منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-02-11, 05:46   رقم المشاركة : 179
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

حقيقة مفهوم "البر" في القرآن:

ولنا الآن أن نتساءل عن مفهوم البر الذي تُقدِّمه هذه الآيات الكريمة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *عبدالرحمن* مشاهدة المشاركة

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ

وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ

وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ

وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ

وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة: 177].
وهي تُندِّد بأولئك الذين اعتقدوا - جهلاً -

أن لُبَّ الشريعة هو إقامة مظاهرها الخارجية

دون أن يكون لها رصيد في أعماق الضمير وأبعاد العقل.

إن الآيات الكريمة تُقدِّم لنا مفهوم البر على أنه مفهومٌ واسع

يشمل مجالاتِ الكينونة الإنسانيَّة كافة

من عقيدة، وأخلاق، وشريعة، وعلاقات، وحضارة.


1- ركائز العقيدة

ولقد كان انطلاق الآيات في إعادة صياغة تصور الإنسان

لحقائق المنهج الرباني، من خلال أسس العقيدة

التي يجب على الإنسان أن يعتقدها

وهو يمارس فعله في الواقع الوجودي

وما ذاك إلاَّ لأنَّ العقيدة هي الأساس العظيم

الذي تقوم عليه إنسانيَّة الإنسان

سواء التصوُّر العقلي، أم القيم الأخلاقيَّة، أم الواقع المعاش

فبحسب طبيعة العقيدة التي يعتقدها الإنسان

تتشكَّل طبيعة تصوراته العقلية، وقِيَمه الأخلاقية

ونوعية العلاقات الاجتماعية التي يُنشِئُها مع باقي أفراد

المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه

ليشمل أفراد البشرية جمعاء

من أجل ذلك تجد المنهج الربانيَّ يركز على العقيدة

كأشدِّ ما يكون التركيز، ويفصِّل فيها القول

ويضرب لها الأمثال، ولا يترك شيئًا يمكن أن يساهِم

في بناء عقيدة تليق بإنسانية الإنسان

وتترجم حقائق الوجود الكبرى كما هي عليه

إلاَّ وعرَّج عليه ونبَّه إليه

وما ذاك إلاَّ لأن العقيدة هي الأساس النفسي الذي ستقام

عليها كلُّ التعاليم والإرشادات التي أتى بها المنهج القرآني

إنَّ العقيدة هي الإنسان، والإنسان هو عقيدة في الأساس الأوَّل.


2- الإيمان باليوم الآخر:

الركيزة الثانية التي يبني عليه القرآن نظامه العقدي

هي عقيدة "الآخرة"، وعقيدة الآخرة في المنهج القرآني

عقيدة لها خصائصها المميَّزة تضفي عليها معاني

جليلة لا تجدها في باقي العقائد والمذاهب.

إن القرآن الكريم يعتبر الآخرة ضرورة وجوديَّة

بمعنى أن الآخرة ضرورة تحتِّمها طبيعة الإنسان،

وتؤكدها طبيعة هذا العالم الذي يعيش فيه الإنسان

ويكون من العبث السخيف بل المقيت

تصورُ وجود الإنسان دون عقيدة الآخرة.


3- الإيمان بالملائكة:

الركيزة الثالثة في العقيدة الإسلامية هي ركيزة: "الملائكة".

وعقيدة "الملائكة" في المنهج الإسلامي عقيدةٌ فريدة

وما تكْمُن فرائدُها الجليلة تلك إلاَّ في ذلك التصوُّر الكبير

والجميل الذي يقدِّمه المنهج الإسلاميُّ

للإنسان المسلم حول "الملائكة".


4- الإيمان بالكتب:

الركيزة الرابعة في العقيدة الإسلامية هي ركيزة الإيمان بـ"الكتب".

الإنسان - لأنه كائن مخلوق - لابُدَّ له من منهج كلِّيٍّ، شامل كامل

يُتيح له توفيق مقتضيات حياته الدنيوية بحسب المهمة

التي خُلِق لأجلها في هذا العالم، "مهمة العبودية".

ولقد يكون الإنسان على قدر عظيم من الألمعيَّة العقليَّة

والإحساس المرْهَف، والحكمة الصائبة

ولكنْ كل أولئك لا يُمكِّنه من الاستغناء عن المنهج الرباني المطلق

الشامل الكامل الذي يضع له المعالم، ويرسم له الخطوط

ويُحدد له القوانين، التي من خلالها يستطيع أن يرقَى

إلى مستوى الإنسانية الفاضلة التي خلقه الله - جلَّ جلالُه - عليها

والتي يريد الله - جلَّ جلالُه - من الإنسان

أن يُكيِّف حياته وَفق تعاليمها

فالكتب إنما نزلتْ لأجل هذا المعنى

وتأكيد هذه الحقيقة، حقيقة أن الإنسان خُلق في هذا العالم

لأجل مهمة معيَّنة، ومن ثم لابد له من منهج يعينه

على السير في طريقه نحو الأبدية، نحو الله.

ومن هنا كان إنزال الكتب من لدن الله - سبحانه وتعالى - ضروريًّا

رحمةً وفضلاً، فهو ضرورة تُوجِبها طبيعة الإنسان

وتؤكدها الحكمة الإلهية، ويكون من المتعذر تصور وجود الإنسان

دون شريعة من الله - تعالى - ترسم له الإطار الكلي -

المتضمن للمعاني الجزئية -

الذي يجب أن يسير فيه

وتُحدد له المنهج الذي يجب أن يلتزم به في حياته.


