منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا لا يحددون اسعار السلع ؟؟؟؟؟؟؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-06, 11:56   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الواثق
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية الواثق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ج- مناقشة الأدلة السابقة
يمكن مناقشة أدلة الأقوال السابقة كما يلي:
1- استدلال المانعين من التسعير مطلقا بحديث أنس السابق على عموم المنع، غير مسلم لأنّه ليس لفظا عاما حتى يعمّ، بل هو واقعة خاصة أو قضية معينة حدثت في المدينة وهي غلاء السعر، وليس فيها –أيضا- أنّ أحدا امتنع من بيع ما الناس يحتاجون إليه، بل جاء في حديث أنس التصريح بداعي طلب التسعير وهو ارتفاع الأسعار بسبب قلة الجلب الذي يفضي إلى زيادة الطلب، وليس فيه أنّ أحدا طلب في ذلك أكثر من عوض المثل، ولهذا امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن التسعير لا لكونه تسعيرا، ولكن خشية الوقوع في ظلم التجار الذين لم يكن لهم يد في ارتفاع السعر، وإنّما ارتفع بسبب قانون العرض والطلب، مع أنّه ثبت في الصحيحين منع الزيادة عن ثمن المثل في عتق الحصة من العبد المشترك.
2- أمّا استدلال المجيزين مطلقا بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فالجواب عنه من الوجوه التالية:
- إنّ اجتهاد عمر رضي الله عنه ليس حجة في ذاته.
- وإنّ اجتهاده رضي الله عنه غير معتبر لمقابلته للنص، وهو امتناعه صلى الله عليه وسلم عن التسعير.
- ولأنّ عمر رضي الله عنه عاد عن قوله كما جاء في "الأم": " ...فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطبا في داره فقال له: "إنّ الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء، إنّما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت فبع، وكيف شئت فبع"(٢٧).
- ثمّ إنّ السند ضعيف عن عمر بسبب انقطاعه، إذ أنّ القاسم لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
3- أمّا الاستدلال من جهة المعنى بأنّ التسعير إضرار بالناس إذا زاد، وإذا نقص أضرّ بأصحاب المتاع، فجوابه أنّ الضرر موجود فيما باع في بيته.
4- أمّا الأدلة العقلية المورودة في هذه المسألة بناء على اجتهادات العلماء، فهي إمّا متعارضة فيما بينها، وإمّا مقابلة للنص، ولا يخفى أنّه لا اجتهاد في مقابلة النص، كما هو مقرر في الأصول.

د- سبب اختلاف العلماء
والذي يظهر لي أنّ سبب اختلاف العلماء في مسألة التسعير يرجع إلى ما يلي:
- هل حديث أنس لفظ عام أم قضية معينة ؟
- هل التسعير إكراه بغير حق أم بحق ؟
- هل يجوز تخصيص العموم بالمصلحة ؟(٢٨).
- فمن رأى أنّ حديث أنس لفظ عام يمنع التسعير في هذه الحال، وأنّ إجبار البائع على البيع بغير رضاه إكراه له بغير حق، لمنافاته لنص الآية المتضمن للركن الأساسي في العقود وهو الرضا، وأنّه لا يجوز تخصيص العموم بالمصلحة، قال: بمنع التسعير مطلقا.
- ومن رأى أن إلزام البائع على البيع بما يبيع به الناس إكراه بحق ورأى أنّه يجوز تخصيص عموم النص بالمصلحة المعتبرة الوجود، كما رأى وجوب تقديم المصلحة العامة على الخاصة، قال: بجواز التسعير مطلقا متى دعت الحاجة إليه قلة وكثرة.
- ومن رأى أنّ حديث أنس واقعة حال وليس لفظا عاما، وأنّ التسعير فيه ما هو إكراه بحق وبغير حق، ورأى أنّه إذا سلم العموم فلا يجوز تخصيص العموم بالمصلحة، وإنّما يجوز تفسير النص على ضوء المصلحة المتبادرة من النص نفسه، فصّلَ وقال: إنّ السعر منه غير الجائز، وهو المتضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم ممّا أباحه الله لهم فهو حرام، ذلك لأنّ ارتفاع الأسعار ليس آتيا من قبلهم، وإنّما وقع بسبب قلة العرض وزيادة الطلب، عملا بالآية وحديث أنس المتقدم، أمّا السعر المتضمن للعدل بين الناس، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم ممّا يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب، رفعا للظلم الذي تسبب فيه جشع التجار باستعمالهم للحيل والاحتكار، مستغلين ما حاجة الناس إليه داعية فإجبارهم على العدل لازم، أخذا بما مضت به السنة المطهرة من وجوب تقويم قيمة المثل كحديث السراية في العتق والشفعة وغيرها، وقياسا على النهي عن الاحتكار من جهة أخرى.










رد مع اقتباس