منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - يشعر بإنكار الحساب والجنة والنار رغم محافظته على صلاته
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-12-22, 18:31   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

تعرض له وساوس إلحادية

السؤال

أنا في محنة ، فأنا مسلم أقوم بالعبادات ، والمشكلة أنه منذ فترة تراودني أفكار ملحدة عن وجود الإله والعياذ بالله ، وهذا كان قبل الحج ، وحتى بعد الحج

وترجع تلك الأفكار في كل مرة ، وأحاول ترويض عقلي بالبحث في العلوم ، مثل نظرية الانفجار العظيم ، ما يزيد من إرباكي .

فما هو الحل ؟

وماذا يقول الإسلام عن نظرية الانفجار العظيم ؟


الجواب

الحمد لله

من نافلة القول التي ينبغي عليك استحضارها دائما : أن العقل البشري أضعف من أن يحيط بالعلوم

ويدرك كنه الكون ، ويشرف على حقائق الحياة ، فهو عقل قاصر يعيش " مهزلة " ـ بحق ، حين يوكل إلى نفسه ، أو يستغني عن العاصم له عن الضلال !!

وبحسبه من كل ذلك : أن يبذل جهده في البحث والتفكر والتأمل ، ويتمسك بالدلائل التي يكتفي بها العقل البشري السليم ، الذي لم تلوثه الشكوك والظنون والشبهات ، ولم تضعف جوانب اليقين فيه كثرةُ الأوهام .

فذلك هو العقل السليم الذي خاطبه الله عز وجل في كتابه الكريم ، وجعله مناط التكليف ، وما سوى ذلك من العقول الشكاكة

فهي بحاجة إلى إعادة تأهيل لتعود إليها الثقة في الحقائق والمبادئ الفكرية

وتتفاعل مرة أخرى مع حقائق الإيمان ، فالوسواس الإلحادي أقرب إلى المرض ، والحالة الاضطرابية منه إلى التفكير العلمي المبني على الحجة والبرهان .

يقول الله عز وجل : ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ .

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ . ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ) الملك/1-3.

والتجربة تدل على أن أوائل الشباب هو العمر المعرض للاضطراب الفكري ، والتشويش العقائدي ، ويبدو أن الأمر يمكن إرجاعه إلى أسباب فسيولوجية بدنية

لو تيسرت الدراسات العلمية في هذا الإطار ، وإلى حين ذلك يمكن عزو هذه الظاهرة إلى الطبيعة البشرية التي تقوم كثيرا على حب التعرف والتشوف إلى كل غريب أو جديد

والإلحاد فكرة جديدة على الإنسانية ، أو هي نزعة وطور فردي في صاحبه ، لها بريق جذاب من جهة التميز والانفراد بحال عن جميع الناس

وكأن معتنقها يقول إنني المتفرد بكسر الطوق الذي اعتدتم عليه ، ونشأتم على اعتقاده والإقرار به

أيا كان هذا الأصل ، وأيا كان صواب الفكرة التي خرج إليه ، والحال التي تميز بها ، كما يذكر أن رجلا بال في زمزم !! فسُئل عن ذلك : فقال : أردت أن أُذكر ، ولو بالشر !!

ويبدو أن المسكين لم يعلم ، أو لم ينتبه إلى أن الدواب كانت أكثر تعقلا منه ، حين نجدها وكأنها تعلم بمبدأ السببية ، وتعلم أن الفعل لا بد له من فاعل

. يقول الله عز وجل : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) الحج/46.

وقد نستعين بتجارب الحياة اليومية ، كي ندلل لمن تعرض له هذه الوساوس بأنها مجرد وسوسة لا حقيقة لها فهو يخالفها في حياته اليومية

فالممارسات اليومية للإنسان الطبيعي السوي كلها تنطلق من المبادئ العقلية السليمة ، وغالبا تبقى على فطرتها وسلامتها ، ولا تتعرض للتشويش والاضطراب إلا في حالة ( الجنون ) لا قدر الله .

