منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - السيرة النبوية.. سؤال وجواب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-17, 15:53   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المقام الثالث:

أما ما ورد عن طريق الكذابين والوضاعين وسُراق الحديث، وما اشتمل على نكارة أو شذوذ لا يصدر مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمثله لا يروى إلا على سبيل التحذير منه، ولا يحكى إلا على وجه التنبيه على غلطه، كي لا يُتخذ حجة للطعن على الدين، ولا يكون سببا في إفساد تصورات الناس الإجمالية عن أبواب الفضائل والسير والمغازي.

ومن هنا يمكننا تفصيل الحديث عن كتاب محمد عبد الله العوشن، بعنوان: "ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية"، ومثله جميع الكتب التي تعتني بالسيرة النبوية تصحيحا وتضعيفا، كلها يشملها التأصيل الحديثي السابق:

فما كان في كتاب العوشن والباحثين الأفاضل الآخرين من مقاصد تسعى لإلغاء الروايات الضعيفة من كتب السيرة، بالكلية ، ومنع التحديث بها، وترك كتابتها، وعدم الاستئناس بالمناسب منها، كما يقول المؤلف العوشن في مقدمته "والهدف من ذلك تنقية السيرة من هذه الأخبار التي لم تثبت" انتهى من "ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية" (ص3)- دار طيبة.

فهي مقاصد غير محررة ، نراها محل بحث ونظر، ولا تتسق مع مناهج المحدثين الأوائل، الذين نقلوا لنا هذه الروايات في كتبهم، واستأنسوا بها، وساقوها في حديثهم مساق الإحاطة والعناية.

وهكذا فالعلم باب واسع، لا يجوز لأحد حصره فيما يراه – برأيه – صحيحا، ويسوي بين الضعيف والمكذوب، فيتعامل معها بوزان واحد، ولا يفرق بين درجات الثبوت ودركات عدم الثبوت. وهو المزلق الذي وقع فيه كتاب العوشن.

أما ما يجده القارئ في هذا الكتاب وغيره من مقاصد موضوعية، تبحث في صحة "النسبة"، أي تركز بحثها في تحرير صدور ذلك القول أو الفعل المعين عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ولا تمانع الأصل الوجودي لهذه المرويات في كتب السيرة، بل تفرق بين الضعيف والموضوع، وتنتهج نهج العلماء الأوائل في "كتابة" الضعيف في السير والمغازي، فهذه مقاصد حسنة، عمل بها الأولون، ولا نراها بعيدة عن قواعد علوم الحديث ومناهج المحدثين.

خاصة حين تركز البحث في المكذوب من روايات السيرة، أو المنكرات التي تتناقض مع حقائق التاريخ وصحيح الأحاديث، وصريح القرآن الكريم، فمثل هذه المرويات حَرِيَّة أن تنتقد، وتتخصص فيها الدراسات والبحوث.

يقول الدكتور أكرم ضياء العمري:

"ينبغي ملاحظة منهج المحدثين عند التعامل مع الرواية التاريخية، فهم يتساهلون في رواية الأخبار التاريخية، كما نلاحظ عند ثقات المؤرخين، مثل محمد بن إسحاق، وخليفة بن خياط، والطبري، حيث يُكثرون مِن الأخبار المرسلة والمنقطعة. كما أن الطبري يكثر النقل عن رواة في غاية الضعف مثل هشام بن الكلبي، وسيف بن عمر التميمي، ونصر بن مزاحم، وغيرهم.

ولا شك أن عدم تمحيص المؤرخين للأخبار كما فعلوا في الحديث، واكتفاءهم بإلقاء العهدة على الرواة المذكورين في أسانيد الروايات ألقى عبئاً كبيراً على "المؤرخ المعاصر المسلم" لأنه يحتاج إلى بذل جهد ضخم للوصول إلى الروايات الصحيحة بعد فهم وتطبيق منهج المحدثين، وهو أمر لم يعد سهلاً ميسوراً كما كان بالنسبة لخليفة بن خياط، أو الطبري، بسبب تضلعهم في مناهج المحدثين، وطريق سبرهم للروايات وتمييزها، وعلى أية حال فنحن لا نبخس قدامى المؤرخين حقهم وفضلهم، فقد جمعوا لنا المادة الأولية بالأسانيد التي تمكننا من الحكم عليها ولو بعد جهد وعناء.

والآن ماذا بعد سبر الروايات وتمييز صحيحها من سقيمها؟

المطلوب اعتماد الروايات الصحيحة وتقديمها، ثم الحسنة، ثم ما يعتضد من الضعيف لبناء الصورة التاريخية لأحداث المجتمع الإسلامي في عصر صدر الإسلام ....

وعند التعارض يقدم الأقوى دائماً ...

أما الروايات الضعيفة التي لا تقوى أو تعتضد فيمكن الإفادة منها في إكمال الفراغ الذي لا تسده الروايات الصحيحة والحسنة، على ألا تتعلق بجانب عقدي أو شرعي، لأن القاعدة "التشدد فيما يتعلق بالعقيدة أو الشريعة" .

ولا يخفى أن عصر السيرة النبوية والخلافة الراشدة ملئ بالسوابق الفقهية، والخلفاء الراشدون كانوا يجتهدون في تسيير دفة الحياة وفق تعاليم الإسلام، فهم موضع اقتداء ومتابعة فيما استنبطوا من أحكام ونظم لأقضية استجدت بعد توسع الدولة الإسلامية على أثر الفتوح.

أما الروايات التاريخية المتعلقة بالعمران، كتخطيط المدن، وريازة الأبنية، وشق الترع ... أو المتعلقة بوصف ميادين القتال ، وأخبار المجاهدين الدالة على شجاعتهم وتضحيتهم : فلا بأس من التساهل فيها.

وقد تعقب ابن حجر العسقلاني إنكار بعض النقاد لخبر غريب فقال: "في طرق هذه القصة القوي والضعيف، ولا سبيل إلى رد الجميع، فإنه ينادي على من أطلقه بقلة الاطلاع، والإقدام على رد مالا يعلمه، لكن الأولى أن ينظر إلى ما اختلفت فيه بالزيادة والنقص، فيؤخذ بما اجتمعت عليه ، ويؤخذ من المختلف ما قوي، ويطرح ما ضعف وما اضطرب، فإن الاضطراب إذا بَعُد به الجمع بين المختلف، ولم يترجح شيء منه : التحق بالضعيف المردود" [العُجاب]

لا شك أن اشتراط الصحة الحديثية في كل رواية تاريخية نريد قبولها : فيه تعسف، لأن ما تنطبق عليه هذه الشروط لا يكفي لتغطية العصور المختلفة للتاريخ الإسلامي، مما يولد فجوات في تاريخنا، وإذا قارنا ذلك بتواريخ العالم ، فإنها كثيراً ما تعتمد على روايات مفردة أو مؤرخين مجهولين، بالإضافة إلى ذلك فهي مليئة بالفجوات ..

لذلك يكفي في الفترات اللاحقة : التوثق من عدالة المؤرخ ، وضبطه لقبول ما يسجله، مع استخدام قواعد النقد الحديثي في الترجيح عند التعارض بين المؤرخين" انتهى باختصار من " السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية" (1/ 39-45)

والله أعلم.


و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و ولنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


رد مع اقتباس