منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تاريخ الصراع العقدي مع الرافضة في بلاد المغرب الإسلامي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-15, 10:10   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الثاني

المقاومة السنية للتشيّع


1 – مقاومة الدولة :


في دراسة هذا الموضوع سأحاول إبراز جهود علماء المغرب في مقاومة التشيع بالمغرب الإسلامي ولست في هذه الدراسة مؤرّخا للأحداث وإنما أحاول أن أعطي صورة لموقف علماء السنة من هذه البدعة في هذا الجزء من العالم الإسلامي الممتد كذلك لا أقصد في هذا الفصل إبراز موقف الدولة من هذه الدعوة لأنّ ذلك موضوع سياسي لا علاقة له بموضوعنا ولكن لا بأس أن أشير إلى ذلك إشارة عابرة حتى تكتمل الصورة لدى القاريء فأقول :

لقد كان موقف الدولة الأموية بالأندلس من الدعوات الشيعية موقفا حازما متشددا تمثّل في الوقوف في وجه الدعوة الشيعية بكلّ قوة إلاّ أن موقفها القوي هذا لم يلجئها إلى تجريح الأشخاص بل كان موقفها في هذا الجانب يتميز بالكثير من الإعتدال حيث لم يتعرّض الأمويون لشخص الإمام علي رضي الله عنه بالسب والطعن على المنابر كما فعل إخوانهم بالمشرق مما أثار عليهم غضب أهل السنة فضلا عن الشيعة ولذلك نجد الإمام ابن حزم رحمه الله مثلا رغم نزعته الأموية يعيب على الأمويين بالمشرق ما ارتكبوه في حقّ علي وآله رضي الله عنهم بينما نجده يعد من فضائلهم بالمغرب امتناعهم عن ذلك .
ولكن موقفهم هذا لم يمنعهم من الإنتقاص من علي رضي الله عنه بطريقة أو بأخرى في أوقات التوتر السياسي مثال ذلك ما يقصّه الخشني (ت 371 ه) عن الأمير محمد (238-286 ه) في مسألة اشتغاله بتعيين قاض للجماعة في قرطبة فيذكر أنّ الأمير محمدا رأى في منامه كأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين يقدمون فيسلمون على رجل بعينه ولم يذكر في الخلفاء عليا رضي الله عنه .
وقد أخذت مقاومة الدولة الأموية للتشيع أشكالا متعددة تمثلت في تشجيع المذهب السني على الإنتشار كما كان لها بالأندلس عيون وجواسيس منبثون في جميع أنحاء المغرب فكان هؤلاء الجواسيس يوافون حكوماتهم بما يهمها من أخبار هذه البلاد أولا بأول وقد ساعد هؤلاء الجواسيس في مهمتهم وجود جالية أندلسية ضخمة في كلّ مدينة وكانت هذه الجاليات شديدة التمسك بالمذهب السني الذي كان رسخ بالمغرب شديدة الكراهية والبغض للمذاهب البدعية على اختلافها ولا سيما المذهب الشيعي إلى حد الإستماتة في مقاومته ولعلّ هذا السلوك هو الذي جعل حياة الدعوة الشيعية بالمغرب قصيرة فعزموا على إخلاء المكان والبحث عن مستقرّ آخر لدعوتهم .
لقد استطاع الأمويون أن يصبغوا الأندلس بلون أموي واستطاعوا أن يبذروا بذور الكراهية للتشيع والشيعة في نفوس الناس علمائهم وعوامهم وإن كان بعض العقائد الشيعية قد تسرّب إلى الأندلس إلاّ أنّ تأثيرها كان ضعيفا وبقيت الأندلس سنية ويلاحظ من خلال تراجم الأندلسيين لبعض من نسب إلى التشيع مثل قولهم (كان يميل إلى التشيع) و(كان يقول بنكاح المتعة) و(تركه الناس من أجل تشيع كان فيه) إلى غير ذلك من عباراتهم الدالة على اهتمامهم بهذا الجانب اهتماما بالغا حتى قال المقدسي (313 ه) في أحسن التقاسيم عن الأندلس في القرن الرابع : (إنّ الأندلسيين إذا عثروا على معتزلي أو شيعي فربّما قتلوه) .
وهناك ملاحظة مهمة تجدر الإشارة إليها وهي التعاون الذي كان قائما بين الدولة وبين العلماء في تتبع المبتدعة ومحاكمتهم وقطع الطريق أمامهم حتى لا ينشروا فسادهم ولا بأس هنا أن أشير إلى مثال على ذلك وهو مثال يدل أيضا على تشدد الدولة الأموية مع الشيعة ومع غيرهم من الزنادقة :
تذكر المصادر أنه كان بالأندلس رجل يدعى أبا الخير الإشبيلي الشيعي وكان هذا الرجل يسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويعلن بذلك وبأشياء أخرى خطيرة كإنكار البعث وقوله بأنّ الخمر حلال شربها وغير ذلك من المنكرات كطعنه في القرآن بقوله : (إنّ النصف الأخير فيه خرافات) وزعم أنه يستطيع أن يأتي مثله .
وبناء على هذه الشهادات أفتى الفقهاء منذر بن سعيد البلوطي وغيره بأنّ الرجل ملحد كافر وقد وجب قتله من غير أن يعذر ورأى جماعة غيرهم أنه يعذر ويستتاب ورفعوا الأمر بذلك إلى أمير المؤمنين الذي رأى أن الحق والصواب في قول من أشار بقتله بلا إعذار لما استفاض من إلحاده وانتشر ذلك عنه فأمضى ذلك فيه وأمر بصلبه غضبا لله عزّ وجلّ ولكتابه العزيز ولرسوله صلى الله عليه وسلم ليكون تشديدا على من ذهب إلى مذهبه أو ثبت عليه سبب من أسبابه ولما نفذ فيه أمر الله تعالى كتب الفقهاء كتابا رفعوه لأمير المؤمنين يشكرونه على موافقته على فتوى الفقهاء بسفك دم هذا الزنديق ويذكرون له فيه ما أظهره الناس من السرور والفرح بما أمر به في الملحد من استئصاله وقطع شأفته حيث كانوا يتلاقون بالتهاني بما أطلعهم الله عزّ وجلّ من باطن أمير المؤمنين في الغضب لله عز وجل ولكتابه العزيز ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللسلف الصالح من صحابته رضي الله عنهم ولشدته وبطشه وعزيمته في الإنتقام ممن طعن في الدين إلى غير ذلك مما قدموه من فروض الطاعة وآيات الشكر فجاوبهم الأمير بكتابه نوه فيه بجهود العلماء في كشف المنحرفين والمبتدعة والزنادقة وطمأنهم أنه ماض على تلك السياسة مع كلّ منحرف عن منهج أهل السنة قال : (وقد بلغني أن جماعة على مذهبه وأمرت الحكام بالتشديد عليهم وإخافتهم) فهذه القضية توضح مدى اهتمام الدولة الأموية في الأندلس بتتبع الزنادقة والشيعة لقطع الطريق أمامهم ومدى تعاونها مع العلماء في ذلك .