فتأمل هذه الأمثلة السهلة التي ولا شك تؤمن وتقر بها :

أرأيت لو كنت جالسا في منزلك فسمعت صوت جرس الباب

فهل تتردد في التفاعل مع هذا الصوت ! ألا تبادر في القيام للنظر فيمن ينتظر على الباب ! ما الذي يدفعك لمثل هذه المبادرة!! أليست هي المسلمات العقلية البدهية التي نعيش ونحيا بها

التي تخبرنا أن الفعل لا بد له من فاعل ، وأن الأثر لا بد له من مؤثر !!

ثم تصور معنا لو أنك أفسدت هذه المسلمات بالشبهات العقلية والوساوس الفلسفية ، فرحت تتأمل في الاحتمالات العقلية الممكنة لتفسير ذلك الصوت

والنظريات التي يمكن أن تعرض في هذا المقام ، من مثل دعاوى " الصدفة "

أو وقوع الخلل في " شبكة الكهرباء "، أو " العطل الذي يصيب أنواع الجرس والمنبهات "، أو حتى احتمالات من أمثال أن أحدهم يتلاعب بدق الجرس والفرار فورا .

ونحو تلك الاحتمالات التي لا ننكر قيامها ، ولكننا نعلم ـ أيضا ـ أنها خلاف الأصل والمعهود ، ولا تَرِدُ على العقل البشري إلا إذا تكلف التفكير فيها

وخطؤه أنه يجعلها معارضة للمبادئ الثابتة ، والقواعد المطردة ، التي لولاها لتساوى العاقل والمجنون في هذا الكون ، ولذلك يعيش الملحد جنونا في تفكيره بالخالق

ولكنه في حياته اليومية يعيش سليما بعيدا عن الجنون ، فيبادر لفتح الباب بعد سماع صوت الجرس

للتعرف على طالب الدخول ، ولا يتردد لحظة في ذلك ، وهكذا يفعل إذا رن هاتفه ، أو طرأ عليه أي حادث جديد ؛ فإنه سوف يبحث ـ حتما ـ عن مُحدثه ، وفاعله !!

وتخيل معنا كم هو مثال يسير لا يستغرق لحظات من حياة الإنسان ، ولكن له فيه العظة والعبرة.

فكيف لو رحنا نضرب الأمثلة في جميع شؤون الدنيا ، أو لو رحنا نعدد القواعد المطردة في هذا الكون ، والتعقيد المدهش في تفاصيله

والإعجاز المبهر الذي يتكشف للبشرية يوما بعد يوم ، ثم بعدها ننسى جميع ذلك

وننسى كل ما جاء به الأنبياء وما أخبروا به ، ونخالف مسلمات العقول ومبادئها ، كل ذلك لأجل احتمالات ونظريات عقلية ( طارئة ) عارضنا بها البدائه الثابتة.

ألا تسلم معنا أن هذه هي المشكلة الكبرى ، فليس لمن تعرض له هذه الوساوس حاجة إلى التأمل في نظرية الانفجار العظيم وغيرها

بقدر ما هو بحاجة إلى إعادة تهيئة في الطريقة السليمة التي يتعاطى بها العقل السليم مع معطيات هذا الكون !!

يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :

" الناس جميعا ، المؤمن منهم والكافر ، والناشئ في صوامع العبادة ، والمتربي في مخادع الفسوق ، اذا ألمّت بهم ملمّة ضاقوا بها ذرعا ، ولم يجدوا لها دفعا ، لم يعوذوا منها بشيء من هذه الكائنات

وإنما يعوذون بقوة وراء هذه الكائنات ، قوة لا يرونها ، ولكنهم يشعرون بأرواحهم وقلوبهم

وكل عصب من أعصابهم بوجودها ، وبعظمتها وجلالها . يقع هذا لكثير من الطلاب أيام الامتحان ، ولكثير من المرضى عند اشتداد الألم وعجز الطبيب . كلهم يعودون إلى ربهم ، ويقبلون على عبادته .

فهل سألتم أنفسكم ، ما السبب في هذا وأمثاله ؟ لماذا نجد كل من وقع في شدة يرجع إلى الله ؟

نذكر جميعا أيام الحرب الماضية ، والتي قبلها ، كيف كان الناس يقبلون على الدين ، ويلجؤون إلى الله . الرؤساء والقواد يؤمّون المعابد ، ويدعون الجنود إلى الصلاة .

ولقد قرأت في مجلة (المختار) المترجمة عن مجلة (ريدر زاديجست) ، مقالة نشرت أيام الحرب ، لشاب من جنود المظلات ( يوم كانت المظلات والهبوط بها شيئا جديدا ) يروي قصته

فيقول : إنه نشأ في بيت ليس فيه من يذكر الله ، أو يصلي ، ودرس في مدارس ليس فيها دروس للدين ، ولا مدرس متدين ، نشأ نشأة ( علمانية ) مادية ، أي مثل نشأة الحيوانات التي لا تعرف إلا الأكل والشرب والفساد

ولكنه لما هبط أول مرة ، ورأى نفسه ساقطا في الفضاء ، قبل أن تنفتح المظلة ، جعل يقول : يا الله يا رب . ويدعو من قلبه ، وهو يتعجب من أين جاءه هذا الإيمان ؟

وبنت ( ستالين ) نشرت من عهد قريب مذكراتها ، فذكرت فيها كيف عادت إلى الدين ، وقد نشأت في غمرة الإلحاد ، وتعجب هي نفسها من هذا المعاد . وما في ذلك عجب

فالإيمان بوجود إله شيء كامن في كل نفس ، إنه فطرة ( غريزة ) من الفِطَر البشرية الأصلية ، كغريزة الجنس ، والإنسان ( حيوان ذو دين ).

ولكن هذه الفطرة قد ( تغطيها ) الشهوات والرغبات والمطامع ، والمطالب الحيوية المادية

فإذا هزتها المخاوف والأخطار والشدائد ألقت عنها غطاءها فظهرت . ولذلك سمي غير المؤمن ( كافرا ) ، ومعنى الكافر في لسان العرب ( الساتر )...

في قرارة نفس كل إنسان الإيمان بإله ، هذه حقيقة نعرفها نحن المسلمين

لأن الله خبرنا أن الإيمان فطرة فطر الناس عليها . وقد عرفها الإفرنج من جديد ، ( دوركايم ) أستاذ الاجتماع الفرنسي المشهور له كتاب في أن الإيمان بوجود إله بديهية .

لا يمكن أن يعيش الإنسان ويموت من غير أن يفكر في وجود إله لهذا الكون ، ولكنْ ربما قصر عقله فلم يهتد إلى المعبود بحق ، فعبد من دونه أشياء ، عبدها على توهم أنها هي الله ، أو أنها تقرب إلى الله .

فإذا جد الجد ، وكانت ساعة الخطر ، رجع إلى الله وحده ، ونبذ هذه المعبودات .

مشركو قريش ، كانوا يعبدون ( هبل )، و ( اللات )، و ( العزى )، حجارة وأصنام ، (هبل) صنم من العقيق، جاء به ( عمرو بن لحيّ ) من عندنا ، من ( الحمّة ) قالوا له : إنه إله عظيم قادر

فحمله على جمل وجاء به ، فسقط على الطريق فانكسرت يده

فعملوا له يدا من ذهب . إله تنكسر يده ! وكانوا مع ذلك يعبدونه !! يعبدونه في ساعات الأمن ، فإذا ركبوا البحر ، وهاجت الأمواج ، ولاح شبح الغرق ، لم يقولوا : يا ( هبل ). بل قالوا : يا الله .

وهذا مشاهد إلى اليوم عندما تغرق السفن ، أو تشب النيران ، أو يكون الخطر ، أو يشتد المرض ، تجد الملحدين يرجعون إلى الدين . لماذا ؟ لأن الإيمان غريزة ، أصدق تعريف للإنسان أنه ( حيوان متدين ) .

وانظروا إلى هؤلاء الملحدين الماديين ، عندما يأتيهم الموت ، هل تظنون أن (ماركس) أو (لينين) لما أيقن بالموت، دعا ( وسائل الإنتاج ) التي يؤلهها

أم دعا الله ؟ ثقوا أنهما لم يموتا حتى دعوا الله ، ولكن حين لا ينفع الدعاء . و( فرعون ) تكبر وتجبر ، وقال : أنا ربكم الأعلى . فلما أدركه الغرق ، قال : ( آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل .. ) "

انتهى من " تعريف عام بدين الإسلام " (ص/45-48) .

وللفائدة : ينظر جواب الاسئلة القادمة بعد المشاركة الخامسه

والله أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









رد مع اقتباس