منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2021-02-08, 05:47   رقم المشاركة : 176
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

مفهوم "البر" في العرف القرآني:

تحمل الكثير من المعاني والرموز والإشارات ذاتِ الدلالة الواضحة

إلى حقيقة هذا الدين، دين الإسلام

فلقد وردت هذه المفردة "البر" في النص القرآني: عشرون مرَّة

سبعَ مراتٍ بالعهد المكي

وثلاثَ عشرةَ مرةً في العهد المدني


وهو أمر ملفت للنظر،فتأمَّلْوا.

وقد وردت على الصورة التالية:

أوَّلاً: مفردة " البِر" وردت ثمان مرات:

1- خمس مرات في سورة البقرة:

(أ) ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ

وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]

(ب) ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ

وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا

وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا

وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189]

(ج) ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ

وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى

وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ

وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا

وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ

أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]

وهذه سورة مدَنيَّة.

2- مرة واحدة في سورة آل عمران:

﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا

مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92]

وهذه سورة مدنية.

3- مرة واحدة في سورة المائدة:

﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا

عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2]

وهذه سورة مدنية.

4- مرة واحدة في سورة المجادلة:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ

وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى

وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المجادلة: 9]

وهذه سورة مدنية.


ثانيًا: مفردة "أبرار" وردت ست مرات:

1- مرتان في سورة آل عمران:

(أ) ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ

فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا

وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193]

(ب) ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ

فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]

وهذه سورة مدنية.

2- مرة واحدة في سورة الإنسان:

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴾ [الإنسان: 5]

وهذه سورة مدنية .

3- مرة واحدة في سورة الانفطار:

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13]

وهذه سورة مكية.

4- مرتان في سورة المطففين:

(أ) ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ [المطففين: 18

، (ب) ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [المطففين: 22]

وهذه سورة مكيَّة.


ثالثًا: مفردة "البر" وردت مرة واحدة:

في سورة الطور: كاسم من أسماء الله الحسنى:

﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28]

وهذه سورة مكية.


رابعًا: مفردة "بَرًّا" وردت مرتين:

في سورة مريم: (أ) ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم: 14].

(ب) ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32]

وهذه سورة مكية.


خامسًا: مفردة "تبرُّوهم" وردت مرة واحدة:

في سورة الممتحنة:

﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ

مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]

وهذه سورة مدنية.


سادسًا: مفردة "تبرُّوا" وردت مرة واحدة:

في سورة البقرة: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا

وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 224]

وهذه سورة مدنية.


سابعًا: مفردة "بَرَرَة" وردت مرة واحدة:

في سورة "عبس" في حق الملائكة: ﴿ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 16]

وهذه سورة مكية.

والملفت للنظر في هذا التوزيع الهندسي لمفردة "البر"

أنَّ في العهد المكيِّ وقعت مفردة "البر" في سياقين:


أولاً: سياق الحديث عن الصفة التي يتصف بها:

1- الله – جلَّ جلالُه - مرة واحدة:

﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28].

2- الملائكة - عليهم السلام - مرة واحدة: ﴿ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 16].

3- الإنسان المطيع لله - تعالى - مرتان:

﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾

﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 14/32].


ثانيًا: والسياق الثاني هو سياق الحديث عن:

1- مآل الإنسان البارِّ في الدار الآخرة، ثلاث مرات:

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13]

﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [المطففين: 18/22].

2- الأمر بالتزام المنهج، وردت مرة:

﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا

وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ والتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ

وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة:2].


وفي العهد المدنيِّ وقعت هذه المفردة في سياق الحديث عن:

1- المنهج الرباني، وردت تسع مرات:

(1) ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ

وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

(2) ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ

وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ

مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189].

(3) ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ

وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ

وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ

وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ

فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ

أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

(4) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ

وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى

وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المجادلة: 9].

(5) ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا

عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

(6) ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ

مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

(7) ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا

وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 224].


2- مآل الإنسان البارِّ في الدار الآخرة، وردت ثلاث مرات:

(1) ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا

الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ

وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198].

(2) ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴾ [الإنسان: 5].

(3) ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ

وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].

3- الصفة التي يتحلَّى بها الإنسان، وردت مرة واحدة:

﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ

فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا

وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193].


وبعد هذا التوضيح يمكنني القول:

إنه لمَّا كان العهد المكيُّ المقصود منه تربيةُ الإنسان المسلم

وإعادةُ صياغة شخصيَّته بما يتوافق مع أسس فطرته الأولى

التي فطره الله عليها، وبما ينسجم مع معاني الحكمة الإلهيَّة

في هذا الوجود، وكذا ما يناسب ثقل الرسالة الملقاة على عاتقه

كان لزامًا التركيزُ على الصفة التي يجب على الإنسان المسلم

التحلي بها، والتأكيد على المقام الرفيع الذي يجب أن يرتقي

إليه الإنسان المسلم، في مجالات حياته كافة

فالله - جلَّ جلاله - من صفاته الكريمة "البر"


إذًا معناه:

أنَّ على الإنسان المسلم التخلُّقَ بأخلاق الله - تعالى -

والملائكة الكرام "البررة"

إذًا على الإنسان المسلم التشبه بهم، والنبيُّ الكريم "بَرًّا"

إذًا على الإنسان المسلم الاقتداء به

كلُّ هذا يوحي للإنسان المسلم الذي يُريد المنهج الربانيَّ

أن يرتقي بشخصيَّته إلى مستوى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]

وأن يحاول المرة تلو الأخرى الارتقاء إلى منزلة "البِر"

وهكذا إذا جاء العهد المدني

وهو عهد البناء الخارجي للدولة الإسلامية

والتشييد للحضارة الإسلامية

والذي يجب أن يكون التلقي المطلق فيه قاصرًا

على المنهج الرباني "القرآن والسنة"

وهو ما يستلزم التضحية الكبيرة والمعاناة الطويلة

حتى تستقرَّ أسسُ الدول الإسلامية على الأرض

أقول: حتى إذا جاء عهد البناء والتلقي

كان الإنسان المسلم له القابلية للتعامل مع تعاليم المنهج الرباني

دون أدنى تلكؤ أو تردد، ولقد كان ذلك هو ما حدث بالفعل.


أما في العهد المدني، فبالإضافة إلى وحي مفردة "البر"

التي اقتصَرتْ على الإشارة إلى صفة من صفات الله - تعالى -

وكذا الملائكة - عليهم السلام - وكذا الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام

- إلى الإشارة إلى مآل الإنسان البارِّ في الدار الآخرة

بالإضافة إلى التنبيه على هاتين الإشارتين -

جاء التأكيد على المنهج الربانيِّ

الذي يجب على الإنسان المسلم التعامل معه،

والأخذ منه دون غيره من المذاهب والفلسفات والعقائد

وبذلك يحدث في نفسيَّة الإنسان المسلم انفصالٌ عن واقع الجاهليَّة

بكل عقائدها وقيمها، وقوانينها وعلاقاتها

رقيًّا إلى فضاء المنهج الربانيِّ الرَّحْب

ومن ثَمَّ ترسُخُ في ضميره عقيدة "الاستعلاء الرَّباني"

وهو يتعامل مع الأشخاص، والأشياء، والأحداث

وهكذا يكون إنسانًا بارًّا حقيقة، والله أعلم.



اخوة الاسلام

و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

من اجل استكمال الموضوع