منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اشْكَالاتُ الدَّلالَةِ النَّقْدِيَّةِ لِمصطلح القصيدة الطويلة في شعر التفعيلة المعاصر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-05, 15:49   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الصقر الأسود ...
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية الصقر الأسود ...
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


و كما أن النقاد القدامى لم يجمعوا على أمر واحد في القصيدة الطويلة، فكذلك النقاد الغربيون المعاصرون اختلفوا في الأمر عينه، فنجد منهم من أقرّ وجود القصيدة الطويلة و أبدع عددا منها مثلما نجد عند الناقد و الشاعر ت.س.إليوت ، ومنهم من وقف موقفا وسطاً كذلك الذي يرى أن "عنصر الحجم أو الطول عنصر هام،وهو ليس هاما بذاته، وإنما بمقدار ما يجعل بالإمكان الزيادة في التواشج والتوتر ورحابة العمل، ...،و أن القصيدة الطويلة اليوم يجب أن تؤدي بدورها –مقابل ما تستغرقه من مدى-أكثر مما كانت تفعله في الماضي " (1) ، وهذا الرأي نجده من قبل عند أرسطو حين رأى أن " الطول الفني الأمثل هو الذي يسمح للبطل أن ينتقل من حال السعادة إلى حال التعاسة أو من حال التعاسة إلى حال السعادة، وذلك في سلسلة من الأحداث المترابطة ببعضها على أساس من التتابع الحتمي أو المحتمل" (2).

ويفرد هربرت ريد جزءا من كتابه (طبيعة الشعر) للوقوف على القصيدة الطويلة ،ويرى أن أكثر الشعراء "يطمح لنظم قصائد طويلة ، ويمكننا أن نقول تقريبا إن الاختلاف بين شاعر مفلق وشُعرور إنما هو القدرة على نظم قصيدة طويلة نظما ناضجا ، ولست قادرا على التفكير بأي شاعر يجازف المرء بتسميته (عظيما) في الوقت الذي يتألف فيه عمله الشعري من مقطعات قصار ليس غير، وطبيعيّ،على الرغم من ذلك أن يكون ثمة شعراء صغار كثيرون ممن توافرت لهم موهبة فذة لنظم المقطعات القصار ،لهم عدد من القصائد الطوال الخاوية التي تعزّ قراءتها، الأمر الذي يحط من منزلتهم "(4) ،فالشعراء الكبار في نظره هم الذين يستطيعون نظم القصائد الطوال و الذين لا يستطيعون ليسوا كذلك ، و هذا رأي نرى فيه مبالغة من الناقد، تحتاج إلى تعليل أعمق، و يصعب القطع فيها على النحو الذي سبق، مع أنه يتنبه إلى نقطة مهمة للغاية تتعلق بالطول، ذلك أنه " ليس ثمة معيار شامل ، و في غياب المقياس الطولي نكون مدفوعين إلى التفتيش عن مقياس نوعي، ثمة اختلاف بين القصيدة القصيرة و القصيدة الطويلة، لكنه ليس اختلافا في الطول بقدر ما هو اختلاف في الجوهر " (4) .


وهذا الاختلاف الجوهري بين القصيدة القصيرة و الطويلة " يعتمد على الغنائية ،فنحن غالبا ما ندعو القصيدة القصيرة قصيدة غنائية " (5)، ثم يردف قائلا:إن القصيدة الغنائية هي التي " تجسد موقفا عاطفيا مفردا أو بسيطا،القصيدة التي تعبر مباشرة عن حال ذهنية مسترسلة " ( 6 )،أما القصيدة الطويلة " فهي القصيدة التي توحّد من خلال البراعة عددا أو كثيرا من مثل هذه الأمزجة العاطفية " (7)،وحين "يكون التصوّر معقدا جدا إلى حدّ يستدعي من العقل أن يتلقاه في سلسلة مفككة مرتِّبا هذه السلسلة أخيرا في وحدة شاملة ،تحدد القصيدة آنذاك بأنها طويلة " (8). و كثير من أنظار ريد السابقة وجدت من النقاد العرب من يسير عليها حذو النعل بالنعل،كما سنجد عند عز الدين إسماعيل، وغالي شكري، وخليل الموسى و غيرهم وفق ما سنبين في الصفحات الآتية.


(1)ويليك ،رينيه و وارين،أوستين (1932)، نظرية الأدب ،ترجمة : محي الدين صبحي ،مراجعة : حسام الخطيب،

ط3، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت ، 1985 ، ص 257 .


(2)أرسطو طاليس (ت 322 ق.م )،فن الشعر ،ترجمة :إبراهيم حمادة ،القاهرة،هلا للنشر و التوزيع، 1999،ص 36.
(3)ريد، هربرت :طبيعة الشعر ، ترجمة :عيسى العاكوب ، مراجعة :عمر شيخ الشباب، منشورات،دمشق، وزارة
الثقافة السورية ،ص 59.


(4)المصدر نفسه ، ص 60.


(5)المصدر نفسه ، ص 60.


(6)المصدر نفسه، ص 60.


(7)ريد، المصدر السابق ، ص 60.


(8)المصدر نفسه ، ص 64.









رد مع اقتباس