منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التّعريف بفنّ القصّة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-12, 22:09   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
صَمْـتْــــ~
فريق إدارة المنتدى ✩ مسؤولة الإعلام والتنظيم
 
الصورة الرمزية صَمْـتْــــ~
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز المشرف المميز 2014 وسام التقدير لسنة 2013 وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام أفضل مشرف وسام القلم الذهبي لقسم القصة 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زيتوني محرز مشاهدة المشاركة
دمـــــــــــوع و قضبــــــــــــان




أه ,, أه,, يتهالك على الأرض , يتطحلب على أديمها , أنفاسه تتردد بسرعة , عينان تبحثان عن مكان للاستقرار , تتداخل الجدران , تضيع أطر اللوحات الزيتية التي زينت جدران القاعة
-أنا بريء ,, أنا بريء ...-
ينظر في وجه امرأة عجوز يغرق الدمع و جنتيها , يصرخ بأعلى صوته, صراخه يمزق صمت المكان , إرتعاشة قوية تهز أعماقه , شيء ما يدعوه للتقيء ليفرغ كل شحنته الملتهبة , قوى خفية تدعوه للبكاء ,, وحيد الآن و لا سند له , أعاد تأمل القاعة من جديد , كل الوجوه أعتاد رؤيتها , حتى في مثل هذا الموقف يبتسمون :/ يالها من ابتسامات صفراء فقدت الحياة !! / , صوت يقرع مسامعه , يمزق نياط القلب :/ أنت مجرم خطير , لابد أن تعاقب .../ تضيق القضبان , تنقبض شرايين القلب عنوة , فيصرخ :/ أنابريء ../, ينظر ثانية في الجموع الحاشدة التي جاءت تتسلى بمأساته ,,/ أنتم السبب , كم ضحكتم على ضعفي ,, و دفعتموني إلى هذا المصير المشؤوم !! / .
صمت رهيب يلف المكان , دافع غريب يحثه على فرض كيانه على بلاط القاعة , يتشبث بالقضبان الحديدية التي أحاطت به , لم يعد قادرا على مقاومة الضعف, تموت الصرخة بداخله , كم من صرخة كتمها طوال السنوات الماضية ؟! , ينفتح الباب الخارجي , تغادر الجموع القاعة في سرعة عادية , يقوده شرطيان إلى الخارج ,, ريح باردة ينفد إلى أعماقه عنوة ,, مد أليا يده فأغلق أزرار سترته التي جمعها إلى صدره ,, سار يجر قدميه جَرًا، دفعه الشرطيان ليستقر جالسا داخل – سيارة الشرطة - , تتناثر الأتربة وراء عجلات السيارة المنطلقة ،، إلى أين يحمل هذا الجسد المنهوك القوى ؟! ينظر في الوجوه الفضولية التي ودعها مرغما ،، تزاحمه الذكرى فيترك لها العنان لتعود به إلى أرشيف الحياة ....
/ كانت الحياة فتاة حسناء ضحكت من ضعفي و انقيادي لقوانينها دون روية وبعد نظر، خضعت لنواميسها التي لا ترْحم فرمتني في دواليبها كما ترمى فضلات السادة ، فعشت أقتات من جسدي و أنهش من كبريائي الجريح ، و لكن لنبدأ من الأول :
عرفت – الحرز – و أنا صغير ، كانت له نكهة خاصة عندي ، وضعوه في ثيابي وتحت وسادتي ، علّقوه في قطعة قماش مطرزة و ألصقوه في الجهة اليمنى من صدري ، فانتقل تأثيره مع دفعات الدم القاني إلى كل خلايا جسدي لتبني كيانا جديدا يقدس – الحرز – و لا يرى منه فكاكا ، علموني أن الغول سيأكلني إن فكرت – مجرد التفكير – في نزعه ، و صدقت كل كلمة سمعتها ، عبثوا بمشاعري ورموني في أتون الحياة مكسور الجناح منهوك القوى فقدت اتصالي بالعالم الخارجي، عشت في غرفتي غالقا على نفسي الأبواب ، كنت أخاف حتى من النسمة الباردة التي تزورني من النافذة ، أتخيلها شيطانا يأخذني إلى بلاد الموت الأحمر أو إلى جزر –الواق واق- أو على اقل تقدير إلى الدنيا التي وصفوها لي بأنها تمتص دماء البشر ثم ترميهم جيفا فارقتها الحياة ..
