منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - طلب رواية وداع مع الاصيل
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-09, 00:49   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ام هالة شهرزاد
عضو متألق
 
الصورة الرمزية ام هالة شهرزاد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قالت ذلك و ما لبث أن ندمت على ما فرط منها و هي ترى احتقان وجه ابن عمها و تجهمه، و خشيت أن يقدم على عمل يرتكبه في حق أبيه تكون هي سببه، فاستدركت تقول: " أنا شخصيا لا أثق فيما يقال في هذا القبيل، و اكبر ظني أن عمي بريء من تلك التهم التي تلصق به، و لا تنس أن هناك من الناس من هم اقدر من الشياطين في الحسد و الهمس و إطلاق الأقاويل، و المعروف أن عمي قضى شطرا من عمره تاجرا، و لا غرابة في أن يضرب الحظ ضربته مع التجار فتدر عليهم تجارتهم أرباحا طائلة تتكون منها ثروة هائلة ".

همس الفتى و هو بين الشك و اليقين من أمر أبيه: " هذا ما أنباني به في رسائله حين كنت في الخارج، و كثيرا ما حدثني عن النجاح الساحق الذي أحرزته تجارته، و الأرباح الطائلة التي أصابها من وراء ذلك، و لذا لم يدهشني حين عدت إلى الوطن أن أرى مظاهر الترف و النعم تغمره ".

قالت و هي تختلس إلى وجهه نظرة خاطفة: " هذه هي الحقيقة، و لكني كنت أخشى أن تطرق أذنك تلك الشائعات فأثرت أن تسمعها مني لتكون على بينة من أمر تلك التهم التي يقرنها الناس باسم أبيك ".

عاد الهدوء إلى نفس الفتى و قال: " و على أية حال فسرعان ما ينجلي الأمر و يظهر لنا الحق من الباطل، و والله لو صح ما يردده القوم عن أبي فلا بد أن انتصف لوطني ".

اصطكت ركبتا المرأة و قالت تدير دفة الحديث معه، و تحاول أن تعيد إليه هدوء نفسه: " دع عنك ثرثرة القوم و مزاعمهم يا ابن العم و حدثني ماذا أنت فاعل بشان سلمى؟"

تبسم و قال: " رأيي أن ابعث بك إليها تخطبينها ".

فذعرت سعاد و قالت: " هل تنوي أن تجلب على راسي نقمة والديك؟"


قال: " ماذا تقترحين؟ "

قالت: " اذهب لوالدتك و أفضي لها بما في نفسك و اطلب إليها أن تذهب لبيت الفتاة و تخطبها لك من أمها، أو اذهب أنت بنفسك و اطلبها من أمها ".

قال:" أنت تعلمين أن أمي لا توافقني لو طلبت إليها ذلك لان الخيلاء و الغرور يجثمان على بصيرتها و يملكان عليها مشاعرها، فهي شديدة التعالي و الكبرياء إلى درجة لا تطاق، و كذالك أختي، لاعتقادهما انه ليس هناك من بين مخلوقات الله من توازيهما حسبا و نسبا و منزلة، و كما تعلمين أن أمي تسعى تارة إلى تزويجي من ابنة أختها التي لا تلاءم نفسي، و أخرى من ابنة أخيها تلك الفتاة اللعوب التي تشبه الغانيات، ثم تقاليد البلاد لا تسوغ لي أن اذهب بنفسي و اطرق باب الفتاة طالبا يدها كما تقولين ".

فحنت عليه و حسبت للصدمة في نفسه ألف حساب لو اعرضت الفتاة عنه و ابت ان تتخذه زوجا لها.

و كانت سعاد ترى في ابن عمها الشهامة و النبل و كمال الرجولة و حميتها، و تمنت ان تجمعه الصدفة بالفتاة عسى ان تصيب مزاياه هذه هوى من نفسها كما فعلت به، فليس شيء بين عجائب الدنيا يفوق الحب في معجزته و لا غلبة لسلطانها. و مر بذهنها في تلك اللحظة خاطر ارتاحت اليه و قالت: " ليس لك الا العم حامد فهو بمثابة اب الفتاة و اخ لامها، فامض اليه في متجره، و اطلب شراء لوحة من لوحاتها، و لترى بعد ذلك ما يكون من امر ".

ابرقت اساريره و قال: " ساذهب اليه في الحال".