منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لكل من يبحث عن مرجع سأساعده
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-09-16, 14:02   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ا ماديا للفلسفة الذرية ، وجعل النظرية واسعة الشهرة.
27-03-2008 07:27 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
1 - ديمقريطس (460 – بداية القرن الرابع ق. م.) Democrite

حياته وآثاره:


ولد ديمقريطس في أسرة غنية ، في مدينة أبديرا في ثراقية. وقام بعدد كبير من الرحلات إلى بلدان الشرق. اشتهرت أعماله بالموسوعية حيث أسهم في مختلف العلوم والفنون، في الفلسفة والمنطق، وعلم النفس، والأخلاق، والسياسية، والفن، واللغة، والرياضيات، والفيزياء، والفلك.


فلسفته – (الذرات):


ليس في العالم إلا الخلاء والذرات، منها تتألف جميع الموجودات فالذرات تتميز إحداها عن الأخرى، وإن هذه الفروق الأولية هي علة الفروق جميعا. وهكذا يفضي المذهب الذري إلى الاعتراف بالسببية الشاملة في العالم.
ويعمم ديمقريطس آراءه الذرية لتشمل الحياة والروح أيضا. وهو يرجع ظهور الكائنات الحية إلى الظروف والشروط الطبيعية، دونما أية غاية، أو علة خارجية مفارقة.

ويرى أنه حياة الكائنات الحية وموتها، يعودان إلى إتحاد الذرات وانفصالها، والنفس أيضا، تتألف من ذرات نارية، وهي عبارة عن ائتلاف مؤقت لها. لقد زعزعت آراء ديمقريطس في النفس دعائم التصورات الدينية التقليدية. كما فقدت الآلهة صفاتها الخارقة، فهم كالبشر، مركبون من ذرات، إلا أنهم أقوى وأكثر حكمة، لكنهم لا يخلدون ولا يصنعون المعجزات.

لقد كانت فلسفة ديمقريطس خطوة هائلة في تطور المادية اليونانية. وبقيت النظرية المادية أساسا لكل التطور اللاحق للعلوم الطبيعية النظرية فيما يخص بنيان المادة.
27-03-2008 07:29 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
أنكساغوراس (500 – 438 ق. م.) Anexagore


حياته وآثاره:


ولد أنكساغوراس في كلازومينيا في آسيا الصغرى حوالى 500 ق. م. وهو من أسرة نبيلة ويملك ثروة طائلة وقد أهمل أملاكه سعيا وراء المعرفة والعلم والفلسفة.

ترك أنكساغوراس موطنه واستقر في أثينا، وكان هو الذي نقل الفلسفة إلى أثينا وأصبحت منذ أيامه المركز الرئيسي للفكر اليوناني. وفي أثينا اتصل بكل المشهورين في عصره، وكان صديقا لبركليس السياسي وايوربيدرس الشاعر. غير أن صداقته لبركليس كلفته غاليا. فلقد كان هناك قطاع سياسي معارض لبركليس، وقد صمم أعداء بركليس على الحاق الأذى بأنكساغوراس ومن ثم وجهت إليه تهمة الإلحاد. والإتهام هو أن أنكساغوراس قال أن الشمس حجر ملتهب أحمر وأن القمر مصنوع من الأرض. غير أن اليونانيين اعتبروا الأجرام السماوية آلهة. ولهذا وجهت التهمة إلى أنكساغوراس وحوكم وأدين. ولكن يبدوا أن أنكساغوراس هرب بمساعدة بركليس، ومن أثينا رجع إلى مسقط رأسه في آسيا الصغرى، واستقر في لامباسكوس ومات هناك وهو في الثانية والسبعين من عمره. وقد ألف بحث دون فيه أفكاره الفلسفية.


فلسفته – (العقل الكلي):


لقد أنكر أنكساغوراس وجود أية صيرورة مطلقة لانتقال وتحول الوجود إلى اللاوجود واللاوجود إلى الوجود. والصيرورة يجب أن تعد بخلط وتحليل أجزائها المركبة.
يعتقد أنكساغوراس أن الأنواع المختلفة للمادة نهائية وقصوى، أي ان الأشياء مثل الذهب والتراب والماء، هي أنواع نهائية للمادة لا تصدر عن أي شيء آخر ولا تتحول من مادة إلى أخرى.

كما يعتقد أن المادة يمكن أن تنقسم إلى مالا نهاية. وفي البداية كل أنواع المادة هذه كانت مختلطة معا في كتلة سديمية. وهذه الكتلة تمتد إلى ما لا نهاية عبر المكان والأنواع المختلفة للمادة تختلط وتنفذ كل منها في الأخرى. وصيرورة تشكيل العالم تحدث من جراء عدم خلط ما هو مختلط لجميع أنواع المادة وتجميع المادة المتشابهة مع المادة المتشابهة. ولما كانت المادة تنقسم إلى ما لا نهاية والخليط الأصلي للعناصر كاملا فإنها مختلطة بقدر لا متناه.



لقد اعتبر انكساغوراس القوة المحركة - لتفسير العملية العالمية الخاصة بفصل الخليط - أنها قوة غير فيزيائية وغير جسمانية كلية، إنها العقل الكلي ، والعقل الكلي هو الذي ينتج الحركة في الأشياء التي تتسبب في تشكيل العالم.

العالم محكوم على نحو عقلاني فهو يتحرك نحو غايات محددة. وما يمكن أن يقدمه القانون والنظام هو العقل وحده ومن ثم فلابد من عقل كلي يدبر العالم. لقد وصف انكساغوراس العقل بأنه "أدق الأشياء وأنقاها"، وقال أيضا أنه "غير مختلط" وأنه لا يحتوي فيه أي خليط من أي شيء بجانب ذاته.

ولما كان العقل هو أساس الحركة فإنه هو نفسه غير متحرك. لقد أقام أنكساغوراس فكرته عن وجود العقل على أساس التصميم الذي يظهر نفسه في العالم.

ترجع أهمية نظرية العقل لدى أنكساغوراس، أنها كانت المرة الأولى التي تتم فيها تفرقة محددة بين الجسماني واللاجسماني. لقد اعتبر العقل هو العلة الأولى، وهذه هي الخاصية المميزة لكل النزعة الآلية أي العودة إلى العلل الأولى.

لقد كان انكساغوراس آخر فيلسوف في المرحلة الأولى من الفلسفة اليونانية. هذه المرحلة تتميز بأن العقل اليوناني فيها لا يتطلع إلا إلى العالم الخارجي، فهي تحاول أن تفسر عمليات الطبيعة. غير أن التحول إلى الدراسة الاستنباطية للعقل وجدت في العقل عند انكساغوراس قد برز كمشكلة فلسفية.
27-03-2008 07:31 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

ثانياً : الإيليون Eleaties

يسمى الإيليون بهذا الإسم نظرا لأن مقر مدرستهم بلدة ايليا في جنوب إيطاليا .
فالايلية هي الفلسفة الحقة ، وفيها ظهر العامل الأول للحقيقة ، وكان بارمنيدس وزينون الممثلان الرئيسيان للمدرسة .



اكزينوفان (570 – 475 ق. م.) Axenophane


حياته وآثاره :


المؤسس المشهور للمدرسة الإيلية هو اكزينوفان ، ولد حوالي 576 ق. م. في قولوقون في أيونيا ، وأمضى حياته الطويلة في التجوال في المدرسة الهللينية كشاعر ومنشد الأغنيات في الحفلات .

وتم التعبير عن فلسفته شعرا ، و لم يكتب قصائد فلسفية بل مراثي وهجائيات عن موضوعات مختلفة .

فقد هاجم اكزينوفان الأفكار الدينية الشعبية عند اليونان . ويقوم الدين اليوناني الشعبي على أساس الاعتقاد في عدد الآلهة التي يجري تصورها على شكل كائنات إنسانية ، ولذلك سخر من تصورات اليونانيين عن الآلهة ، وتعددها ، وسكناها الأولمب .

وقد هاجم اكزينوفان كلا من هوميروس وهزيود عندما نسبا إلى الآلهة عيوب الإنسان ونقائصه . وفي رأيه ، ان ما هو إلهي لا يمكن إلا أن يكون واحدا ولا يمكن إلا أن يوجد واحد هو أفضلها ، ولهذا فإن الله يجب تصوره على أنه واحد .

لقد وحد اكزينوفان بين الله والعالم ، العالم هو الله . والله لا يتغير ولا يتحرك ولا ينقسم وهو لا يضطرب ولا ينفعل . (إن الله هو الله) . ولهذا يمكن وصف تفكير اكزينوفان بأنه (وحدة الوجود)


فلسفته (وحدة الوجود) :


كان اكزينوفان من أوائل القائلين بمذهبه وحدة الوجود المادية Pantheisme ، العالم عنده واحد أزلي لا يفسد ، إنه (الله) الذي يتحد بالأشياء جميعا .
كما حرر اكرينوفان الطبيعة من مختلف التصورات الأسطورية والدينية ، وكل ما يولد وينمو ، بما في ذلك الإنسان ، جاء من الماء والتراب .
27-03-2008 07:33 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
زينون (490 – 430 ق. م.) Zenon d'Elee


حياته وآثاره :


ولد زينون حوالي 490 ق. م. وهو من مدينة إيليا . لقد ألف بحثا كتبه نثرا عرض فيه فلسفته . ولقد أيد بارمنيدس في مذهبه عن الوجود . فهو في محاولته لتأييد مذهب بارمنيدس أدلى بأفكار محددة عن الطبيعة القصوى للمكان والزمان .

لقد وجه زينون مجادلاته ضد الكثرة والحركة وحاول أن يدعم نتائج بارمنيدس باظهار أن الكثرة والحركة مستحيلتان .


فلسفته (الثبات) :


يحاول زينون في حججه المشهورة ، أي في تحليله للمصاعب المتعلقة بالحركة ، البرهان على أن التسليم بإمكانية إدراك الحركة فكريا يقود إلى التناقض فتمتنع الحركة من نقطة إلى أخرى ، سواء أكان ذلك حركة جسم واحد ، أو جسمين يبعد أحدهما عن الآخر مسافة معينة . أو كان ذلك حركة نقاط أو أجسام مادية لها امتداد . فهذه الحركة إما أن لا تبدأ ، أو أنها لا تنتهي خلال مدة معينة إذا بدأت .

ففي (أخيل والسلحفاة) يسابق أخيل (ذو القدمين الخفيفتين) السلحفاة أبطأ الحيوانات . بفرض أنها تتقدمه مسافة ولو قصيرة ، وأنهما يبدآن الحركة في وقت واحد ، ان أخيل لن يدرك السلحفاة إلا أن يقطع أولا نصف المسافة ، التي تفصله عنها ، ولكي يقطع هذا النصف يجب أولا أن يقطع نصف النصف ، وهكذا إلى ما لا نهاية . ولما كان اجتياز اللانهاية ممتنعا ، امتنع أن يدرك أخيل السلحفاة .

وفي حجة (السهم الطائر) ينطلق زينون من الافتراض بأن الزمان مؤلف من (أنات) منفصلة غير متجزئة . فالسهم امتداد يشغل في كل آن من آنات الزمن مكانا متساويا له من حيث الطول ، فهو إذن لا يبارح المكان الذي يشغله في الآن غير المتجزئ أي أنه ساكن لا يتحرك وهكذا في كل آن .

ان زينوهن ما يؤكد عليه في حججه هو استحالة إدراك الحركة فكريا ، مع التسليم بأن المكان والزمان مؤلفان من أجزاء منفصلة لا نهائية ، وقد اعطت حججه هذه دفعا قويا لتطوير الرياضيات والمنطق اليونانيين .

إن الفلسفة الايلية هي أول نزعة واحدية ، والفلسفة الواحدية هي فلسفة تحاول أن تفسر الكون كله من مبدأ واحد .

لقد طرح الفلاسفة اليونانيون الأوائل ، الأيونيون السؤال : "ما هو المبدأ المطلق للأشياء ؟" وأعلنوا أن المبدأ الأول للأشياء هو المادة . والفيثاغوريون ردوا على السؤال نفسه فأعلنوا أن الأعداد هي المبدأ الأول . وردت المدرسة الإيلية على السؤال فأكدت أن المبدأ الأول للأشياء هو الوجود .

ولهذا فإن الإنتقال من الفلسفة الايونية إلى الفلسفة الايلية هو انتقال من التفكير الحسي إلى التفكير الخالص ، من حيث أن الوجود الايلي هو فكر تجريدي تام .
27-03-2008 07:34 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


هراقليطس (475 – 535 ق. م.) Heraclite


حياته وآثاره :


ولد هراقليطس حوالي عام 475 ق. م. في أفسوس وتوفي عام 535 ق.م ولقد كان ارستقراطيا ينحدر من أسرة نبيلة وشغل في أفسوس وظيفة الحاكم . ولقد كان إنسانا متباعدا تمتلئ طبيعته بالتعالي . ولقد أطل على عامة الشعب بإحتقار شديد . وتتسم أقواله بالسخرية : "الحمير تفضل القش على الذهب" . "الكلاب تنبح على كل من لا تعرفه" وهذا يعني أن قيمة الذهب نسبية ، فهو ثمين في نظر الناس فقط . والإنسان الجاهل يصرخ في وجه الحقيقة التي يجهلها ولا يعرفها - .

ولقد عرف هراقليطس عن أفكاره الفلسفية في بحث مكتوب نثرا . وقد لقب "بالكئيب" أو "الغامض" بسبب صعوبة أسلوبه وغموضه . ومبدأه الفلسفي على خط متعارض مع مبدأ المدرسة الإيلية . فهو يقول بمبدأ الصيرورة Devenir .


فلسفته (النار ، الصيرورة) :


ينطلق هراقليطس في مذهبه عن العالم من القول بتفسير كل ما هو موجود . وقد إفترض أن جميع الأشياء الموجودة صدرت من بداية مادية أولى . هذه البداية هي النار .
ان العالم ، أو الطبيعة توجد دوما في تغير مستمر ، والنار أكثر الأشياء قابلية للتغير والحركة . "هذا العالم ، الذي هو نفسه بالنسبة لكل موجود ، كان ويكون ويبقى أبدا نارا حية ، تستمر بمقدار وتنطفئ بمقدار".

يرى هراقليطس أن العالم يبقى نارا في أساسه ، برغم ما يطرأ عليه من تغيرات ، عن النار تصدر الأجسام الطبيعية ، والأرواح أيضا . والأشياء جميعا تصدر عن النار بصورة حتمية ، وذلك من خلال عدد من التغيرات المتعاقبة . فالعالم يسيره "اللوغوس" Logos (الكلمة ، العقل ، القانون...) .

والعالم لا يبقى ثابتا بل عملية لا تتغير خلالها الأشياء والصفات عشوائيا ، بل تنتقل إلى نقيضها : فيغدو البارد حارا ، والحار باردا ، والرطب جافا ، والجاف رطبا . حتى الشمس تتجدد في كل لحظة . فكل شيء في تغير مستمر : "لا يمكن للإنسان أن يستحم في مياه نهر واحد مرتين ، ففي المرة الثانية تكون المياه القديمة قد تغيرت ، وحلت محلها مياه جديدة" .