بكيت كثيرا , و ما عساني أن افعل ؟! ندبت حظي العاثر ، لعنت مولدي، حاولت الانتحار ولـكن كيف .... ؟! و كل الأبواب مغلقة دوني ؟!.
و كان إن غافلت زوج أمي و فررت إلى الخارج ، إلى – قتّالة الأرواح – كما سمعت عائلتي تسميها ، و اقتربت من جسر المدينة ، تشبثت بأحد أعمدته ، حركة الموج العنيفة تهز كياني المكدود هزا ، صورة الحرز تتراقص أمام ناظري ، يقهقه من غبائي وخجلي ، تعلقت بأعلى السور ، علّي أن أقفز و سينتهي كل شيء و يطوى الفصل الأخير من هذه المأساة .. لكني في لحظة أبصرت من خلال الموج صورة والدتي طريحة الفراش فأشفقت عليها من الصدمة التي ستقضي لا محالة على ما تبقى من عمرها ، أشفقت على جسدي المظلوم الذي لم يذق طعم الحياة بعد .../ جسدي ،، مسكين أنت ستسكن بعد حين أعماق الماء ، عزائي الوحيد إني قدمتك هدية للحياة ..مسكين أنت بعد حين تفارقك الروح المتمردة و تبقى وحيدا فريسة سهلة للأسماك! !.../ ولم أدرك موقفي إلا و الناس تحيط بي ،، ترجوني أن أحجم عن هذا الفعل ، ورضخت لإلحاحهم و أنا أحمل بين أضلعي جرحا غائرا، و أسماك النهر تضحك من ضعفي و انخذالي ،، و روحي تزمجر : / لا أريد العودة إلى ظلام الغرفة و سيطرة الحروز ، لا أريد ،، أريد أن أبقى في النور ،، أريد ../ وعدت إلى المنزل متخفيا كما خرجت ، و بقيت في غرفتي أياما حسبتها أعواما ، و في كل يوم يمر أزداد إصرارا على التحدي و ليكن ما قدر الله وشاء...
و تعلمت كيف أتسلل من الغرفة و كيف أعود دون علم أحد من أفراد عائلتي .. وواصلت على نفس الوتيرة و رأيت الحياة على عكس ما وصفوها لي ،، جميلة حسناء ، بحثت عن الغول في الأزقة الضيقة بل كنت أتعمد العودة ليلا ووحيدا لعليّ أعثر على أحد – العفاريت – لأوقع معه صلحا ،، و بحثت عن ضالتي فلم أعثر على شيء ، فعاد الاطمئنان إلى قلبي ، وفقدت – الحروز – ذلك التأثير العجيب على كياني رغم بقائها معلقة في كل مكان من غرفتي ..
وهكذا تمر الحياة تنهب الأرض نهبا ،، وكوّنت صداقات متنوعة في غفلة عن أهلي ،، وكان إن التقيت بأحد الشبان ، كان جريئا و حيويا، تعلمت منه الشجاعة وعدم الخوف والرهبة من أحد ، وكذلك تعلمت منه كيف أكسب – الدرهم و الدينار – دون تعب ونصب ، ترددت في الأول ، رأيت – الحرز – وظلام الغرفة خيرا لي من هذا المصير !! .
وكما يقولون – الحاجة أم الاختراع – كنت محتاجا لبعض – الدينارات – ثمنا للسجائر وقطع الحلوى ،، فمددت لي لأول جيب ثم الثاني والثالث وهكذا ... ووجدت نفسي وصديقي في قبضة الشرطة ، فاعترفت بكل ما بدر مني و...../
اهتز كيانه مع توقف – سيارة الشرطة – فعاد إلى واقعه ،، مسح عينيه ، عدل من وضع سترته ، تقدم مع الشرطيين إلى – مركز إعادة التربية – واحتواهم المكان .
سنترك المجال للأعضاء،
علّهم يدخلون الى هذا العالم الذي يستحقّ
اكتشاف خفاياه
سأعودُ لأنّ رغبتي ستعيدُني إن شاءَ الله
للوقوف على كلِماتِك..
أرجو أن أجِدَ لك أخطاءً كثيرة
موفّق أخي محرز









آخر تعديل صَمْـتْــــ~ 2013-07-25 في 05:11.
رد مع اقتباس