منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس الحديث والأحاديث الضعيفة و الموضوعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-09-17, 10:27   رقم المشاركة : 176
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم يصح حديث في إطفاء دمعة التائب نار جهنم وأن الملائكة لا تكتبها

السؤال:

سمعت حديثاً ، وأود معرفة صحته ، والحديث - فيما معناه - : أنّ جبريل عليه السلام أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ الملائكة تسجل أعمال الأمة

ولكنها لا تسجل دموعها ، وعندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، قال جبريل : إن دمعة تائب من أمته سوف تطفئ نار جهنم .

الجواب :

الحمد لله

أولا :

أقرب ما وجدنا من الأحاديث والروايات التي تدل على ما ورد في السؤال ثلاثة أحاديث ، نذكرها هنا مع تخريجها وبيان حكمها :

الحديث الأول :

رواه الإمام أحمد في " الزهد " (ص: 25) : حدثنا إبراهيم بن خالد ، حدثنا رباح بن زيد ، حدثني أبو الجراح ، عن رجل من أصحابهم يقال له خازم : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يَبْكِي

فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : فُلَانٌ ، قَالَ جِبْرِيلُ : ( إِنَّا نَزِنُ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا إِلَّا الْبُكَاءَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُطْفِئُ بِالدَّمْعَةِ بُحُورًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ).

وهذا حديث ضعيف ؛ فيه :

1. أبو الجراح ، لم يتبين لنا من هو ، حيث لم نجد من ذكره في شيوخ رباح بن زيد الصنعاني ، وإن كان ثمة جماعة في كتب الرجال يكنون بأبي الجراح

لكن أحدا منهم لم يذكر في شيوخ رباح ، كما أن منهم مجاهيل .

2. وأبو الجراح هذا يحدث عن رجل مبهم آخر يقال له " خازم "، وهذا كاف في الحكم برد الحديث ، فالرواة يجب أن يعرفوا ويشتهروا بالعلم والحفظ والعدالة .

3. ويستبعد أن يكون الحديث متصلا مسندا ، فطبقة شيوخ أبي الجراح – على فرض وجوده – لا تحتمل ذلك ؛ ذلك أن رباح بن زيد الصنعاني متوفى سنة (187هـ)، وهو من صغار أتباع التابعين

فشيخه أبو الجراح – في أحسن الأحوال – سيكون من كبار أتباع التابعين ، فمثله لم يدرك الصحابة الكرام ، فضلا عن إدراك النبي صلى الله عليه وسلم ليحدث عنه .

الحديث الثاني :

عن النضر بن سعيد ، رفعه قال : ( ما اغرورقت عينا عبد من خشية الله إلا حرم الله جسده على النار , فإن فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ,

ولو أن عبدا بكى في أمة من الأمم لأنجى الله ببكاء ذلك العبد تلك الأمة من النار , وما من عمل إلا له وزن أو ثواب إلا الدموع ؛ فإنها تطفئ بحورا من النار ) .

رواه ابن أبي الدنيا في " الرقة والبكاء " (رقم/14) قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا سليمان وهو غير التيمي ، عن عبيدة بن حسان ، عن النضر بن سعيد ، فذكره .

وهذا حديث ضعيف جدا أيضا ، بل منكر ؛ فيه عبيدة بن حسان الذي قال فيه ابن حبان : " كان ممن يروي الموضوعات " كما في " المجروحين " (2/189).

وفيه النضر بن سعيد : ضعفه ابن قانع ، ولم يوثقه أحد ، وليس هو من الصحابة كي يقبل رفعه الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم . ينظر " ميزان الاعتدال " (4/256)، وفيه علل أخرى .

الحديث الثالث :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما اغرورقت عين بمائها إلا حرم الله على النار جسد صاحبها

فإن فاضت على جسد صاحبها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ، وما من عمل إلا وله ثواب إلا الدمعة ، فإنها تطفئ بحور النار ، ولو أن عبدا بكى في أمة لرحم الله تلك الأمة ببكاء ذلك العبد ) .

رواه ابن عدي في " الكامل في ضعفاء الرجال " (2/ 282) في ترجمة تميم بن خرشف ثم قال: "روى عن قتادة حديثا منكرا لا يرويه غيره - فذكر هذا الحديث

ثم قال - وتميم بن خرشف هذا لا أعرف له رواية غير هذا الحديث ، وهذا الحديث عن قتادة لم يروه عنه غيره ، وهو منكر يرويه عن تميم عثمان الطرائفي " انتهى.

ثانيا :

وردت بعض الآثار عن التابعين والصالحين تحمل هذا المعنى نفسه ، فمن ذلك :

قال فرقد السبخي :

" بلغنا أن الأعمال كلها توزن , إلا الدمعة تخرج من عين العبد من خشية الله فإنه ليس لها وزن ولا قدر؛ وإنه ليطفأ بالدمعة البحور من النار " .

رواه ابن أبي الدنيا في" الرقة والبكاء " (ص46) .

وعن خالد بن معدان قال :

" إن الدمعة لتطفئ البحور من النيران ، فإن سالت على خد باكيها ، لم ير ذلك الوجه النار , وما بكى عبد من خشية الله إلا خشعت لذلك جوارحه ، وكان مكتوبا في الملأ الأعلى باسمه واسم أبيه ، منورا قلبه بذكر الله " .

رواه ابن أبي الدنيا في" الرقة والبكاء " (ص48) .

ونحوها عن هارون بن رئاب ، وابن ذر ، وأبي عمران الجوني ، كلها يرويها ابن أبي الدنيا في كتابه " الرقة والبكاء " (ص52، 55، 57)، وعن يزيد بن ميسرة في " الزهد " لأبي داود (ص393)

وعن الحسن البصري في " شعب الإيمان " (2/242)، وعن بشر بن الحارث في " تاريخ بغداد " (20/62)، وغيرهم في كتب أخرى .

ولكن لا يخفى أن الآثار عن التابعين والصالحين ، على فرض ثبوتها عنهم ، ليست حجة بمجردها ، وليست من الوحي الصادق ؛ بل هي تحتمل الحديث على سبيل الاجتهاد والقياس والترغيب والترهيب فحسب .

ثالثا :

يكفي في فضل البكاء من خشية الله : ما صح عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لا يَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْع ، وَلا يَجْتَمعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللَّه ودُخانُ جَهَنَّمَ ) .

رواه الترمذي (1633) ، والنسائي (3108) ، وصححه الألباني .

وقوله " حتى يعود اللبن في الضرع " : " هذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى : ( حتى يلج الجمل في سم الخياط ) " انتهى من " تحفة الأحوذي " .

وقد صنف في فضل دمعة التائب أو دمعة الخاشع كل من ابن أبي الدنيا في رسالته " الرقة والبكاء "، وابن قدامة في " الرقة والبكاء "، وعقد لها ابن رجب بابا خاصا في رسالته " التخويف من النار " .

انظر الفتوي القادمه

والخلاصة

: أن الأحاديث المروية في عدم كتابة دمعة التائب لأنها تطفئ بحورا من النار كلها أحاديث شديدة الضعف والوهاء ، لم يروها سوى المجاهيل والمناكير

وإنما ورد هذا من كلام بعض الصالحين ، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس