منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - أوجست كونت
الموضوع: أوجست كونت
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-03-08, 00:21   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse تابع

4. في ضوء دراسته ومنهجه أفاد بأنه توصل إلى ما أسماه (قانون الحالات الثلاثة) وإيجاز هذه الحالات أن التفكير الإنساني في كل منحى من مناحي المعرفة مر من مرحلة التفكير الديني إلى التفكير الفلسفي لينتهي أخيرا إلى مرحلة التفكير العلمي الوضعي. كانت الظاهرات تفسر في المرحلة الأولى بنسبتها إلى أقوى خارجة عنها، في حين أن تعزي في المرحلة الثانية إلى معان وأفكار مجردة وقوى ميتافيزيقي وعلل أولى لا يمكن إثباتها إلى معان وأفكار مجردة وقوى ميتافيزيقية وعلل أولى لا يمكن إثباتها، كأن تفسر ظاهرة النمو في النبات مثلا بنسبتها إلى النفس النباتية. وأما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الفهم العلمي التي يذهب فيها العقل إلى تفسير الظاهرات بنسبتها إلى القوانين التي تحكمها والأسباب المباشرة التي تؤثر فيها.
ويفهم من هذا القانون أن (كونت) اعتبر الفكر محرك المجتمع، صانعه، ودافعه. وإذا كانت هذه المرحلة نتاج دارسته للجوانب الدينامية في المجتمع، فإن دراسته للثوابت الاجتماعية أفضت به إلى اعتبار الفرد والعائلة والدولة العناصر الأساسية لتكون المجتمع.ويعتبر الفرد شيئا لا قيمة له إلا بوجوده وتعاونه مع آخرين، ولذا اعتبر الأسرة أهم الوحدات الاجتماعية في المجتمع. وأما المجتمع فتصوره وحدة حية ومركبا معقدا أهم مظاهره التعاون والتضامن.(1)
5. تتمثل ركائز منهجه في الدراسة والبحث: في الملاحظة والتجربة التي تقوم على منطق المقارنة بين الظاهرات والمجتمعات، وأخيرا التحليل التاريخي المنطلق من دراسة الأفكار وتحليلها كمقدمة أساسية لفهم التطور الاجتماعي. ويجدر هنا القول بأنه رغم إشارته إلى كل هذه الركائز فإنه عد الملاحظة أهمها وأكثرها دقة، لأنها هي ألأكثر اتساقا والفهم العلمي(2).
6. وأما غايات علم الاجتماع (الكونتي) فهي تحدد بشعار السياسة الوضعية التي ترى في النظام غاية في ذاته ووسيلة لتحقيق التقدم. ولذا كان مسعى (كونت) من إنشاء علم الاجتماع إصلاح المجتمع الذي هزته الفلسفات النقدية والتحركات الثورية. ولهذا اعتقد (كونت) أن الاتجاهات النقدية اتجاهات هدامة، وبهذا يميل علم الاجتماع لديه إلى أن يكون أداة للمحافظة على النظام (انك تدرس لكي تضبط). ويبدو كل هذا متماثلا في المنطوق الأساسي لكلمة وضعية، التي تعني الوقوف إيجابيا من أنه رأى أن الكائن الاجتماعي يجب أن يندمج في شخصية متسلطة تسلطا مباشرا، ويجب تأكيد السلطة المركزية في كل الميادين، ولهذا يعد من بين من نادوا بالحد من حرية التفكير. لقد فرح وهلل عندما قبض نابلوين على ناصية السلطة بيد من حديد، ومن أقواله المشهورة في هذا الصدد (إن حرية الضمير لا توجد في الرياضيات). وخلاصة كل هذا أنه نادى كثيرا بضرورة محاكاة علم الاجتماع للعلوم الطبيعية، وفي الوقت نفسه كان على الأقل لا يهتم بحرية الضمير والفكر. ألم يعرف أنه لو كانت المسلمات الرياضية تعكس مصالح الناس مباشرة لا اختلفوا بشأنها؟


(1)، (2) مصطفى الخشاب، علم الاجتماع ومدارسه، مكتبة الأنجلوا المصرية، 1977، ص232 – 240.