منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الجواب عن شبهة أن القرآن يدل على أن الله لم يؤيد نبيه بمعجزات غير القرآن
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-01-20, 16:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


قال ابن جرير الطبري رحمه الله:

" (فقل) يا محمد (إنما الغيب لله) ، أي: لا يُعلم أحدٌ يفعل ذلك إلا هو جل ثناؤه، لأنه لا يعلم الغيب = وهو السرُّ والخفيّ من الأمور = إلا الله، فانتظروا أيها القوم، قضاءَ الله بيننا، بتعجيل عقوبته للمبطل منا

وإظهاره المحقَّ عليه، إني معكم ممن ينتظر ذلك. ففعل ذلك جل ثناؤه، فقضى بينهم وبينه بأن قتلهم يوم بدرٍ بالسيف"

انتهى من "تفسير الطبري" (15/ 48).

وقال ابن كثير رحمه الله:

" يقول تعالى: إن سنتي في خلقي: أني إذا آتيتهم ما سألوا، فإن آمنوا، وإلا عاجلتهم بالعقوبة.

ولهذا، لما خير رسول الله، عليه الصلاة والسلام، بين أن يُعطَى ما سألوا، فإن أجابوا وإلا عوجلوا، وبين أن يتركهم ويُنظِرهم؛ اختار إنظارهم، كما حلم عنهم غير مرة، صلوات الله عليه

ولهذا قال تعالى إرشادا لنبيه إلى الجواب عما سألوا: فقل إنما الغيب لله أي: الأمر كله لله

وهو يعلم العواقب في الأمور، فانتظروا إني معكم من المنتظرين أي: إن كنتم لا تؤمنون حتى تشاهدوا ما سألتم، فانتظروا حكم الله فيَّ وفيكم.

هذا مع أنهم قد شاهدوا من معجزاته، عليه السلام أعظم مما سألوا، حين أشار بحضرتهم إلى القمر ليلة إبداره، فانشق باثنتين، فرقة من وراء الجبل

وفرقة من دونه. وهذا أعظم من سائر الآيات الأرضية، مما سألوا وما لم يسألوا.

ولو علم الله منهم أنهم سألوا ذلك استرشادا وتثبتا، لأجابهم، ولكن علم أنهم إنما يسألون عنادا وتعنتا

فتركهم فيما رابهم، وعلم أنهم لا يؤمن منهم أحد

كما قال تعالى: إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم [يونس: 96، 97]

وقال تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون [الأنعام: 111]

ولما فيهم من المكابرة

كما قال تعالى: ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون [الحجر: 14، 15]

وقال تعالى: وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم [الطور: 44]

وقال تعالى: ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين [الأنعام: 7]

فمثل هؤلاء أقل من أن يُجابوا إلى ما سألوه؛ لأنه لا فائدة في جواب هؤلاء

لأنه دائر على تعنتهم وعنادهم، لكثرة فجورهم وفسادهم؛ ولهذا قال: فانتظروا إني معكم من المنتظرين"

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 256).

والحاصل:

أنه ليس في القرآن نفي لتأييد النبي صلى الله عليه وسلم بالمعجزات، ولا إخبار بأن الله لن يجيب الكفار إلى طلبهم في المستقبل، ولهذا أجابهم لما طلبوا آية، فأراهم القمر شقين.

ثالثا:

معجزة انشقاق القمر، ثابتة في القرآن والسنة، كما قال تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ القمر/1 - 2.

وروى البخاري (3868)، ومسلم (2802) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ القَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا".

وأما قولك بأن هذه المعجزة لم ينقلها غير المسلمين الخ، فقد سبق الجواب عنه

وينظر: جواب السؤال بعد القادم

وقارن هذه المعجزة التي ينقلها كتاب معجز محفوظ ، مع أحاديث ثابتة بنقل العدل الثقة عن مثله إلى الصحابة الذي شاهدوها بأعينهم

قارن هذا بما تؤمن به من معجزات للأنبياء، لم تنقل بإسناد متصل، ووردت في كتاب دخلته الترجمة والتحريف، وكتب بعد حدوث الواقعة بعشرات السنين.

وإنا لندعوك إلى النظر في أصل الأصول وهو التوحيد، واستحالة أن يكون الله له ولد، أو شريك

وأن يحل الإله في جسد أو أن يكل ويشرب ويقتل ويصلب، كما ندعوك للنظر في التناقضات العظيمة التي اشتمل عليها "العهد الجديد" مما يقطع معها بأنه من كلام البشر، لا من كلام الله تعالى، ولا بوحي منه.

وننصحك في هذا الخصوص بقراءة كتاب: "إظهار الحق" للشيخ محمد رحمت الله الهندي، وستجد فيها ما يشفي ويكفي.

ثم ندعوك إلى قراءة القرآن، وتفهم معانيه، وتأمل ما اشتمل عليه من الحقائق والأخبار والعلوم والدقائق التي يستحيل أن يأتي بها إنسان مهما بلغ شأنه من العلم والأخذ عن غيره، فضلا عمن كان أميا لا يقرأ ولا يكتب.

ونسأل الله أن ينير قلبك، ويشرح صدرك للهدى ودين الحق، والتمسك به.

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد











رد مع اقتباس