منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الوضوء .. الطهاره في الاسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-24, 07:14   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال:

هل يمكن أن أعرف ما هي الحكمة من غسل بعض
الأعضاء ثلاث مرات أثناء الوضوء ؟


الجواب :

الحمد لله

الواجب على المسلم إذا سمع شرع الله أن يقبل ويسلم دون انتظار بيان وجه القياس العقلي والتعليل المنطقي

وخاصة في أبواب العبادات ؛ لأن تعليل العبادات من الغيب الذي لم يطلعنا الله عز وجل على أكثر تفاصيله

وخوض العلماء فيه إنما هو محاولة تلمس بعض أوجه الحكمة ، ولم يقع ذلك منهم على سبيل الجزم والقطع .

يقول الإمام الشاطبي رحمه الله :

" الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلَّف التعبد
دون الالتفات إلى المعاني

يدل عليه أمور :

منها الاستقراء ؛ فإنا وجدنا الطهارة تتعدى محل موجبها ، وكذلك الصلوات خصت بأفعال مخصوصة على هيئات مخصوصة إن خرجت عنها لم تكن عبادات ، وأن الذكر المخصوص في هيئة ما مطلوب ، وفي هيئة أخرى غير مطلوب ، وأن طهارة الحدث مخصوصة بالماء الطهور وإن أمكنت النظافة بغيره ، وأن التيمم - وليست فيه نظافة حسية - يقوم مقام الطهارة بالماء المطهر

وهكذا سائر العبادات ؛ كالصوم والحج ، وغيرهما .

وإنما فهمنا من حكمة التعبد العامة الانقياد لأوامر الله تعالى ، وإفراده بالخضوع ، والتعظيم لجلاله والتوجه إليه ، وهذا المقدار لا يعطي علة خاصة يُفهم منها حكم خاص .

والثاني :

أنه لو كان المقصود التوسعة في وجوه التعبد بما حد وما لم يحد لنصب الشارع عليه دليلا واضحا ، كما نصب على التوسعة في وجوه العادات أدلة لا يوقف معها على المنصوص عليه دون ما شابهه وقاربه وجامعه في المعنى المفهوم من الأصل المنصوص عليه ، ولكان ذلك يتسع في أبواب العبادات ، ولما لم نجد ذلك كذلك بل على خلافه دل على أن المقصود الوقوف عند ذلك المحدود .

والثالث :

أن وجوه التعبدات في أزمنة الفترات لم يهتدِ إليها العقلاء اهتداءهم لوجوه معاني العادات ؛ فقد رأيت الغالب فيهم الضلال فيها ، والمشي على غير طريق ، ومن ثم حصل التغيير فيما بقي من الشرائع المتقدمة ، وهذا مما يدل دلالة واضحة على أن العقل لا يستقل بدرك معانيها ولا بوضعها ، فافتقرنا إلى الشريعة في ذلك " انتهى.

" الموافقات " (2/513-520)

ويقول أيضا رحمه الله :

" عامة التعبدات لا يعقل لها معنى على التفصيل ، كالوضوء ، والصلاة في زمان مخصوص دون غيره ، والحج ، ونحو ذلك .

فيتأمل الناظر الموفق كيف وضعت على التحكم المحض المنافي للمناسبات التفصيلية ، ألا ترى أن الطهارات - على اختلاف أنواعها - قد اختص كل نوع منها بتعبد مخالف جدا لما يظهر لبادي الرأي ، فإن البول والغائط خارجان نجسان يجب بهما تطهير أعضاء الوضوء دون المخرجين فقط

ودون جميع الجسد ، فإذا خرج المني أو دم الحيض وجب غسل جميع الجسد دون المخرج فقط ، ودون أعضاء الوضوء .

ثم إن التطهير واجب مع نظافة الأعضاء ، وغير واجب مع قذارتها بالأوساخ والأدران إذا فرض أنه لم يحدث .

ثم التراب - ومن شأنه التلويث - يقوم مقام الماء الذي من شأنه التنظيف .

ثم نظرنا في أوقات الصلوات فلم نجد فيها مناسبة لإقامة الصلوات فيها لاستواء الأوقات في ذلك.

وشرع للإعلام بها أذكار مخصوصة لا يزاد فيها ولا ينقص منها ، فإذا أقيمت ابتدأت إقامتها بأذكار أيضا .

ثم شرعت ركعاتها مختلفة باختلاف الأوقات ، وكل ركعة لها ركوع واحد وسجودان دون العكس

إلا صلاة خسوف الشمس فإنها على غير ذلك ، ثم كانت خمس صلوات دون أربع أو ست وغير ذلك من الأعداد .

فإذا دخل المتطهر المسجد أمر بتحيته بركعتين دون واحدة كالموتر أو أربع كالظهر .

فإذا سها في صلاة سجد سجدتين دون سجدة واحدة ، وإذا قرأ آية سجدة سجد واحدة دون اثنتين .

ثم أمر بصلاة النوافل ونهى عن الصلاة في أوقات مخصوصة ، وعلل النهي بأمر غير معقول المعنى .

ثم شرعت الجماعة في بعض النوافل كالعيدين والخسوف والاستسقاء ، دون صلاة الليل ورواتب النوافل .

فإذا صرنا إلى غسل الميت وجدناه لا معنى له معقولا ، فإنه غير مكلف ، ثم أمرنا بالصلاة عليه بالتكبير دون ركوع أو سجود أو تشهد ، والتكبير أربع تكبيرات دون اثنتين
أو ست أو سبع أو غيرها من الأعداد .

فإذا صرنا إلى الصيام وجدنا فيه من التعبدات غير المعقولة كثيرا ، كإمساك النهار دون الليل ، والإمساك عن المأكولات والمشروبات دون الملبوسات والمركوبات والنظر والمشي والكلام وأشباه ذلك ، وكان الجماع - وهو راجع إلى الإخراج - كالمأكول - وهو راجع إلى الضد - وكان شهر رمضان -

وإن كان قد أنزل فيه القرآن - ولم يكن أيام الجمع وإن كانت خير أيام طلعت عليها الشمس ، أو كان الصيام أكثر من شهر أو أقل .

ثم الحج أكثر تعبدا من الجميع .

وهكذا تجد عامة التعبدات في كل باب من أبواب الفقه " انتهى باختصار.

" الاعتصام " (2/628-630) طبعة دار ابن عفان .

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" العبادات منها ما حكمته معلومة لنا وظاهرة ، فالإنسان ينقاد لها تعبداً لله تعالى وطاعة له ، ثم اتباعاً لما يعلم فيها من هذه المصالح .

ومنها ما لا يعرف حكمته ، ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد بها عباده هي حكمة ، كما قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )

وما يحصل في القلب من الإنابة لله والخشوع والاعتراف بكمال الرب ونقص العبد وحاجته إلى ربه - ما يحصل له في هذه العبادة فهو من أكبر المصالح وأعظمها " انتهى.

" مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (23/133)

وقد سبق تقرير هذه القاعدة في مواضع كثيرة

ولذلك كله :

فغاية ما يمكن أن نجيب عليك به في الحكمة من تثليث غسل أعضاء الوضوء هو زيادة التنظف والإنقاء ، فالثلاث عدد وسط ، ليس فيه مشقة ولا إسراف ، كما أنه يحصل به إتمام الفرض على أكمل وجه ، وهو من الإسباغ المأمور به في الوضوء

ولذلك ورد التثليث في شريعتنا في كثير من الأبواب ، كأبواب الأدعية والأذكار ، وآداب الطعام والشراب ، والعبادات ، وغير ذلك .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس