منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الشيخ الشاعر محمد الأمين العمودي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-09-29, 00:55   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
نمرالعمودي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال عنه الدكتور / محمد بك :
إن الحركة الإصلاحية- كما عبر عنها العمودي - اتسعت دائرا إلى أكثر من مجال الذي حصرها
فيها قانوا الأساسي، فقد وجدت في شخصية العمودي المعبر السياسي عنها، وهو النشاط الذي قلما
عبرت عنه الصحف الإصلاحية العربية، إذ استطاع العمودي أن يقحم القضايا الإصلاحية ضمن مجال
التداول السياسي العام، وجعلها حاضرة في كل المناسبات المهمة، وصارت الحركة الإصلاحية على أثر
ذلك، طرفا لا مناص منه في كل المسائل التي تتعلق بعالم الأهالي ومستقبل الوجود الفرنسي في الجزائر.
فقراءة تاريخ الحركة الإصلاحية من خلال ما كتبه العمودي تظهر من جملة ما تظهر أن هناك
تيار سياسي قوي، داخل الحركة الإصلاحية، عبر باللغة الفرنسية عن مطالبه السياسية والاجتماعية،
فلتت من الثقافة العربية ولم تستطع الإحالة إليها، واليوم نستطيع أن نعد هذه المحاولة تجربة رائدة في حل
مشكلة الإسلام والحداثة. فقد أوضحت كتابات ومواقف العمودي، على حقيقة لا يمكن الافتئات
عليها، وهي إمكانية استيعاب الثقافة الفرنسية في إطار مشروع تنويري معاصر من شأنه أن يردم التناقض
المزعوم بين الثقافة الإصلاحية، اللغة الفرنسية والنشاط السياسي، فلم يكن خطاب العمودي خطابا
مرسلا على غرار الخطاب الديني الطرقي وإنما خطاب يحمل قضية ينافح عنها بكل ما أوتي من قوة الفكر
والثقافة والاجتهاد، ومن خلاله ظهرت الحركة الإصلاحية كجزء أصيل في تاريخ الجزائر الحديث، لا بل
هي تعبير تلقائي عن ضمير اتمع الجزائري، حتى ولو التمس بعض المصلحين التعبير الفرنسي لمواجهة
ومجاة الخطاب والممارسات الاستعمارية، فالعبرة كانت بجوهر الإصلاح الذي يعتمد على المرجعية
الإسلامية في مناهضة الاحتواء الكولونيالي. وقد بقي هذا الجوهر يلازم الحركة الإصلاحية حتى في
تعبيرها باللسان الفرنسي .
استطاع العمودي أن يقدم تجربته كعينة مشخصة بجمعه بين الثقافة العربية والحداثة. فلم يكن
يشعر بتراجع أو تنكّر للقيم الإسلامية والعربية عندما كان يطالب بالمواطنة الفرنسية. لأنه كان يعي تماما
الثقافة الفرنسية ومقتضيات العصر من داخل الثقافة الفرنسية ذاا فالحياة المعاصرة ليست كلها خيرا
والذين يرفضون آفات الحضارة الغربية لم يكونوا من المسلمين فقط وإنما من الأوربيين أيضا، خاصة
196
عندما كانت السياسة الاستعمارية تؤدي إلى تفكيك الشعوب واتمعات المغلوبة على أمرها وممارسة
البدعة والضلالات المتفشية بين الأهالي لم يكن يعني لدى العمودي الدعوة إلى الحداثة في صورا
المتطرفة، وقد كتب في جريدة الإقدام(لقد حاربت وبكل ما أوتيت من قوة كل النظريات والمناهج التي
تفضي إلى ضياع وإهمال تراثها الفكري والأخلاقي لغتنا وديننا وتقاليدنا العريقة ومحاربة في ذات الوقت
هذا النظام الذي يصر على أن يجعل منا مسلمين دون وازع وروح ولكن من جهة أخرى كنت دائما
من المعجبين بالثقافة الفرنسية وإفرازات الحضارة الغربية الحسنة ).
إن تراثنا الفكري الذي تركه العمودي هو تراثا نقديا لأوضاع متردية في بلد خضع طويلا
للاستعمار الاستيطاني، وكان صوت العمودي مرتفع وبلغة الاستعمار (الفرنسي) ومن وحي منطلقاته
الإصلاحية، فلم تكن مقالاته مجرد بيانات تنديدية بل مراجعات نقدية تفضح سياسة الاستعمار الفرنسي
في الجزائر، ويكاد يكون ما كتبه في الجرائد العربية والفرنسية مثل الشهاب والإصلاح والإقدام وصوت
الأهالي والدفاع هو أفضل من وجه انتقادا لاذعا وفاضحا لمشروع فرنسا الصليبي في الجزائر الذي اعتمد
على النهب ومسخ المقومات وإضعاف المقاومات، وقد كان يحاجج الاستعمار بمبادئ الثورة الفرنسية
وحقوق الإنسان والمواطنة وفلسفة عصر التنوير منذ القرن الثامن عشر إلى غاية ذاك الحين .
لقد كان الفكر الإصلاحي عند العمودي هو توجه نحو نقد المرجعيات للسياسة الفرنسية في تعبير
صادق ونقد بين لطروحات المشروع الاستيطاني الذي دمر الشخصية الجزائرية، كما أنه حارب الدعاية
المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية التي بدأت منذ بداية الاحتلال وكان رأسها في القرن التاسع عشر
شارل لافيجري وآخرون، كما أنه تصدى بخطاباته وكتاباته للطرقية الفاسدة والجماعة الإدماجية
وقد شارك العمودي في تحريك الحركة الوطنية ودفعها خلال فترة الحرب الثانية وكان من
الموقعين للبيان الجزائري الذي صد في فيفري 1943، وقد تعرض منذ بداية الحرب للسجن ورغم
أعباءه المادية فقد كان حانقا على الاستعمار، حيث كتب تقريرا بينّا يفضح فيه سياسة الاستعمار
الجهنمية إزاء الثورة التحريرية، وكان ذلك مقدما إلى هيئة الأمم المتحدة فترصدته اليد الحمراء الإرهابية
وطعنته ورمته من القطار حيث فارق الحياة في 10 أكتوبر 1957 ليلقى ربه من الشهداء والصادقين
الذين اخلصوا للوطن والدين.










رد مع اقتباس