وفي الحياة الإنسانية لا يتخذ تحول الشيء إلى نقيضه شكل انتقال بسيط ، بل يتجلى على شكل صراع أو حرب ، وهذا الصراع هو "سيد الأشياء جميعا" . في صراع المتضادات تتكشف وحدتها الداخلية . "فالخالدون زائلون ، والزائلون خالدون ، وحياة البعض موت للآخرين" . والأشياء إذ تتحول إلى ضدها ، تحتفظ في الوقت ذاته بالأساس المشترك ، الذي يجمع الضدية . يقول هراقليطس : "الله نهار وليل ، شتاء وصيف ، حرب وسلم ، شبع وجوع" . وهذا يعني أن الله يبقى ، برغم كل التحولات ، أساسا مشتركا للمتضادات .

ان هراقليطس قد وضع الديالكتيك المادي ، وذلك من خلال التفسير المستمر لجميع الموجودات ، وبصراع الأضداد كسبب للتغير .
وهو يضع الحقيقة في المعرفة العقلانية . فبالعقل نرتفع إلى معرفة قانون الصيرورة . وفي استيعات هذا القانون يكمن واجب الإنسان والطريق الوحيد إلى السعادة .
27-03-2008 07:36 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه



أمبادوكليس (435 – 495 ق. م.) Empedocles


حياته وآثاره :


هو من بلدة أجريجنتا في صقلية ، ولد حوالي 435 وتوفي حوالي 495 ق. م. فقد نسجت حوله جميع أنواع الأساطير . وينسب إليه القيام بمعجزات ، وتناثرت قصص خيالية حول وفاته ، وقد ارتفع بسبب فصاحته إلى مصاف زعامة الديمقراطية في أجريجنتا إلى أن طرد منها نفيا .

وفلسفة امبادوكليس هي فلسفة انتقائية بطابعها . إذ كانت مهمة امبادوكليس التوفيق بين المبادئ المتصارعة في الفلسفة اليونانية . وصهرها في مذهب جديد .


فلسفته (العناصر الأربعة) :


ينطلق امبادوكليس من فكرة بارمنيدس عن الوجود اليقيني الساكن ، الذي لا يتغير ولا يفنى أبدا . لكنه يسلم بكثرة الأشياء التي تتألف من العناصر المادية الأربعة غير المتجانسة : النار والهواء والماء والتراب . يرى أن ظهور الأشياء ليس إلا ائتلافا لهذه المبادئ الأزلية ، التي لا تصدر عن شيء آخر ، والتي هي "جذور الأشياء كلها" ، وليس فسادها إلا انحلال الجسم إلى هذه العناصر المكونة له .

وهكذا فإن كل ما في العالم في ائتلاف وانحلال دائمين . وبالإضافة إلى تلك المبادئ المادية الأولية الأربعة توجد في العالم قوتان محركتان : الحب والكراهية ، بهما يفسر امبادوكليس ظهور مجموعة الأشياء الحسية . بالحب تتآلف الذرات المتشابه ، وبالكراهية تنفصل . فليس الحب والكراهية إلا تجليات داخلنا للقوى الآلية للجذب والتنافر العاملة في العالم .
لقد آمن امبادوكليس بمذهب الدورات العالمية المنتظمة ، لهذا فإن سيرورة العالم دائرية وليست لها بداية أو نهاية .
27-03-2008 07:39 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

ثالثاً : الفيثاغوريون Pythagoreans

فيثاغورس (580 – 500 ق. م.) Pythagoras



حياته وآثاره :


ولد فيثاغورس بين 580 و 500 ق. م. في ساموس وفي حوالي منتصف العمر هاجر إلى كروتونا في جنوب إيطاليا . وهناك أسس الجمعية الفيثاغورية وعاش لعدة سنوات على رأس هذه الجمعية . ولا تعرف على وجه اليقين حياته المتأخرة وتاريخ وفاته .

هذه الجمعية هي في الحقيقة نحلة دينية وخلقية . لقد أخذت عن النحلة الأرفية الإيمان بالتناسخ تناسخ الأرواح . ولقد آمنت النحلة الأرفية بالتحرر من عجلة الحياة وهذا يتم بالاحتفال والطقوس الدينية . فالتربية العقلية وتعليم العلم والفلسفة وبصفة عامة التأمل العقلي للأشياء المطلقة في الكون ذات عون كبير في تحرر النفس . ان الآراء الأخلاقية الفيثاغورية هي آراء طابع ديني وزاهد . لقد أصروا على التطهير الكامل للحياة في أعضاء الطائفة وأصروا على الامتناع عن تناول اللحوم ولقد حرموا أكل البقول وارتدوا زيا خاصا بهم . وقالوا أن الإنسان لا يجب أن يحاول التحرر بالانتحار لأن الإنسان هو ملكية الله .

وقد استهدفوا اخضاع الدولة لنظامهم وقد استحوذوا على حكم كروتونا لفترة قصيرة . وأدى هذا إلى هجمات على الطائفة ومحاكمة أعضائها . وحدثت محاكمة عامة وأحرق المقر العام للجمعية وتشتت الطائفة وقتل أعضاؤها أو نفوا . وحدث هذا بين 440 و 430 ق. م. وبعد هذا بعدة سنوات جرى احياء الجمعية وواصلت أوجه نشاطها .


فلسفته – (الأعداد)

يرى الفيثاغوريون أن هناك صفة واحدة في الأشياء تكون كلية وشاملة في مداها وتنطبق على كل شيء في الكون . ان كل شيء يمكن عده ويمكن حسابه وانه يستحيللا أن نتصور كونا لا نجد فيه العدد . وعلى هذا الأساس يكون العدد هو جانب هام للغاية للأشياء ويشكل جزءا أساسيا في اطار العالم . أي أن الأعداد هي المبدأ الأول للعالم . فالعالم عدد ونغم ومعرفة العالم تعني معرفة الأعداد التي تحكمه والعلاقات الرياضية التي يتحرك بموجبها .

لقد وجهوا الاهتمام إلى التناسب والتناغم باعتبارها النغمات السائدة في الكون . فالتناسب والنظام والتناغم ترتبط تماما بالعدد . فالتناسب مثلا يجب التعبير عنه بعلاقة رقم من الارقام برقم آخر ... فالتناغم الموسيقي قائم على الأعداد وكان الفيثاغوريون أول من اكتشف هذا . ان اختلاف النغمات يرجع إلى اختلاف عدد الأوتار في الآلة الموسيقية والمسافات الموسيقية قائمة على نسب عددية ولما كان الكون عبارة عن تناغم موسيقي فقد رتب الفيثاغوريون على هذا أن الطابع الجوهري للكون هو العدد . اذن أن العدد هو جانب هام للغاية في الكون وأنه أساسي فيه . ان الفيثاغوريون يرون أن المبدأ الأول للأشياء هو العدد . العدد هو أساس العالم أنه الخامة التي يصنع منها العالم .
وتنشأ كل الأعداد من الوحدة وهي العدد الأول وكل عدد هو وحدات كثيرة . اذن الوحدة هي الأولى في نظام الأشياء في الكون .

ونادى الفيثاغوريون أيضا بالسنة الكبرى فيها يظهر العالم وينقضي وتتكرر مثل هذه الفترة (عشرة آلاف سنة) بنفس التطور حتى أصغر التفاصيل .
27-03-2008 07:40 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

رابعاً : الفلسفة ما قبل سقراط Presocrate

يستخدم مسطلح الفلاسفة قبل سقراط Presocratique أو ما قبل السقراطية للإشارة إلى المفكرين فيما قبل زمن سقراط مما حاولوا أن يعرفوا ويبحثوا تركيب العالم وطبيعة الواقع. وهم يتدرجون من "طاليس" – أوئل القرن السادس قبل الميلاد – إلى "ديموقريطس" – في النصف الأخير من القرن الخامس قبل الميلاد – وفد أول الفلاسفة قبل سقراط من أيونيا ، وهي مستعمرة يونانية ، تقع في وسط الساحل الغربي لآسيا الصغرى . وكانت دول المدينة مثل ملطية على إتصال وثيق بالثقافات الأجنبية في مصر وليديا ، وبابل ، وكانت أيونيا وريثة ثقافة أدبية قديمة ترجع إلى ما قبل هوميروس.
وسرعان ما انتشر الاهتمام بالفلسفة عبر البحار ... إذ كان معظم الفلاسفة في تلك الفترة ينتمون إما إلى شرق العالم اليوناني وإما إلى غربه ولن تدخل أثينا في هذا المجال إلا عندما انتقل إليها "انكساغوراس" وافدا من أيونيا في السبعينات من القرن الخامس قبل الميلاد .

وعلى الرغم مما بين الفلاسفة قبل سقراط من اختلاف فيما بين الواحد منهم والآخر ، فهم يؤلفون جماعة على أساس منطقي : بحثهم في المشكلات الكونية . ولقد حول سقراط التفكير التأملي اليوناني إلى اتجاه جديد وذلك برفضه الفيزياء وتركيزه على المسائل الأخلاقية ، أي بحثه عن مشكلة الإنسان ، وكذلك كان السوفسطائيون الذي اتجهوا نحو الإنسان .

إن الفلاسفة الأولين أو محبي الحكمة قد أخضعوا الإنسانية إلى النظر في الواقع الفيزيقي الخارجي أو "الباحثين في الطبيعة" ذلك عندما اتجه اهتمامهم ليعالج المشكلات الأكثر ضخامة وهي التي تتعلق بطبيعة العالم . إن معالجة هذه المشكلات في عبارات وصفية مباشرة هو الذي أعطاهم لقب "فلاسفة" – وعلى الرغم من أن الفلاسفة قبل سقراط نبذوا الكثير من اللغة الأسطورية ، إلا أنهم ظلوا متأثرين في بعض النقاط بما ورثوه من مزاعم عصر ما قبل الفلسفة .
27-03-2008 07:42 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
1 -

الأيونينون Ioniens


نشأت الفلسفة اليونانياة ، في المدن التي شيدها الأغريق بايونية على الساحل الغربي لآسيا الصغرى . وظهرت أولى التعاليم الفلسفية المادية في مدينة ملطية ، كبرى مدن آسيا الصغرى ، على مشارف القرنين السابع والسادس قبل الميلاد . في أواخر القرن السابع وأواخر القرن السادس قبل الميلاد عاش الفلاسفة الثلاثة : طاليس ، وأناكسمندر ، وأناكسيمنس . كان هؤلاء أول من صاغ ، وطور المفاهيم والتنبؤات الفلكية والرياضية والفيزيائية والبيولوجية في اليونان ، ووضعوا عدد من الأجهزة العلمية البسيطة . هذه المعارف شكلت العنصر الأساسي لرؤية فلسفية متكاملة . لقد سعى هؤلاء الفلاسفة إلى البحث عن العلة الأولى للأشياء ... عن معرفة الكون .
27-03-2008 07:44 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
طاليس ( 643 – 550 ق.م. ) Thales

حياته وآثاره :

يعد طاليس مؤسس وأب الفلسفة كلها لقد ولد حوالي 643 ق.م. ومات حوالي 550 ق.م. كان طاليس مشهورا بتعاليمه الرياضية والفلكية ورزانته العملية وحكمته ، وهو واحد من الحكماء السبعة . ويقال أن طاليس تنبأ بحدوث كسوف الشمس عام 585 ق.م. وكان هذا عملا رائعا بالنسبة للفلك في تلك الأزمان . كما كان مهندسا عظيما لأنه قام بتحويل مجرى نهر هاليس . لم تكن هناك كتابة لطاليس وارده .

فلسفته – أصل الوجود الماء :

تتألف فلسفة طاليس من قضيتين :

أولا : أن أصل الأشياء جميعا هو الماء وكل شيء يعود إلى الماء .
ثانيا : أن الأرض قرص مسطح مستوى يطفو على الماء .

والقضية الرئيسية تعني أن الماء هو النوع الأول الواحد للوجود وأن كل شيء آخر في الكون ليس إلا مجرد تغيير للماء .

هذا هو جوهر تعاليم طاليس . أن دلالة طاليس تكمن في أنه كان أول محاولة لشرح الكون على مبادئ طبيعية وعلمية دون اللجوء إلى الأساطير والآلهة المصطبغة بصبغة إنسانية .
بالإضافة إلى ذلك فقط طرح طاليس المشكلة وحدد إتجاه وطابع كل الفلسفة السابقة على سقراط ، ولقد كان التفكير الأساسي في تلك الفترة أن لابد من أن يوجد وراء الكثرة في العالم مبدأ أقصى واحد .

وكانت المشكلة بالنسبة لجميع الفلاسفة من طاليس إلى أنكساجوراس هي طبيعة ذلك المبدأ الأول الذي صدرت منه جميع الأشياء . وكل مذاهبهم هي محاولات للإجابة عن هذا التساؤل .

وهكذا كانت الفترة الأولى أساسا كونية بطابعها ، وكان طاليس هو الذي حدد طابع تلك الفلسفة . وتكمن أهميته في أنه أول من طرح المشكلة .
27-03-2008 07:46 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
انكسماندريس ( 611 – 547 ق.م. )Anaximandre

حياته وآثاره :
كان أنكسماندريس مفكرا جريئا . ولد حوالي عام 611 ق.م. وتوفي حوالي 547 ق.م. وكان من سكان مالطا ، وهو تلميذ لطاليس . وكان أول يوناني يكتب بحثا فلسفيا . ولقد كان بارزا بسبب معرفته الفلكية والجغرافية وهو أول من رسم خريطة للأرض .

فلسفته – اللامتناهي :


اتفق انكسماندريس مع طاليس أن المبدأ الأقصى للأشياء هو مبدأ مادي ولكنه لم يجعله الماء ، بل هو مادة بلا تشكيل وبلا تحديد وبلا ملامح بصفة عامة ، ولهذا فإن هذه المادة هلامية . لقد اعتقد انكسماندريس أن هذه المادة تمتد إلى ما لا نهاية في المكان .

افترض أن المكان مملوء تماما بالمادة ، وهذه المادة الأولى ، غير العينة ، لا حدود لها ، وهي بالتالي اللانهائية Apiron . هذه المادة كانت تتضمن في البدء ، جميع أنواع الأشياء التي صدرت ، فيما بعد عن الحار والبارد وانفصلت بفعل حركة الكرة السماوية اليومية ، وتوضعت في المحيط الكوني تبعا لوزنها وكميتها .

في عملية تشكيل العالم صدر أولا الهواء والماء اللذان غطيا الأرض ، ثم تكونت حول الهواء كرى نارية أحاطت به ، تمزقت هذه الكرة النارية ، فتشكلت النجوم والكواكب ، ولم يبق الماء على حاله قشرة تحيط بالأرض ، فقط تبخر جزء منه بفعل حرارة الشمس ، وانكشف بذلك قاع البحر ، فظهرت اليابسة ، وينتقل أنكسماندريس بعد ذلك إلى ظهرو أشكال الحياة على الأرض من حيوانات وبشر . فكل ما يصدر عن اللامتناهي يعود بمرور الزمن ليحل فيه من جديد ، ولهذا ، يعود السبب إلى ظهور العوالم وفسادها .
27-03-2008 07:48 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
انكسمانس (524 – 558 ق.م. ) Anaximene

حياته وآثاره :

كان أنكسمانس مثل المفكرين السابقين من سكان مدينة مليتس . ولد حوالي 524 ق.م. ومات حوالي 558 لقد كتب رسالة بقيت منه شذرة صغيرة ، لقد اتفق مع سابقيه على أن المبدأ الأول للكون مادى ، لكنه اعتبر أن المادة الأولى هي الهواء .

