ثانيا :
ما يتناقله بعض الناس من مبالغات في هذا الموضوع هو من الأخبار الكاذبة
فقد روى بعض الوضاعين فضائل لمن يرفع اللقمة الساقطة على الأرض ، ونسبوا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بريء منه .
يقول الإمام السخاوي رحمه الله في "المقاصد الحسنة" (627) :
" حديث ( من أكل ما يسقط من الخِوان والقَصعةِ أمِن من الفقر والبرص والجذام ، وصُرِفَ عن ولده الحُمقُ ) أبو الشيخ في الثواب عن جابر به مرفوعا .
وعن الحجَّاجِ بن علاط مرفوعا أيضا بلفظ :
( أُعطِيَ سعةً من الرزق ، ووُقِيَ الحمقَ في ولده ، وَوَلَدِ ولده )
والديلمي من طريق الرشيد عن آبائه عن ابن عباس رفعه :
( من أكل ما يسقط من المائدة خرج ولده صباح الوجوه ، ونفى عنه الفقر )
وأخرجه الخطيب في ترجمة عبد الصمد الهاشمي ثم ضعفه .
وأورده الغزالي في الإحياء بلفظ : ( عاش في سعة ، وعوفي في ولده )
وفي الباب عن أنس أورده الخطيب في ترجمة يونس من المؤتلف ، وفيه قصة لهدبة بن خالد مع المأمون ، وعن أبي هريرة .
وكلها مناكير " انتهى .
ومن الأحاديث المكذوبة في هذا الموضوع :
( أكرموا الخبز ، فإنه من بركات السماء والأرض ، من أكل ما يسقط من السفرة غُفر له )
وانظر "الموضوعات" (2/289- 292)
"تنزيه الشريعة" (322)
"كشف الخفاء" (2/230)
فالواجب تحذير الناس من هذه الأحاديث ، وبيان بطلانها وكذبها ، ونفيُ الكذب عن النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال والقربات .
ثالثا :
مما ينبغي التنبيه عليه ما يفعله بعض الناس حين يرفع الطعام الساقط على الأرض فتجده يقبله ويضعه على جبهته ، فما حكم ذلك ؟
جاء في "الموسوعة الفقهية" (13/133-134) :
" صرّح الشّافعيّة بجواز تقبيل الخبز ، وقالوا : إنّه بدعة مباحة أو حسنة ، لأنّه لا دليل على التّحريم ولا الكراهة ، لأنّ المكروه ما ورد عنه نهي
أو كان فيه خلاف قويّ ، ولم يرد في ذلك نهي ، فإن قصد بذلك إكرامه لأجل الأحاديث الواردة في إكرامه فحسن ، ودوسه مكروه كراهة شديدة ، بل مجرّد إلقائه في الأرض من غير دوس مكروه .
وقال صاحب الدّرّ من الحنفيّة مؤيّداً قول الشّافعيّة في جواز تقبيل الخبز : وقواعدنا لا تأباه .
أمّا الحنابلة فقالوا : لا يشرع تقبيل الخبز ولا الجمادات إلا ما استثناه الشّرع " انتهى
.
قال ابن مفلح : ( وهو ظاهر كلام الشيخ تقي الدين ؛ فإنه ذكر أنه لا يشرع تقبيل الجمادات ، إلا ما استثناه الشرع )
الآداب الشرعية (3/231) .
وإلى المنع ذهب المالكية أيضا . قالوا : ( وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ وَكَذَا الْخُبْزُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَهُ ـ أي الخبز ـ مَكْرُوهٌ [ الخرشي على خليل ( 2/326) الفواكه الدواني (1/356) ]
وقد سبق نص ابن الحاج على أن تقبيل الخبز بدعة .
والأظهر ـ والله أعلم ـ ما ذهب إليه المالكية والحنابلة من المنع ، لقول عمر رضي الله عنه ، لمّا قبل الحجر : ( لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ ) رواه البخاري (1610) ومسلم (1270) .
قال الحافظ ابن حجر
: " قال شيخنا [ يعني : العراقي ] في شرح الترمذي : فيه كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله .
والله أعلم .
و اخيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اخوة الاسلام
اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين