منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - (إيران) .. الخطر القادم من الشرق !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-12-15, 20:14   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
chafoued
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B18 إن هذه أمتكم أمة واحدة

بينما كنت أقلب القنوات الفضائية, إذ بمشهد جنازة يستوقفني يشدني بقوة, حيث كان جمع غفير من الناس يلبسون السواد, منهم من شق الجيوب, ومنهم من لطم الخدود, وهذا يصفع صدره العاري وذاك يجلد ظهره الدامي, فتساءلت في نفسي: ما هذا؟ ولم كل هذا؟ ومن يكون الميت؟ وبعد برهة علمت من نواحهم ونحيبهم, وهتافهم وأنينهم, أنها جنازة الحسين رضي الله عنه.
فطارت بي الذاكرة في أطناب التاريخ الغابر إلى معركة كربلاء, وإذا بنار الحزن على مقتله عليه السلام تلفح صدري وتكوي فؤادي, فقلت معهم: "اللهم صل على محمد وآل محمد", كما نقولها في الصلاة, وبعد هنيهة رجعت إلى نفسي وانهمر علي سيل من الأسئلة, متى قتل الحسين رضي الله عنه؟ أليس ينهانا ديننا عن العزاء بعد اليوم الثالث؟ لماذا يسترسل هؤلاء في النواح والعويل قرونا؟ ثم إذا كان هؤلاء يحبون الصالحين إلى هذا الحد, ويجعلون لهم في كل عام مأتما على مر القرون, فلم لم يفعلوا هذا مع جميع الصالحين الذين قتلوا ظلما وعدوانا وما أكثرهم؟ بل إن من الصالحين من هو أفضل مقاما من الحسين عليه السلام كالأنبياء, فلماذا لم يبك أحد مقتل سيدنا يحيى عليه السلام مثلا؟....لم أجد جوابا...
تأملت فيهم مليا, فإذا بالأسى يخيم على المكان, والسواد يلفهم من كل جانب, كل حركاتهم وسكناتهم, وكل كلماتهم وهمساتهم, وحتى شهقاتهم وزفراتهم, تنم جميعها عن حزن عميق...ما هذا؟
هل الحزن ركن من أركان الإسلام؟ هل يأمرنا ديننا بالحزن؟ أم ينهانا عنه؟ فتذكرت أن الشيطان عليه لعنة الله هو الذي يريد أن يدخل الإنسان في متاهة الحزن, ودوامة الخوف, هذه هي لعبته: الحزن أو الخوف.
بيد أن عباد الرحمان المتمسكون بحبله المتين, والسالكون صراطه المستقيم, فلا سلطان للشيطان عليهم " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان" فهو لا يقدر على تخويفهم أو تحزينهم, يقول الحق تبارك وتعالى: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون", ويقول: " إِنَّ الَّذِين َقَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمّ َاسْتَقَامُوا تَتَنَـزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاتَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا " ويقول: " إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُم ْوَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ", ويقول: "لا تحزن إن الله معنا", ويقول: "ولا تخافي ولا تحزني".
فالمؤمن لا يخاف من غده وما يأتي به المستقبل, لأن ثقته بالله كبيرة, وإيمانه راسخ بأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له. ولا يحزن على أمسه, وعلى ما فاته أو أصابه في ماضيه, لأنه يحتسب كل ذلك عند الله عز وجل.
أما من يتعبد الله بالحزن, وبغير ما شرع, ويريد أن يحيى حياة حزينة, وليست حياة طيبة كما أرادها الرحمان لمن اتبع سبيله, فإنه بعيد عن الصراط المستقيم, صراط الذين أنعم الله عليهم بالهداية وبالحياة الطيبة, يقول عز من قائل: " من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" ويقول:"من اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى" لا يضل عقله بالخرافات والهوى, ولا يشقى فؤاده بالأحزان والخوف.
أدركت بعدها أن الشيطان الرجيم نجح نجاحا عظيما عندما قسم هذه الأمة التي كانت أمة واحدة, ولم يقف عند هذا الحد, بل تجاوزه هو وأعوانه من شياطين الإنس إلى دفعنا إلى التناحر فيما بيننا, وإلى إضعاف شوكتنا بأيدينا, حتى أصبحنا لقمة سائغة لأعدائنا الذين لم ولن يرضوا عنا, إن مكاننا الصحيح هو أن نقف صفا واحدا, يشد بعضنا بعضا, كأننا بنيان مرصوص, في مقابل أعداء الأمة الذين لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا...هذا ما أستشعره وأنا قائم بين يدي ربي موجها وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا...هذا ما أستشعره, وأنا أستمع لنداء الإمام وهو يقول:"القدم للقدم..والكتف للكتف..لينوا بأيدي إخوانكم..لا تدعوا فرجة للشيطان..من وصل صفا وصله الله..ومن قطع صفا قطعه الله"..
اللهم وحد صفنا..واجمع كلمتنا..ولم شملنا..وارفع رايتنا..آمين..آمين..آمين.










رد مع اقتباس