منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ملاحظات على مذكرات الأمير عبد القادر المختلقة -2-
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-03-08, 02:51   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الأميرة بديعة الحسني
كبار الشخصيات
 
إحصائية العضو










B10 تتمة:

العجيب برأي الدكتور مزيان عن هذا المخطوط:
وهنا لا بد للقارئ من التساؤل عن أي صدق يتكلم الدكتور مزيان عن أي بساطة في التعبير؟ وعن أي ميزات؟ الركاكة في الأسلوب هي بساطة؟ أم البساطة في التعبير هي الجمل السوقية والكلمات الأكثر من عامية مثل الشريف، المشروف والكوازيط وعشرات غيرها هي بساطة في التعبير؟ فهل يعقل لرجل عالم في اللغة العربية، فخور باللغة العربية، لغة القرآن وبدينه الإسلام أن ينزل بلغته إلى هذا المستوى ويسمي ذلك بساطة؟ هو أو قريبه التهامي الذي هو أيضاً من علماء المسلمين، مجاهد وفقيه في اللغة العربية، ويعرف قدر نفسه؟ فجعلوه هو وقريبه التهامي أيضاً في هذه الصفحات ينسى أنه عربي مسلم، ينسى انتمائه إلى شعب أبيّ ذو عزة وكرامة وعراقة، وينسى أن بلاده ما زالت محتلة من هؤلاء الذين يكيل لهم المديح ولا يذكر كلمة هجرة ولا مرة واحدة، ويسمي الشهيد مقتول، وينسى الآيات القرآنية التي أمر بها الله تعالى المسلم للهجرة في مثل ظروفه ولا يذكر سوى أنه يريد الذهاب إلى مكة أو المدينة للحج كأنه رجل عادي أراد رخصة من دولته للحج، وليس مسؤولاً محاصراً من بني قومه تحيط به الأخطار وتشدّه نحو معارك ليس فيها شهداء، ويتغافل عن قول الله تعالى في سورة النساء ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا[1]. وكـأنه لا يعرف قيمة الهجرة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أسوة حسنة فهاجر حينما اشتد عليه الحصار وأحاطت به المخاطر من بني قومه كهذه الظروف التي أحاطت بالأمير من كل جانب في تلك الليلة المظلمة التي كانت فيها الأمطار تصل الأرض بالسماء، فشعر الأمير أن الهجرة باتت واجبة عليه في تلك الظروف، وفي تلك الليلة الظلماء، والجرحى من حوله ينزفون (ولم يكن رأيه وحده في ذلك القرار وإنما مجلس الشورى بجميع أعضائه، وجدوا أن الهجرة وجبت عليهم وعلى الأمير بالذات لأنه المقصود والمطلوب من سلطات المغرب إما بقتله أو أسره). وفي هذه المذكرات جعلوه يكتب عن ترحيب القبائل له، والحقيقة أنها أكاذيب مفبركة لا دليل تاريخي لها لأن القبيلة الوحيدة التي طلب مساعدتها رفضت مساعدته بشدة، وزعيمها مختار بوتشنين أسمع الأمير ما أزعجه، ولكن يقال أنه ندم بعد فوات الأوان.

ويلاحظ القارئ بعد هذا السرد عن لسان الأمير لخروجه من الجزائر ووصوله إلى مدينة طولون صفحات جعلوه فيها يصف المغاربة بـ (اللئام) ويكيل لهم كل ما هو مسيء بأسلوب التعميم، وكأنه ليس من هذا الشعب العربي الواحد يكرر كلمة تسريح وينسى أنه عقد اتفاق خرج من الجزائر بموجبه مهاحراً، وجعلوه لا يترك كلمة مديح في لغتنا العربية ومفرداتها الواسعة إلا واستعملوها لمدح الفرنسيين على لسانه من الصفحة /192/ إلى الصفحة /196/، وبعدها من غير مقدمات يقفز الكاتب إلى التاريخ الإسلامي وذكر خصال الروم وأن الجنس الفرنسي فاق جميع الأجناس والأمم وكأن الأمير لم يكن يوماً مقاوماً لهؤلاء المحتلين لبلاده، وأيضاً لم يعاني يوماً مرارة ووحشية اعتداءاتهم على أبناء وطنه وغدرهم له بعد اتفاقية الهدنة الأولى والثانية، وأساليبهم الوحشية في الحروب ضده وضد إخوانه وفرسانه مدة عشرين عاماً تقريباً، أي من عام 1830 إلى نهاية 1847. ويتسى حادثة وضع تلك الأعشاب اليابسة في مدخل غار العقبة البيضاء الذي احتمى فيه أبناء وطنه من أطفال ونساء حوامل وشيوخ لا يقدرون على المقاومة وأشعلوا النار فيها إلى أن مات كل من في الغار اختناقاً واحتراقاً ولم يرَ آذان رجاله مقطوعة وممثل فيهم من قبل هؤلاء أو أبنائهم أو أجدادهم، ويجعلوه يصفهم في هذه الصفحات بأنهم كرام وأفضل جنس من الأجناس البشرية، ولم يعاني من غدرهم مدة سبعة عشر عاماً من مقاومة احتلالهم لبلده، والقول بأن هذه المبالغة في المديح هي من أجل تخجيلهم، لا شك أنه قول باطل وسخيف غير منطقي لأن التخجيل أولاً لا يكون في المبالغة بالمديح لدرجة النفاق، وثانياً لا يكون بهدر الكرامة في مثل تلك الظروف، وإنما العكس. لأن تلك الظروف كانت تتطلب منه بالبداهة لفت نظرهم إلى مساوئ عدم الوفاء بالعقود، لا المبالغة بمديحهم وهم ما زالوا أعدائه لأن بلاده التي فداها بدمه ما زالت محتلة منهم يذيقون شعبه الذل والمرار، ذل الاحتلال والسيطرة والمقاومة ضدهم مازالت مشتعلة بقيادة الأبطال الميامين من خلفائه، أي الولاة.

وبكل بساطة يجعلونه ينسى من هو وكأنه أُصيب بمرض فقدان الذاكرة وهو الرجل الذي عُرف بالشجاعة الفائقة ورباطة الجأش وبالتقى والصلاح والأخلاق الإسلامية والبعد عن النفاق، والخوف من الله الذي قال ﴿إنَّ المُنافِقِينَ في الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارْ[2]، الرجل الذي يقرأ القرآن، ولا بد أنه قرأ هذه الآية في صلاته مرات عديدة، والذي عُرف بالاتزان والحكمة التي شهد له بها أعدائه هم أنفسهم، الرجل الذي قبل تحمل مسؤولية الحكم وقيادة المقاومة، الرجل الذي أقام دولة، دولة مؤسسات، وجيشاً نظامياً وقف في وجههم وقوف الند إلى الند وكبدهم الخسائر الفادحة وتسببت انتصاراته عليهم بإقالة عدد كبير من جنرالاتهم الذين هزمهم في مواقع كثيرة ومعارك لا تحصى.

[1]- سورة النساء، آية 100

[2]- سورة النساء، آية 145









رد مع اقتباس