فلسفته – الهواء :

الهواء في حالة حركية دائمة ، وهذه الحركة تتسبب في تطور الكون من الهواء وعملية التطور تحدد من عمليتين متعاكستين : التخلخل والتكثيف .

أن الهواء بالتخلخل يصبح نارا والنار المتولدة للأعلى على الهواء تصبح النجزم ، وبالعملية العكسية الخاصة بالتكثيف يصبح الهواء أولا سحبا ، وبدرجة أشد يصبح ماء وترابا وصخورا ...

والعالم يدور في مجرى الزمن من جديد ويستحيل إلى هواء أولي . أي أنه قال بنظرية العوالم اللامتناهية وهذه العالم متعاقبة .

والهواء ليس مادة كونية أولى فحسب ، بل ومصدر الحياة والظواهر النفسية . والنفس Psyche عند أنكسمانس ليست إلا تنفسا ، أي استنشاقا للهواء . وقد شبه نفس الحياة ، الذي يحفظ أجسام الحيوانات والإنسان ، بالهواء الذي يحمل النجوم السماوية ، ويملأ الكون كله .

ويرى أنكسمانس أن الكون كله في تغير مستمر ، وأن الأشياء تستطيع أن تكتسب أشكالا متنوعة ، وتتحدد وتفرق بطرق عدة ، بفضل العملة الكونية الشاملة – عملية التخلخل والتكثيف .
27-03-2008 07:54 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

خامساً : فلاسفة يونانيون – Philosophers Grecques

مدارس الفلسفة اليونانية ومناهجها

كان تفكير الإنسان القديم أسطوريا ينبني على الميتوس في تفسير الظواهر الكونية والوجودية، وتفكيرا شاعريا يعتمد على الخيال والمجاز الإحيائي، فإن تفسير الإنسان اليوناني كان تفكيرا عقلانيا يعتمد على البرهان الذهني والمنطق الاستدلالي واللوغوس في فهم الوجود وتفسيره. وإذا كان فيتاغورس هو أول من أطلق كلمة فيلسوف على المشتغل بالحكمة، فإن سقراط هو أول من أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض. وقد ظهرت الفلسفة كما هو معلوم في اليونان ونضجت بالخصوص في عاصمتها أثينا مابين القرنين: السادس والرابع قبل الميلاد مكتوبة باللغة الإغريقية مستهدفة فهم الكون والطبيعة والإنسان وتشخيص سلوكه الأخلاقي والمجتمعي والسياسي وإرساء مقومات المنهج العلمي والبحث الفلسفي والمنطقي. إذا ماهي مميزات الفلسفة اليونانية؟ وماهي أهم الاتجاهات والمدارس والمناهج الفلسفية التي عرفها الفكر اليوناني؟ وماهو السياق المرجعي الذي نشأت فيه هذه الفلسفة؟
27-03-2008 07:57 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
نشــــأة الفلسفـــة اليونانية:

أ‌- العوامــــل التاريخية:

ظهرت الحضارة الإغريقية في بلاد اليونان الكبرى مكتملة الوجود ما بين القرنين الخامس والتاسع قبل الميلاد ، و توحدت كثير من القبائل والمدن داخل كيان الأمة اليونانية بعد أن كانت متفرقة في جزر بحر الإيجه وآسيا الصغرى ومنطقة البلقان وشبه جزيرة المورة وجنوب إيطاليا وصقلية. وقد أطلق على اليونانيين تسمية الإغريق من قبل الرومان ؛لأنهم كانوا يتكلمون الإغريقية، أما هم فقد كانوا يسمون أنفسهم الآخيين ثم الهلينيين.

وقد مرت الحضارة الإغريقية بثلاث مراجل كبرى: العصر الهلنستي ابتداء من 300 ق.م مرورا بالعصر الكلاسيكي الذي يعد أزهى العصور اليونانية في عهد الحاكم الديمقراطي بركليس ،ويمتد هذا العصر من القرن 350 إلى 500 ق.م ليعقبه العصر الأرخي وهو عصر الطغاة والمستبدين الذين حكموا أثينا بالاستبداد ناهيك عن الحكم الإسبرطي العسكري الذي سن سياسة التوسع والهيمنة على جميع مناطق اليونان، كما مد سلطة نفوذه المطلق على أثينا.

وإذا كانت إسبرطة دولة عسكرية منغلقة على نفسها تهتم بتطوير قدرات جيشها على القتال والاستعداد الدائم لخوض المعارك والحروب ، فإن أثينا كانت هي المعجزة الإغريقية تهتم بالجوانب الفكرية والثقافية والاقتصادية. وستعرف أثينا في عهد بريكليس نظاما ديمقراطيا مهما أساسه احترام الدستور وحقوق المواطن اليوناني. وإليكم نصا خطابيا لبركليس يشرح فيه سياسته في الحكم:” إن دستورنا مثال يحتذى، ذلك أن إدارة دولتنا توجد في خدمة الجمهور وليست في صالح الأقلية كما هو الحال لدى جيراننا، لقد اختار نظامنا الديمقراطية.

فبخصوص الخلافات التي تنشأ بين الأفراد فإن العدالة مضمونة بالنسبة للجميع، ويضمنها القانون، وفيما يخص المساهمة في تسيير الشأن العام، فلكل مواطن الاعتبار الذي يناله حسب الاستحقاق، ولانتمائه الطبقي أهمية أقل من قيمته الشخصية، ولايمكن أن يضايق أحد بسبب فقره أو غموض وضعيته الاجتماعية”

وتتميز المدن اليونانية بأنها دول مستقلة لها أنظمتها السياسية والاقتصادية وقوانينها الخاصة في التدبير والتسيير والتنظيم، ومن أهم هذه المدن/ الدول أثينا وإسبرطة.
27-03-2008 07:59 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ب‌- العوامـــل الاقتصادية:

عرفت اليونان نهضة كبرى في المجال الاقتصادي لكونها حلقة وصل بين الشرق والغرب، وكان لأثينا أسطول تجاري بحري يساعدها على الانفتاح والتبادل التجاري بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد ساهم اكتشاف المعادن في تطوير دواليب الاقتصاد اليوناني وخاصة الحديد الذي كان يصهر ويحول إلى أداة للتصنيع . كما نشطت صناعة النسيج والتعدين، وازدهرت الفلاحة كثيرا ، وكان العبيد يسهرون على تفليح الأراضي وزرعها وسقيها وحصد المنتوج الزراعي، وأغلبهم من الأجانب يعيشون داخل المدن اليونانية في وضعية الرق والعبودية. وقد ساعد هذا الاقتصاد المتنامي على ظهور طبقات اجتماعية جديدة إلى جانب طبقة النبلاء كالتجار وأصحاب الصناعات وأرباب الحرف والملاحين الكبار. ونتج عن هذا الازدهار الاقتصادي رخاء مالي واجتماعي وسياسي وفكري، وتبلورت طبقة الأغنياء التي ستتنافس على مراتب الحكم والسلطة وتسيير مؤسسات الدولة التمثيلية لتسيير شؤون البلاد.
27-03-2008 08:00 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ت‌- العوامـــل السياسية:

لم تصل اليونان إلى حضارتها المزدهرة إلا في جو سياسي ملائم لانبثاق مقومات هذه الحضارة. فقد تخلصت الدولة المدينة وخاصة أثينا من النظام السياسي الأوليغارشي القائم على حكم الأقلية من نبلاء ورؤساء وشيوخ القبائل والعشائر الذين كانوا يملكون الإقطاعيات و الأراضي الواسعة التي كان يشتغل فيها العبيد الأجانب. و ثار الأغنياء اليونانيون الجدد على الأنظمة السياسية المستبدة كالنظام الوراثي والحكم القائم على الحق الإلهي أو الحق الأسري .

ومع انفتاح اليونان على شعوب البحر الأبيض المتوسط وازدهار التجارة البحرية ونمو الفلاحة والصناعة والحرف ظهرت طبقات جديدة كأرباب الصناعات والتجار الكبار والحرفيين وساهموا في ظهور النظام الديمقراطي وخاصة في عهد بريكليس وكليستين ، ذلك النظام الحر الذي يستند إلى الدستور وحرية التعبير والتمثيل والمشاركة في الانتخابات على أساس المساواة الاجتماعية ، بل كانت تخصص أجرة عمومية لكل من يتولى شؤون البلاد ويسهر على حل مشاكل المجتمع.
27-03-2008 08:01 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ث‌- العوامــل الجغرافية:

كانت اليونان في القديم من أهم دول البحر الأبيض المتوسط لكونها مهد المدنية والحضارة والحكمة ومرتع العقل والمنطق الإنساني. وإذا استعدنا جغرافيا اليونان إبان ازدهارها فهي تطل جنوبا على جزيرة كريت العظيمة، ويحيطها شرقا بحر إيجة وآسيا الوسطى التي كانت تمد اليونان بمعالمها الحضارية وثقافات الشرق ، وفي الغرب عبر أيونيا تقع إيطاليا وصقلية وإسبانيا، وفي الشمال تقع مقدونيا وهي عبارة عن شعوب غير متحضرة.

وتتشكل اليونان على مستوى التضاريس من جبال شاهقة وهضاب مرتفعة وسواحل متقطعة ووديان متقعرة. وقد قسمت هذه التضاريس بلاد اليونان إلى أجزاء منعزلة وقطع مستقلة ساهمت في تبلور المدن التي كانت لها أنظمة خاصة في الحكم وأساليب معينة في التدبير الإداري والتسيير السياسي. وتحولت المدينة اليونانية إلى مدينة الدولة في إطار مجتمع متجانس وموحد ومتعاون. وتحيط بكل مدينة سفوح الجبال والأراضي الزراعية،وكانت من أشهر المدن اليونانية أثينا وإسبارطة.[2]

وكانت أثينا مهد الفلسفة اليونانية وتقع في شرق إسبارطة ، وموقعها متميز واستراتيجي؛ لأنها الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن آسيا الصغرى، وعبر هذه المدن كانت تنقل حضارة الشرق إلى بلاد اليونان. ومن أهم ركائز أثينا اعتمادها على مينائها وأسطولها البحري. وبين عامي470-490 قبل المسيح ستترك أثينا وإسبرطة صراعيهما وتتوحدان عسكريا لمحاربة الفرس تحت حكم داريوس الذي كان يستهدف استعمار اليونان وتحويلها إلى مملكة تابعة للإمبراطورية الفارسية. ولكن اليونان المتحدة والفتية استطاعت أن تلحق الهزيمة بالجيش الفارسي. وقد شاركت أثينا في هذه الحرب الضروس بأسطولها البحري، بينما قدمت إسبارطة جيشها القوي، وبعد انتهاء الحرب سرحت إسبارطة جيوشها وحولت أثينا أسطولها العسكري إلى أسطول تجاري، ومن ثم أصبحت أثينا من أهم المدن التجارية في حوض البحر الأبيض المتوسط.

هذا، وقد عرفت أثينا نشاطا فكريا وفلسفيا كبيرا بفضل الموقع الجغرافي والنشاط التجاري ونظامها السياسي الديمقراطي وتمتع الأثيني بالحريات الخاصة والعامة وإحساسه بالمساواة والعدالة الاجتماعية في ظل هذا الحكم الجديد . وفي هذا يقول ول ديورانت:” كانت أثينا الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن آسيا الصغرى، فأصبحت أثينا إحدى المدن التجارية العظيمة في العالم القديم، وتحولت إلى سوق كبيرة وميناء ومكان اجتماع الرجال من مختلف الأجناس والعادات والمذاهب وحملت خلافاتهم واتصالاتهم ومنافساتهم إلى أثينا التحليل والتفكير… وبالتدريج تطور التجار بالعلم، وتطور الحساب بتعقيد التبادل التجاري، وتطور الفلك بزيادة مخاطر الملاحة، وقدمت الثروة المتزايدة والفراغ والراحة والأمن الشروط اللازمة في البحث والتأمل والفكر”.
27-03-2008 08:02 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ج‌- العوامـــل الفكرية:

ومع ازدهار الاقتصاد ودمقرطة الحكم السياسي وانفتاح الدولة على شعوب البحر الأبيض المتوسط وانصهار الثقافات انتعشت اليونان ثقافيا وفكريا وتطورت الآداب والفنون و العلوم. ففي مجال الأدب نستحضر الشاعر هوميروس الذي كتب ملحمتين خالدتين: الإلياذة والأوديسة، ونذكر كذلك أرسطو الذي نظر لفن الشعر والبلاغة والدراما التراجيدية في كتابيه: ” فن الشعر” و” فن الخطابة”. وتطور المسرح مع سوفكلوس ويوربيديس وأسخيلوس وأريستوفان، وانتعش التاريخ مع هيرودوت وتوسيديد والتشريع مع الحكيم سولون، وتطور الطب مع أبقراط أب الأطباء ، والرياضيات مع طاليس و المدرسة الفتاغورية ، دون أن ننسى ظهور الألعاب الأولمبية مع البطل الأسطوري هرقل، وتطور الفلسفة مع الحكماء السبعة والفلاسفة الكبار كسقراط وأفلاطون وأرسطو.
27-03-2008 08:04 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ح‌- ظهـــور الفلسفة اليونانية:

لم تظهر الفلسفة اليونانية في البداية إلا في مدينة ملطية الواقعة على ضفاف آسيا الصغرى حيث أقام الأيونيون مستعمرات غنية مزدهرة. وفي هذه المدينة ظهر كل من طاليس وأنكسمندرس وأنكسمانس. وشكلوا مدرسة واحدة في الفلسفة وهي المدرسة الطبيعية أوالمدرسة الكسمولوجية0 وتتسم هذه الفلسفة بكونها ذات طابع مادي ترجع أصل العالم إلى مبدإ حسي ملموس، ولا تعترف بوجود الإله الرباني كما سنجد ذلك عند فلاسفة الإسلام الذين اعتبروا أن العالم مخلوق من عدم وأن الله هو الذي خلق هذا الكون لاستخلاف الإنسان فيه. وبعد ذلك انتقلت الفلسفة اليونانية إلى المناطق الأخرى كأثينا وإيطاليا وصقلية أو ما سيشكل اليونان الكبرى.

و مرت الفلسفة اليونانية في مسارها الفكري بثلاث مراحل أساسية:

1- طور النشأة أو مايسمى بفلسفة ماقبل سقراط،؛

2- طور النضج والازدهار ويمتد هذا الطور من سقراط حتى أرسطو؛

3- طور الجمود والانحطاط و قد ظهر هذا الطور بعد أرسطو وأفلاطون وامتد حتى بداية العصور الوسطى.
27-03-2008 08:07 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


1- المدرسة الطبيعية أو الكوسمولوجية:

ظهرت الفلسفة اليونانية أول ما ظهرت مع الحكماء الطبيعيين الذين بحثوا عن العلة الحقيقية للوجود الذي أرجعوه إلى أصل مادي، وكان ذلك في القرن السابع والسادس قبل الميلاد. وكانت فلسفتهم خارجية وكونية أساسها مادي أنطولوجي تهتم بفهم الكون وتفسيره تفسيرا طبيعيا وكوسمولوجيا باحثين عن أصل الوجود بما هو موجود.

