منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اشْكَالاتُ الدَّلالَةِ النَّقْدِيَّةِ لِمصطلح القصيدة الطويلة في شعر التفعيلة المعاصر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-05, 20:11   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الصقر الأسود ...
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية الصقر الأسود ...
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


لم يعد الطول –إن عُدّ ضد القِصر- إلا مظهرا خارجيا، ليس كافيا لبيان حقيقة هذا النمط الجديد من الشعر، وتحول الشعراء والنقاد إلى سمات أخرى،تتجلى في القصيدة الطويلة،وتتصل اتصالا وشيجا ببنائها،الفني الذي يبدو أنه يحاول بصورة عامة أن ينأى بنفسه عن الغنائية التقليدية ،و ينحى منحى دراميا ،أو ينفتح على الأجناس الأدبية الأخرى من خلال توظيف التقنيات المعاصرة ،و أدوات البناء الجديدة التي تُلح على الرؤية و التجربة المتكاملة ،و تحوّل الشكل إلى أداة لتحقيق تلك الغاية ،و نحاول في ما يأتي أن نقف على بعض أبرز الآراء التي بحثت في مفهوم القصيدة الطويلة عند النقاد و الأدباء العرب المعاصرين ، و بيان أبرز الخصائص والسمات التي توافرت فيها ، و العوامل المؤثرة في ظهورها .


يعدُّ الدكتور عز الدين إسماعيل من أوائل النقاد العرب الذين أوْلَوا القصيدة الطويلة اهتماما واسعا في كتابه "الشعر العربي المعاصر:قضاياه و ظواهره الفنية و المعنوية"،و يرى أنه خلال الخمسة عشرة سنة الأولى من بدايات القصيدة العربية المعاصرة " تم استكشاف عدة أطر للقصيدة ، كان آخرها إطار القصيدة الطويلة،وكان هذا التطور نفسه في إطار القصيدة الجديدة مصاحبا لبروز النزعة الدرامية و غلبتها على الشعر المعاصر " (1)،وسنلاحظ بعدها أن فكرة النزعة الدرامية والتعقيد في القصيدة الطويلة ستكون أساسا يبني عليه الدكتور عز الدين إسماعيل تصوره العام لقضايا القصيدة الطويلة الفنية والمعنوية،متأثرا في كل ذلك بما صدر عن هربرت ريد وعلى الأخص: ثنائية العاطفة والفكرة (2)، وتعريفه-أي ريد- للقصيدة القصيرة (الغنائية) والقصيدة الطويلة ، وأثر هو بدوره-إسماعيل- بالنقاد العرب الذين تبنوا ما تبنى من آراء واتجاهات تتصل بالقصيدة الطويلة.



يقول عز الدين إسماعيل :إن " مفهوم القصيدة قد تغير ، فلم تعد عملا إضافيا للإنسان،يزجي به أوقات فراغه،أو يمارس فيه هواياته ،وإنما صارت عملا صميميا شاقا ،يحتشد له الشاعر بكل كيانه ، صارت القصيدة تشكيلا جديدا للوجود الإنساني ، و مزيجا مركبا معقدا من آفاق هذا الوجود المختلفة أو –لنقل في إيجاز-إنها صارت بنية درامية "(3)، و يرى عز الدين إسماعيل أن عصر الملاحم الشعرية قد انتهى تقريبا من عصرنا هذا،وأن القصيدة الطويلة المعاصرة صورة بديلة للملاحم القديمة، و" نستطيع أن نقرر وفقا لنظرية تطور الأنواع الأدبية أن جوهر القصيدة الملحمية الطويلة قد ازداد وضوحا و نماء وتميزا في العصر الحديث ، ولم تفقد الملحمة إلا خصائصها الشكلية وملابساتها العامة ،كالطول المفرط ، و المدة الطويلة التي يستغرقها نظم القصيدة ،وكما تطور النوع تطور الاسم الذي يطلق عليه،فأصبحت"القصيدة الطويلة" بديلا من "الملحمة" " (4)،وإذا سلمنا بصحة الرأي السابق -على ما في ذلك من بعض التعسف- فإننا نقول بداية:إن كان هذا التفسير لظهور القصيدة الطويلة يصلح للآداب التي عرفت "الملحمة" فبماذا سنفسر ظهور القصيدة الطويلة في الشعر العربي المعاصر الذي يكاد يكون خاليا من "الملاحم" ؟ و أي نوع أدبي سيكون البديل الذي تطورت عنه القصيدة الطويلة عربيا؟

ثم يقول عز الدين إسماعيل: إن" القصيدة الطويلة قد أخذت تعمل في خفاء، لتدخل نوعا شعريا جديدا في الشعر العربي،لم يعرف فيه من قبل،هو (شعر الفكرة)،فلم يعد الشعر أنه مجرد مشاعر بل أصبح –كما يقول الشاعر ريلكه –خبرات إنسانية و تجارب عميقة" (5)، لكنه لا يوضح لنا هل القصيدة الطويلة التي تعمل في الخفاء في النص السابق هي القصيدة العربية أم الغربية ؟ ويبدو واضحا من النص أن عز الدين إسماعيل يلح على علاقة: (الفكرة) ↔ (القصيدة الطويلة) التي أخذها عن هربرت ريد جاعلا منها أساسا لمفهوم القصيدة الطويلة المعاصرة .


(1)إسماعيل ،عز الدين : الشعر العربي المعاصر :قضاياه و ظواهره الفنية و المعنوية، ط3، القاهرة ،دار الفكر

العربي،1978، ص240 .


(2)المصدر نفسه ، ص 241.


(3)عز الدين إسماعيل، المصدر السابق ، ص 248-252.


(4)المصدر نفسه ، ص 248 .


(5)المصدر نفسه ، ص 250 .









رد مع اقتباس