منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-03-09, 16:37   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الموالاة بين أهل الإيمان، وهل يفهم
منها جواز الصداقة بين الجنسين ؟


السؤال :

قرأت في سورة التوبة ، آية رقم 71، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، ولكني لم أفهم معناها؟ هل تعني أنه يجوز في الإسلام الصداقة بين الجنسين!؟ وبهذا وبناءً على هذه الآية هل نستطيع القول بجواز إضافة الأصدقاء من الجنس الآخر (من غير المحارم) على موقع "الفيس بوك" ونحوه؟

الجواب :

الحمد لله


أولًا:

أما قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)[التوبة: 71] ، فإن معناها:

وأما المؤمنون والمؤمنات، وهم المصدقون بالله ورسوله وآيات كتابه، فإن صفتهم :

أن بعضهم أنصار بعض وأعوانهم.

(يأمرون بالمعروف) يقول: يأمرون الناس بالإيمان بالله ورسوله، وبما جاء به من عند الله.

(ويقيمون الصلاة} ، يقول: ويؤدون الصلاة المفروضة .

(ويؤتون الزكاة) يقول: ويعطون الزكاة المفروضة أهلها.

(يطيعون الله ورسوله) : فيأتمرون لأمر الله ورسوله ، وينتهون عما نهيناهم عنه.

(أولئك سيرحمهم الله) يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم : الذين سيرحمهم الله، فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته .

لا أهلُ النفاق والتكذيب بالله ورسوله، الناهون عن المعروف، الآمرون بالمنكر، القابضون أيديهم عن أداء حق الله من أموالهم.

(إن الله عزيز حكيم) يقول: إن الله ذو عزة في انتقامه ، ممن انتقم منه ، من خلقه ، على معصيته ، وكفره به ؛ لا يمنعه من الانتقام منه مانع ، ولا ينصره منه ناصر .

حكيم في انتقامه منهم في جميع أفعاله.

انظر: " تفسير الطبري" (11/ 556).

ويقول الشيخ السعدي: " لما ذكر أن المنافقين بعضهم أولياء بعض ، ذكر أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، ووصفهم بضد ما وصف به المنافقين .
فقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} أي: ذكورهم وإناثهم {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} في المحبة والموالاة، والانتماء والنصرة.

{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} وهو: اسم جامع، لكل ما عرف حسنه، من العقائد الحسنة، والأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، وأول من يدخل في أمرهم أنفسهم .

{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وهو: كل ما خالف المعروف وناقضه من العقائد الباطلة، والأعمال الخبيثة، والأخلاق الرذيلة "

انتهى من " تفسير السعدي" (343).

فمعنى ولاية أهل الإيمان بعضهم لبعض:

1- أن بعضهم ينصر بعضًا .

2- أنهم يتعاونون فيما بينهم على الخير، فيأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤدون الزكاة، ويفعلون الطاعات .

3- محبة الخير لبعضهم البعض .

4- التراحم فيما بينهم .

5- احترام حقوقهم فيما بينهم .

إلى غير هذه المعاني التي تشملها هذه الآية .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " فالواجب على أهل الإسلام التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر والبر، واتباع شرائع الإسلام، وكبت هذه الطرق الجاهلية ، والضلالات الخارجية، ورد ما تنازع الناس فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وهو الطريق المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وتجنب طريق المغضوب عليهم اليهود ومن شابههم في بعض أمورهم من غواة المنتسبين إلى الفقه والحكمة، ومن طريق الغالين المنتسبين إلى التعبد والتصوف والفقر.

وعلى أهل الإسلام أن ينصح بعضهم لبعض كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة"، قالوا: [لمن؟، قال:] "لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".

وقد قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)، وقال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).

فهؤلاء الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر : أطباء الأديان، الذين تشفى بهم القلوب المريضة، وتهتدي بهم القلوب الضالة، وترشد بهم القلوب الغاوية، وتستقيم بهم القلوب الزائغة، وهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى.

والهدى والمعروف : اسم لكل ما أمر به من الإيمان ودعائمه وشعبه، كالتوبة والصبر والشكر والرجاء والخوف والمحبة والإخلاص والرضا والإنابة وذكر الله تعالى ودعائه والصدق والوفاء وصلة الأرحام وحسن الجوار وأداء الأمانة والعدل والإحسان والشجاعة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وغير ذلك.

والمنكر : اسم لكل ما نهى الله عنه من الكفر والكذب والخيانة والفواحش والظلم والجور والبخل والجبن والكبر والرياء والقطيعة وسوء المسألة واتباع الهوى وغير ذلك " انتهى من " جامع المسائل- المجموعة الخامسة" (238).

والحاصل :

أن الموالاة بين المؤمنين : قوامها الحب في الله ، والموالاة عليه ، وعلى دين ، وتحقق الأخوة الإيمانية في القلوب ، ومقتضياتها في النفوس والأقوال والأفعال .

ولا يشترط في ذلك : أن يكونوا عربا ، أو عجما ، يسكنون بلدا واحدا ، أو بلدانا شتى .. ، التقوا في الدنيا ، أو لا يعلم أحدهم عن أخيه شيئا ...

فالأخوة الإيمانية ثابتة على تلك الحالات جميعا ، لا يشترط لها : لون ، ولا جنس ، ولا سن ، ولا عرب ، ولا عجم ، وشرق ، ولا غرب ...

ولا علاقة لذلك كله : بالعلاقات بين الجنسين ، سواء كان ذلك في عالم الفضاء والإنترنت ، أو كان في عالم الواقع ؛ فإن الأخوة الإيمانية بمعزل عن ذلك كله .