ويعد طاليس( 560-548 ق.م) أول فيلسوف يوناني مارس الاشتغال الفلسفي ، وهو من الحكماء السبعة ومن رواد المدرسة الملطية. وقد جمع بين النظر العلمي والرؤية الفلسفية، وقد وضع طريقة لقياس الزمن وتبنى دراسة الأشكال المتشابهة في الهندسة وخاصة دراسته للمثلثات المتشابهة، ولقد اكتشف البرهان الرياضي في التعامل مع الظواهر الهندسية والجبرية أو مايسمى بالكم المتصل والكم المنفصل . وإذا كان هناك من ينسب ظهور الرياضيات إلى فيتاغواس، فإن كانط يعد طاليس أول رياضي في كتابه” نقد العقل النظري0

وعليه، فطاليس يرجع أصل العالم في كتابه “عن الطبيعة” إلى الماء باعتباره العلة المادية الأولى التي كانت وراء خلق العالم. يؤكد طاليس أن” الماء هو قوام الموجودات بأسرها، فلا فرق بين هذا الإنسان وتلك الشجرة وذلك الحجر إلا الاختلاف في كمية الماء الذي يتركب منها هذا الشيء أو ذاك0

أما أنكسمندريس( 610-545ق.م) تلميذ طاليس وأستاذ المدرسة المالطية فهو يرى أن أصل العالم مادي يكمن في اللامحدود أو اللامتناهي APEIRON، ويعني هذا أن العالم ينشأ عن اللامحدود ويتطور عن اللامتناهي. وقد تصور امتداد هذا اللامتناهي حتى ظهور الكائنات الحية. وقد آمن انكسمندريس بالصراع الجدلي وبنظرية التطور، وقد قال في هذا الصدد عبارته المشهورة:” إن العوالم يعاقب بعضها بعضا على الظلم الذي يحتويه كل منها”. ومن أهم كتبه الفلسفية ” عن الطبيعة”.

وفي المقابل ذهب إنكسمانس في كتابه “عن الطبيعة” يذهب إلى أن الهواء هو أصل الكون وعلة الوجود الأولى.

وإذا انتقلنا إلى هرقليطس، فهو من مواليد 545ق.م و مؤلف كتاب”عن الطبيعة”، ولد في مدينة أفسوس بآسيا الصغرى تبعد قليلا عن ملطية. وتنبني فلسفته على التغير والتحول، أي إن الكون أساسه التغير والصيرورة والتحول المستمر، فنحن حسب هرقليطس لانسبح في النهر مرتين، كما أثبت أن النار هي أساس الكون وعلة الوجود.

أما بارمندس( من مواليد سنة 540 ق.م) فقد نشأ في مدينة إيليا بمنطقة إيطاليا الجنوبية وصقلية، وترتكز نظريته الفلسفية على الثبات والسكون كما هو موضح في كتابه “عن الطبيعة”، أي إن الوجود هو ثابت وساكن ومناقض للصائر والمتغير، ومن ثم فبارميندس فيلسوف الوجود الثابت وقد كتب فلسفته في قصيدة شعرية وقد قال : الوجود كائن واللاوجود غير كائن”. ومن هنا نستنتج أن أصل الكون الحقيقي عند بارمندس هو الوجود.

أما أمبادوقليس فقد ولد في مدينة أجريجينتا بجزيرة صقلية، وعاش في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد ، وتوفي تقريبا في عام 435 ق.م، وكانت ولادته على وجه التقريب في 490 ق.م، ومن مؤلفاته كتاب “التطهيرات” وهو أقرب إلى كتاب الأساطير والمعاني الدينية منها إلى الفكر العلمي ، و ألف قصيدة فلسفية في قالب شعري “حول الطبيعة” على غرار قصيدة بارمنديس.

ويثبت أنبادوقليس أن الكون أصله الأسطقسات الأربعة: النار والهواء والماء والأرض( التراب). وقد أضاف العنصر الخامس وهو أميل إلى اللطف والسرعة وهو الأثير. وكل عنصر من هذه العناصر تعبر عن آلهة أسطورية خاصة.

ويذهب أكزينوفانوس المتوفى سنة 480ق.م إلى أن أصل الكون هو التراب أو الأرض.

وقد ذهب أنكساغوراس إلى أن أصل الكون هو عدد لا نهاية له من العناصر أو البذور يحركها عقل رشيد بصير.

أما المذهب الذري الذي يمثله كل من ديمقريطيس ولوقيبوس فيرى أن أصل العالم هو الذرات.

ويلاحظ على المدرسة الطبيعة أنها مدرسة مادية تهتم بالطبيعة من منظار كوني ، ويتميز المنهج التحليلي عندهم بالخلط بين العقل و الأسطورة والشعر والتحليل الميتافيزيقي.
27-03-2008 08:08 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


2- المدرسة الفيتاغورية:

تنسب المدرسة الفيتاغورية إلى العالم الرياضي اليوناني الكبير فيتاغورس الذي يعد أول من استعمل كلمة فيلسوف، وكانت بمعنى حب الحكمة، أما الحكمة فكانت لاتنسب سوى للآلهة. ويذهب فيتاغورس إلى أن العالم عبارة عن أعداد رياضية ، كما أن الموجودات عبارة عن أعداد، وبالتالي فالعالم الأنطولوجي عنده عدد ونغم. وتتسم الفيتاغورية بأنها مذهب ديني عميق الرؤية والشعور، كما أنها مدرسة علمية تعنى بالرياضيات والطب والموسيقا والفلك. وقد طرحت الفيتاغورية كثيرا من القضايا الحسابية والهندسية موضع نقاش وتحليل. كما أن الفيتاغورية هيئة سياسية تستهدف تنظيم المدينة /الدولة على أيدي الفلاسفة الذين يحتكمون إلى العقل والمنهج العلمي.
27-03-2008 08:09 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


3- المدرسة السفسطائية أو مدرسة الشكاك:

ظهرت المدرسة السفسطائية في القرن الخامس قبل الميلاد بعدما أن انتقل المجتمع الأثيني من طابع زراعي إقطاعي مرتبط بالقبيلة إلى مجتمع تجاري يهتم بتطوير الصناعات وتنمية الحرف والاعتماد على الكفاءة الفردية والمبادرة الحرة. وأصبح المجتمع في ظل صعود هذه الطبقة الاجتماعية الجديدة (رجال التجارة وأرباب الصناعات) مجتمعا ديمقراطيا يستند إلى حرية التعبير والاحتكام إلى المجالس الانتخابية والتصويت بالأغلبية. ولم يعد هناك ما يسمى بالحكم الوراثي أو التفويض الإلهي، بل كل مواطن حر له الحق في الوصول إلى أعلى مراتب السلطة. لذلك سارع أبناء الأغنياء لتعلم فن الخطابة والجدل السياسي لإفحام خصومهم السياسيين. وهنا ظهر السفسطائيون ليزودوا هؤلاء بأسلحة الجدل والخطابة واستعمال بلاغة الكلمة في المرافعات والمناظرات الحجاجية والخطابية. وقد تحولت الفلسفة إلى وسيلة لكسب الأرباح المادية ولاسيما أن أغلب المتعلمين من طبقة الأغنياء.

ومن أهم الفلاسفة السفسطائيين نذكر جورجياس وكاليكيس وبروتاغوراس. وقد سبب هذا التيار الفلسفي القائم على الشك والتلاعب اللفظي وتضييع الحقيقة وعدم الاعتراف بها في ظهور الفيلسوف سقراط الذي كان يرى أن الحقيقة يتم الوصول إليها ليس بالظن والشك والفكر السفسطائي المغالطي، بل بالعقل والحوار الجدلي التوليدي واستخدام اللوغوس والمنطق.
27-03-2008 08:10 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


4- المدرسة السقراطية:

يعد سقراط ( 486-399م) أب الفلاسفة اليونانيين، وقد أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض. ويعني هذا أن الحكماء الطبيعيين ناقشوا كثيرا من القضايا التي تتعلق بالكون وأصل الوجود وعلته الحقيقية التي كانت وراء انبثاق هذا العالم وهذا الوجود الكوني. وعندما ظهر سقراط غير مجرى الفلسفة فحصرها في أمور الأرض وقضايا الإنسان والذات البشرية فاهتم بالأخلاق والسياسة . وقد ثار ضد السفسطائيين الذين زرعوا الشك والظن ودافع عن الفلسفة باعتبارها المسلك العلمي الصحيح للوصول إلى الحقيقة وذلك بالاعتماد على العقل والجدل التوليدي والبرهان المنطقي. والهدف من الفلسفة لدى سقراط هو تحقيق الحكمة وخدمة الحقيقة لذاتها، وليس الهدف وسيلة أو معيارا خارجيا كما عند السفسطائيين الذين ربطوا الفلسفة بالمكاسب المادية والمنافع الذاتية والعملية. وكان سقراط ينظر إلى الحقيقة في ذات الإنسان وليس في العالم الخارجي، وما على الإنسان إلا أن يتأمل ذاته ليدرك الحقيقة ،لذالك قال قولته المأثورة :” أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك”.
27-03-2008 08:11 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


4- المدرسة المثالية الأفلاطونية:

جاء أفلاطون بعد سقراط ليقدم تصورا فلسفيا عقلانيا مجردا ولكنه تصور مثالي ؛ لأنه أعطى الأولوية للفكر والعقل والمثال بينما المحسوس لا وجود له في فلسفته المفارقة لكل ماهو نسبي وغير حقيقي. ولأفلاطون نسق فلسفي متكامل يضم تصورات متماسكة حول الوجود والمعرفة والقيم.

وقد قسم أفلاطون العالم الأنطولوجي إلى قسمين: العالم المثالي والعالم المادي، فالعالم المادي هو عالم متغير ونسبي ومحسوس. وقد استشهد أفلاطون بأسطورة الكهف ليبين بأن العالم الذي يعيش فيه الإنسان هو عالم غير حقيقي، وأن العالم الحقيقي هو عالم المثل الذي يوجد فوقه الخير الأسمى والذي يمكن إدراكه عن طريق التأمل العقلي والتفلسف. فالطاولة التي نعرفها في عالمنا المحسوس غير حقيقية، أما الطاولة الحقيقية فتوجد في العالم المثالي. و توجد المعرفة الحقيقية في عالم المثل الذي يحتوي على حقائق مطلقة ويقينية وكلية، أما معرفة العالم المادي فهي نسبية تقريبية وجزئية وسطحية، كما تدرك المعرفة في عالم المثل عن طريق التفلسف العقلاني، ومن هنا، فالمعرفة حسب أفلاطون تذكر والجهل نسيان. ويعني هذا أننا كلما ابتعدنا عن العالم المثالي إلا وأصابنا الجهل، لذا فالمعرفة الحقيقية أساسها إدراك عالم المثل وتمثل مبادئه المطلقة الكونية التي تتعالى عن الزمان والمكان. ومن ثم، فأصل المعرفة هو العقل وليس التجربة أو الواقع المادي الحسي الذي يحاكي عالم المثال محاكاة مشوهة.

وعلى مستوى الأكسيولوجيا، فجميع القيم الأخلاقية من خير وجمال وعدالة نسبية في عالمنا المادي ، ومطلقة حقيقية في عالم المثل المطلق والأزلي.

ويؤسس أفلاطون في” جمهوريته الفاضلة ” مجتمعا متفاوتا وطبقيا، إذ وضع في الطبقة الأولى الفلاسفة والملوك واعتبرهم من طبقة الذهب، بينما في الطبقة الثانية وضع الجنود وجعلهم من طبقة الفضة، أما الطبقة السفلى فقد خصصها للعبيد وجعلهم من طبقة الحديد؛ لأنهم أدوات الإنتاج والممارسة الميدانية. ويعني هذا أن أفلاطون كان يأنف من ممارسة الشغل والعمل اليدوي والممارسة النفعية، وكان يفضل إنتاج النظريات وممارسة الفكر المجرد. كما طرد أفلاطون الشعراء من جمهوريته الفاضلة؛ لأنهم يحاكون العالم النسبي محاكاة مشوهة، وكان عليهم أن يحاكوا عالم المثل بطريقة مباشرة دون وساطة نسبية أو خادعة تتمثل في محاكاة العالم الوهمي بدل محاكاة العالم الحقيقي.

وهكذا يتبين لنا أن فلسفة أفلاطون فلسفة مثالية مفارقة للمادة والحس، تعتبر عالم المثل العالم الأصل بينما العالم المادي هو عالم زائف ومشوه وغير حقيقي. كما تجاوز أفلاطون المعطى النظري الفلسفي المجرد ليقدم لنا تصورات فلسفية واجتماعية وسياسية في كتابه” جمهورية افلاطون”[8]. ويلاحظ أيضا أن التصور الأفلاطوني يقوم على عدة ثنائيات: العالم المادي في مقابل العالم المثالي، وانشطار الإنسان إلى روح من أصل سماوي وجسد من جوهر مادي، وانقسام المعرفة إلى معرفة ظنية محسوسة في مقابل معرفة يقينية مطلقة. وعلى المستوى الاجتماعي، أثبت أفلاطون أن هناك عامة الناس وهم سجناء الحواس الظنية و الفلاسفة الذين ينتمون إلى العالم المثالي لكونهم يتجردون من كل قيود الحس والظن وعالم الممارسة.
27-03-2008 08:12 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


5- مدرسة أرسطو المادية:

يعد أرسطو فيلسوفا موسوعيا شاملا ، وكانت فلسفته تنفتح على كل ضروب المعرفة والبحث العلمي، إذ يبحث في الطبيعة والميتافيزيقا والنفس وعلم الحياة والسياسة والشعر وفن الخطابة والمسرح. وقد وضع المنطق الصوري الذي كان له تأثير كبير على كثير من الفلاسفة إلى أن حل محله المنطق الرمزي مع برتراند راسل ووايتهاد.

يذهب أرسطو إلى أن العالم الحقيقي هو العالم الواقعي المادي، أما العالم المثالي فهو غير موجود. وأن الحقيقة لا توجد سوى في العالم الذي نعيش فيه وخاصة في الجواهر التي تدرك عقلانيا. ولا توجد الحقيقة في الأعراض التي تتغير بتغير الأشكال. أي إن الحقيقي هو الثابت المادي، أما غير الحقيقي فهو المتغير المتبدل. ولقد أعطى أرسطو الأولوية لما هو واقعي ومادي على ماهو عقلي وفكري. ومن هنا عد أرسطو فيلسوفا ماديا اكتشف العلل الأربع: العلة الفاعلة والعلة الغائية والعلة الصورية الشكلية والعلة المادية. فإذا أخذنا الطاولة مثالا لهذه العلل الأربع، فالنجار يحيل على العلة الفاعلة والصانعة، أما الخشب فيشكل ماهية الطاولة وعلتها المادية، أما صورة الطاولة فهي العلة الصورية الشكلية، في حين تتمظهر العلة الغائية في الهدف من استعمال الطاولة التي تسعفنا في الأكل والشرب.
27-03-2008 08:12 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


6- المدرسة الرواقية:

تعتمد المدرسة الرواقية التي ظهرت بعد فلسفة أرسطو على إرساء فن الفضيلة ومحاولة اصطناعها في الحياة العملية، ولم تعد الفلسفة تبحث عن الحقيقة في ذاتها ، بل أصبحت معيارا خارجيا تتجه إلى ربط الفلسفة بالمقوم الأخلاقي، وركز الكثيرون دراساتهم الفلسفية على خاصية الأخلاق كما فعل سنيكا الذي قال:” إن الفلسفة هي البحث عن الفضيلة نفسها، وبهذا تتحقق السعادة التي تمثلت في الزهد في اللذات ومزاولة التقشف والحرمان”.[9] وقد تبلور هذا الاتجاه الفلسفي الأخلاقي بعد موت أرسطو وتغير الظروف الاجتماعية والسياسية حيث انصرف التفكير في الوجود إلى البحث في السلوك الأخلاقي للإنسان.

