ثم جاءت إصلاحات ابن تومرت(473هـ-524هـ)، وابن رشد(ت595هـ)، للإلهيات وهي عبارة عن محاولة لتجديد هذا العلم، وقد استندت هذه المحاولة إلى أمور أهمها:
1- نقد الكلام الأشعري وتفنيد أدلته وتوضيح ما فيه من تناقض داخلي، وكذلك نقد موقف الحشوية والصوفية من الإلهيات.
2- الاقتراب من مذهب المتكلمين القدماء ولاسيما المعتزلة، في البحث عن مسائل العقيدة، عن طريق الاعتماد على العقل وأدلة من القرآن والسنة كما يظهر من كتابي ابن رشد "فصل المقال" و "الكشف عن مناهج الأدلة" ومن كتاب "آراء ابن تومرت الفلسفية" [دويش1989 :103].
3- الابتعاد عن البحث في القضايا الفلسفية الميتافيزيقية الخالصة، كالبحث في الجوهر والهيولا والصورة وغير ذلك، والميل إلى المسائل الإلهية الخالصة، كالبحث في وحدانية الله وصفاته، وعدله، والمعاد، والنبوات، وفي النفس، والقدر والقضاء وما شابهها.
4- تأويل المسائل الإلهية التي نقدها الغزالي، وتبين أنها غير مخالفة للشرع بل الأقرب أنها موافقة له، وذلك عن طريق دعمها بأدلة من العقل والنقل، كما فعل ابن رشد في القضايا التي كفر بها الغزالي الفلاسفة.
5- إعادة النظر في مناهج البحث في الإلهيات بصفة عامة، وتقديم منهج جديد هو في حقيقة الأمر منهجين أحدهما للعامة والآخر للخاصة.
6- القول بضرورة تأويل النصوص إذا تعارضت مع العقل، وقد دافع ابن تومرت عن هذا المبدأ دفاعا مريرا، ولكن الأقدار شاءت أن يشتهر به ابن رشد وابن عربي، فابن تومرت هاجم المعارضين للتأويل ورفض موقفهم منه، وذلك أن مسلكهم هذا يؤدي إلى فصل الحكمة من الشريعة، ولأن القياس والاجماع داخلان في الشريعة، ثم إن التأويل في نظره وسيلة للفهم والمعرفة وتطبيق الدين وهو أيضا وسيلة لتحقيق العدالة عند تطبيق الشريعة، والرد على المخالفين [دويش1989 :106].
وبناء على ما ذكرناه فإن مقومات هذا المنهج الجديد في نظرنا ينبغي أن يوضع على النحو التالي: