فأعيدي النظر في طريقة تعاملك مع الناس ، ولا يحل لك ازدراء أحد من الناس ، وما أنتِ فيه من نعمة من انتسابك لأهل البيت ليس لك فيه كسب ، وإنما الفضل الحقيقي بما تعملينه ، وتكسبينه من الصالحات :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) رواه مسلم (2699) .
قال النووي رحمه الله :
" مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ عَمَله نَاقِصًا , لَمْ يُلْحِقهُ بِمَرْتَبَةِ أَصْحَاب الْأَعْمَال , فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّكِل عَلَى شَرَف النَّسَب , وَفَضِيلَة الْآبَاء , وَيُقَصِّر فِي الْعَمَل " انتهى من شرح صحيح مسلم .
وإن بقيتِ على حالك هذه : صارت تلك النعمة نقمة ، وخسرتِ أشياء كثيرة ، فتضيع عليك حسناتك ، وتأخذين سيئات غيرك ، وهذا هو عين الإفلاس :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ؛ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ ؛ التَّقْوَى هَاهُنَا ـ وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ . بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) .
وليكن قدوتك سيد آل البيت جميعاً ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف كان يعامل الكبار ، وكيف كان رحيماً بالصغار ، وكيف كان يصبر على الأعراب ، ويقدِّم العجمي – كسلمان الفارسي لدينه – وليس في منهج حياته اعتبار لنسبه في تعامله مع الآخرين ، وهذه حياته بين يديك ، قلبي صفحاتها ، وتأملي معانيها ، واستغرقي في أحوالها : فلن تجدي حرفاً منها يماثل ، ولا يقارب ما أنت عليه من حال .
نسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن ييسر أمرك ، ويهدي قلبك .
والله أعلم