منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-05-08, 17:28   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

ماحكم قول : "مات من لا يستحق الموت على يد من لا يستحق الحياة "

فلقد انتشرت بكثافة على كل وسائل التواصل الإحتماعية ؟


الجواب :

الحمد لله

هذه الجملة تحتمل معنيين؛ الأول : لا إشكال فيه، والثاني : فيه تسخّط واعتراض على القدر:

فأما الأول:

فهو أن تقال في رجلٍ قُتِل ظلما ، فيكون قصد قائلها : أن المقتول لم يرتكب جريمة يستحق عليها أن يعاقب بالقتل ، وأن القاتل هو الذي يستحق الموت لظلمه وبغيه واعتدائه على الناس، فهذا الظالم لا يستحق الحياة ، لو كان العدل موجودا ؛ لأنه ارتكب جريمة يستحق عليها القتل ، قصاصا من جريمته . فعدم استحقاقه للحياة : هو أثر جريمته التي ارتكبها .

فهذا المعنى لا إشكال فيه ، وهو بمثابة قولهم : فلان لا يستحق العقاب ولا يستحق الإهانة التي حصلت عليه .

وأما المعنى الثاني :

فهو أن يقصد الاعتراض على القدر، وعلى حكمة الله في تسيير ملكوته سبحانه ، وأنه كان ينبغي أن لا يموت فلان ، بل يموت فلان ، ونحو ذلك من المقاصد التي فيها اعتراضٌ على الله جل وعلا في حكمه وقضائه ، وطعنٌ في حكمته وعلمه .

وكثير من الناس : يقوم في نفسه هذا المعنى ، وإن لم يقو على التصريح به ، أو حتى مواجهة نفسه بحقيقته : أن مثل هذا الذي مات ، كان أحق بالحياة ، من كثير من الأحياء ؛ كان أحق بها ، ولو لم يكن قد قتل ظلما ، ولو لم يكن مراده بمن لا يستحق الحياة : هؤلاء القتلة ، الذين يستحقون الموت قصاصا ؛ كثير من الناس يقوم بقلوبهم هذا المعنى مطلقا ؛ أن مثل هذا الكريم ، أو الجواد ، أو الشجاع ... : هو الذي يستحق الحياة ، ويطال عمره ، ويفدى بهؤلاء الناقصين من الناس !!

ولا يخفى ما في مثل ذلك من الاعتراض على حكمة الله ، والتسخط لقضائه وقدره ، ومنازعة الله في حكمه وسلطانه .

فليحذر العاقل اللبيب : نزغات الشيطان في القلوب ، وما يفسد به الأديان .

والواجب على المسلم أن يؤمن بالقدر ، ويصبر على ما ينوبه من المصائب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .

وإذا كانت العبارة بهذه الإجمال والاحتمال ، بل كثير من الناس إنما يقوم بنفوسهم وقلوبهم : المعنى الباطل ؛ تأكد تركها ، والبعد عنها ، والتعبير عن المعاني الصحيحة ، بعبارات لا لبس فيها ولا إشكال .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الواجب : إطلاق العبارات الحسنة ، وهي المأثورة التي جاءت بها النصوص .

والتفصيل في العبارات المجملة المشتبهة "

انتهى، من "مجموع الفتاوى" (8/294) .

وقد استدل القرطبي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ) البقرة/ 104.

بأن في الآية دليلًا "على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض للتنقيص والغض..."

انتهى من "تفسير القرطبي (2/57) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس