على فُسطاط الأمير يمامةٌ جاثمة تحضِنُ بيضَها.
الشمسُ والقمرُ والنجوم، كلُّها أصغرُ في عينها من هذا البيض.
هي كأرقِّ امرأة. عرفت الرّقَّةّ مرتين، في الحبِّ، والولادة.
هل أكلف الوجود شيئًا كثيرًا إذا أردتُ أن أكونَ كهذه اليمامة!
* * *
على فُسطاط الأمير يمامةٌ جاثمة تحضِنُ بيضَها.
تقول اليمامة: إن الوجودَ يحب أن يُرى بلونين في عين الأنثى؛
مرةً حبيبًا كبيرًا في رَجُلها، ومرة حبيبًا صغيرًا في أولادها.
كلُّ شيءٍ خاضعٌ لقانونه، والأنثى لا تريد أن تخضعَ إلا لقانونِها.
* * *
أيتُها اليمامة، لم تعرفي الأميرَ وتركَ لكِ فسطاطًا!
هكذا الحظّ: عدلٌ مضاعفٌ من ناحية، وظلمٌ مضاعف في ناحية أخرى.
احمدي الله أيتها اليمامة، أنْ ليس عندكم لغاتٌ وأديان.
عندكم فقط: الحبُّ، والطبيعة، والحياة.
* * *
على فُسطاط الأمير يمامةٌ جاثمة تحضِنُ بيضَها،
يمامة سعيدةٌ، ستكون في التاريخ كهدهد سليمان،
نُسِبَ الهدهدُ إلى سليمان، وستُنسب اليمامةُ إلى عمرو.
واهًا لكَ يا عمرو! ما ضرَّ لو عرفْت (اليمامة الأخرى)!
مصطفى صادق الرافعي على لسان مارية”// من كتاب وحي القلم