هذا، وقد ارتبطت المدرسة الرواقية بالفيلسوف زينون (336-264ق.م) الذي اقترنت الفلسفة عنده بالفضيلة واستعمال العقل من أجل الوصول إلى السعادة الحقيقية. وتعد الفلسفة عند الرواقيين مدخلا أساسيا للدخول إلى المنطق والأخلاق والطبيعة. وقد كان المنطق الرواقي مختلفا عن المنطق الأرسطي الصوري، وقد أثر منطقهم على الكثير من الفلاسفة والعلماء.
27-03-2008 08:13 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


7- المدرسة الأبيقورية:

تنسب الفلسفة الأبيقورية إلى أبيقور(341-270 ق.م)، وتتميز فلسفته بصبغة أخلاقية عملية، وترتبط هذه الفلسفة باللذة والسعادة الحسية . وتسعى الفلسفة في منظور هذه المدرسة إلى الحصول على السعادة باستعمال العقل التي هي غاية الفلسفة يخدمها المنطق وعلم الطبيعة. أي إن المنطق هو الذي يسلم الإنسان إلى اليقين الذي به يطمئن العقل والذي بدوره يؤدي إلى تحقيق السعادة. ويهدف علم الطبيعة إلى تحرير الإنسان من مخاوفه وأحاسيسه التي تثير فيه الرعب. ويعني هذا أن الفلسفة لابد أن تحرر الإنسان من مخاوفه وقلقه والرعب الذي يعيشه في الطبيعة بسبب الظواهر الجوية والموت وغير ذلك
27-03-2008 08:14 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


8- المدرسة الإسكنـــدرية:

انتقلت الفلسفة إلى مدينة الإسكندرية التي بناها الإسكندر المقدوني إبان العصر الهيليني، وكانت مشهورة بمكتبتها العامرة التي تعج بالكتب النفيسة في مختلف العلوم والفنون والآداب. ومن أشهر علماء هذه المدرسة أقليديس وأرخميديس واللغوي الفيلولوجي إيراتوستن. وقد انتعشت هذه المدرسة في القرون الميلادية الأولى وامتزجت بالحضارة الشرقية مع امتداد الفكر الديني والوثني وانتشار الأفكار الأسطورية والخرافية والنزعات الصوفية.

ومن مميزات هذه المدرسة التوفيق بين آراء أفلاطون المثالية وأرسطو المادية، والتشبع بالمعتقدات الدينية المسيحية واليهودية والأفكار الوثنية من زرادشتية ومانوية وبوذية، والفصل بين العلم والفلسفة بعد ظهور فكرة التخصص المعرفي.، والاهتمام بالتصوف و التجليات العرفانية والغنوصية والانشغال بالسحر والتنجيم والغيبيات والإيمان بالخوارق.

وقد تشبعت الفلسفة الأفلاطونية بهذا المزيج الفكري الذي يتجسد في المعتقدات الدينية والمنازع الصوفية وآراء الوثنية، فنتج عنها فلسفة غربية امتزجت بالطابع الروحاني الشرقي، وذلك من أجل التوفيق بين الدين والفلسفة. بيد أن الذين كانوا يمارسون عملية التوفيق كانوا يعتقدون أنهم يوفقون بين أرسطو وأفلاطون، ولكنهم كانوا في الحقيقة يوفقون بين أفلاطون وأفلوطين؛ مما أعطى هجينا فكريا يعرف بالأفلوطينية الجديدة. ومن أشهر فلاسفة المدرسة الإسكندرية نستحضر كلا من فيلون وأفلوطين اللذين كانت تغلب عليهما النزعة الدينية والتصور المثالي في عملية التوفيق. وتتميز فلسفة أفلوطين بكونها عبارة عن” مزيج رائع فيه قوة وأصالة بين آراء أفلاطون والرواقيين وبين الأفكار الهندية والنسك الشرقي والديانات الشعبية المنتشرة آنذاك.

والطابع العام لفلسفته هو غلبة الناحية الذاتية فيها على الناحية الموضوعية، فهي فلسفة تمتاز بعمق الشعور الصوفي والمثالية الأفلاطونية ووحدة الوجود الرواقية، وكلها عناصر يقوي بعضها بعضا ويشد بعضها بأزر بعض، حتى لتخال وأنت تقراها كأنك أمام شخص لا خبرة له بالعالم الموضوعي أو يكاد. فالمعرفة عنده وعند شيعته تبدأ من الذات وتنتهي إلى الله دون أن تمر بالعالم المحسوس؛ هذه المعرفة الذاتية الباطنية هي كل شيء عندهم”
27-03-2008 08:17 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

سادساَ : الفلسفة الإسلامية

عرف المسلمون الفلسفة من خلال اليونانيين. فقد ذكر الخوارزمي (ت 387هـ، 997م) في مفاتيح العلوم "أن الفلسفة مشتقة من كلمة يونانية وهي فيلاسوفيا وتفسيرها محبة الحكمة،فلما عُرّبت قيل: فيلسوف، ثم اشتقت الفلسفة منه، ومعنى الفلسفة علم حقائق الأشياء والعمل بما هو أصلح. وتنقسم إلى قسمين أحدهما الجزء النظري والآخر الجزء العملي. ومنهم من جعل المنطق قسمًا ثالثًا غير هذين، ومنهم من جعله جزءًا من أجزاء العلم النظري، ومنهم من جعله آلة للفلسفة، ومنهم من جعله جزءًا منها وآلة لها.


ما الفلسفة الإسلامية؟؟:

يرى بعض الفلاسفة أنها مجموعة الأفكار التي ارتآها الكندي والفارابي وابن سينا ومن سار على نهجهم في الله والعالم والنفس الإنسانية،.ويرى ابن رشد (ت 595هـ، 1198م) في فصل المقال ¸أن النظر في كتب القدماء ـ يقصد بالقدماء هنا فلاسفة اليونان مثل أفلاطون وأرسطو ـ واجب بالشرع، إن كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه، وأن من نهى عن النظر فيها من كان أهلاً للنظر فيها ـ وهو الذي جمع بين أمرين: أحدهما: ذكاء الفطرة، والثاني: العدالة الشرعية، والفضيلة العلمية والخلقية ـ فقد صد الناس عن الباب الذي دعا الشرع منه الناس، إلى معرفة الله، وهو باب النظر المؤدّي إلى معرفته حق المعرفة، وذلك غاية الجهل والبعد عن الله تعالى·. فالفلسفة عند ابن رشد تفتح باب العلم بالله ومعرفته حق المعرفة.

ويرى ابن خلدون (ت 808هـ، 1406م) في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفها قائلاً: ¸بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.· ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على الشرعيات من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها·.

ولعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. من هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.

ويذهب الكندي (ت نحو 260هـ، 873م) إلى أن الفلسفة هي علم الحق الأول الذي هو علة كل حق، ولذلك يجب أن يكون الفيلسوف التام الأشرف هو المرء المحيط بهذا العلم الأشرف لأن علم العلة في نظره أشرف من علم المعلول، والعلم التام هو علم العلة. ويرى الفارابي (ت 339هـ، 950م) أن الفلسفة هي العلم بالموجودات بما هي موجودة ويقسمها إلى حكمة إلهية وطبيعية ورياضية ومنطقية. ويعطيها الشيخ الرئيس ابن سينا (ت428هـ، 1037م) طابعًا نفسيًا فيقول: الحكمة استكمال النفس الإنسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعملية على قدر الطاقة الإنسانية. ويقسم الحكمة كذلك إلى نظرية يتعلمها الإنسان، ولا يعمل بها، وحكمة عملية مدنية ومنزلية وأخلاقية. وحول هذه المفاهيم، كان يتناول فلاسفة الإسلام الفلسفة مقتفين أثر الأساتذة القدماء من حكماء اليونان. فكانوا تارة يقتربون من أساتذة اليونان وتارة يبتعدون عنهم، ولم ينتهجوا منهجًا مستقلاً في التفلسف ولم يخالفوا رأي القدماء إلا في المسائل التي تخرجهم من ملة الإسلام، وظلوا أساتذة في هذا العلم في ظل أساتذة الفلسفة السابقين.
27-03-2008 08:18 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
متى نشأت الفلسفة الإسلامية وكيف ؟؟؟


إذا كانت كلمة فلسفة يونانية الأصل وكان المسلمون قد نظروا في فلسفة اليونان، فكيف وصلت الفلسفة إلى المسلمين مع فارق المسافة والثقافة واللغة؟ وهل كان علم الحق الأول عند المسلمين مستخرجًا من الكتاب والسنة؟ أو أن هناك مؤثرات أخرى جعلت من اتجه من المسلمين يتجه صوب الفلسفة؟ الشاهد التاريخي يقول إن القرآن والسنة لم يدفعا المسلمين إلى التفلسف ـ إلا من باب التأمُّل الذي أمروا به ـ بل كانت هناك مؤثرات خارجية وفدت إلى ديار المسلمين إثر عصور الترجمة، وحاول العلماء الذين خاضوا في هذه العلوم الجديدة الوافدة التوفيق بين رصيدهم من العلوم النقلية الشرعية وبين العلوم العقلية الفلسفية المنقولة باللغة السريانية أو العبرانية عن اللغة اليونانية. وقد أثْرت حركة الترجمة الحياة العلمية عند المسلمين خاصة في مجال العلوم الطبيعية. لكن على الرغم من ذلك فإن هناك بعض الملاحظات التي أبداها علماء المسلمين على حركة الترجمة، منها أن المترجمين لم يكونوا من أهل الاختصاص في العلوم التي نقلوها وحدث ما كان يخشاه علماء المسلمين من التصحيف والتحريف في اللغة المنقول منها واللغة المنقول إليها، وكان ذلك أشد وضوحًا فيما نقلوه من الفلسفة اليونانية. إن المترجمين نقلوا ـ مثلاً ـ كتاب الربوبية لأفلوطين ونسبوه خطأً لأرسطو. وغلب على ظن كثير من متفلسفة الإسلام أن الربوبية حقيقة لأرسطو ووقعوا في مغالطات الذين كانوا يقولون بالتوفيق بين الفلسفة والدين، والعقل والنقل. ومن ناحية أخرى، فإن بعض المترجمين كانوا قومًا أهل دين: منهم النساطرة النصرانيون الذين كانوا ينشرون النصرانية في كل محفل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ومنهم اليهود الذين كانوا يرون في الإسلام مزاحمًا ومنافسًا فكريًا فأرادوا أن يستبعدوه ليخلو لهم الجو. هذا فيما يتعلق بالعلوم النظرية، أما العلوم التطبيقية، فقد برع فيها المسلمون واستفادوا أيما فائدة من الترجمات والشروح على الترجمات التي وصلت إليهم من العلوم اليونانية عن طريق السريانية. ظهرت هذه الترجمات بعد الفتوحات الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي ولم يكن دور العصر الأموي كبيرًا في الترجمة إلا أن العصر العباسي كان عصر الترجمة الزاهر.
27-03-2008 08:19 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
حركة الترجمة في العصر الأموي


لم يؤدِّ الأمويون دورًا كبيرًا في حركة الترجمة، بل كان دورهم ثانويًا إبان الفتوحات الإسلامية لأنهم كانوا حريصين على حماية الثغور وفتح البلدان وتأمين الدولة الجديدة، ما عدا الدور الذي أدَّاه خالد بن يزيد الذي ترك الإمارة والحكم وكرّس جهده للطب وترجمة كتب الكيمياء والطب إلى العربية. وظهر في هذا العصر الطبيب ما سرجويه، وكان ينقل من السريانية إلى العربية. ودارت في هذا العصر مناقشات وجدال حول الإمامة والجبر والاختيار كانت إرهاصًا بظهور الفرق الإسلامية فيما بعد.
27-03-2008 08:20 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
حركة الترجمة في العصر العباسي

بدأت الترجمة في هذا العصر في خلافة المنصور ونشطت حركة الترجمة من اليونانية إلى السريانية وظهرت أسماء بعض المترجمين في هذا العصر أمثال سرجيوس الرأس عيني أو الرسعني الذي ترجم آثار جالينوس في الطب والأخلاق وآثار أرسطو المنطقية إلى السريانية، وعبدالله بن المقفع الذي ترجم من الفارسية إلى العربية حكايات كليلة ودمنة، وقيل إنه ترجم بعض كتب أرسطو في المنطق. وازدهرت حركة الترجمة في عصر المأمون إذ إنه أسس في بغداد مدرسة الحكمة أو بيت الحكمة سنة 217هـ، 832م وائتمن يحيى بن ماسويه عليه، وخلف يحيى تلميذه الشهير حنين بن إسحق في الفترة الواقعة بين سنة 194-260هـ، 809-873م، وكان حنين أشهر مترجم للمؤلفات اليونانية إلى السريانية والعربية دون منازع، وكذلك كان ابنه إسحاق بن حنين وابن أخيه حبيش بن الحسن. ومن الأسماء التي لمعت في فن الترجمة يحيى بن البطريق (مطلع القرن التاسع الميلادي) وعبد المسيح بن عبدالله بن ناعمة الحمصي (النصف الأول من القرن التاسع)، وهو الذي كان مساعدًا للفيلسوف الكندي وقد ترجم لأرسطو، وإليه يرجع الفضل في ترجمة كتاب الربوبية (إثولوجيا) المنسوب إلى أرسطو وكان قد وضعه أفلوطين الإسكندري. وكذلك لمع اسم قسطا بن لوقا البعلبكي، وقد كان طبيبًا وفيلسوفًا وفيزيائيًا معروفًا ترجم شروح الإسكندر الأفروديسي ويوحنا فيلويون على كتاب الطبيعة لأرسطو. وله شروح جزئية للكون والفساد لأرسطو، وله رسالة في الفرق بين الروح والعقل، وله بحوث في الشفاء شبيهة بعلم النفس المعاصر. وفي القرن العاشر الميلادي، ظهرت أسماء مثل أبي بشر متى القنائي (ت 329هـ،940م) والفيلسوف النصراني يحيى بن عدي صاحب تهذيب الأخلاق (ت 364هـ، 974م) وتلميذه أبي الخير بن الخمار (ولد 331هـ، 942م). وقد ظهرت في هذا العصر مدرسة الرَّهَا وكانت تضم صابئة حران الذين كانوا يدينون بالمعتقدات الكلدانية القديمة ويهتمون بالدراسات الرياضية والفلكية والروحية بالإضافة إلى الأفلاطونية الفيثاغورثية المحدثة. ومن أشهر المترجمين في مدرسة الرها ثابت بن قرة، وقد ترجم العديد من المؤلفات الرياضية والفلكية.
27-03-2008 08:21 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
اشتغال المسلمين بالفلسفة

لم يهتم المسلمون بالآداب اليونانية لأنها كانت وثنية في مبدئها ومنتهاها فلم يحفلوا بها كثيرًا. وكانت معرفتهم بالفلسفة اليونانية عن طريق بلوتارك الذي نقل عن ديوجين اللايرتي، وفرفوريوس، وجالينوس. ولذلك كانت معرفتهم بالفلسفة السابقة لسقراط مزيجًا من الأساطير والخرافات التي نسبوها إلى فلاسفة اليــونان المتأخــرين في مدرسة الإسكندرية.