5- الإيمان بالرسل:

الركيزة الخامسة في العقيدة الإسلامية هي الإيمان بالرسل

وهذه العقيدة تنبثق من العقيدة السابقة

عقيدة الكتاب، فالأنبياء هم القدوة المُثْلَى للإنسان

أثناء المسير إلى الله - تعالى - ولأجل تحقيق معاني الفطرة

التي فطر الله عليه الإنسان

ويكون من المستحيل تصورُ وجود الإنسان دون عقيدة الأنبياء

لأن الإنسان من حيث هو كائن، عاقل، مريد

متحرك، لابد له من قدوة حسنة أو سيئة.

ولقد تحدَّث القرآن الكريم عن معشر الأنبياء كثيرًا

ومن خلال تلك الآيات نستطيع معرفة معالم شخصيَّتِهم -

عليهم الصلاة والسلام - وفهم حقيقة التصوُّر الذي يقدِّمه

القرآن الكريم عن الإنسان "النبي، والرسول".


الشريعة:

بعد هذا التحديد لمعالم أصول العقيدة في المنهج القرآني

يجئ الحديث عن تعاليم الشريعة، وذلك من خلال الحديث

عن العلاقات الاجتماعية، ومحاسن الأخلاق.

ولقد كان من الطبيعي جدًّا أن يجيء الحديث عن العلاقات الاجتماعية

والعبادة، والأخلاق، بعد التأسيس لأصول العقيدة


وما ذاك إلاَّ لما قلته لكم آنفًا

من أنَّ الإنسان لابد له من قواعد تصوُّريَّة يرتكز عليها

وهو يمارس حياته في عالم الواقع.

وإنه لمن العجيب أن تتناول الآية الكريمة الحديثَ

عن العلاقات الاجتماعية، مركزةً الحديث عن التكافل الاجتماعي

دون غيره من المجالات الأخرى

التي تتمثل فيها العلاقات الاجتماعية.


ويبدو لي - والله أعلم -

أن الآية تريد أن توحي للمتلقي - وهي تتحدث عن مفهوم "البر"

- أن العلاقات الاجتماعية هي المظهر الأعظم لترجمة

فاعليَّة التعاليم الدينية التي يؤمن بها الإنسان

وخاصة أن التكافل الاجتماعي -

وخاصة في جانب المال -

يقتضي من صاحبه بعض التضحية لأجل الغير

ومن ثم فإنَّ الإنسان الزاعمَ الانتماءَ لهذا المنهج الرباني

والزاعمَ التقيُّدَ بتعاليمه، إذا لم يكن هناك ما يترجم

تلك المزاعم في عالم الواقع

أي: إذا لم يمارس التكافل الاجتماعي مع الناس

فإنها لا تعد شيئًا، بل تظل كما هي مزاعم فارغة.


والنقطة الثانية الملْفِتة للانتباه في توسط العبادة "الصلاة"

في تأسيس العلاقات الاجتماعية، والأمر عندي - والله أعلم -

أن الآية ترمي من وراء ذلك إلى ربط الإنسان الملتزم بالمنهج الرباني

- وهو يمارس مفهوم التكافل الاجتماعي

في الوسط الذي يعيش فيه بالله تعالى -

حتى تتحقَّق بالنسبة إليه عدةُ أشياء:

1- منها الإخلاص: وهو أمر لابد منه

سواءٌ في حياة الإنسان الفرد أو في حياة الإنسان المجتمع

فبدون الإخلاص لا يستطيع الإنسان الارتقاءَ إلى المستوى

الرفيع الذي يريد المنهج الرباني من الإنساني الارتقاءَ إليه

ومن ثم لا يجد الإنسان الذي لا يخلص في عمله -

وهو هنا التكافل الاجتماعي -

بدًّا من السقوط في حمئة الأخلاق الفاسدة وهي كثيرة.

2- منها القوة: التي يجدها الإنسان المرتبط بالله - تعالى

وهو يمارس تعاليم منهج الله - تعالى - في الحياة

تلك القوة التي تسكب في كينونته معاني الانتصار

على الوَهَن الذي يُصيب الإنسان عندما يفقد علاقته مع الله - تعالى

والاستماتة في ممانعة هواتف السقوط

التي تتجاذب الإنسان عندما يفقد علاقته مع الله - تعالى.

3- منها الأخوّة: التي يستشعرها الإنسان المخلص

وهو يَمُدُّ يدَ العون لأخيه الإنسان

والتي تملأ نفسَه بمشاعر الحب والمساواة

والأخلاق الحميدة تُجاه باقي أفراد المجتمع.

وهكذا يستطيع الإنسان المسلم أن يمارس حياته الاجتماعية

بكل هدوء وسلام وحب واطمئنان.



وبعد هذه الجولة الطويلة تختم الآيات

بتقرير حقيقة مهمة: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾

فهؤلاء المتَّصفون بهذا الأوصاف الجليلة

والمتفاعلون معاليم الدين بهذا الشمول والتكامل

(العقيدة الشريعة، الأخلاق، العبادة)

هؤلاء هم وحدهم الذين صدقوا في التزام تعاليم هذا الدين

ومارسوه في الواقع؛ واقعهم النفسي، وواقعهم الاجتماعي

وهؤلاء هم وحدهم -كذلك - المتقون


اخوة الاسلام

و لمن اراد الاطلاع علي المزيد من التفاصيل

https://www.alukah.net/sharia/0/7613/

و لنا عودة إن شاء الله للاستفادة من موضوع اخر