منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد علي شبهات أثيرت حول بعض العلماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-12-28, 14:39   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2



ثالثا:

الأشاعرة ونحوهم، يسميهم الأئمة: الصفاتية، لأنهم يثبتون أصل الصفات، وإن نازعوا في بعضها كالصفات الاختيارية، أو تأولوا بعضها كالعلو

فإنهم يقولون: المراد بالعلو علو القهر والشأن، ويؤولون الاستواء بالاستيلاء، واليد بالقدرة، والوجه بالذات، وهكذا .

وهم مخطئون في ذلك ولا ريب، لكنهم لا يكفرون، وما علمنا من أطلق القول بتكفيرهم، وذلك لمانع التأويل؛ فإنهم نفوا ما نفوا بحجة التنزيه لله تعالى، وطردا لأصول فاسدة ظنوها صحيحة.

ونحن ننقل هنا بعض كلام أهل العلم في إعذار المتأولين، وفي عدم تكفيرهم الأشاعرة بما أنكروه أو تأولوه من الصفات، ليتم الجواب:

1-قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه بعد ذكر جماعة من الأشاعرة كأبي بكر الباقلاني، وأبي المعالي الجويني، ومن تبعهما:

" ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام: مساع مشكورة، وحسنات مبرورة

وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم ، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف.

لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة ، وهم فضلاء عقلاء : احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه

فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين. وصار الناس بسبب ذلك : منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل ؛ وخيار الأمور أوسطها.

وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين .

والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (الحشر: 10) .

ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطأ في بعض ذلك:

فالله يغفر له خطأه، تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا (البقرة: 286)"

انتهى . من درء تعارض العقل والنقل (2/ 102).

2-وقال رحمه الله عن الأشاعرة: " ومباحثهم في مسألة حدوث العالم ، والكلام في الأجسام والأعراض : هو من الكلام الذي ذمه الأئمة والسلف

حتى قال محمد بن خويز منداد: أهل البدع والأهواء عند مالك وأصحابه : هم أهل الكلام ؛ فكل متكلم في الإسلام فهو من أهل البدع والأهواء ، أشعريًّا كان ، أو غير أشعري.

وذكر ابن خزيمة وغيره : أن الإمام أحمد كان يحذر مما ابتدعه عبد الله بن سعيد بن كلاب ، وعن أصحابه ، كالحارث ؛ وذلك لما علموه في كلامهم من المسائل والدلائل الفاسدة .

وإن كان في كلامهم من الأدلة الصحيحة ، وموافقة السنة : ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف، فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث

وهم يعدّون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم"

انتهى من بيان تلبيس الجهمية (3/ 536).

3-وقد أثنى رحمه الله على كبار أئمة الأشاعرة كأبي الحسن الأشعري، والغزالي، والرازي، فيما أصابوا فيه السنة، وردوا به شبهات الفلاسفة والمعتزلة وغيرهم

ومن ذلك قوله عن أبي حامد الغزالي لما نسب التأويل للإمام أحمد:

"ولم يكن ممن يتعمد الكذب، كان أجلّ قدراً من ذلك، وكان من أعظم الناس ذكاء ، وطلباً للعلم

وبحثاً عن الأمور، ولما قاله: كان من أعظم الناس قصداً للحق، وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة، بليغة، ومن حسن التقسيم والترتيب ما هو به من أحسن المصنفين .

لكن لكونه لم يصل إلى ما جاء به الرسول من الطرق الصحيحة: كان ينقل ذلك بحسب ما بلغه، لاسيما مع هذا الأصل الفاسد؛ إذ جعل النبوات فرعاً على غيرها"

انتهى من بيان تلبيس الجهمية (6/ 127).

