كل ما نعرفه عن طارق بن زياد المغاربي الأمازيغي، هو نص تلك الخطبة التي ألقاها في جيوشه التي عَبَرت مضيق البوغاز ونزلت بشواطئ الأندلس والتي فاق تعدادها خمسة آلاف. خطبة، حفظناها في دروس الأدب واللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ، وامتلأت بها كتبنا المدرسية لما فيها، كما يقال، من بلاغة مليئة بالسجع والصور البلاغية والحماسة وأشياء أخرى، يمكنكم الرجوع إليها فهي لاتزال مقررة في الكتب المدرسية على أطفال الجزائر وأطفال المغرب الكبير والمشرق حيث مطلع الشمس. قرأنا وحفظنا هذه الخطبة "العصماء" المعصومة من كل شيء إلا من الكذب
وما نتساءل عنه وهو الذي يدخل في باب محاولة تفتيت ما أسميه بـ"الكذب المقدس" الذي تكرس بشكل واضح ومتواصل في ثقافتنا العربية وأضحى من المسلمات التي لا تمس ولا تنقد ولا تُراجَع: كيف يمكن لطارق بن زياد الأمازيغي النفزاوي الولهاصي، مََنْ لغتُه اليومية والتعاملية هي البربرية، كيف يمكن له وهو قائد الجيش أن يتكلم بكل تلك الفصاحة العربية، تلك اللغة التي لم تكن قد حطت بعد رحالها في بلاد المغرب الكبير بشكل ديني وثقافي عميقين؟ كيف يمكن لهذا القائد الاستراتيجي أن يخاطب بلغة عربية عالية جنودا غالبيتهم إن لم أقل جميعهم من قبائل البربر وهم لا علاقة لهم بهذه اللغة الأدبية العالية؟