منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تربية النفس
الموضوع: تربية النفس
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-10-04, 17:39   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

طرق النجاح في الحياة

السؤال

كيف أحصل على النجاح و التوفيق "أو الازدهار أو الرخاء" في الدنيا والآخرة..

وما نوع النجاح والازدهار الذي يريده الإسلام للأمة الإسلامية في هذا العالم .


الجواب

الحمد لله

راحة القلب وطمأنينته ، وسروره وزوال همومه وغمومه ، مطلوب كل أحد ، وبه تحصل الحياة الطيبة ، ويتم السرور والابتهاج ، ولذلك أسباب دينية

وأسباب طبيعية ، وأسباب عملية ، ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين ، وأما من سواهم فإنها وإن حصلت لهم من وجه فاتتهم من وجوه أخرى .

وبين يديك جملة من الأسباب لهذا المطلب الأعلى الذي يسعى له كل أحد ، فمنهم من أصاب كثيراً منها فعاش عيشة هنيئة ، وحيي حياةً طيبة

ومنهم من أخفق فيها كلها فعاش عيشة الشقاء ، وحيي حياة التُعساء ، ومنهم من هو بين بين ، بحسب ما وفق له . فمن تلك الأسباب والوسائل :

1- الإيمان والعمل الصالح ....

وهو أعظم الأسباب وأصلها وأُسها ؛ قال تعالى : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أُنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) النحل/ 97

فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح بالحياة الطيبة والجزاء الحسن في الدنيا والآخرة .

وسبب ذلك واضح : فإن المؤمنين بالله – الإيمان الصحيح المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة

معهم أصول وأُسس يتلقون بها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ، وأسباب القلق والهم والأحزان ..

فيتلقون المحاب والمسارّ بقبولٍ لها ، وشكر عليها ، واستعمال لها فيما ينفع ، فإذا استعملوها على هذا الوجه أحدث لهم من الابتهاج بها ، والطمع في بقائها وبركاتها

ورجاء ثواب الشاكرين ، أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرَّات التي هذه ثمراتها ، ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته ، وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه

والصبر الجميل لما ليس لهم منه بُدٌّ ، وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة ، والتجارب والقوة ، ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمورٌ عظيمة تضمحل معها المكاره

وتحل محلها المسار والآمال الطيبة ، والطمع في فضل الله وثوابه ، كما عبَّر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح فقال : "

عجباً لأمر المؤمن إن أمره كلَّه خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن " رواه مسلم رقم (2999) .

فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره .

2- الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل وأنواع المعروف ... وهذا من الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق ، وبها يدفع الله عن البَرِّ والفاجر الهموم والغموم بحسبها ، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب

ويتميز بأن إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب لثوابه فيُهون الله عليه بذل المعروف لما يرجوه من الخير ، ويدفع عنه المكاره بإخلاصه واحتسابه

قال تعالى : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاحٍ بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ) النساء/114

ومن جملة الأجر العظيم : زوال الهم والغم والأكدار ونحوها .

3- ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب ، واشتغال القلب ببعض المكدرات : الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة

فإنها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه ، وربما نسي بسبب ذلك الأسباب التي أوجبت له الهم والغم ، ففرحت نفسه وازداد نشاطه

وهذا السبب أيضاً مشترك بين المؤمن وغيره ، ولكن المؤمن يمتاز بإيمانه وإخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه أو يعلمه ، وبعمل الخير الذي يعمله .

وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه فإن هذا أدعى لحصول المقصود النافع والله أعلم .

4- ومما يُدفع به الهم والقلق اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر ، وقطعه عن الاهتمام بما في الوقت المستقبل ، وعن الحزن على الوقت الماضي

ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن ، فالحزن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها ، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل

فيكون العبد ابن يومه ، يجمع جِدَّه واجتهاده في إصلاح يومه ووقته الحاضر ، فإن جمع القلب على ذلك يُوجب تكميل الأعمال ، ويتسلى به العبد عن الهم والحزن

والنبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدعاء أو أرشد أمته إلى دعاء ، فهو يحث مع الاستعانة بالله والطمع في فضله على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما يدعو بحصوله ، والتخلي عما كان يدعو لدفعه

لأن الدعاء مقارنٌ للعمل ، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا ، ويسأل ربه نجاح مقصده ، ويستعينه على ذلك كما قال صلى الله عليه وسلم :

" احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ، وإذا أصابك شيءٌ فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدَّر الله وما شاء فعل

فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم. جمع صلى الله عليه وسلم بين الأمر بالحرص على الأمور النافعة في كل حال ، والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار

وبين الاستسلام للأمور الماضية النافذة ، ومشاهدة قضاء الله وقدره ، وجعل الأمور قسمين :

1- قسم يمكن العبد السعي في تحصيله أو تحصيل ما يمكن منه أو دفعه أو تخفيفه فهذا يبذل فيه العبد مجهوده ويستعين بمعبوده .

2- وقسم لا يمكن فيه ذلك فهذا يطمئن له العبد ويرضى ويُسلم .

ولا ريب أن مراعاة هذا الأصل سبب للسرور وزوال الهم والغم .









رد مع اقتباس