وقد عرف المسلمون الفلاسفة الذين جاءوا قبل سقراط كأنبا دقليس الذي كانوا يسمونه ابن دقليس، وديموقريطس وفيثاغورث، وكذلك عرفوا السوفسطائيين أمثال بروتاغوراس وجورجياس وعرفوا سقراط عن طريق ما كتبه عنه إسكانوفان في التعاليق وكتبوا عن سيرة سقراط وموته ودفاعه عن فكره حتى موته.

وكذلك عرفوا أفلاطون واعتبروه أقرب الفلاسفة إليهم لأنه تكلم عن الخلق الإلهي وأثبت وجود الصانع وبرهن على وجود النفس وخلودها وكان تأثيره فيهم كبيرًا. تأثر به الكندي والفارابي وابن سينا وكل التيار الإشراقي الصوفي ومن دار في فلكهم. وتأثر هؤلاء أيضًا بأفلوطين صاحب الأفلاطونية المحدثة والمذهب الإشراقي. وقد كان أرسطو مثار إعجاب فلاسفة الإسلام إذ إنهم، كما كانوا يجلّون أفلاطون الإلهي، أصبحوا يقدرون أرسطو العقلي إعجابًا بعلمه وعقله وإجلالاً لفلسفته. لكنهم وضعوا حول سيرته روايات وأساطير قصصية كانت من عمل مدرسة الإسكندرية والسريان المتأخرين، ونُسبت إليه كتب كثيرة لم تكن من تأليفه، نذكر منها على سبيل المثال، كتاب التفاحة وكتاب الربوبية واشتغلوا بكتبه كثيرًا لا سيما كتب المنطق، وكذلك عرفوا كتبه في الأخلاق والطبيعيات والسياسة. وقام فلاسفة الإسلام بمحاولة الجمع بين رأي الحكيمين أفلاطون وأرسطو. وعندما توغل المسلمون في الفلسفة وفي شروح أرسطو ومنطقه وأقيسته وأصبحوا أساتذة وطال باعهم في التفلسف، حصلت في القرن الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين حركة ترجمة عكسية من العربية إلى اللاتينية. وقد أثرت هذه الترجمات على الفكر الأوروبي وأعادت إلى الأوروبيين التراث اليوناني مزيدًا ومنقحًا ومشروحًا ومعلقًا عليه، ونشأت مدرسة أوروبية في العصور الوسطى تُسمى بالرشدية لقيامها على آراء الفيلسوف المسلم ابن رشد الذي كانوا يعرفونه بأفروس وعرفوا ابن سينا بأفيسينا، وكان كتاب القانون في الطب لابن سينا يدرَّس في جامعات فرنسا إلى القرن الثالث عشر الميلادي كما عرفته أيضًا قاعات أكسفورد إلى نهاية القرن الثالث عشر الميلادي. وقد كانت الفلسفة الإسلامية الجسر الذي نقل الفلسفة اليونانية إلى أوروبا.
27-03-2008 08:23 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
تأثير الفلسفة في المتكلمين


كان المتكلمون يدافعون عن العقيدة ويقارعون الخصوم الحجة بالحجة. وعندما شاع الاشتغال بالفلسفة والمنطق اليوناني، خاضوا في مسائل المنطق للدفاع عن العقيدة، ومنهم من لم تعجبه أساليب اليونان ففضل أساليب القرآن في الحجاج ومقارعة الخصوم، ومنهم من اشتغل بالمنطق وقضاياه باعتباره أداة من أدوات المعرفة. وكانت لهم مآخذ على منطق أرسطو وخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ، 1328م) الذي قال إن منطق أرسطو لا يحتاج إليه الذكي ولا يستفيد منه الغبي لأنه تحصيل حاصل، وذكر أن المنطق يتأثر باللغة، وكذلك منطق اليونان قد تأثر باللغة اليونانية بكل ما فيها من وثنيات، ولذلك يُخشى على من ليس لهم علم بذلك من معاطب الطريق. نخلص من هذا إلى أن تأثير الفلسفة في المتكلمين وفي علماء المسلمين لم يكن تأثير الأستاذ على التلميذ، كما تدّعي بعض الدوائر الاستشراقية، بل هو في جملته تأثير عكسي، تأثير الذي يريد أن يعرف الشر لكي لا يقع فيه، وقد عرفوا لهم الفضل وحفظوه فيما ليس فيه شر
27-03-2008 08:24 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
بعض قضايا الفلسفة الإسلامية

من المشكلات التي تعرَّض لها فلاسفة الإسلام بالجدال مشكلة إثبات وجود الله ، وصفاته ووجود العالم أحادث هو أم قديم، ومشكلة النفس الإنسانية، وهل هي موجودة وخالدة أم فانية؟ لقد تصدى الفلاسفة المسلمون لهذه المشكلات ودخل بعضهم في بطون فلاسفة اليونان ولم يستطيعوا أن يخرجوا منها، وظل فكر كثير منهم أسير التصورات اليونانية. ومن الذين تصدوا للدفاع عن الفلسفة والخوض في مسائلها الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد. وفيما يلي بعض آرائهم في هذه المشكلات الفلسفية
27-03-2008 08:26 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
القضية الأولى الله

تناقش هذه القضية من خلال آراء الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد. أما الكندي فيعرف بأنه فيلسوف العرب لأن جذوره تمتد إلى أصل عربي قحطاني، كان أبوه من ملوك كندة بالعراق. عرف الكندي الاعتزال فكان من متكلمي المعتزلة وعرف الفلسفة عن طريق الترجمة، وقيل كان يعرف اليونانية وترجم عن اليونانية، وكانت له علاقة بابن ناعمة الحمصي. وقد كان له اطلاع واسع على الترجمات العربية للكتب اليونانية وبخاصة فلسفة أرسطو كما أنه صحح بعض الترجمات وراجعها وألَّف رسالة في الفلسفة الأولى، وهي في البحث عن الإلهيات، وهي عنده من أشرف العلوم لأنها علم الحق. فالله عنده هو العلة الأولى، وهو الفاعل الأول والمتمم لكل شيء ومؤيِّس الكل عن ليس، والأيْسُ هو الوجود وضده اللّيْس وهو العدم، فالله هو موجد الكل من العدم. وقد تأثر الكندي في هذه الرسالة بكتاب الربوبية (إيثولوجيا) المنسوب لأرسطو، وهو كتاب يبحث في الإلهيات كتبه أفلوطين الإسكندري ونسبه فلاسفة الإسلام خطأ إلى أرسطو لأنهم لم يعرفوا أنه مَنْحول على أرسطو. وفكرة الأيْس عن ليْس (خلق الوجود عن عدم) فكرة أصيلة عند الكندي، وهي فكرة إسلامية تعني خلق العالم من عدم. والكندي في هذه المسألة يخالف رأي أرسطو الذي يقول بقدم العالم، وهذه إحدى المسائل التي جعلت الكندي مفكرًا أصيلاً في نظر بعض النقاد.

يقتفي الكندي هنا أثر أرسطو اليوناني ويقيم براهينه على وجود الله على نفس النسق الأرسطي الذي يستند إلى الحركة والكثرة والنظام في إثبات وجود الله. والبرهان الأول هو برهان الحدوث، فالشيء عنده لا يمكن أن يكون علة لذاته، أي لا يمكن أن يكون موجودًا لذاته. وجرم العالم عنده متناه أي أن له بداية في الزمن وما دام متناهيًا فهو موجود من العدم أي أنه أَيْس من ليْس، فهو حادث ولابد له من محدث، ومحدثه هو الله لَيْس أن الله هو علة حدوثه.

ويوافق الكندي علماء الطبيعة المحدثين في أن العالم له بداية في الزمن ، وهم يرجعون ذلك إلى ملايين السنين عندما كان الكون في حالة غازية سائلة ملتهبة، أما الكندي فقد ذهب مذهبًا آخر عندما نظر إلى كتلة العالم فرأى أنها إما أن تكون متناهية أو غير متناهية ووصل إلى أنها متناهية ومتميزة، ومن ثم عرف أن الوجود المتناهي لابد أن تكون له بداية في الزمن.

أما البرهان الثاني الذي يتخذه على وجود الله، فهو برهان الكثرة، فقد رأى الكندي أن الأشياء المحسوسة متكثرة بالأنواع ومتحدة بالأجناس، فالحيوان واحد بالجنس كثير بالأنواع، حيث يضم الإنسان والحمار والحصان... إلخ، فالاشتراك في الوحدة يرجع إلى علة أولى ما بعدها علة، هي علة اشتراكها في الوحدة. وهذه العلة الأولى هي الله.

أما البرهان الثالث، فهو برهان التدبير وهو دليل الغائية في الوجود المحسوس. فالعالم المحسوس لم يوجد عبثًا بل لابد له من مدبّر، ولا يمكن معرفة المدبّر إلا بمعرفة تدبيره، وهو الكون المحسوس المنتظم. وهذا الدليل اقتبسه الكندي من أرسطو.

وبعد الكندي الفارابي وهو تركي الأصل من إقليم فاراب بتركيا وأمه فارسية. توفي سنة 339هـ، 950م. لقّبه مؤرخو الفلسفة بالمعلم الثاني، (لتأثره بأرسطو الذي لقّبه مؤرخو الفلسفة بالمعلم الأول)، وذلك لتأثره كلية بفلسفة أرسطو. وقد عُرفت فلسفته بأنها فلسفة توفيقية يحاول فيها الفارابي أن يوفق بين عقيدته الإسلامية وفلسفة اليونان.

أما دليله على وجود الله فهو دليل الوجوب والإمكان. يقسم الموجودات إلى قسمين: ممكن الوجود وواجب الوجود. وواجب الوجود عنده هو الموجود الذي وجوده من ذاته، فإذا فُرض عدم وجوده لكان ذلك مُحالاً. أما ممكن الوجود فهو الذي وجوده من غيره، فإذا فُرض عدم وجوده لما كان ذلك محالاً. والوجود الممكن يتعادل وجوده وعدمه، أي أن وجوده وعدمه سواء إلا إذا ترجح أحدهما على الآخر. فإذا ترجح وجوده كان لابد له من مرجح يرجح وجوده على عدمه أي لابد له من موجد ترجح عنده الوجود على العدم فأخرجه إلى الوجود. فلابد لكل موجود ممكن الوجود من مرجّح لوجوده على عدمه، ولا يمكن أن تمضي سلسلة المرجحات الممكنة الوجود إلى مالانهاية لأن هذا محال، فلابد إذن أن نصل إلى مبدأ أول أو سبب أول هو علة وجود كل الممكنات في العالم وهو الذي رجح وجود هذا العالم على عدمه وهو الله. وهو واجب الوجود بذاته ولا يحتاج إلى غيره أبدًا. وقد رفض الفارابي دليل الحكماء الطبيعيين الذين يرون أنه لابد من الاستدلال على وجود الله بآثاره لأن الصنعة تدل على الصانع، وهذا يعني أنهم يصعدون من الفعل إلى الفاعل، ومن المخلوق إلى الخالق، لكنه يرى أنهم يفكرون في الأفعال التي تصدر في العالم فلا يتجاوزون عالم الحوادث المتناقضة، ولا يجدون تصورات شاملة للموجودات. أما الفارابي، فقد أراد أن يصل إلى العلة الأولى الوحيدة، وهذه العلة الوحيدة هي واجب الوجود. ومعنى الموجود الواجب يحمل في ذاته البرهان على أنه واحد لا شريك له، فلو وجد موجودان كل منهما كامل الوجود وواجب الوجود لكانا متفقين من وجه ومتباينين من وجه، وما به الاتفاق غير ما به التباين، فلا يكون كل منهما واحدًا بالذات، فالموجود الذي له غاية الكمال يجب أن يكون واحدًا. فهو واحد بالذات لا تركيب فيه ولَيْس له ليس ولا يمكن حده، لكن الإنسان يثبت للبارئ أحسن الأسماء الدالة عليه وعلى منتهى كماله، وتأثر الفارابي هنا بفلسفة أرسطو في المحرك الأول.

وعمومًا كان للفارابي الفضل في توطيد أركان الفلسفة في العالم الإسلامي؛ فقد اتخذت شكلها التي آلت إليه بعد وفاته إلى أن جاء عصر ابن رشد؛ حيث مزج الفارابي بين الأفلاطونية والأفلوطينية من جهة والفلسفة الأرسطية المشائية من ناحية ثانية، ومن ثم نجد ذلك التشابه التام فيما ذكره الفارابي عن المدينة الجماعية في كتاب السياسة المدنية والديمقراطية التي وضعها أفلاطون.

ولأن الفارابي لم يكن لديه تلاميذ مباشرون، فقد أثر فيمن أتي بعده من الفلاسفة العرب والمسلمين، وكان على رأس هؤلاء الشيخ الرئيس ابن سينا الذي اعتمد على الفارابي في فهم الفلسفة اليونانية، وبالتالي في وضع كثير من الآراء والنظريات.

أما ابن سينافقد عُرف عند مؤرخي الفلسفة بالشيخ الرئيس وذلك لاشتغاله بالعلم والوزارة، ولد بأفشنة بالقرب من بخارى بفارس سنة 370هـ،980م، وحفظ القرآن منذ نعومة أظفاره، وكان عنده شغف بالعلم ونهم لا ينقطع للاطلاع والقراءة فاشتغل بالطب والفلسفة والكيمياء والفقه والرياضة والهندسة، وبرع في كل ما درسه، وما جلس لأستاذ قط إلا صار أستاذًا لأستاذه. انظر: ابن سينا. وقد تأثر بأفلاطون وأرسطو عن طريق شروح الفارابي، وأما فلسفته، فكانت مزيجًا من الأفلاطونية والمشائية (فلسفة أرسطو).

ولإثبات وجود الله عند ابن سينا، فقد قسم الأدلة إلى قسمين: دليل عقلي ودليل حسي؛ أما الدليل العقلي فهو دليل الإمكان الذي ذهب إليه الفارابي حيث قسم الموجودات إلى واجب وممكن، فالواجب الوجود هو الذي متى فرض غير موجود عرض عنه محال. والممكن الوجود هو الذي متى فرض غير موجود لم يعرض عنه محال، والواجب الوجود هو الضروري الوجود، والممكن الوجود هو الذي لا ضرورة فيه بوجه، أي لافي وجوده ولا في عدمه.

