
كيف يكون حوارك انت يا ترى؟!
ذات يوم اوى عبد الله الى فراشه في ليلة من ليالي الشتاء الباردة ، من بعد نصب وتعب من مشاغل الدنيا ، ما أكثرها اخوتي اخواتي .
وغرقفي نوم عميق ، فاستيقظ قبل الفجر من عطش شديد ألم به، فقام ليشرب الماء فسمع أنيناً يخرج من الأرض ، تلفت حوله فذهب الأنين ، ثم ذهب وشرب الماء ثمعاد إلى الفراش ، وإذا بالأنين يعود مرة أخرى ، وفي هذه المرة كان الأنين قوياً وكأنه صوت بكاء ، فتحسس الأرض بيده ، حتى أمسك ( سجادته) فسكتت.
قال متعجباً: أأنت التي تأنين يا سجادتي ؟!
قالت: نعم.
قال: ولماذا.
قالت: لقد أيقظك عطشك ، وشربت من الماء حتى ارتويت ، وأنا بحاجة إلى الماء ولا أجد من يرويني الماء !!
قال: وهل تريدين أن أحضر لك كأساً من الماء ؟
قالت: لا ليس هذا هو الماء الذي يرويني ، إنما يرويني دموع العابدين التائبين.
قال: ومن أين لي أن آتي لك بهذا النوع من الماء ؟
قالت: وهذا هو سبب بكائي فقم يا عبدالله وصل لله ركعتين في ظلمة الليل ؛ حتى تنير لك ظلمة القبر والجزاء من جنس العمل ، ولم يبق من الوقت غلا القليل وبعها يؤذن المؤذن لصلاة الفجر.
قال: دعيني وشأني يا سجادتي.
قالت: يا عبدالله قم لصلاة الفجر ، فإنها حياة للقلب وللروح ، وقد حان موعد الأذان ليردد: ( الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ) وأنت تستجيب لنداء الدنيا كل يوم في الليل والنهار. ولا تستجيب لنداء العزيز القهار ؟!!
قال متضايقاً: دعيني أنام يا سجادتي .. فأنت تشاهدينني كل يوم ، لا أعود إلى المنزل إلا وأنا منهك متعب .. ثم أخذ اللحاف ووضعه على صدره فشعر بالدفء واستسلم لسلطان النوم.
قالت السجادة: يا عبدالله. وهل تعطي للدنيا أكثر مما تعطيه لدينك ؟
قال بلهجة تهكمية: أسكتي يا سجادتي. أرجوك لا تتكلمي.. فإنني متعب ومرهق. أريد أن أنام
فسكتت السجادة برهة متأثرة بما قال عبدالله وقالت بصوت حزين: آه لرجال الفجر !! آه لرجال الفجر !!
ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ـ يعني الفجر والعصرـ ". وقال عليه الصلاة والسلام: " من صلى البردين دخل الجنة ". وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بشرواالمشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ". وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: " ليس صلاةأثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ".
فانتبه عبدالله من غفلته وقال: فعلاً إن صلاة الفجر مهمة.
السجادة: قم يا عبدالله قم.
قال: غداً أبدا إن شاء الله .. ولكن اتركيني اليوم لأنام فإنني مرهق.
السجادة: وهي متحسرة ( من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال(.
ثم قالت: ستنام غداً في قبرك كثيراً يا عبدالله ، وستذكر كلامي ونصحي … ثم تركته السجادة ، ونام عبدالله ، ولكن ! كانت أطول نومة ينامها في حياته فقد مات تلك الساعة. فأنشدت السجادة حين علمت بوفاته قائلة:
يـا من يـعد غـداًلتـوبـتـه ***أعلى يقين من بلوغ غد
المرء في عيشه على أمل *** ومنيته الإنسـان بالـرصد
أيـام عـمـرك كلـهـا عـدد*** ولعل يومك آخر العددانصح نفسي واياكم بالاعتبار .... اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
انتظر ردودكم