منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - عذاب القبر ونعيمه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-20, 05:10   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة عذاب القبر ونعيمه

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبكاته

حدائق الموت ؟

تلك القبور التي غيبت فيها أجساد تحت التراب .. تنتظر البعث والنشور وأن ينفخ في الصور ..

اجتمع أهلها تحت الثرى .. ولا يعلم بحالهم إلا الذي يعلم السر وأخفى ..

نعم ..


إنه الموت ..

أعظم تحدٍّ تحدى الله به الناس أجمعين ..

الملوك والأمراء .. والحُجّاب والوزراء .. والشرفاء والوضعاء .. والأغنياء والفقراء
..
كلهم عجزوا أن يثبتوا أمام هذا التحدي الإلهي { قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين }

أين الجنود ؟ أين الملك ؟ أين الجاه ؟

أين الأكاسرة ؟ أين القياصرة ؟

أين الزعماء ؟

أتى على الكـل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن القـوم ما كانوا

من أسماء الموت

المنون، الحتف، الحِمام، السام، الوفاة، الردى، الهلاك.


معاني الموت

قال ابن الجوزي رحمه الله: "ذكر بعض المفسرين أنّ الموت في القرآن على أوجه:

أحدها: الموت نفسه


ومنه قوله تعالى: }كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ{ (آل عمران/ 185).

الثاني: الضلال

ومنه قوله تعالى: }أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ{ (الأنعام/ 122).

الثّالث: الجدب

ومنه قوله تعالى: }فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ{ (فاطر/ 9).

الرّابع: الجماد

ومنه قوله تعالى: }أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ{ (النحل/ 21) يعني الأوثان.

الخامس: الكفر

ومنه قوله تعالى: }وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ{ (آل عمران/ 27) وهو الكافر"([1]).

ويطلق الموت على عادم الحياة سواء سبقت له حياة أو لم تسبق

قال تعالى: }كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{(البقرة/28). وقال: }قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ{(غافر/11)، وهذه مقولة الكفار، قالوا: ربنا أمتَّنا مرتين؛ حين كنا في بطون أمهاتنا نُطَفًا قبل نفخ الروح، وحين انقضى أجلُنا في الحياة الدنيا، وأحييتنا مرتين: في دار الدنيا، يوم وُلِدْنا، ويوم بُعِثنا من قبورنا، فنحن الآن نُقِرُّ بأخطائنا السابقة، فهل لنا من طريق نخرج به من النار، وتعيدنا به إلى الدنيا؛ لنعمل بطاعتك؟ ولكن هيهات أن ينفعهم هذا الاعتراف.


والنوم موت.


قال تعالى: }الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها{(الزمر/42)، وقال: }وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ{(الأنعام/60). وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : «النوم أخو الموت، ولا يموت أهل الجنة» رواه البيهقي في الشعب. ولهذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من نومه قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور» رواه أبو داود.

ويطلق الموت على شدة العذاب،

قال تعالى: }ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت{(إبراهيم/17).


الحكمة من الموت


بينها ربنا بقوله: }الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ{(الملك/2)

وبقوله: }أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ{(المؤمنون/115)

وبقوله: }أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى{(القيامة/36).


الأمر بتذكر الموت والاستعداد له

قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : «أكثروا من ذكر هاذم([3]) اللذات» رواه الترمذي.

وثبت عن عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «استحيوا من اللّه حقّ الحياء». فقلنا: يا نبي الله، إنّا لنستحيي. قال: «ليس ذلك، ولكن من استحيا من الله حقّ الحياء فليحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، ومن فعل ذلك فقد استحيا من اللّه حقّ الحياء» رواه الترمذي.

وعَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ([4]) الْقَبْرِ فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: «يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا» رواه ابن ماجة.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا. هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ؛ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ؛ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ» رواه الترمذي.

قال ابن عمر رضي الله عنهما: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَمنْكِبي فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل». وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" رواه البخاري.


لماذا نتذكره؟

يجيب نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله: «أكثروا من ذكر هاذم اللذات» رواه الترمذي. وللبزار: «فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه ولا في سعة إلا ضيقه عليه».

وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة، ولا تقولوا هُجْرا» رواه مسلم وأحمد. ولأحمد: «فإن فيها عبرة».

وللحاكم: «فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة».


فعلينا أن نسارع إلى العمل الصالح، وأن نكثر منه، قبل أن نندم كما يندم المشركون }حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{(المؤمنون/99).


أين نموت؟

قال تعالى: }وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ{(لقمان/34).

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم : «إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له فيها حاجة» رواه ابن عدي في الكامل، والطبراني.


متى نموت؟

لا يعلم المرء متى ذلك، فإنما هي أيام معدودة، وأنفاس محسوبة، قال تعالى: }ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها{(المنافقون/11). والأجل: مدة الشي

وقال: }اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى{(الزمر/42).


من منا يحب الموت؟


مما لا ريب فيه أنه لا أحد يحب الموت..

ويدل لذلك حديث عبادة بن الصامت الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه». فقالت عائشة رضي الله عنها: إنا لنكره الموت! فقال: «ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموتُ بُشِّر برضوان الله وكرامته، فليس شيءٌ أحبَّ إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه كره لقاء الله وكره الله لقاءه».

فدل هذا الحديث على أمرين:

الأول: أنه لا أحد يحب الموت، ولا يكون إثمٌ بذلك، ولو كان إثماً لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ولا أنكر عليها.

الثاني: أن المؤمن في لحظة الاحتضار لا أحب إليه من الموت.

وبذا تكون إجابة ما طرح من سؤال في عنوان المقالة: المؤمن في احتضاره.


وسبب ذلك:

أنه يرى ما أعد الله له من النعيم، وفي الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. و«موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها» كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم في الصحيح، فكيف بما أورثه الله منها؟!

وقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «فليس شيء أحب إليه مما أمامه» دليل على أنه لو خير بين البقاء بين زوجه، وأهله، وولده لاختار الآخرة.

وأما الآخَرُ فلست أكتب للحديث عنه، وإنما أريد أن أخص بحديثي من يؤثر الموت على الدنيا ويحبه، ولا يعدل به شيئاً.
ولقد دلت سنة نبينا صلى الله عليه وسلم على أمرين آخرين يشحذان الهمة لسلوك الطريق المستقيم..


الأول: أن الميت الصالح يتمنى أن يعجِّل الناس بدفنه.

والثانية: أن الميت إذا وضع في قبره لو خُير بين أن يبقى فيه وبين أن يرد إلى أهله لا اختار قبره على أهله ودنياه.
أما دليل الأول فحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وُضعت الجنازة، واحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين يذهبون بها؟ يسمع صوتَها كلُّ شيء إلا الإنسانَ ولو سمعه صَعِق» رواه البخاري.


وأما دليل الثاني:

فما رواه الشيخان في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يموت له عند الله خير، يسره أن يرجع إلى الدنيا وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد؛ لما يرى من فضل الشهادة، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى».

وتأمل قول نبينا صلى الله عليه وسلم:

«وأن له الدنيا وما فيها»، فليس يتمنى الرجوع إلى داره الصغيرة التي كان يسكنها، بل لو خير بين قبره وبين أن يعطى الدنيا ومثلَها معها لاختار قبره؛ لما فيه من نُزُل كريم من رب رحيم.

فما أعظمه من حديث!


إنه لو لم يكن في السنة ما يحمل على الشوق إلى لقاء الله والزهد في الدنيا غير هذا الحديث لكفى!

فهذه ثلاثة أحاديث دلت على ثلاثة أمور:

أن المؤمن يتمنى الموت ويفرح به إذا حُضر.

وأنه يتمنى أن يعجل الناس بدفنه.

وأنه لو خير بين قبره والرجوع إلى أهله مع الدنيا ومثلها لاختار قبره.

وسبيل التوفيق لهذا المصير: تعمير الوقت بطاعة الله، والإكثار من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك» رواه النسائي.









 


رد مع اقتباس