4-وقال العلامة السعدي رحمه الله: "إن المتأولين من أهل القبلة الذين ضلوا وأخطأوا في فهم ما جاء في الكتاب والسنة، مع إيمانهم بالرسول واعتقادهم صدقه في كل ما قال

وأن ما قاله كان حقا ، والتزموا ذلك، لكنهم أخطأوا في بعض المسائل الخبرية أو العملية = فهؤلاء قد دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين

وعدم الحكم لهم بأحكام الكافرين ، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم والتابعون ومن بعدهم من أئمة السلف على ذلك"

انتهى من الإرشاد إلى معرفة الأحكام، ص207.

5-وقال الدكتور عبد الله الجبرين في مختصر تسهيل العقيدة الإسلامية، ص78:

"ومن موانع التكفير للمعيَّن أيضاً: التأويل، وهو: أن يرتكب المسلم أمراً كفرياً ، معتقداً مشروعيته ، أو إباحته له ، لدليل يرى صحته ، أو لأمر يراه عذراً له في ذلك ؛ وهو مخطئ في ذلك كله .

فإذا أنكر المسلم أمراً معلوماً من الدين بالضرورة مثلاً، أو فعل ما يدل على إنكاره لذلك

وكان عنده شبهة تأويل، فإنه يعذر بذلك ، ولو كانت هذه الشبهة ضعيفة ، إذا كان هذا التأويل سائغاً في لغة العرب، وله وجه في العلم، وهذا مما لا خلاف يه بين أهل السنة .

وعلى وجه العموم: فعذر التأويل من أوسع موانع تكفير المعين، ولهذا ذكر بعض أهل العلم أنه إذا بلغ الدليلُ المتأوِّلَ فيما خالف فيه ، ولم يرجع

وكان في مسألة يُحتَملُ وقوع الخطأ فيها، واحتمل بقاء الشبهة في قلب من أخطأ فيها ، لشبه أثيرت حولها ، أو لملابسات أحاطت بها

في واقعة معينة = أنه لا يحكم بكفره، لقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الأحزاب: 5 .

ولذلك لم يكِفّر بعض العلماء ، بعض المعينين من الجهمية ، الذين يعتقدون بعض الاعتقادات الكفرية في صفات الله تعالى .

ومن أجل مانع التأويل أيضاً : لم يكفر بعض العلماء ، بعض من يغلون في الموتى ، ويسألونهم الشفاعة عند الله تعالى .

ومن أجل مانع التأويل كذلك : لم يكفر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الخوارج الذين خرجوا عليهم وحاربوهم، وخالفوا أموراً كثيرة مجمعاً عليها بين الصحابة ، إجماعاً قطعياً" انتهى.

6- وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا ؟ وهل نحكم عليهم من المذهب أم كفار ؟

فأجاب : " الأشاعرة من أهل السنة في غالب الأمور ، ولكنهم ليسوا منهم في تأويل الصفات ، وليسوا بكفار ، بل فيهم الأئمة والعلماء والأخيار

ولكنهم غلطوا في تأويل بعض الصفات ، فهم خالفوا أهل السنة في مسائل ؛ منها تأويل غالب الصفات ، وقد أخطأوا في تأويلها

والذي عليه أهل السنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا تحريف ولا تشبيه "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز "(28 /256) .

7-وقال رحمه الله:

" أما المذهب الثاني فهو مذهب الخلف المذموم. وهو مذهب أهل التأويل والتحريف والتكلف .

ولا يلزم من ذم مذهب الخلف ، والتحذير منه : القول بتكفيرهم ؛ فإن التكفير له حكم آخر ، يبنى على معرفة قول الشخص ، وما لديه من الباطل ، ومدى مخالفته للحق .

فلا يجوز أن يقال : إنه يلزم من ذم مذهب الخلف، أو الإنكار على الأشاعرة ما وقعوا فيه من تأويل الصفات وتحريفها ، إلا صفات قليلة استثنوها = القولُ بتكفيرهم .

وإنما المقصود بيان مخالفتهم لأهل السنة في ذلك ، وبطلان ما ذهب إليه الخلف من التأويل، وبيان أن الصواب هو مذهب السلف الصالح -

وهم أهل السنة والجماعة - في إمرار آيات الصفات وأحاديثها ، وإثبات ما دلت عليه من الأسماء والصفات على الوجه اللائق بالله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تكييف ولا تمثيل"

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز "(3 /64) .

