منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اشْكَالاتُ الدَّلالَةِ النَّقْدِيَّةِ لِمصطلح القصيدة الطويلة في شعر التفعيلة المعاصر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-05, 20:25   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الصقر الأسود ...
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية الصقر الأسود ...
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ومن ضمن الإشكالات التي دارت حول القصيدة القصيرة -إضافة إلى ما اتصل ببنائها- إشكالية التسمية ، فقد ظهر لهذا النمط من القصائد أسماء متعددة ، و حاول كثير من النقاد أن يوضح نقاط افتراقها عن غيرها من المسميات ، ونأيا بالبحث عن الإطالة نكتفي بالإشارة إلى أبرز التسميات التي أُطلقت على هذا الشكل- سبع عشرة تسمية - كما رصدها الدكتور فيصل القصيري (1)، وهي :" القصيدة القصيرة أو الغنائية ، و القصيدة الشعرية المركزة ، و قصيدة التوقيعة ، و قصيدة الضربة ، وقصيدة الفقرة ، و قصيدة الدفقة ، وقصيدة الومضة، وقصيدة اللمحة، وقصيدة المفارقة ، وقصيدة الأسئلة ، وقصيدة النفس الواحد ،و قصيدة القص الشعري، و القصيدة الصورة ، و القصيدة الفكرة ، و القصيدة الخاطرة ، و القصيدة البرقية ، والقصيدة العنقودية " ، ويرى الدكتور علي الشرع " أن المستقِر في الاصطلاح هو القصيدة القصيرة short poem التي تنتظمها دفقة " (2).
أنماط القصيدة الطويلة
إن التأمل في الخلاف الذي وقع بين النقاد-من عرب وغربيين- يسلمنا إلى أمر نرى أن له أهمية في هذا الشأن، ألا وهو تلك النماذج الشعرية التي استندت إليها الآراء النقدية التي عرضنا لبعضها في ما سبق ، فكثير من النصوص الشعرية التي تمثل القصيدة الطويلة كانت توظف دون معيار محدد لمسوغات اختيارها من قبل النقاد ، بل نرى أنها في كثير من الأحيان كانت توظف لخدمة الرأي النقدي الذي يتبناه الناقد ، وقد يُظهر لنا جمع تلك النصوص من مظانها النقدية في سفر مستقل عن مدى التباين بينها ، إنها في سياق مفرد تصلح لشدّ عضد بعض الأنظار ، لكنها لا تصلح لها جميعا ، فعلى سبيل المثال تبدو لنا بعض أنظار الشاعر و الناقد أدجار آلان بو في القصيدة الطويلة منطقية، إذا ما عرفنا أنه دلل على صحتها بنماذج لملتون و هوميروس و دانتي، في حين تبدو الأنظار المخالفة لأدجار آلان بو –كتلك التي وجدناها عند هربرت ريد وجورج لوكاتش مثلا- هي الأخرى منطقية، إذا ما عرفنا كذلك أنها بنيت على الاستشهاد بنماذج مختلفة من أعمال سان جون بيرس وسبنسر و ت.س.إليوت ، وعليه،فإن بعض الآراء النقدية اختلفت لاختلاف النماذج الشعرية ، وسيكون من الصعب الجمع بين الإلياذة أو الفردوس المفقود والأرض اليباب ،لكن سيظل الطول أبرز الخصائص المشتركة التي تجمع بينها .
وبصورة عامة فإن التباين الحاصل حول القصيدة الطويلة مرده إلى الاختلاف في المضمون و الأسلوب، وما يتصل بهما من أفكار و تقنيات و مقدرة فنية ، وعليه قد تكون بعض القصائد طويلة،لكن ليس بالضرورة أن تجري على نسق واحد يحكم بناءها، ونرى أن الأمر لا يقف عند حدود إثبات الطول أو نفيه على الرغم من الإشكالية التي تصاحب هذه المسألة ،بل نرى أن في الأمر سعة تمكننا من الإفادة من النماذج الشعرية المختلفة في بنائها وطولها للتحدث عن أنماط ممكنة للقصيدة الطويلة ،ولعله من الممكن أن يتأتى هذا الأمر من بعدين، نقدر أن أولهما يتصل بالشكل الخارجي(الطول) ،والثاني يتصل بالبنية الداخلية، لكننا ندرك أن الوقوف على حدود فاصلة بين الأجناس الأدبية –وحتى في الجنس الواحد-أمر يصعب الوصول إليه بصورة قطعية، وتبقى المسألة نسبية في كثير من جوانبها،وهذا الأمر هو ما ندركه في محاولتنا الآتية لتفسير القصيدة الطويلة من حيث الشكل والبنية .

(1)القصيري ، المصدر السابق ، ص95 و ما بعدها.

(2)الشرع ،علي: بنية القصيدة القصيرة في شعر أدونيس ، دمشق ، منشورات اتحاد الكتاب العرب،1987،ص 54 .









رد مع اقتباس