منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد علي شبهات أثيرت حول بعض العلماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-12-26, 15:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

ضوابط التأويل الذي لا يكفر به المتأول وفوائد في المسألة

السؤال

في موقعكم المبارك فصلتم تفصيلا جيِّدا بفتاوى متعددة بخصوص العذر بالجهل وكيفية إقامة الحجة ، لكن لم أجد ضابطا بيِّناً بخصوص ضابط المتأول على الموقع

وقرأت في المسألة لكن أجد تناقضاً في تطبيق ما قرأت للعلماء الذي بينوا الضابط ، فمثلا : بعض العلماء قالوا : إذا كان تأولهم تحتمله اللغة نعذرهم به أما إذا لم تحمله اللغة لا نعذرهم به ونكفرهم

ولما تجد تطبيقهم لها على الأشاعرة الذين يقولون بدل " استوى " استولى في الرد عليهم يُقال : هذا لا تحتمله اللغة ، مع ذلك لا يحكم بكفر من أنكر علو الله

مع أن شيخ الإسلام نقل عن أبي حنيفة تكفيره لمن أنكر علو الله .

ونريد إيضاحاً بخصوص تكفير العلماء لكثير من الفرق كالجهمية والقدرية .

وهل ثبت عن أحد من العلماء أنه كفر الأشاعرة ؟


الجواب

الحمد لله

هذه مسألة جليلة القدر ، وسيكون البحث فيها في نقاط محددة :

1. لا فرق بين العذر بالتأويل والعذر بالجهل في الدين ، بل إن المتأول أولى بالعذر من الجاهل

لأنه لا يجهل ما هو عليه بل يعتقده حقّاً ويستدل له وينافح عنه ، ولا فرق في كون هذا الأمر عذراً في المسائل العملية أو العلمية .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

" إن المتأوِّل الذي قصد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكفر ، بل ولا يفسق إذا اجتهد فأخطأ ، وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية

وأما مسائل العقائد : فكثير من الناس كفَّر المخطئين فيها ، وهذا القول لا يُعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا عن أحد من أئمة المسلمين ، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع "

انتهى من " منهاج السنَّة " ( 5 / 239 ).

2. ولا يعني هذا عدم استحقاقهم للحد - كما حُدَّ قدامة بن مظعون لما تأول في شرب الخمر - ولا يعني عدم استحقاقه للتعزير والذم

بل ولا وصف اعتقاده بالضلال أو الكفر - كما سيأتي تفصيله - بل قد يصل الأمر لقتالهم ؛ لأن المقصود من ذلك تنفير الناس من بدعته وحماية الدين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -

: " وهذا الذي ذكرتُه فيما تركه المسلم من واجب أو فعله من محرم بتأويل اجتهاد أو تقليد : واضح عندي ، وحاله فيه أحسن من حال الكافر المتأول

وهذا لا يمنع أن أقاتل الباغي المتأول ، وأجلد الشارب المتأول ، ونحو ذلك ؛ فإن التأويل لا يرفع عقوبة الدنيا مطلقا ؛ إذ الغرض بالعقوبة دفع فساد الاعتداء " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 14 ) .

وقال - رحمه الله - :

" وأما من أظهر ما فيه مضرة : فإنه تدفع مضرته ولو بعقابه ، وإن كان مسلماً فاسقاً أو عاصياً ، أو عدلاً مجتهداً مخطئاً ، بل صالحا أو عالما ، سواء في ذلك المقدور عليه والممتنع ..

. وكذلك يعاقب من دعا إلى بدعة تضر الناس في دينهم ؛ وإن كان قد يكون معذوراً فيها في نفس الأمر لاجتهاد أو تقليد "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 10 / 375 ) .

3. ليس كل تأويل يكون سائغاً في الشرع ؛ فلا تأويل في الشهادتين ووحدانية الله تعالى وثبوت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

والبعث والجنة والنار ، وتسمية هذا تأويلاً ابتداء غير مقبول ، بل هي باطنية وزندقة تعود على الدين بالإبطال .

قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله - :

" ولا بد من التنبه لقاعدة أخرى وهي : أن المخالف قد يخالف نصّاً متواتراً ويزعم أنه مؤول ، ولكن ذكر تأويله لا انقداح له أصلا في اللسان ، لا على بُعد ولا على قرب

فذلك كفر وصاحبه مكذِّب ولو زعم أنه مؤول ، ومثاله : ما رأيته في كلام بعض الباطنية أن الله تعالى واحد بمعنى أنه يعطي الوحدة ويخلقها

وعالِم بمعنى أنه يعطي العلم لغيره ويخلقه , وموجود بمعنى أنه يوجد غيره ,

وأما أن يكون واحدا في نفسه وموجوداً وعالماً على معنى اتصافه به : فلا , وهذا كفر صراح ؛ لأن حمل الوحدة على إيجاد الوحدة ليس من التأويل في شيء ، ولا تحتمله لغة العرب أصلا ...

. فأمثلة هذه المقالات تكذيبات عَبَّر عنها بالتأويلات "

انتهى من " فيصل التفرقة " ( ص 66 ، 67 ) .

وقال ابن الوزير - رحمه الله - :

" وكذلك لا خلاف في كفر من جحد ذلك المعلوم بالضرورة للجميع ، وتستر باسم التأويل فيما لا يمكن تأويله ،

كالملاحدة في تأويل جميع الأسماء الحسنى ، بل جميع القرآن والشرائع والمعاد الأخروي من البعث والقيامة والجنة والنار " .

انتهى من " إيثار الحق على الخلق " ( ص 377 ) .









رد مع اقتباس