منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - سيكولوجية الاسلاموفوبيا بين الاستشراق النخبوي والإعلام الجماهيري (سلسلة) د. يزيد حمزاوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-07-01, 23:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالإله الجزائري
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية عبدالإله الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع...

(الحلقة 2)
01 يوليو 2021م


1) الاسلاموفوبيا والحرمان الأمني:
الأمن حاجة من حاجات الإنسان الفطرية، وضرورة من ضرورات عيشه الغريزية، لا يمكنه الاستغناء عنه كما الشراب والطعام والتنفس، وهذا في الواقع تشترك فيه كل الكائنات الحية، وتقاوم من أجله، وتصمد دفاعا وهجوما للحصول عليه كل الحيوانات، فضلا عن بني البشر، فالتهديد الأمني يعني الموت والفناء والزوال، والأمن بذلك يعني الحياة والبقاء والاستمرار....
في كلام نفيس للماوردي، رحمه الله، في صدد حديثه عن ضرورة إشباع حاجة الإنسان إلى الأمن، يقول: "ليس لخائف راحة، ولا لحاذر طمأنينة، فالأمن أهنأ عيش، والعدل أقوى جيش، لأن الخوف يقبض الناس عن مصالحهم ويحجزهم عن تصرفهم، ويكُفهم عن أسباب الموارد التي بها قوام أودهم... ومن عَمهُ الأمن كمن استولت عليه العافية، فهو لا يعرف قدر النعمة بأمنه حتى يخاف، كما لا يعرف المعافى بعافيته حتى يُصاب".
والدراسات الحديثة في علم النفس والاجتماع وغيرهما، كلها تذهب إلى ما ذهب إليه الماوردي، فنرى مثلا أبراهام ماسلو في تصنيفه لحاجات الأفراد، حسب هرمه المشهور، يجعل الأمن من أولى الحاجات التي يجب إشباعها بعد الحاجات الفسيولوجية، كالنوم والماء والطعام...، وربنا - جل وتعالى - يشير إلى هذه الحقيقة في القرآن الكريم في قوله: ï´؟فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوفï´¾ فمنَ الله على قريش بأن أنعم عليها بنعمتي الطعام والأمن، وقرن بين هاتين الحاجتين الإنسانيتين اللتين لا غنى لأحد عنهما، ولأهمية الأمن كان إبراهيم- عليه السلام- أبو الأنبياء يدعو ربه في تضرعاته: (رب اجعل هذا البلد آمناï´¾... فأُجيبت دعوته، فكان الحرم وما حوله في أمن وسلام ï´؟آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا). وروى الترمذي عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: "من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".
انطلاقا مما سبق فإن الغرب، عبر مسيرته التاريخية في تعامله مع الحضارة الإسلامية والشعوب المسلمة، بسبب الاختلاف وربما التضاد أحيانا في المنظومة الروحية والفكرية والثقافية والسياسية.. تبنى تخويف مواطنيه وشعوبه من الإسلام والمسلمين، بنشر قيم الرعب والخشية والكراهية والحقد ضدهم، كإستراتجية لتحقيق مصالحه الجيوسياسية المختلفة، وسميت هذه الإستراتيجية بما اصطلح عليه حديثا بالاسلاموفوبيا.
والاسلاموفوبيا كلمة مكونة من مقطعين وهما: الإسلام وفوبيا، وهي كلمة من اشتقاق يوناني، وتعني الخوف، لتدل في مجموعها عن الخوف من الإسلام.
يعرفها قاموسLarousse : "بأنها العداء تجاه الإسلام والمسلمين".
ويعرفها قاموس Le Petit Robert: "بأنها شكل من أشكال العنصرية الموجهة ضد الإسلام والمسلمين، والتي تبرز من خلال سلوكيات خبيثة وتمييزية".
وعرفتها اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان: "بأنها خوف يمنع من التواصل أو التبادل والحوار، والتي تُحمل المسلم كل شرور المجتمع والعالم، وتجعل من الإسلام سبب ضلالة للعقل".
وعرفها المجلس الأوروبي: "بأنه خوف أو رؤية منحرفة، تسببها أحكام مسبقة عن الإسلام والمسلمين، وتتجلى في سلوكيات يومية كالعنصرية والتمييز ومظاهر العنف، وتعتبر اعتداء على حقوق الإنسان، وتحول دون التناسق الاجتماعي".
ظهرت هذه الكلمة في بداية القرن العشرين ثم شاع استعمالها في نهاية الثمانينات، وأصبحت الآن من أكثر الكلمات استعمالا في الكتب والإعلام وعلى الألسن...وأضحت هذه الكلمة مفهوما شديد التعقيد، ومصطلحا جدليا يستخدم للانتصار للشيء وضده.....(يتبع).
توقيع: د يزيد حمزاوي










رد مع اقتباس