2 – مقاومة علماء المغرب للتشيع :

بعدما عرفنا موقف الدولة الأموية من الدعوة الشيعية أنتقل للحديث عن العلماء ومواقفهم إزاء هذه الدعوة فأقول :

إنّ موقف العلماء كان أقوى وأشد من موقف الدولة لأنهم كانوا يصدرون في موقفهم من دافع ديني بحت أما الدولة فكانت تصدر في كثير من مواقفها من منطلقات سياسية وقد أخذت مقاومة علماء المغرب للتشيع أشكالا متعددة وأنماطا مختلفة فمرة تكون المقاومة في شكل اعتزال لكل ما هو شيعي وكل ما له صلة بالتشيع ومرة كانت تأخذ شكل الجدال فتقع بين أهل السنة وبين الشيعة معارك جدلية عنيفة يقودها جماعة من الفريقين من أهل العلم والذكاء والشجاعة وبلغت في بعض الأحيان إلى أن تأخذ شكل المقاومة المسلحة يحمل فيها علماء السنة السلاح ويحضون العامة على ذلك لمقاومة هذه البدعة ولا نستغرب ذلك إذا عرفنا السبب الحقيقي لهذه المقاومة الذي كان يتمثل في سلوك الشيعة المخالف للإسلام فقد كان القتل والتعذيب من أبرز سمات حكم العبيديين ومقاومة كل ما هو سني بالإضافة إلى الإباحية والشذوذ وغير ذلك من المخالفات التي وقعوا فيها وتارة تكون المقاومة بأساليب أخرى يأتي الحديث عنها










رد مع اقتباس