منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بين التعليم و التعلم و مواجهة الحياة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-05-26, 19:30   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
halas196
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي بين التعليم و التعلم و مواجهة الحياة

كل المناهج الحديثة تحث على دفع المتعلمين إلى اكتساب معارفهم بأنفسهم، و بناء تعلماتهم بمفردهم، تحقيقا لمبدأ التعلم و اكتشاف المعرفة ، الأمر الذي يرسخ هذه المعرفة في الأذهان، و الابتعاد قدر المستطاع عن التلقين و النقل المحض للمعرفة من المعلم إلى المتعلم. لكن أين نحن من هذا التعليم و التعلم ؟ و أين مدارسنا و متعلمينا من ذلك ؟
المفاهيم و الأفكار التربوية التي كانت منذ القدم، تعرّف العملية التعليمية التعلمية بأنها عملية نقل المعرفة، من المعلم الذي يملك المعرفة و المختص فيها، إلى المتعلم الذي يصبو لتحصيل المعارف، و من ثمّ يستعملها في مختلف مجالات حياته، فتنتقل المعرفة من جيل إلى جيل، ما يجعل العملية برمتها عملية تلقينية نقلية بحتة، و يجعل التعليم أمر خارجي ينتقل بين الأفراد .. و في هذا نصيب من الصحة.. لكن الحياة تفرض أن يكون التعلم نابع من داخل الذات ، فكلما واجه الإنسان الحياة بمشكلاتها و قام بحلها، يحدث بداخله تعلم جديد، يضيفه إلى رصيده المعرفي، و يوظفه في حل مشكلات مشابهة أو مشكلات جديدة ، و هذا ما ذهب إليه الفكر التربوي الحديث، بأن نجعل المتعلم أمام مشكلات تعليمية يؤدي حله لها إلى حدوث التعلم... لكن، المعرفة التي تتضمنها هذه المشكلات هي معرفة قائمة من قبل و موجودة. المعلم يعرفها فيهيئ وضعيات على شكل مشكلات يقدمها للمتعلم، و هذا الأخير يجند كل موارده و معارفه السابقة لحل المشكل الجديد، ليكتشف التعلم المستهدف مسبقا من طرف المعلم ... في شكل جديد من النقل و التلقين. و بتوالي حل المتعلم للمشكلات يكتسب كما هائلا من المعرفة، أو بالأحرى يكتسب المعرفة التي سبق و امتلكها الأستاذ ، و يتوقف الأمر عند هذا الحد. يتخرج الطالب و هو يملك معرفة لا تصلح لمستقبل زمانه، كونها اكتشفت من قبل، ليس من طرفه بل من طرف من سبقوه... و يتساوى معهم في المعرفة، في حين كان من الواجب أن يمتلك المتعلم المتخرج، معرفة تفوق معرفة أستاذه لكي يتقدم أكثر . فكيف السبيل إلى ذلك ؟؟ نرى اليوم آلاف من المتخرجين من الجامعات مصابين بالشلل، يملكون معرفة لكن لا تنفعهم في التقدم في الحياة ، قابعين في أماكنهم، ينتظرون من الدولة أن توفر لهم مناصب عمل و مساكن و متطلبات حياتهم ... لما درسوا إذن ؟؟
يجب على المنظومات التربوية أن تعيد حساباتها. يجب أن تعلم المتعلمين حقيقة مبدأ حل المشكلات بمفهومه الحقيقي، كيف نقوم بحل مشكلات الحياة الحقيقية و التقدم فيها قدما. نقل المعرفة السابقة أمر ضروري لا غنى عنه، فهو مكسب سابق يجب امتلاكه و استعماله، لاكتساب معرفة جديدة غير معروفة الآن، و هي ما تتطلبه الحياة ، و بذلك نقدم لمتعلمينا تعليما و تعلما وظيفيا أدائيا، يستعمل فيه ما فات ليكتشف ما هو آت. التعلم الحقيقي هو ما يجعل المتعلم يخوض غمار المجهول و يطور معرفته باستمرار. من الواجب علينا أن نعلمهم كيف يحلون المشكلات حقا، مشكلات حتى نحن لا نعرف لها حلا . فهل هم اليوم قادرون على ذلك ؟ هل تعليمهم أو تعلمهم يمكنهم من حل مشكلاتهم؟
ص.نظور









 


رد مع اقتباس