منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الولاء والبراء .. العقيدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-08-13, 05:55   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: لماذا حرم الإسلام تشبه المسلمين بالكفار؟

السؤال :

لماذا حرم الإسلام على المسلمين أن يتشبهوا بغيرهم ؟

الجواب:

الحمد لله

التشبه بالغير حالة تطرأ على النفس البشرية ، تدل على عظم محبة المتشبه لمن تشبه به ، وهي في كثير من أحيانها ظاهرة غير صحية

وقد أولت الشريعة هذه القضية [تشبه المسلمين بالكفار] اهتماماً بالغاً ، وحرمها الرسول صلى الله عليه وسلم تحريماً قاطعاً ، فقال : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

"وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم

كما في قوله : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) المائدة/51.

فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك ، وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه

فإن كان كفرا ، أو معصية ، أو شعارا لها كان حكمه كذلك . وبكل حال يقتضي تحريم التشبه"

انتهى باختصار من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/270، 271) .

ويمكن تلمس الحكمة من تحريم تشبه المسلمين بالكفار من معرفة أضرار هذا التشبه وآثاره السيئة ، فمن ذلك :

1- أن تشبه المسلم بالكافر يدل على تفضيل المسلم لهيئة الكافر على هيئة نفسه ، وهذا قد يكون فيه شيء من الاعتراض على شرع الله تعالى ومشيئته .

فالمرأة التي تتشبه بالرجل كأنها معترضة على الهيئة التي خلقها الله عليها ، وغير راضية عنها.

وكذلك المسلم إذا تشبه بالكافر ، فإنه يعلن أن هيئة الكافر خير له من الهيئة التي أكرمه الله بها ، وأمره أن يكون عليها .

2- التشبه بالغير دليل على الضعف النفسي ، والهزيمة النفسية ، والشريعة لا تقبل من المسلمين أن يعلنوا تلك الهزيمة ، حتى وإن كانت واقعاً .

إن الاعتراف بالهزيمة وإعلانها يزيد الضعيف ضعفاً ، ويزيد القوي قوة ، وهذا قد يكون من أكبر العوائق على نهوض الضعيف وتصحيحه لمساره .

ولهذا فإن العقلاء من أي أمة من الأمم يأبون أن تقلد شعوبهم عدوهم ، بل إنهم يحرصون على تميزهم بتراثهم

وتقاليدهم وأزيائهم حتى ولو رأوا أن العدو له تراث وتقاليد وأزياء خير مما هم عليه ؛ وما ذلك إلا لأنهم يدركون الأبعاد النفسية والاجتماعية ، بل والسياسية للتبعية الشكلية للعدو .

3- التشبه في المظهر الخارجي ملازم للمحبة والولاء القلبي ، فلا يتشبه الإنسان إلا بمن يحبه ، والمسلمون مأمورون بالبراءة من الكفار بشتى أنواعهم

قال الله تعالى : (لَا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) آل عمران/28 .

وقال تعالى : (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) المجادلة/22 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أوثق عرى الإيمان : الموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، والحب في الله ، والبغض في الله) . رواه الطبراني وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (998) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في

"اقتضاء الصراط المستقيم" (1/549)

: "المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة ، وموالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة" انتهى .

فالتشبه بالكفار فيه إضعاف لهذا الأصل من أصول الدين : وهو البراءة من الكفار وبغضهم .

4- التشبه بالكفار في الظاهر يؤدي إلى ما هو أخطر ، وهو التشبه بهم في الباطن ، فيعتقد اعتقادهم ، أو يرى تصحيح مذاهبهم وآرائهم ، فبين الظاهر والباطن ارتباط وثيق ، ويؤثر أحدهما على الآخر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (1/548)

: "فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة ، توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي ، وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين

هم أقل كفراً من غيرهم ، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى ، هم أقل إيماناً من غيرهم" انتهى.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :

"لأن المشابهة في الزي الظاهر تدعو إلى الموافقة في الهدي الباطن كما دل عليه الشرع والعقل والحس ؛ ولهذا جاءت الشريعة بالمنع من التشبه بالكفار والحيوانات والشياطين والنساء والأعراب"

انتهى من الفروسية ص(122) .

فهذه بعض الحكم الظاهرة لتحريم الشرع تشبه المسلمين بالمشركين ، وعلى المسلم أن يمتثل حكم الله تعالى ويؤمن أن الله تعالى لن يأمره إلا بما فيه الحكمة والمصلحة والسعادة في الدنيا والآخرة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس