اخوة الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
من الطبع الوارد في الشرع في حق عصاة المسلمين
3. الطبع بسبب التخلف عن صلاة الجمعة .
أ. عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ ) .
رواه الترمذي ( 500 ) وأبو داود ( 1052 )
والنسائي ( 1369 ) وابن ماجه ( 1126 ) .
قال ابن الجوزي – رحمه الله - :
أَصْلُ الطَّبْعِ : الوَسَخُ ، والدَّرَنُ ، ويحتمل أَنْ يُراد به
: الخَتْمُ عَلَى القَلْبِ ، حَتَّى لاَ يَفْهَمَ الصَّوابَ .
" غريب الحديث " ( 2 / 26 ، 27 ) .
والمعني الثاني هو الأظهر عند عامة الشرَّاح .
قال السيوطي :
قال الباجي : معنى الطبع على القلب :
أن يُجعل بمنزلة المختوم عليه ، لا يصل إليه شيء من الخير .
" تنوير الحوالك شرح موطأ مالك " ( 1 / 102 ) .
ب. وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبي هُرَيْرَةَ
أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ
أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ ) .
رواه مسلم ( 865 ) .
قال الصنعاني – رحمه الله - :
( لينتهين أقوام عن وَدْعهم ) بفتح الواو وسكون
الدال المهملة وكسر العين المهملة أي : تركهم الجمعات .
( أو ليختمن الله على قلوبهم ) الختم
: الاستيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه ؛ كتماً له
وتغطية ؛ لئلا يتوصل إليه ، ولا يطلع عليه
شبهت القلوب بسبب إعراضهم عن الحق واستكبارهم
عن قبوله وعدم نفوذ الحق إليها :
بالأشياء التي استوثق عليها بالختم
فلا ينفذ إلى باطنها شيء
وهذه عقوبة على عدم الامتثال لأمر الله
وعدم إتيان الجمعة من باب تيسير العسرى .
( ثم ليكونن من الغافلين )
بعد ختمه تعالى على قلوبهم
فيغفلون عن اكتساب ما ينفعهم من الأعمال
وعن ترك ما يضرهم منها .
وهذا الحديث من أعظم الزواجر عن ترك الجمعة والتساهل فيها .
وفيه إخبار بأن تركها من أعظم أسباب الخذلان بالكلية .
" سبل السلام " ( 2 / 45 ) .
ومعنى " من باب تيسير العسرى " :
من بخل بطاعة ربه
وتأخر عنها : صار ذلك الكسل والتأخر
عن الطاعة عادة ملازمة له ، يسهل عليه إتيانها
ويشق عليه تركها ، وهي طريق موصلة للعسرى .
قال ابن كثير رحمه الله :
" فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى أي: لطريق الشر
كما قال تعالى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الأنعام: 11]
والآيات في هذا المعنى كثيرة دالة على أن الله عز وجل
يُجازي من قصد الخير بالتوفيق له
ومن قصد الشر بالخذلان . وكل ذلك بقدر مُقدّر . "
انتهى . "تفسير ابن كثير" (8/417) .
والخلاصة :
أن الناس أربعة أصناف
: كافر ، ومنافق ، ومؤمن ، ومسلم عاصٍ
ولكل واحدٍ من أولئك قلبه الخاص به
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وقد قسَّم الصحابة رضي الله تعالى عنهم القلوبَ إلى أربعة
كما صح عن حذيفة بن اليمان : " القلوب أربعة :
قلب أجرد ، فيه سراج يُزهِر ، فذلك قلب المؤمن
وقلب أغلف ، فذلك قلب الكافر
وقلب منكوس ، فذلك قلب المنافق
عَرفَ ثم أنكر ، وأبصر ثم عمى
وقلبٌ تُمِدُّه مادتان : مادة إيمان ، ومادة نفاق
وهو لما غلب عليه منهما " .
فقوله : " قلب أجرد " أي : متجرد مما سوى الله ورسوله
فقد تجرد وسلِم مما سوى الحق
و " فيه سراج يزهر " وهو مصباح الإيمان
فأشار بتجرده إلى سلامته من شبهات الباطل
وشهوات الغي ، وبحصول السراج فيه إلى إشراقه
واستنارته بنور العلم ، والإيمان .
وأشار بالقلب الأغلف : إلى قلب الكافر
لأنه داخل في غلافه ، وغشائه
فلا يصل إليه نور العلم والإيمان
كما قال تعالى حاكياً عن اليهود
: ( وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ ) البقرة/ 88
وهو جمع أغلف ، وهو الداخل في غلافه ، كقُلف وأقلف
وهذه الغشاوة هي الأكِنَّة التي ضربها الله على قلوبهم
عقوبة لهم على رد الحق ، والتكبر عن قبوله
فهي أكنة على القلوب ، ووقْر في الأسماع
وعمًى في الأبصار
وهي الحجاب المستور عن العيون في قوله تعالى :
( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً . وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً ) الإسراء/ 45 ، 46
فإذا ذكر لهذه القلوب تجريد التوحيد
وتجريد المتابعة ولى أصحابها على أدبارهم نفورا
وأشار بالقلب المنكوس ، وهو المكبوب : إلى قلب المنافق
كما قال تعالى : ( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ) النساء/ 88
أي : نكسهم ، وردهم في الباطل الذي كانوا فيه بسبب كسبهم
وأعمالهم الباطلة ، وهذا شر القلوب ، وأخبثها
فإنه يعتقد الباطل حقّاً ، ويوالي أصحابه
والحقَّ باطلاً ، ويعادي أهله ، فالله المستعان .
وأشار بالقلب الذي له مادتان :
إلى القلب الذي لم يتمكن فيه الإيمان
ولم يزهر فيه سراجه
حيث لم يتجرد للحق المحض الذي بعث الله به رسوله
بل فيه مادة منه ، ومادة من خلافه
فتارة يكون للكفر أقرب منه للإيمان
وتارة يكون للإيمان أقرب منه للكفر
والحكم للغالب ، وإليه يرجع .
" إغاثة اللهفان " ( 1 / 12 ، 13 )
و لنا عودة ان قدر لنا البقاء و اللقاء
من اجل استكمال الموضوع