منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اشْكَالاتُ الدَّلالَةِ النَّقْدِيَّةِ لِمصطلح القصيدة الطويلة في شعر التفعيلة المعاصر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-05, 20:32   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
الصقر الأسود ...
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية الصقر الأسود ...
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



إن الفصل بإجابة محددة أمر يصعب تحقيقه بصورة قاطعة ، لكن الأغلب على هذه القصائد أن تعد قصائد طويلة، ما دامت تحافظ على ثنائية القصيدة الطويلة الخاصة -"التشكيل والرؤيا"- التي استبدلت بثنائية "الشكل والمضمون بمفهومها التقليدي "إذ تحول الشكل المجرد والبسيط والأحادي إلى التشكيل بمعناه المركب والمعقد والمتعدد، وتحول المضمون بمعناه المباشر والكمي والقصدي إلى الرؤيا بمفهومها الحلمي والنوعي واللاقصدي" (1)،وبهذا يمكن أن تتشكل القصيدة الطويلة من مجموعة متتالية من المقاطع أو اللوحات أو الصور التي قد تأخذ عناوين أو أرقاما شرط تحقيق الاتساق والترابط في الرؤيا أو الخطاب،ومع ذلك فإننا،لا نعدم وجود تجارب شعرية رديئة حاول أصحابها إبداع القصيدة الطويلة لكن الإمكانات الشعرية خانتهم فجاءت تلك القصائد الطوال مقطعة ، مفككة ،لا رابط حقيقيا يجمع بينها ، و لعدم إدراكهم أن " للتشكيل في القصيدة الحديثة وجهان:أحدهما خارجي ، و الآخر داخلي.
فالتشكيل الخارجي يعني بناء القصيدة بناء متلاحم الأجزاء، متدامج المقاطع، بحيث لا يند جزء من أجزاء النص عن البناء الكلي، أما التشكيل الداخلي، فعناصره متنوعة عديدة، أبرزها عنصر الصورة و الموسيقى،ومن خلال هذين العنصرين يتم التعامل الفني الجيد مع سائر العناصر المكونة للتشكيل الداخلي " (2)،وهذا يقودنا إلى أمر آخر ارتبط بتشكيل القصيدة الطويلة، لجأ إليه كثير من الشعراء، يتمثل في تقسيم القصيدة الطويلة إلى عدة مقاطع ، وإعطائها أرقاما أو عناوين أو فواصل، جعلت بعض النقاد يتخذ منها مطعنا على بعض الشعراء ، ودليلا على تفكك قصائدهم، و بالتالي نفي انتسابها لجنس القصيدة الطويلة ، كما فعل غالي شكري حين حلل بعض قصائد البياتي، فذهب إلى أن قصيدته (الذي يأتي و لا يأتي) " و أمثالها من هذا النمط بعيد كل البعد عن إليوت والقصيدة الحديثة بشكل عام ،وقريب غاية القرب من مطولات شعرائنا القدامى" (3) ، و نحن حين نقرأ بعض القصائد المطولة المسهبة من ذلك النوع لا نستطيع " في الغالب الإمساك بخيط يدلنا على مفاتيحها أو مغزاها ، لقد أصبحت هذه المطولات الشعرية تقليعة مغرية، جرّت إليها عددا كبيرا من الشعراء المولعين بالثرثرة الجميلة،وفتحتْ شهيتهم إلى القول إلى أقصى مداها،وحين نحاسب هذه القصائد المطولة،وحين نتساءل إن كان هناك من ضرورة فنية أو فكرية تستدعيها نجد أنها لا تختلف عن أية قصيدة قصيرة أخرى " (4)،وقد رفض غالي شكري أن يعدّ قصيدة البياتي السابقة قصيدة طويلة على الرغم من مقاطعها المتعددة ،ورأى " أن أمثال هذه المقاطع دليل إدانة للشاعر،لأنها لا تكاد تستقل بذاتها ، و لا ترتبط بما سبقها أو لحق بها إلا التكرار الممل" (5)، و التكرار الذي يزدحم في القصيدة من غير وظيفة فنية يؤديها ما هو إلا عبء عليها، وعامل من عوامل ضعف الاتساق والترابط ، و دافع للإطالة التي لا مسوغ لها .

(1)عبيد، محمد صابر، التشكيل مصطلحا أدبيا ، الأسبوع الأدبي ، العدد 1124، 25/10/2008 ، دمشق ،اتحاد
الكتاب العرب

(2)الحاوي ، مصدر سابق ، ص 207.

(3)غالي ، المصدر السابق ، ص 96.

(4)العلاق ، علي جعفر :مملكة الغجر ، بغداد ، دار الرشيد للنشر و التوزيع،1981، ، ص 119-120.

(5)غالي ، المصدر نفسه ، ص 97.









رد مع اقتباس