8-وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 220): " ما حكم من مات على التوحيد الأشعري

قبل بلوغ توحيد الأسماء والصفات إليه ، ولم يسمعه من أحد ولا فهمه وقد أقر بتوحيد الربوبية والإلهية ولم ينبهه عليه أحد فينكره، هل له عذر أم لا؟

ج: أمره إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الأشاعرة ليسوا كفارا، وإنما أخطأوا في تأويلهم بعض الصفات.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

9-وجاء فيها (3/ 240): " ثالثا: من تأول من الأشعرية ونحوهم نصوص الأسماء والصفات : إنما تأولها لمنافاتها الأدلة العقلية ، وبعض النصوص الشرعية في زعمه، وليس الأمر كذلك

فإنها ليس فيها ما ينافي العقل الصريح ، وليس فيها ما ينافي النصوص ، فإن نصوص الشرع في أسماء الله وصفاته : يصدق بعضها بعضا

مع كثرتها ، في إثبات أسماء الله وصفاته على الحقيقة ، وتنزيهه سبحانه عن مشابهة خلقه.

رابعا: موقفنا من أبي بكر الباقلاني والبيهقي وأبي الفرج بن الجوزي وأبي زكريا النووي وابن حجر وأمثالهم ، ممن تأول بعض صفات الله تعالى ، أو فوضوا في أصل معناها :

أنهم ، في نظرنا : من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم ، فرحمهم الله رحمة واسعة

وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم ، وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير .

وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات ، وخالفوا فيه سلف الأمة ، وأئمة السنة رحمهم الله، سواء تأولوا الصفات الذاتية ، وصفات الأفعال ، أم بعض ذلك.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

رابعا:

ما نقلته عن الشافعي رحمه الله : لم يصح عنه ، وليس هو في أي من كتبه الثابتة عنه ، ولم يرو عنه أيضا بإسناد صحيح ، تقوم به الحجة .

وهذا بحث يمكن مراجعته في مصادر توثيق ذلك ، ولا يسع المقام ذكره هنا .

وعلى فرض أن هذا القول ثابت عنه ، فإن فيه أن "من خالف في ذلك ، بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر ، فأما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل" !!

وهذا موافق لما قدمناه، فإن الأشاعرة إما علماء متأولون، اجتهدوا ، فأخطأوا . أو مقلدون لهم، فلا يكفرون ، لا هؤلاء ، ولا هؤلاء .

خامسا:

ما نسبته إلى الأشاعرة من الطعن في معاوية ليس من مذهبهم.

وما نسبته لشيخ الإسلام من أن صاحب البدعة المكفرة لا يصلى خلفه، قد تبين تفصيله فيما نقلنا عنه .

وبه يتبين أن الأمر ليس كما أطلقته عن شيخ الإسلام . وأنه ـ على كل حال ـ لا ينطبق على الأشاعرة أصلا .

والحاصل : أن الأشاعرة مخالفون للسلف في أبواب عدة كالإيمان والقدر والصفات، ولكن ذلك لا يقتضي تكفيرهم ، ومنع الصلاة خلفهم ، وقد نقلنا من كلام أهل العلم فيهم ما يخالف ما جاء في السؤال .

ونصيحتنا لك يا عبد الله : أن تطلب العلم على يد الراسخين من أهله، وأن تحذر من التسرع في التكفير والإقدام عليه ، دون رجوع لأهل العلم.

فتعلم العلم ، وأحكم منه ما فيه نجاتك يا عبد الله ، قبل أن تتورط في أبواب لا قبل لك بها

ولم يبلغها علمك ، ولا وصلت إليه أداتك وآلتك ، والله جل جلاله لن يحاسبك على مثل هذا ؛ إنما يحاسبك في تفريطك فيما فيه نجاتك ، من العلم النافع ، والعمل الصالح .

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

والله أعلم.









رد مع اقتباس