منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا لم يخلق الله حواء مع آدم عليهما السلام في وقت واحد ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-01-14, 15:57   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18 لماذا لم يخلق الله حواء مع آدم عليهما السلام في وقت واحد ؟

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

لماذا لم يخلق الله حواء مع آدم عليهما السلام في وقت واحد ؟

السؤال

كنت أتحدث مع أحد الملحدين فسألني عن خلق حواء قائلاً : لماذا لم يخلق الله حواء إلا بعد آدم بوقت طويل

في حين أنه كان يعلم حاجة آدم الى رفيق يؤانسه؟

فإذا كان الله يعلم كل شيء ، فلماذا لم يخلقهما معاً في وقت واحد؟

أرجو تزويدي بالإجابة كي أردّ عليه.


الجواب

الحمد لله

أولا :

لا بد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد ، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله ؟

قال الإمام إسحاق بن إبراهيم رحمه الله :

" لا يجوز الخوض في أمر الله كما يجوز الخوض في أمر المخلوقين ؛ لقول الله تعالى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الأنبياء/23

ولا يجوز أن يتوهم على الله بصفاته وأفعاله بفهم ، ما يجوز التفكر والنظر فيه من أمر المخلوقين "

انتهى من "الاستقامة " لابن تيمية (1 /78).

وليس ذلك لمجرد أنه القادر القهار الفعال لما يريد ، فحسب ؛ بل لأن فعله سبحانه كله حكمة ، وعدل ورحمة : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14 .

ثانيا:

قول هذا الملحد : " إن الله تعالى لم يخلق حواء إلا بعد وقت طويل من خلق آدم " !!

يقال له : من أين عرفت ذلك ؟!

إن هذا من أمر الغيب الذي لم تشهده أنت ، ولم يبلغه علم تاريخك ، وتاريخ أمثالك .

فإن كنت قد بلغك شيء من أخبار الأنبياء ، فصدقهم أولا في وحدانية الله وعظمته وجلاله ، وما أخبروا به من غيبه ووحيه ، وجنته وناره ، ثم بعد ذلك انظر ؛ فإن وجدت لمثل سؤالك هذا موضعا ، فاسأل !!

وإلا، فنحن نطالبك بالدليل على صحة كلامك الذي ادعيته ؛ فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين!!

وأما نحن فليس عندنا موضع لهذا السؤال من أصله ، لما قدمناه أولا من أن أول أصول هذا الدين : أن نستسلم بكليتنا لرب العالمين .

على أننا نقول لك : إن الظاهر إنه لم يكن هناك ذلك الزمان الطويل الذي تدعيه بين خلق آدم وخلق حواء ، وأن الله خلقها له من قبل أن يسكنه الجنة .

روى البخاري (3331) ومسلم (1468)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ

فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ . فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )

قال الحافظ رحمه الله :

" قَوْلُهُ : ( خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع ) أَخْرَجَهُ اِبْن إِسْحَاق وَزَادَ : ( الْيُسْرَى مِنْ قَبْل أَنْ يَدْخُل الْجَنَّة ، وَجُعِلَ مَكَانه لَحْم )

انتهى من " فتح الباري " (6/368) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" أَمَرَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَسْكُنَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) .

وقال في الأعراف ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ )

وَقَالَ تَعَالَى ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى

إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم الجنة ؛ لقوله ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ )

وهذا قد صرح به ابن إسحاق ، وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَاتِ "

انتهى باختصار من "البداية والنهاية" (1/ 81) .

ثالثاً:

ما المانع من أن تكون هناك حكمة لم يبلغها عقله ، ولم نقف عليها نحن ، وهل وقفت علوم البشر وعقولهم على كل ما في الكون ، علويه وسفليه من أسرار ؟!

هل كل ما عجز العلم عن اكتشافه ، والوقوف على حقيقته وسره حتى الآن ، أمر غير موجود ، ولا أمل في الوصول إليه ؟!

إذا ، ما حاجة العلماء إلى علومهم ، ومعاملهم ، وأبحاثهم ، وأرصادهم ؟!

ثم ما الذي يمنع من أن تكون لهذا فائدة أخرى ؛ حين يشعر آدم بالوحشة ، ليعرف بعدها قيمة الأنس بزوجه التي خلقها الله له ؟!

وما الذي يمنع من أن يكون ذلك دافعا له للحاجة إلى ربه والافتقار إليه في حاجته ، ودعائه أن يؤنس وحشته ؛ وهذا عبودية يحبها الله من خلقه ؟!

فسبحان من له الحكمة التامة والحجة البالغة .

راجع للفائدة جواب السؤال القادم

والله تعالى أعلم .








 


رد مع اقتباس