منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-11-30, 04:46   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B11

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته



عمر الانسان في الدنيا

أبانت نصوص الشرع وأشارت

إلى أن مدة التعمير في هذه الدنيا

لها أثر في الحساب والعقاب ؛ ومن ذلك :

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ، قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ

حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ

وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ

وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ )


رواه الترمذي (2417 ) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

ويزيد هذا المعنى وضوحا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ ، حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً )


رواه البخاري (6419) .

قال ابن حجر رحمه الله تعالى :

" قوله : ( أعذر الله ) الإعذار إزالة العذر

والمعنى : أنه لم يبق له اعتذار

كأن يقول : لو مُدَّ لي في الأجل لفعلت ما أمرت به

يقال : "أعذر إليه" إذا بلَّغه أقصى الغاية في العذر ومكَّنه منه "


انتهى من" فتح الباري " (11 / 240) .

وقال الله تعالى :

( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا

غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ

وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ) فاطر /37 .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ )

أي : أوما عشتم في الدنيا أعمارا

لو كنتم ممن ينتفع بالحق

لانتفعتم به في مدة عمركم ؟

وقال قتادة : اعلموا أن طول العمر حجة

فنعوذ بالله أن نُعَيَّر بطول العمر

قد نزلت هذه الآية: ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ )

وإن فيهم لابن ثماني عشرة سنة ..


انتهى من " تفسير ابن كثير " (6 / 553) .

وجعل الله تعالى إطالة عمر الكافر

وإمهاله في هذه الدنيا سببا لزيادة العقاب عليه

حيث قال الله تعالى :

( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ

إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) آل عمران /178 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" قال : ( إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ )

: فالله تعالى يملي للظالم ، حتى يزداد طغيانه

ويترادف كفرانه ، حتى إذا أخذه أخذ عزيز مقتدر

فليحذر الظالمون من الإمهال

ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال "


انتهى من " تفسير السعدي " (ص 158) .

وقال الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" ذكر في هذه الآية الكريمة أنه يملي للكافرين

ويمهلهم لزيادة الإثم عليهم ، وشدة العذاب

. وبين في موضع آخر أنه لا يمهلهم متنعمين هذا الإمهال

إلا بعد أن يبتليهم بالبأساء والضراء

فإذا لم يتضرعوا أفاض عليهم النعم وأمهلهم حتى يأخذهم بغتة


انتهى من " أضواء البيان " (1 / 352 - 353) .

و الخلاصة

أن تأثير طول العمر في حساب العبد ،

وميزان أعماله : إنما يكون باعتبارين :


الأول :

أن العمر الطويل : حجة من حجج الله على عباده

فلا يقدر صاحبه أن يطلب مهلة العمر

وطول الزمان الذي يعينه على العمل الصالح

فلقد كان ذلك كله ، وأمكنته الفرصة ليعتبر ، ويتعظ

وينتهي عن غيه ، ويعود إلى ربه ؛ فلم يفعل ،

وأضاع الفرصة والزمان

حتى عاد ذلك كله حسرات عليه .


الثاني :

أن هذا العمر والزمان الطويل ، هو وعاء لعمله

فإما ملأه بصالح العمل ، وإما ملأه بالتفريط ، والتضييع

وسيء الأخلاق والأعمال

ولذلك لا تزول قدمه يوم القيامة

حتى يسأل عن ذلك الوعاء : بأي شيء ملأه .

ولا يتصور أن يكون حساب العبد يوم القيامة على مجرد الزمان

من غير عمل ، فإن ذلك الزمان لا ينقضي على العبد

من غير أن يعمل عملا ، يقدمه

أو يفرط تفريطا يؤخره عن ربه ، وهكذا العمل

خيره وشره ، لا بد له من زمان ، وعمر يقع فيه .

ولهذا قال الله تعالى لعباده :

( كَلَّا وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ *

إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيرًا لِلْبَشَرِ *

لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) المدثر/32-37 .

ومن هنا كان يوم القيامة :

يوم التغابن ، وكان يوم الحسرة ، حسرة من ضيع عمره

في غير طاعة الله ، وقد أخذ الفرصة

وأعطي المُهْلة ؛ فضاعت الأعمار ، وانقطعت الأعذار !!

و الله اعلم


اخوة الاسلام

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل استكمال الموضوع