منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ردّ شبهة تناقض القرآن حول قوله تعالى وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-01-01, 16:50   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

ليس هناك تعارض في القرآن حول تبديل كلام الله وعدم تبديله

السؤال

تلك أقوال بعض النصارى أن تلك الآيات تتناقض في القرآن فهل هي كذلك ؟

(لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس/64

. (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الكهف/27

. تناقضها سورة النحل وسورة الرعد وسوره البقرة : (وَإِذَا بَدَّلْنَـا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَـا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) النحل/101

. (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد/39 .

(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)البقرة/106

. تلك الآيات السابقة يقولون إن هذا تناقض في القرآن ، فهل هو تناقض أم ماذا؟


الجواب

الحمد لله

القرآن الكريم كلام الله تعالى ، لا يمكن أن يقع فيه التناقض والاختلاف

وإنما يقع التناقض إذا كان المتكلم ممن يجوز عليه الخطأ ، والله تعالى منزه عن ذلك

. قال الله سبحانه : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء/82 .

ولهذا وقع الاختلاف والتناقض في الأناجيل التي بين أيدي النصارى لأنها كتبها أناس غير معصومين ، وقد بَيَّن العلامة رحمة الله الهندي رحمه الله في كتابه "إظهار الحق" وجود 125 اختلافاً وتناقضاً في كتابهم المقدس .

والشبهة التي ذكرتها شبهة ضعيفة في غاية الضعف ، وجوابها من وجهين :

الأول : أن الآيات التي فيها نفي التبديل لكلمات الله

كقوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس/64 .

وقوله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الكهف/27

المقصود منها أنه لا أحد يبدّل كلمات الله ، أما الله تعالى فله أن يبدل آية مكان آية ، وهو النسخ

كما قال سبحانه : (وَإِذَا بَدَّلْنَـا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَـا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) النحل/101 .

وقال تعالى : (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/106 .

وأما قوله تعالى : : (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد/39 . فالمراد به المحو والإثبات في صحف الملائكة

وينظر جواب السؤال بعد القادم

والوجه الثاني : أن المراد بكلمات الله التي لا تبدل : كلماته الكونية ، كسننه في خلقه ، وما أخبر به من إثابة الطائعين ومعاقبة العاصين ودخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار

فلا أحد يمكنه أن يبدل سنة الله وكلمته القدرية .

ولهذا جاء في أول الآية : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ،

فسنة الله وكلمته القدرية هنا : هي أن المؤمنين المتقين لهم البشرى في الحياة وبعد الممات ، فمن يمكنه أن يغير ذلك ؟!

وأما قوله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا)

فإن حمل المعنى على الكلمات الكونية ، فالأمر كما سبق . وإن حمل على الكلمات الشرعية

أي القرآن الكريم الذي أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا مبدل لهذا القرآن ، فقد تكفل الله سبحانه بحفظه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"قوله : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) الكهف/27 .

قوله : (مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ) ؛ يعني : القرآن ، والوحي لا يكون إلا قولا ؛ فهو إذا غير مخلوق .

وقوله : (مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ) : أضافه إليه سبحانه وتعالى ؛ لأنه هو الذي تكلم به ، أنزله على محمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواسطة جبريل الأمين .

(لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) يعني : لا أحد يبدل كلمات الله ، أما الله عز وجل ؛ فيبدل آية مكان آية

كما قال تعالى : (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) النحل/101 .

وقوله : (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) : يشمل الكلمات الكونية والشرعية :

- أما الكونية : فلا يستثنى منها شيء ، لا يمكن لأحد أن يبدل كلمات الله الكونية :

إذا قضى الله على شخص بالموت ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .

إذا قضى الله تعالى بالفقر ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .

إذا قضى الله تعالى بالجدب ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .

وكل هذه الأمور التي تحدث في الكون ؛ فإنها بقوله

لقوله تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82 .

- أما الكلمات الشرعية ؛ فإنها قد تبدل من قبل أهل الكفر والنفاق ، فيبدلون الكلمات : إما بالمعنى ، وإما باللفظ إن استطاعوا ، أو بهما"

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (8/ 370).

والحاصل : أن كلمات الله تعالى الكونية لا يستطيع أحد تبديلها ، وكذلك كلماته الشرعية التي تكفل بحفظها وهي القرآن الكريم

وهذا لا يعارض أن الله سبحانه ينسخ منها ما شاء ، وينزل آية مكان آية إذا أراد ، لأنه كما قال : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس