منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ليس في الإسلام فلسفة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-11-27, 14:27   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

موقف السلف من علم الكلام

لا يختلف الناقلون لمذهب السلف

حتى من علماء الأشاعرة في أن السلف لم يشتغلوا بعلم الكلام

بل بالغوا في ذمِّه وتحريمه

وقد نقل الغزالي في الإحياء الخلاف في تعلم الكلام

ثم قال: “وإلى التحريم ذهب الشافعي، ومالك، وأحمد بن حنبل

وسفيان، وجميع أهل الحديث من السلف

لإحياء، للغزالي 1/95.

ثم بين عدم اشتغال الصحابة بذلك امتثالًا لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم

– فقال: “وعلى هذا استمر الصحابة رضي الله عنهم

فالزيادة على الأستاذ طغيان وظلم”

ولا ينازع أحد في هذه الحقيقة

حتى علماء الكلام أنفسهم يقرون بأنه علم محدَث

وإن تكلَّف بعضهم فجعل الإحداث لمجرد الألفاظ والاصطلاح

أو أن عدم اشتغال السلف بذلك لعدم الحاجة

فلما وجدت الحاجة؛ لزم الاشتغال به

وهذه طريقة كثير من المنتصرين لعلم الكلام

كابن عساكر في دفاعه عن الأشعري

انظر: تبيين كذب المفتري (ص 258).

وأما نقول علماء السلف في ذلك فكثيرة مشهورة

وقد أوردها الإمام أبو الفضل المقرئ (ت 454هـ)

في جزء له (أحاديث في ذمِّ الكلام وأهله)

https://waqfeya.net/book.php?bid=11610

وأورد طائفة منها أبو إسماعيل الهروي (ت 481)

في كتابه (ذمُّ الكلام وأهله)

وهو ما يقطع لناظره بذمِّ السلف لعلم الكلام

ولكن يلزم تنقيح مناط النهي، ببيان الكلام الذي عابوه

وهذا هو المقصود هنا

لكي يتضح الأمر؛ لا بد من بيان الفروق بين ثلاثة علوم عقلية

بينها تقارب وتداخل: علم المنطق وعلم الفلسفة وعلم الكلام

فعلم المنطق: صناعة تستخدم في ترتيب طرائق التفكير

أو كما عرفه أصحابه:

“آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير”(

التعريفات، للجرجاني، (ص 232).

فهو آلة لضبط غيره من العلوم عند أصحابه، وليس علمًا يراد لذاته

وهو علم أجنبي، وضعه فلاسفة اليونان

وقد أفتى كثير من علماء السلف والخلف بتحريم تعلمه

لأنه مدخل للفلسفة

وجمع السيوطي في ذلك كتابًا سماه (صون المنطق)

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%...8%A7%D9%85-pdf

انتصر فيه للقول بتحريم تعلم المنطق.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله:

“ولهذا ما زال علماء المسلمين وأئمة الدين يذمونه

ويذمون أهله، وينهون عنه وعن أهله”

(مجموع الفتاوى 9/7.

. وأجازه بعضهم للمتمكن من علوم الشريعة بحيث يؤمن عليه الانحراف

خاصة بعد تخليصه من آثار فلسفة الأوائل

وممن انتصر لذلك العلامة الأمين الشنقيطي

في (آداب البحث والمناظرة).

https://waqfeya.net/book.php?bid=2698

والحقيقة أنه يمكن اعتبار علم المنطق آلة لغيره

فقد استخدم القياس المنطقي في علوم الرياضيات

والعلوم الطبيعية، والإلهيات

فأما استخدامه في الأمور الطبيعية والرياضية؛ فليس بممنوع

بغض النظر عن صدق مقدماته من عدمها

كما قال شيخ الإسلام رحمه الله:

“والخطأ فيما تقوله المتفلسفة في الإلهيات والنبوات والمعاد

والشرائع أعظم من خطأ المتكلمين

وأما فيما يقولونه في العلوم الطبيعية والرياضية

فقد يكون صواب المتفلسفة أكثر من صواب من رد عليهم من أهل الكلام

… ونحن لم نقدح فيما علم من الأمور الطبيعية والرياضية.. إلخ كلامه”

( الرد على المنطقيين (ص 311).

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%...9%8A%D9%86-pdf

مع التنبه إلى كونه ليس مطلوبًا شرعًا، لا عينيًّا ولا كفائيًّا

فإنه ليس يتوقف واجب من واجبات الشرع على معرفة ذلك

فضلًا عن ثبوت صحة المنهج التجريبي

في الأمور الطبيعية مما لا يتسع المقام لتفصيله.

