السلام عليكم .. و بعد ..
سبق أن ذكرنا الحكمة من خلق الثقلين و هي عبادة الله تعالى
و العبادة بمفهومها العام هي " التذلل لله محبة و تعظيما بفعل أوامره و اجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به الشرائع "
أما المفهوم الخاص أي تفصيلها فقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله " العباة اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال
الظاهرة و الباطنة كالخوف و الخشية و التوكل و الصلاة و الزكاة و الصيام و غير ذلك من شرائع الإسلام "
و اعلم أن العبادة نوعان : 1-عبادة كونية و هي الخضوع لأمر الله تعالى الكوني و هذه شاملة لجميع الخلق لا يخرج عنها أحد لقوله تعالى
(إن كل من في السماوات و الأرض إلا آتي الرحمن عبدا ) فهي شاملة للمؤمن و الكافر و البر و الفاجر
2- عبادة شرعية و هي الخضوع لأمر الله تعالى الشرعي و هذه خاصة بمن أطاع الله تعالى و اتبع ما جاءت به الرسل مثل قوله تعالى
( و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) فالنوع الأول لا يحمد عليه الإنسان لأنه بغير فعله لكن قد يحمد على ما يحصل منه
من شكر عند الرخاء و صبر على البلاء بخلاف النوع الثاني فإنه يحمد عليه ..
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله " و أنواع العبادة التي أمر الله بها مثل الإسلام و الإيمان و الإحسان " فهي الدين كله كما
في حديث جبريل المشهور ثم قال " ومنه الدعاء و الخوف و الرجاء و الرغبة و الرهبة و الخشية و الخشوع و الإنابة و الإستعانة و الإستعاذة و الإستغاثة
و الذبح و النذر و غير ذلك من أنواع العباذة التي أمر الله بها كلها لله تعالى و الدليل قوله تعالى ( و أن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا )
فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كافر ..."
أركان العبادة : للعبادة ركنان و هما الإخلاص و المتابعة ..
1- الإخلاص هو أن يقصد المرء بعبادته وجه الله عز و جل و الوصول إلى دار كرامته بحيث لا يعبد معه غيره لا ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا ..
2 - المتابعة أو الصواب أن يتابع و يوافق بعبادته عبادة النبي صلى الله عليه و سلم لأنه القدوة أرسله الله ليبين لنا كيفية عبادته فمن خالفها فعمله مردود عليه
فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) و في رواية لمسلم
( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) و قد أجمل الله تعالى هذين النوعين في قوله سبحانه ( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا
و لا يشرك بعبادة ربه أحدا ) فهي تضم الركنين ..
و قال أحد السلف : ينشر للعبد يوم القيامة ديوانان يقال له لِم ؟ و كيف ؟ أي لماذا فعلت عبادة كذا و كيف فعلتها ..
نسأل الله التوفيق لما يحبه و يرضاه ..
و بعدها نتحدث عن كلمة التوحيد و الإخلاص " لا إله إلا الله " لكن أترككم أنتم أولا تتكلمون عنها ..