

أرجو الإجابة بالتفصيل فكم تاب والله من هذا الداء ولكن غلبته نفسه ، فما زال يصرف غالب شهوته فيه ؟

أفيدونا فأنا والله أخشى على ديني ؟


الجواب


الحمد لله


جاءت شريعتنا بتحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال ، بل وجاء التغليظ في النهي عن ذلك حتى لعن النبي صلى الله عليه وسلم أولئك المخالفين للفطرة التي خلقهم الله تعالى عليها .

فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ ، وَقَالَ : أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ ) . رواه البخاري ( 5885 ) .

ولا شك أن من أبين مظاهر تخنث الرجل لبسه ما تلبس النساء ، وتقليده لهن في عاداتهن .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ

: ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ ) رواه أبو داود ( 4098 ) وصححه النووي في " المجموع " ( 4 / 469 ) ، والألباني في " صحيح أبي داود " .

وقالت ِعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَةَ مِنْ النِّسَاءِ )

رواه أبو داود ( 4099 ) وحسَّنه النووي في " المجموع " ( 4 / 469 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال المناوي رحمه الله :

"فيه كما قال النووي : حرمة تشبه الرجال بالنساء وعكسه ؛ لأنه إذا حرم في اللباس ففي الحركات والسكنات والتصنع بالأعضاء والأصوات أولى بالذم والقبح

فيحرم على الرجال التشبه بالنساء وعكسه في لباس اختص به المشبه ، بل يفسق فاعله للوعيد عليه باللعن" انتهى
.
" فيض القدير " ( 5 / 343 ) .

إذا تقرر هذا علمنا أن حكم الشريعة في هذا النوع من " الشذوذ " الجنسي هو التحريم ، بل هو من كبائر الذنوب

فلا يجوز ممارسته لا مع نفسه ولا مع زوجته ؛ فإن مخالفة الفطرة التي خلق الله الناس عليها لا تأتي إلا بالويل والفساد ، والله سبحانه خلق الرجل بصفات الرجولة التي لا تحتمل لباس النساء ولا تحتمل التشبه بتصرفاتهن .

ولا شك أن من يتطلب التخنث بل ويستمتع به ويراه محققا لشهوته هو من المرضى الذين يصنف الأطباء مرضهم ضمن الشذوذ ، ويسمونه شذوذ " الفيتشية " أو " الأثرية "

ولهم برامج عملية وسلوكية في علاج مثل هذه الحالات التي تعرض عليهم ، فينبغي على كل مبتلى بمثل هذا السلوك ألا يتردد في مراجعة الطبيب النفسي كي يشرف عليه في علاجه من مرضه ذلك .

ونحن لا نملك إلا أن نُذكِّرَه بالله سبحانه وتعالى ، وأن نجعل الوازع الديني عاملاً إيجابيّاً مؤثراً في تخلصه من ذلك الوسواس السيء

وليتذكر غضب الله ومقته للرجال المخنثين ، وأنه سبحانه مُطَّلع على أحوالهم ، وأن الدنيا أيام معدودة ما أسرع ما تنقضي لذاتها ويبقى للمرء عمله وسعيه في الآخرة .

ونذكره بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى ، فهو خير معين ومسؤول ، وإذا صدق العبد في دعائه والاستعانة به والالتجاء إليه صَدَقَه الله بإجابة دعائه وإزالة شكواه

ولكن مِن صِدقِ الدعاء الصدقُ في الأخذ بالأسباب ، والحرصُ والمجاهدةُ والمصابرةُ حتى يتوصل إلى الشفاء التام ، ويتخلص من هذه الممارسات السيئة المحرمة

وله في المجاهدة والمصابرة أجر عند الله سبحانه وتعالى .

وأفضل ما يساعد على التخلص من تلك الميول هو الزواج ؛ فهو يفتح المجال للإشباع الجنسي السليم والحلال ، وفي انتظار ذلك ليشغل نفسه عن الشهوات بملء الوقت بالعبادات والعادات المفيدة النافعة

وليحرص على الصوم ، فإنه مفيد في تقوية التحكم بالإرادة ، وقد قال فيه صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري ( 1905 ) ومسلم ( 1400 ) .

ومن أهم ما يعينه : مراعاة حدود الله ، بلجم البصر عن الانطلاق في عورات الناس ، ولجم النفس عن تمني شهواتهم ، فإن إطلاق النظر في الحرام أساس كل بلية

وهو الذي يجر على الإنسان تلك العادات السيئة الشاذة التي يراها في بعض الشاذين .

قال ابن القيم رحمه الله :

"فإن النظرة تولد خطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم تقوى فتصبر عزيمة جازمة فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع

وفى هذا قيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده" انتهى .

" الجواب الكافي " ( ص 106 ) .

وليعلم أن التفكير في هذا النوع من الشذوذ لا بد وأن يجر إلى ممارسته ، فلا بد أن يصرف نفسه عن ذلك التفكير ، وينشغل بتحقيق اللذة المباحة السليمة مع الزوجة

ولا يحاول أن يعلق تحقيقها على تلك الممارسات السيئة ، فذلك من وسواس الشيطان ، ولا شك أن أكمل اللذات هي التي تتحقق بما يوافق الفطرة التي خلق الله الناس عليها .

ونسأل الله تعالى أن يهديك سواء السبيل .

والله أعلم









رد مع اقتباس