وواجب الوجود إما أن يكون واجبًا بذاته وإما أن يكون بغيره. والبارئ عز وجل هو الواجب لذاته لا لشيء آخر. أما واجب الوجود بغيره فهو واجب الوجود لا بذاته؛ فالاحتراق مثلاً واجب الوجود لا بذاته ولكن عند التقاء القوة المحرقة والمحترقة، ومن هنا يتشعب الوجود إلى ثلاثة أقسام. واجب الوجود بذاته، وواجب الوجود بغيره، وممكن الوجود. وواجب الوجود هو العلة الأولى ومبدأ الوجود المعلول على الإطلاق، لأنه لا توجد سوى علة واحدة مطلقة هي واجب الوجود. والممكنات هي الموجودات الصادرة عنه التي تحتاج في وجودها الممكن إلى علة هي واجب الوجود، وترتفع الأسباب كلها إليه لأنه غاية الموجودات جميعًا وإليه ترجع الأسباب جميعًا. وكما ترى، فهذا الدليل هو عين الدليل الذي ذكره الفارابي لإثبات وجود الله، وهو دليل عقلي لأنه يستند إلى التأمل في مفهوم الواجب والممكن ومن ثم يصل عقليًا، عن طريق الاستنباط، إلى ضرورة وجود الواجب الوجود. ويرى بعد ذلك أننا يجب أن لا نستند في البرهان على الخالق إلى شيء من مخلوقاته لأننا نستطيع أن نصل إلى الوجود الأول الواجب الوجود عقليًا ونعرف أن وجوده عين ما هيته أي أنه وجود متحقق. وهو يختلف عن الدليل الأول في أن ابن سينا لا يستخدم المنطق بل يصل إلى الدليل بالحدس المباشر. والحدس ضرب من ضروب المعرفة المباشرة دون وسيط حسي، إذ إن ابن سينا هنا لم يستدل بالمخلوق على الخالق كما هو الحال في الدليل الكوني، بل حدس فكرة الموجود الأول من فكرة الوجود فقط ووصل إلى وحدانيته لأنه يشهد على ما بعده في الوجود.

يقول ابن سينا في الإشارات: ¸تأمل كيف لم يحتج برهاننا لثبوت الأول إلى تأمل لغير نفس الوجود، ولم يحتج إلى اعتبار من خلقه وفعله، وإن كان ذلك دليلاً عليه، لكن هذا الباب أوثق وأشرف، أي إذا اعتبرنا حال الوجود، فشهد به الوجود من حيث هو وجود، وهو يشهد بعد ذلك على سائر ما بعده في الوجود، وإلى مثل هذا أشير في الكتاب الإلهي: ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾ فصلت: 53 ، أقول: هذا حكم لقوم، ثم يقول: ﴿ أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾ فصلت: 53 ، أقول إن هذا حكم الصديقين الذين يستشهدون به لا عليه". وابن سينا يعني بهذا أنه لم يستشهد بوجود المخلوق على وجود الخالق بل فعل عكس ذلك فاستشهد بوجود الخالق على وجود المخلوق. ويسميه الفلاسفة الدليل الوجودي.

يأتي بعد ابن سينا في هذه القضية العالم الأندلسي ابن رشد، الذي ولد بقرطبة عام 520هـ، 1126م ويسمى ابن رشد الحفيد لأن أباه كان قاضيًا وفقيهًا وكذلك جده لأبيه كان من أشهر فقهاء الأندلس، وقد كان هو فقيهًا وطبيبًا وفيلسوفًا، وقد تأثر بفلسفة أرسطو حتى سُمي بالشارح الأكبر لفلسفة أرسطو، وقد أثر في الفكر الفلسفي الغربي، وقامت مدرسة فلسفية غربية في القرون الوسطى تُسمى بالرشدية وتتميز فلسفته بالتوفيق بين الفلسفة والدين.

يرى ابن رشد أن العالم يخضع للتغيُّر ويستلزم حركة أزلية تحتاج إلى محرك أزلي، وهذا المحرك الأزلي موجود وهو منشئ نظام العالم البديع. وقد أخذ ابن رشد هذا البرهان من كـتاب الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة) لأرسـطو وتعليل هذا الدليل عنده أن كل متحرك له محرك وأن المتحرك إما أن يتحرك بالقوة؛ أي من جهة قابليته للحركة إذا حُرك، وإما أن يتحرك بالفعل، وأن سلسلة الحركة لابد أن تنتهي عند محرك أول لا يتحرك أصلاً ولا من شأنه أن يتحرك، وهو المحرك الأزلي ضرورة. لأننا لو قلنا إنه متحرّك لزم أن يكون له محرّك، وهكذا إلى مالانهاية، لذلك فالمحرك الأول عنده لا يتحرك بل هو محرك كل حركة.
27-03-2008 08:27 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
القضية الثانية العالم

يرى الكندي أن العالم خُلق من العدم. وهذا الرأي مخالف لرأي أستاذه أرسطو الذي يقول بأن العالم قديم وأنه ليس مخلوقًا من العدم. أما أفلاطون، فإنه قال بحدوث العالم وهذا جعل فلاسفة الإسلام ينحازون إليه. وقد استطاع الكندي أن يصل إلى دليل أصيل لخلق العالم يبين فيه أن العالم ليس بقديم كما كان يقول المعلم الأول أرسطو، واتفق الكندي مع أرسطو في القول بدليل الحركة لكنه وصل إلى نتيجة تختلف عن النتيجة التي وصل إليها أستاذه. وفحوى دليل الكندي أن كل ما في العالم متحرك والحركة لا تتم إلا في زمان، فإذا كانت حركة كان الزمان، وإذا لم تكن حركة لم يكن زمان.

والحركة هي حركة الجرم أو الكتلة، فإذا كان جرمٌ كانت حركة وإذا لم يكن جرمٌ لم تكن حركة، فالجرم أو الكتلة والحركة والزمن لا يسبق بعضها بعضًا بل تتساوى في الحدوث. والجرم متناه وحركته متناهية ولا يجوز أن نتخيل زمنًا لا متناهيًا إلا بالقوة (الإمكان). وبما أن الزمن في حقيقته متناه فلابد أن تكون له بداية. وبما أنه مقياس الحركة والحركة لا يمكن أن تكون بدون الموجودات المتحركة في العالم؛ فالحركة إذن محدثة والعالم محدث لأن له بداية في الزمن، وهو مخلوق لله تعالى. وهذا الدليل يتّفق مع الاعتقاد الإسلامي في أن الله تعالى خلق العالم من العدم وهو الذي أبدع ما فيه من آيات لأنه سبحانه هو الخالق البارئ المصور والمبدئ والمعيد.

يقول الفارابي إن الله منزَّه عن المادة، . أما كيف خلق الله العالم فيقول الفارابي كما قال أفلوطين (ت 352 ق.هـ، 270م) في كتاب الربوبية (إيثولوجيا) إن الله لم يخلق هذا العالم الفاسد (المتغير) لكن العالم فاض عنه فيضًا وصدر عنه صدورًا عقليًا. والموجودات جميعًا تصدر عن علم الواحد. فالله يعقل ذاته ويصدر عنه العالم نتيجة لعلمه بذاته. والفيض يصدر آلياً عن الواحد وليس الوجود غاية لعلم الواحد بل يصدر الوجود عن الواحد تلقائيًا لكماله وجماله المطلق. وهنا يكرر الفارابي نظرية الفيض الأفلوطينية الإشراقية دون تعديل أو تبديل في مضامينها الأساسية التي تخرج عن الاعتقاد الإسلامي؛ لأن القول بفيض الوجود عن الله تعالى تلقائيًا دون إرادة منه، سبحانه، فيه تعطيل لصفة من صفاته، جل شأنه، هي صفة الخلق، فالله هو الخالق الرازق المحيي المميت، وفيه تعطيل لصفة الإرادة، فالله مريد لما يخلق، فعال لما يريد. والفارابي بقوله هذا قد دخل في زمرة المعطلة.

أما كيف تصدر الموجودات عن الله، فالواحد عند الفارابي لا يصدر عنه إلا واحد لأنه عقل مفارق للمادة لا يقبل التكثر، فالفيض يصدر عن فعل التعقل الإلهي، ويتم صدور العقول عنه تنازليًا. ومراتب الوجود حسب هذا الترتيب تكون ستة:

يصدر في المرتبة الأولى العقل الأول وهو ممكن الوجود بذاته وواجب الوجود بالأول. والعقل الأول يعقل ذاته فتصدر عنه الموجودات التي هي دونه لكونه عالمًا بذاته وبأنه مبدأ النظام والخير في الوجود على ما يجب أن يكون عليه. وإنما علمه هو العلة لوجود الأشياء. ومن العقل الأول يفيض العقل الثاني الذي هو أيضًا جوهر غير مادي فيعقل الأول فيلزم عنه وجود العقل الثالث، ويعقل ذاته فتصدر عنه السماء الأولى. وكذلك العقل الثالث يعقل الأول فيصدر عنه عقل رابع ويعقل ذاته فتصدر عنه كرة الكواكب الثابتة. والعقل الرابع يعقل الأول فيصدر عنه عقل خامس ويعقل ذاته فيصدر عنه كرة زحل. والعقل الخامس يعقل الأول فيصدر عنه عقل سادس ويعقل ذاته فتصدر عنه كرة المشتري. وكذلك العقل السادس يعقل الأول فيصدر عنه عقل سابع ويعقل ذاته فيصدر عنه كرة المريخ. والعقل السابع يعقل الأول فيصدر عنه عقل ثامن ويعقل ذاته فيصدر عنه وجود كرة الشمس. والثامن يعقل الأول فيصدر عنه عقل تاسع ويعقل ذاته فيصدر عنه وجود كرة الزُهرة. والتاسع يعقل الأول فيصدر عنه عقل عاشر ويعقل ذاته فيصدر عنه وجود كرة القمر. أما العقل الحادي عشر، فهو يعقل ذاته ويعقل الأول وعنده ينتهي وجود العقول والمعقولات، كما تنتهي عند كرة القمر الأجسام السماوية التي تتحرك دورًا. ويوجد دون فلك القمر عالم الكون والفساد أي عالم الصيرورة والتغير، وتتسلسل الكائنات في عالم الكون والفساد من الأخس إلى الخسيس حسب العنصر والمادة إلى أن تصل إلى مراتب المعادن فالنباتات والحيوانات غير الناطقة فالحيوان الناطق الذي لا يوجد أفضل منه. وكل موجود يحتاج في وجوده إلى مادة يخلق منها وصورة يُخلق عليها. وهكذا كان تصور الفارابي للخلق. وكما ترى فهو قد أخذه من أصول يونانية أتت إليه عن طريق أفلوطين، لكن أفلوطين نفسه لم يقل بالعقول العشرة بل كان الصدور عنده يبدأ من الأول الواحد فالعقل فالنفس الكلية. هام ويقول أبو البركات البغدادي (ت نحو 560هـ، 1165م) عن عقول الفارابي العشرة: ¸إن فلاسفة الإسلام أوردوها بدون برهان ووضعوها وضعًا بدون تحقيق أو بحث· ثم يقول : ¸كان الأحرى بهم أن يقولوا إنها وحي حتى يكف الناس عن التشنيع عليهم ويقول عنها ابن رشد : ¸إن هذه الأشياء هي التي أضاعت هيبة فلاسفة الإسلام وجعلت الغزالي يُنعي عليهم تهافتهم.
27-03-2008 08:28 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
القضية الثالثة النفس

يجمع الكندي في مسألة النفس بين رأي الحكيمين أفلاطون وأرسطو ولا يزيد على ذلك شيئًا، ويقول إنها: أي النفس، ¸تمامية جرم طبيعي ذي آلة قابلة للحياة·، وهي أيضًا ¸استكمال أول لجسم طبيعي ذي حياة بالقوة·. هذا ما كان فيه الكندي على رأي أرسطو، أما النفس في رأي أفلاطون، فهي: ¸جوهر عقلي متحرك من ذاته·، وهي جوهر إلهي بسيط لا طول له ولا عرض ولا عمق، وهي نور الباري والعالم الشريف الذي تنتقل إليه نفوسنا بعد الموت، هو مقامها الأبدي ومستقرها الدائم. فالنفس عنده خالدة لكنه لا يقطع بشيء فيما إذا كانت قد وُجدت قبل البدن على زعم أفلاطون أم وجدت معه كما تقول الشريعة. وعلاقة النفس بالبدن عارضة وهي لا تفعل إلا بالبدن، وهي متحدة به لكنها تبقى بعد فنائه. وتسير النفس بعد موت البدن إلى المستقر الأعلى مباشرة. ومن النفوس ما فيها دنس فيقيم في كل فلك من الأفلاك مدة من الزمان حتى يتهذب وينقى ويرتفع إلى كوكب أعلى، فإذا صارت إلى الفلك الأعلى ونقيت غاية النقاء، وزالت أدناس الحس وخيالاته وخبثه منها، ارتفعت إلى عالم العقل، وطالعت نور البارئ، وفوض إليها البارئ أشياء من سياسة العالم تلتذ بفعلها والتدبير لها. وهذا التصوير لرحلة النفس بعد فناء الجسد إلى العالم العلوي فيه شبه كبير بما يسميه أفلاطون الجدل الصاعد. ويقسم الكندي قوى النفس إلى ثلاث هي: القوى الغضبية، والقوى الشهوانية، والقوى العقلية، وآلة النفس التي تشترك بها مع الحس والعقل هي الدماغ، وآلتها التي تدرك بها جميع المحسوسات هي أعضاء الحس الخمسة. ويقسم الكندي قوى النفس إلى الحاسة والمتوسطة والعاقلة. أما القوى الحاسة فهي التي تدرك صور المحسوسات في مادتها، وأما القوى المتوسطة فهي القوى المصورة والمتخيلة، وهي التي توجد صور الأشياء مع غيبة حواملها عنها، أي مع غيبة أعيانها ، وتستطيع أن تركب إنسانًا برأس حصان وتعمل في حالتي النوم واليقظة. ومنها القوى الحافظة وهي الذاكرة، ومنها القوى الغضبية وهي التي تدفع الإنسان إلى ارتكاب الأمر العظيم، ومنها الشهوانية الغازية، وهما القوتان اللتان بهما يحقق شهواته من المطعوم والمنكوح. أما القوى العاقلة، فهي التي تدرك صور المجردات دون مادة، أي القدرة على الفكر المجرد والانتقال من العقليات إلى العقليات. أما العقل عنده، فيكون بالقوة أي ممكنا ويخرج من الإمكان إلى الفعل أي إلى الوجود الحقيقي بفعل التعقل نفسه.

