منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الطـــــــريـــــــــق إلـــــــى الأدب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-12-22, 22:32   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
اسماعيل 03
مشرف منتديات الدين الإسلامي الحنيف
 
الصورة الرمزية اسماعيل 03
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

الطريق إلى الأدب - 2 -
قال محمود شاكر في جمهرة مقالاته (2-823)
" جاءتني عدة كتب من إخواننا بعد الكتاب الذي فتح لنا باب القول في "الأدب"، وكلها يجرى على أسلوب واحد من الحيرة في طريق الأدب. هذه الحيرة -كما يقول أحدهم- التي تجعل الأديب يمشي في بيداء من الظنون الشائكة والشكوك الظامئة. ثم لا يفضى إلى شيء، ولا يظفر من حياته إلا بالوحشة والمرارة والحزن، ثم يهلك بعد ذلك كله على أرض سبخة يأكل مِلْحها كل ما يقع عليها: يبليه ويسحقه. نعم، إن هذه الظاهرة المؤلمة هي أول الخير للأدب والأدباء وهي البشير بأن عصر الفوضى في الأدب قد بدأ ينقضى إلى غير رجعة، وهي الدليل على أن أكثر الأدب الماضي قد كان تلبيسا على العقل والقلب، وشعوذة على الروح والنفس والفكر.
لقد أخرج العهد الماضي طائفة من الأدباء، كلهم قد عمل واستعد وخرج على الناس بأدبه، ثم غرتهم الشهرة فمضوا لم يبالوا أن ينظروا إلى قيمة الأدب الذي ينتجونه ليمحصوه للناس، فلعل بعضه يفسد على الشباب أمر أدبهم الذي يتأهبون له. وشغل الشباب هذا الأدب الجديد، وكبرت معاني الأسماء والألقاب في أسماعهم وأذهانهم، فحسبوا أن هذا الأدب هو الغاية وهو النهاية وهو الذي ليس بعده نبوغ أو عبقرية.
وتعصَّبوا لذلك بحمية الشباب، وصرفتهم هذه العصبية عن تحرير أنفسهم وعقولهم من أسر الألقاب والأسماء.
ثم مضى زمن فنظروا فلم يجدوا في أيديهم شيئا من هذا السراب الخادع الذي تعصَّبوا له وعكفوا عليه. بل وجدوا أنفسهم كعابد النار تحرقه ويعبدها! ! ..
ولكن هذه الظاهرة الجديدة التي تدفع الشباب الجديد إلى الشك في قيمة ذلك الأدب، وإلى الشك في أنفسهم -هي النجاة لهم من عبودية مستبدة ماحقة وهي التي ستقذف في أعصاب الجيل الجديد روح الحرية، وهي التي ستجعله يأبى إلا أن يمهد الطريق قبل المسير، وإلا أن يتخير الأساس قبل البناء، وإلا أن يعرف برهان الحقيقة التي يجب عليه اعتقادها قبل الإيمان بها إيمانا أعشى أو إيمانا أعور أو إيمانا أعمى يضل به ويموت عليه.
ونحن قد تناولنا في الكلمة السالفة تعريف الأدب الذي وضعه ابن خلدون في مقدمته، وأخذنا في نقده وتمحيصه لعلمنا أن الأدواء التي أدركت الأدب أو أصابته ترتد في أصل جرثومتها إلى عهد بعيد متقادم. فأردنا بذلك البيان عن هذه العلة (بالتشخيص) والتحليل."
-1-
يتبع ...









رد مع اقتباس