2009-03-08, 01:31
|
رقم المشاركة : 4
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
وأما إذا انتقلنا إلى تأثره (بماركس) فيمكن القول، مع (ارفنج زاتيلن)، إنه كان بالنسبة (لفيبر) وغيره من الباحثين شبحا ظلوا يحاكونه ويحاجونه، وكان مصدر إلهامهم سواء أقلدوه أو نقدوه،(1) وهناك آراء غير قليلة ترى أن (فيبر) بدأ ماركسيا، لكن ذلك لم يسعفه ولم يضعه في مكانته التي تطلع إليها، فانتهى إلى عكس ما بدأ، فكان له في الأخير ما أراد من شهرة. ويدلل على مثل هذا القول البحث الذي نشره (فيبر) عام 1869م حول تفسير سقوط الإمبراطورية الرومانية، والذي لم يركز فيه على تفكك العائلة الرومانية، وإنما على الأساس الاقتصادي للمجتمع،(2) ويمكن أن يضاف إلى هذا إسهامات (فيبر) في دراسة قضايا الطبقات الاجتماعية والتي في محاولة تقديم تعريفات إجرائية أكثر تفصيلا، ولعل توضيح هذه النقطة في فقرة سابقة يدلل على هذا.
ومما يؤخذ على (فيبر) مغالاته في التشديد على الجوانب الذاتية في الحياة الاجتماعية، أي مرامي الأفراد ودوافعهم، الأمر الذي اقترب به من حافة التفسيرات السيكلوجة للظاهرات الاجتماعية، فقد أكد على قيم الأفراد ومصالحهم ومشاعرهم، وحتى في تمييزه بين أنماط السلطة ركز على ردود الزعيم الملهم. وقد جعله هذا يفرط في مسائل النسبية الثقافية والقيمية، وبتالي وضع تحديدات جمة أمام إمكانية التوصل إلى قوانين علمية موضوعية يسير المجتمع الإنساني في ضوئها. فقد أشار في مقاله الموسوم (بالموضوعية في العلوم الاجتماعية) إلى أنه ليس هناك تحليل علمي مطلق للثقافة، وإذا شئنا الدقة ليس هناك ظاهرات اجتماعية مستقلة عن وجهات نظر ذات جانب واحد،(3) ومع أهمية هذه النقطة فإن المبالغة فيها أفضت إلى آراء فردية ودراسات فردية أثرت في خطوط سير علم الاجتماع بعد ذلك حيث تحولت الدراسات إلى حملات قيمية نسبية خنقت البحث العلمي الموضوعي في علم الاجتماع.
وتتجمع خيوط فكر (فيبر) في نسيجها الجوهري – حول قيم الفردية والذاتية ليكون بذلك مبررا ومساندا للعمل الفردي، وللمشروع الرأسمالي، الأمر الذي يدلل على وقوفه فكرا وموقفا وسلوكا بجانب المصالح الرأسمالية متغافلا عن الطبقات الاجتماعية العريضة من عمال وفلاحين وموظفين .. الخ ولكن وبعد هذه الإطلالة السريعة سيظل دور (فيبر) واضحا – فقط – بقدر تأثيره في من تلوه خاصة من منظري الغرب الرأسمالي، فقد ساعدهم في تحديد بعض الأسس المنهجية من خلال نموذجه المثالي، ومن خلال مفهوماته، ومن خلال دراسته حول البروتستانتية وروح الرأسمالية التي لا يزال البعض يراها سلاحا في وجه فكر آخر يرونه خطرا على المجتمع الرأسمالي.
(1)Zeitlin, L Ideology and the Development of Sociological Theeory, op cit preface.
(2) Kozer Kowalski, Weber and Marx in Polish Sociological Bulletin No. I 1968 p 5 – 17.
|
|
|