كان الفارابي في مسألة النفس تابعًا لفلاسفة اليونان خاصة الحكيمين أفلاطون وأرسطو. ويقسم الفارابي النفوس إلى نفس العالم ونفوس السماوات ونفس الإنسان ونفس الحيوان. وتتفاعل هذه النفوس فيما بينها لتقوم الحياة. وأعلاها نفوس السماوات والعالم، ويقل حظ النفس في الشرف والرفعة إلى أن تصل إلى النفس النباتية. وهذا الترتيب هو ترتيب أرسطو للنفوس. وذهب الفارابي مذهب أرسطو في تعريف النفس إذ قال إنها ¸استكمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة· ويقول الفارابي إن النفس هي صورة الجسد وإنها جوهر روحي مباين له. ويذهب الفارابي مذهبًا أفلاطونيًا حيث يتبع برهان أفلاطون في طبيعة النفس، فيقول: إن النفس تدرك المعقولات وهي معان مجردة فلابد أن تكون طبيعتها من طبيعة موضوعات إدراكها، فهي لذلك جوهر معقول وهي مستقلة عن آلتها الجسم. والنفس تدرك الأضداد، والمادة لا تستطيع أن تفعل ذلك فهي إذن مختلفة عن المادة، والعقل قد يقوى بعد الشيخوخة، لكن الجسد يضمحل، فالنفس إذن ليست من جنس الجسد. أما خلود النفس بعد فناء الجسد المادي، فالفارابي يقول بخلود النفس الفاضلة التي كانت تسعى لتحقيق السعادة، وذلك بتحصيل الفضائل العقلية، وأما النفوس التي كانت منغمسة في الشهوات، فهذه لا يضمن لها الفارابي بقاءً بعد الموت لأنها حينئذ تكون كالسباع والأفاعي مجرد هيولى، أي مادة تفنى بفناء الجسد، وتنتهي بانتهائه. والفارابي هنا أقرب إلى أفلاطون منه إلى أرسطو، ورأيه في فناء النفوس الخبيثة يتعارض مع رأي الشريعة التي تقول ببعث النفوس الخبيثة والطيبة يوم القيامة فتحاسب على ما قدمت إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.

لكن تقسيم النفوس عنده هو نفس التقسيم الذي نجده عند أرسطو في كتاب النفس.

فالقوة الناطقة هي التي يميز بها الإنسان بين الأشياء العقلية ويعرف بها عمل الإرادة ويعمل بناء على توجيهاتها، والنزوعية هي التي يكون بها الحب والبغض والصداقة والعداوة، والمخيلة هي الذاكرة التي تحفظ رسوم الأشياء بعد غيابها، والحاسة هي التي تدرك المحسوسات عن طريق الحواس الخمس وتدرك اللذة والألم لكنها لا تميز بين الضار والنافع، وأما الحيوان غير الناطق، فتوجد عنده القوة الباقية دون الناطقة وبعضها عندها القوة النزوعية والحاسّية فقط.

أما القوة الناطقة عند الإنسان، فهي التي تعقل المعقولات وبها تحصل الصناعات والعلوم، ويقسمها الفارابي إلى العقل النظري والعقل العملي، فالنظري مهمته فعل التجريد والعملي يركِّب الأشياء ويوائم بينها. والنظري له مراتب، منها العقل الهيولاني، وهو بالقوة، والعقل بالملكة والعقل المستفاد. فالعقل الهيولاني أو المنفعل يكون فارغًا من المعلومات، ولكن له الاستعداد على تقبل المعلومات كلها كعقل الطفل.

أما العقل بالملكة أو العقل بالفعل، فيأتي في الرتبة بعد العقل الهيولاني، إذ إنه بعد أن يتقبل العقل المنفعل صور الأشياء يكتسب العقل بالقوة ما لم يكن فيه من قبل فيصبح عقلاً بالفعل بعد أن كان بالقوة ، وهكذا يستمر في العمل من القوة إلى الفعل على الدوام. والخروج من القوة إلى الفعل أو المعرفة المكتسبة يستفيدها العقل بالفعل من العقل الفعال الذي يسميه الفارابي الروح الأمين وروح القدس.

أما العقل المستفاد فهو العقل، وقد صار بالفعل وأصبح يعلم المعقولات كلها دون مادتها بل بصورها المجردة التي اكتسبها الإنسان الذي استكمل عقله المنفعل بالمعقولات كلها وصار عقلاً بالفعل ومعقولاً بالفعل، وهو أرقى من العقل المنفعل وأكثر كمالاً منه وأكثر ابتعادًا عن المادة وأقرب إلى العقل الفعال الذي يشع عليه المعرفة إشعاعًا، وهذا هو ما يسميه الفارابي المعرفة الإشراقية. والذي نراه هنا أن الفارابي جمع بين فلسفتي أفلاطون وأرسطو؛ فبينما تراه أسند جزءًا من المعرفة إلى الحس ـ كما فعل أرسطو ـ يعود تارة أخرى إلى العقل الفعال لينهل منه معرفة يفيضها عليه العقل الفعال ـ كما فعل أفلاطون ـ وظل مخلصًا لفلسفة حكماء اليونان.

يقسم ابن سينا النفس إلى ثلاثة أقسام؛ النفس النباتية، وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي في إدراك الجزئيات وتحريك الإرادة، والنفس الحيوانية هي كمال لجسم طبيعي آلي في إدراك الجزئيات وتحريك الإرادة، والنفس الإنسانية، وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي في فعل الاختيار الفكري والاستنباط والاستقراء، أي إدراك الكلي بالنظر إلى أجزائه وإدراك الكليات المجردة.

براهين وجود النفس: هي البرهان الطبيعي والبرهان النفسي والبرهان الاستمراري وبرهان الإنسان المعلق في الهواء.

البرهان الطبيعي: وهو دليل استفاده ابن سينا من فلسفتي أفلاطون وأرسطو، مؤداه أن أفعال الكائن الحي من تَغَذّ ونمو وتوليد وإحساس وحركة بالإرادة، لا يمكن أن تصدر عن الجسم وحده، ومن ثم لابد من التسليم بأنها تصدر عن مبدأ آخر في ذاتها غير الجسم وهو النفس.

البرهان النفسي: النفس المدركة عند الإنسان تختلف عن الكائنات غير المدركة، فأفعال الإنسان، كالنطق وتصور المعاني الكلية العقلية المجردة ومعرفة المجهول من المعلوم، كل هذه ليست أفعالاً للجسم فلابد أنها أفعال النفس.

البرهان الاستمراري: الجسم يخضع للتغيُّر والتبدُّل، لكن جوهر النفس يظل هو هو، ونستطيع أن نعرف ذلك من الذكريات المترابطة، فإذا تأمل الإنسان نفسه وجد أنه خلال عشرين سنة ظل هو هو، وإن تبدل جسمه وطرأ عليه كثير من التغير والتبدل، فالذات مستمرة الوجود.

برهان الإنسان المعلق في الهواء: فحوى هذا الدليل أن الإنسان، وإن كان طائرًا أو معلقًا في الهواء، يستطيع أن يغفل عن أعضاء بدنه، لكنه لا يستطيع أن يغفل عن نفسه وشعوره بأنيته وهذا برهان على وجود النفس.

أما رأي ابن سينا في خلود النفس وبقائها بعد فَنَاء الجسد، فتصوره قصيدته العينية التي يقول في مطلعها:


هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزُّزٍ وتمــــــــــــنُّع محجوبة عن كل مقلة عارف وهي التي سفرت ولم تتبرقــــع وصلت على كُرْه إليك وربما كرهت فراقك وهي ذات تفجُّع


إلى ان يقول:


سجعت وقد كُشف الغطاء فأبصرت ماليس يُدرك بالعيون الهجّــــع وغدت مفارقة لكل مُخلّفٍ عنها حليف الترب غير مُشيَّع


والقصيدة طويلة وهي تكشف أن أصل النفس عند الشيخ الرئيس عُلْويٌّ، إذ إنها تفيض من العقل الفعال وهي روح لا تمسكه الحواس، وعلاقة الجسد بالنفس عَرَضيَّة، كأن يحط طائر على غصن. وآراء ابن سينا في النفس لا تخرج عن مقالة أفلاطون عن العالم غير المحسوس الذي هبطت منه النفس وهو عالم المُثُل ـ كل شيء في الأرض له مثاله في السماء ـ أما خلود النفس، فيقول ابن سينا إن الذي لا يفنى منها هو العقل الفعّال، أما النفس الناطقة فتفنى بفناء الجسد. ويورد ابن سينا مسألة العقول العشرة كما هي عند الفارابي، ويضيف إليها العقل القدسي، وهو العقل الذي عنده استعداد للاتصال بالعقل الفعال ولا يحتاج في هذا إلى مجهود أو تخريج وتعليم. والمعرفة عنده حدس مباشر من العقل الفعال دون وسائط مادية، والقوة القدسية عند ابن سينا توجد فقط عند الأنبياء، وهي أعلى مراتب القوى الإنسانية.

أما الموجودات عند ابن رشد فمنها ما هو مادي ومنها ما هو عقلي، والموجودات العقلية تتجلّى فيها الوحدة وكمال الوجود وهي مراتب بعضها فوق بعض، وكل العقول تعقل ذاتها وتعرف صلتها بالعلة الأولى، والمادة تنفعل أما العقل فيقبل.

والنفس الإنسانية عند ابن رشد تتعلق بالجسد كتعلق الصورة بالهيولى أي أنها علاقة عرضية تنتهي بفناء الجسد. ويرفض ابن رشد مذهب ابن سينا في بقاء النفوس المتكثرة ويقول إنها لا تبقى إلا باعتبارها كمالاً لجسدها. ورأي ابن رشد في النفس مزيج أفلاطوني أرسطي، فالعقل الهيولاني عقل أزلي، أما العقل المنفعل فهو استعداد الإنسان وقدرته على المعرفة العقلية، وهذا العقل يوجد بوجود الإنسان ويفنى بفنائه.
27-03-2008 08:30 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
علماء الإسلام وردود أفعالهم تجاه الفلسفة

أبو حامد الغزالي (450 - 505هـ، 1058 - 1111م). كان عصر أبي حامد الغزالي يعج بالفرق الإسلامية، فآلى على نفسه أن يعرف كل هذه الفرق ليتبين له الحق عندها من الباطل. ومن هنا بدأ رحلته في المعرفة التي كانت سائدة في زمانه فتعرف على كل الفرق معرفة الدارس الممحِّص، وعرف من بين هذه الفرق، الفلاسفة، فهضم ما عندهم وكتب في ذلك كتابين أحدهما مقاصد الفلاسفة عرض فيه آراءهم دون نقض وكتابًا أسماه تهافت الفلاسفة رد فيه على مزاعم الفلاسفة في قضايا الفلسفة الرئيسية في زمانه كالله والعالم والنفس.

أما وجود الله، عز وجل، فالدليل عليه عنده هو دليل الصنعة التي تدل على الصانع، يقول في كتابه إحياء علوم الدين: " إن هذا الأثر العجيب والترتيب المحكم لا يستغني عن صانع يدبره وفاعل يحكمه ويقدره بل تكاد فطرة النفوس تشهد بكونها مقهورة تحت تسخيره ومصرّفة بمقتضى تدبيره". ويثبت الغزالي لله الصفات التي وصف بها الله تعالى نفسه.

والعالم عنده مخلوق لله تعالى وهو حادث، والله هو الذي أحدثه، أما قول الفلاسفة بقدم العالم، فلا يرى له تخريجًا مقبولاً، وينتقد الغزالي نظرية الفيض عند الفارابي وابن سينا ويرى أنها تعطيل لصفة الخلق عند الحق عز وجل. أما خلود النفس وبقاؤها بعد الموت، فيرى الغزالي أن النفوس الطيبة تخلد في الجنة والخبيثة تخلد في النار. ويعترف الغزالي بالحواس وسائل للمعرفة، ويرى أنها مفاتيح المعرفة، لكنه يرى أن المعرفة الحقة هي التي تكون عن طريق الحدس؛ أي المعرفة المباشرة. ويرى الغزالي أن الإيمان قد يقتضي من الإنسان البحث والنظر ومعرفة الاستدلال والاستنباط لإثبات وجود الله، لكنه يعتقد أن الإيمان في المحصلة النهائية نور يقذفه الله في قلب العبد فينكشف له اليقين انكشافًا. وهنا ترى أن الغزالي، وإن اختلف مع الفلاسفة كالفارابي وابن سينا في كثير مما ذهبوا إليه، من مذهب أهل اليونان في القول بقدم العالم وبالفيض بدلاً من الخلق من العدم ففارقوا الشرع، فالغزالي لم يفارق الشرع لكنه يتفق مع هؤلاء في فرع من فروع المعرفة، وهو المعرفة الحدسية أو المعرفة المباشرة أو الإدراك المباشر الذي لا يحتاج إلى وسائط حسية معرفية. ويعول الغزالي في النهاية على هذه المعرفة في تحصيل اليقين.


ابن تيمية (661 - 728هـ، 1263 - 1328م) يختلف ابن تيمية عن الغزالي في أنه لم يقبل من الفلاسفة لا المقدمات ولا النتائج ونعى عليهم اعتمادهم على العقل وحده وسيلة للمعرفة فأنكر أدلة القائلين بالواجب الوجود، والممكن الوجود في إثبات وجود الله تعالى، وقال: ¸إن القائلين بواجب الوجود لم يقيموا دليلاً على واجب الوجود فإنهم جعلوا وجوده موقوفًا على إثبات (الممكن) الذي يدخل فيه القديم، فلا يمكن إثبات واجب الوجود على طريقتهم إلا بعد إثبات ممكن قديم، وهذا ممتنع في بديهة العقل·. انظر: ابن تيمية، تقي الدين.

ويقول ابن تيمية: ¸وأمكنهم أن يستدلوا على أن المحدَث لابد له من قديم وهو واجب الوجود ، ولكن أثبتوا قديمًا ليس بواجب الوجود، فصار ما أثبتوه من القديم يناقض أن يكون هو رب العالمين، إذ أثبتوا قديمًا ينقسم إلى واجب وإلى غير واجب. والواجب الذي أثبتوه قالوا: إنه يمتنع اتصافه بصفة ثبوته، وقالوا لا يكون صفة ولا موصوفًا البتة، وهذا ممتنع الوجود، لا ممكن الوجود، فضلاً عن أن يكون واجب الوجود·. وفند ابن تيمية آراء الفلاسفة في قدم العالم لأنهم يقولون إن الله فاعل بالإيجاب لا بالاختيار. فالله عنده فاعل قادر على الفعل منذ الأزل لكنه فاعل بالاختيار لأن الاختيار صفة تناسب الإله، فله أن يفعل وأن لا يفعل مع قدرته على الفعل والترك، فلا يجب عليه شيء. وقد علمنا من الفارابي وابن سينا وابن رشد كذلك أن الله خلق العالم ضرورة، وهذا هو الذي جعل ابن تيمية يقف مدافعًا عن الشرع والمعرفة النقلية التي يرى أنها لا تضاد العقل بل إن صريح المعقول عنده لا يتعارض مع صحيح المنقول. وقد كتب في ذلك كتابًا ضخمًا أسماه درء تعارض العقل والنقل انتصر فيه للفطرة السليمة والمنطق الفطري الذي لا يتعارض ولا يعارض النقل بالمقارنة مع المنطق الأرسطي الذي يخضع لمكونات ثقافية ولغوية تجعلنا نقبل منه ما تقبله فطرتنا السليمة ونرفض ما ترفضه.
https://www.al3ez.net/vb/printthread.php?t=28025&pp=40










رد مع اقتباس