منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-01-10, 15:27   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ثانيا:

الشيخ أحمد ديدات رحمه الله تعالى، لم يثبت الصلب لعيسى عليه السلام، بل هو ينص صراحة أن عقيدته في هذا الموضوع هو ما نص عليه القرآن في آية سورة النساء؛

حيث قال في خاتمة كتابه "مسألة صلب المسيح" (ص 182):

" ولا أتوقع أن يسألني أي شخص عن عقيدتي كمسلم فيما يتعلق بموضوع الصلب.

عقيدتي هي عقيدة القرآن كما وردت بدقة في الآية (157) من سورة النساء " انتهى.

وقال أيضا في الصفحة (12 - 14):

" ماذا نقول كمسلمين إزاء مثل هذا الإدعاء المسيحي؟

ليست هناك – في نظري- إجابة أكثر إقناعا من قوله تعالى:

( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ).

هل يمكن لأحد أن يكون أكثر وضوحا وأكثر تأكيدا وأكثر يقينا وأكثر رفضا للمساومة تجاه معتقد

من معتقدات الإيمان عن هذه الإجابة؟ الإجابة هي: مستحيل! إن الله هو وحده العليم القدير البصير مالك الملك. إنه الله سبحانه وتعالى.

ويؤمن المسلم أن هذه الإجابة الكاملة إنما هي من الله سبحانه وتعالى. ومن ثم لا يثير سؤالا ولا يتطلب دليلا. يقول المسلم: آمنا وصدقنا.

ولو كان المسيحيون قد قبلوا بالقرآن الكريم باعتبار أنه وحي الله لما ثارت مشكلة صلب المسيح " انتهى.

وما عرضه الشيخ أحمد ديدات من قصة الصلب من الأناجيل، الهدف منه ليس إثبات حدوث الصلب، فهو يعتقد عدم حدوثه، وإنما أراد الشيخ منه شيئا آخرا،

وهو التدليل على أن الأناجيل الموجودة الآن هي نفسها تثبت أن عيسى عليه السلام لم يمت على الصليب؛ ويرى أن بنفي موته تنتفي المسيحية كليا؛ حيث قال الشيخ رحمه الله تعالى:

" انتفاء الصلب نفي للمسيحية:

إن وفاة عيسى على الصليب هي عصب كل العقيدة المسيحية. إن كل النظريات المسيحية عن الله

وعن الخليقة ، وعن الخطيئة، وعن الموت، تستمد محورها من المسيح المصلوب، وكل النظريات المسيحية عن التاريخ، وعن الكنيسة، وعن الإيمان، وعن التطهر، وعن المستقبل، وعن الأمل إنما تنبع من "المسيح المصلوب" ...

ومجمل القول هو أن انتفاء الصلب انتفاء للمسيحية! وتلك هي تجربتنا نحن المسلمين الذين نعيش في خضم المسيحية في جنوب إفريقيا ... "

انتهى من "مسألة صلب المسيح" (10 – 11).

ويظهر بوضوح مقصد الشيخ من كتابه من ملخصه الذي أودعه في الفصل الثامن عشر.

ثالثا:

والشيخ محمود شلتوت رغم شذوذه ، وخرقه للإجماع الثابت ، والنص الواضح

في مسألة وفاة عيسى عليه السلام التي ضمنها في فتواه التي أشرت إليها، إلا أنه مقر أن عيسى عليه السلام لم يصلب أصلا؛ حيث قال في فتواه المذكورة:

" ... وأن مكرهم في اغتيال عيسى قد ضاع أمام مكر الله في حفظه وعصمته إذ قال: ( يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) .

فهو يبشره بإنجائه من مكرهم ، ورد كيدهم في نحورهم، وأنه سيستوفي أجله حتى يموت حتف أنفه ، من غير قتل ولا صلب، ثم يرفعه الله إليه "

انتهى من "مسألة صلب المسيح" (ص 202).

ويجب التنبه إلى أن هذه الفتوى للشيخ محمود شلتوت في مسألة موت عيسى عليه السلام

وعدم نزوله في آخر الزمان : هي فتوى باطلة ، قد تتابع أهل العلم على ردّها وإنكارها وبيان ضعفها؛ لأنها مخالفة لما جاء به القرآن والسنة.

وكلام أهل العلم من قديم ، واضح في ردها ، وبيان بطلانها ، والرد على أهل البدع المخالفين فيها.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وأهل السنة مصدقون بنزول عيسى في الآثار الثابتة بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ... "

انتهى من "الاستذكار" (26 / 236).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" ونزول عيسى المسيح وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة؛ لصحيح الآثار الواردة في ذلك؛ ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه، خلافاً لبعض المعتزلة والجهمية، ومن رأى رأيهم من إنكار ذلك " .

انتهى من "إكمال المعلم" (8 / 492 - 493).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى بعد سياقه لنصوص الوحي الدالة على نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان:

" فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة، وابن مسعود، وعثمان بن أبي العاص، وأبي أمامة، والنواس بن سمعان

وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومجمع بن جارية وأبي سريحة حذيفة بن أسيد، رضي الله عنهم.

وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه ...

فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين، وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان

حيث تنزاح عللهم، وترتفع شبههم من أنفسهم؛ ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى، عليه السلام، وعلى يديه، ولهذا قال تعالى: ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ).

وهذه الآية كقوله تعالى: ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) وقرئ: "عَلَم" بالتحريك، أي إشارة ودليل على اقتراب الساعة "

انتهى من"تفسير ابن كثير" (2 / 464 - 465).

وقال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" والحق الذي لا شك فيه أن الأخبار متواترة عن الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه- أن الله رفع عيسى إليه حيا، وأنه حي عند الله ، وأنه ينزل في هذه الأمة في آخر الزمان ...

والتحقيق أن القرآن دل على أنه حي، وأنه سينزل، وأن أهل الكتاب يؤمنون به؛

لأن الضمير في قوله: ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) :

التحقيق أنه عيسى، والمعنى: أنهم يؤمنون بعيسى قبل موت عيسى بعد نزوله، هذا التفسير هو الصحيح، وسياق القرآن يدل عليه، والأحاديث المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل عليه .

والدليل على أنه سياق القرآن: أن الله قال: ( وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ، وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ ) أي: عيسى ( وَمَا صَلَبُوهُ )

أي: عيسى ( وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) أي: عيسى ( وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ) أي: عيسى ( بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) أي: عيسى ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ ) أي: عيسى، لتكون الضمائر على نسق واحد "

انتهى من "العذب النمير" (2 / 396 - 397).

والله أعلم.