وأما استخدامه في الإلهيات والنبوات وإثبات العقائد

فهذا الذي اتفق السلف على المنع منه وذمّه

وأقوالهم في ذلك مشهورة

كقول مالك -رحمه الله -: “من طلب الدين بالكلام تزندق”

(ذم الكلام، للهروي 5 /71.

. ومثله عن أبي يوسف القاضي

ذم الكلام، للهروي 5 /202.

وإنكار الشافعي على أهل الكلام مشهور وشديد

قال رحمه الله: “حكمي في أصحاب الكلام أن يُضربوا بالجريد

ويُحملوا على الإبل، ويُطاف بهم في العشائر والقبائل

ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام”

أحاديث في ذم الكلام، للقادري (ص98)

وفي الكتابين المشار إليهما آنفًا جملة من الآثار عن أئمة السلف.

وقد ترتب على استخدام الفلاسفة للمنطق الأرسطي في الإلهيات

انحرافات عن الدين الذي جاء به الأنبياء والمرسلون

ولم يكن الفلاسفة الأوائل يضعون الشرع نَصب أعينهم أصلًا

وكذا حال المتفلسفة المنتسبين للإسلام

-وقد يصبغون مقالاتهم بالإسلام تارة-

وإن كانوا في حقيقتهم ملاحدة

لا يؤمنون بالخلق والبعث

ولا يؤمنون بعلم الله ولا بسائر صفاته، ولا بالنبوات

والبدع الكبرى في التصوف كوحدة الوجود

ودعوى اكتساب النبوة ونحوهما نشأت عن اختلاط التصوف بالفلسفة

وهي أخطر وأسوء درجات التصوف.

وأما علم الكلام:

فهو علم نشأ في البيئة الإسلامية يهدف-بحسب دعوى أصحابه-

إلى مقاومة ملاحدة الفلاسفة

ويعتني بنصرة العقائد الإسلامية

وفق طرائق ومناهج الفلسفة العقلية

قال ابن خلدون في مقدمته:

“والمتكلمون إنما دعاهم إلى ذلك –أي: علم الكلام-

كلام أهل الإلحاد في معارضة العقائد السلفية بالبدع النظرية

فاحتاجوا إلى الرد عليهم من جنس معارضتهم

واستدعى ذلك الحجج النظرية، ومحاذاة العقائد السلفية بها”

مقدمة ابن خلدون (ص654).

. وقد وقع المتكلمون في نفس الآفة التي وقع فيها الفلاسفة

فاعتبروا القياس المنطقي قطعيات عقلية ردوا بها نصوص الشرع

فأنكرت المعتزلة صفات الله، والقدر

وخلَّدوا مرتكب الكبيرة في النار

وقالوا بخلق القرآن، وكل هذا بنوه على مقدمات رأوها قطعية.

ونفس الآفة وقع فيها الأشاعرة

خاصة في نسختها الرازيّة التي استقرّ عليها المذهب

وهو يُصرح بتقديم العقل باعتباره قطعيًّا

على الدلائل النقلية التي تفيد الظن

ينظر: تفسير الرازي 2/298.

وهو ما يقطع بصحة وسلامة منهج السلف

الذين ردوا على أهل البدع، ولم يلجؤوا للمنطق

ولا دخلوا في علم الكلام

وإنما حاججوهم بدلائل الكتاب والسنة

والأدلة العقلية المأخوذة منهما، والموافقة للفطر السليمة.

وقد ناظر أحمد المعتزلة والجهمية في خلق القرآن

وناظر الشافعي حفصًا الفرد، ورد الدارمي على بشر المريسي

وصنف أئمة السلف في الرد عليهم دون الحاجة إلى الخوض في علم الكلام

ومتاهاته التي يَضل فيها العقلاء.

وليس كراهة السلف لمجرد الاصطلاح الحادث

وإنما رفضًا لهذه المنهجية الباطلة

التي تؤدي إلى الإعراض عن الكتاب والسنة، فهو بدعة في ذاته

فإن أوصل إلى بدعة أخرى فهو باطل ثان

والنصوص الواردة عنهم في ذلك تؤكد ما ذكرنا

فمن ذلك قول الشافعي السابق فيه تعليل لكراهيته

حيث يقول: “ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة

واشتغل بعلم الكلام”.

وقال مالك بن أنس -رحمه الله -:

“لعن الله عمرًا -عمرو بن عبيد- فإنه ابتدع هذه البدع من الكلام

ولو كان الكلام علْمًا لتكلم فيه الصحابة والتابعون

كما تكلموا في الأحكام والشرائع

ولكنه باطل يدل على باطل”

( ذم الكلام، للهروي (5 /73).

و لنا عودة أخوة الإسلام










رد مع اقتباس