[align=justify]
فتح دمشق:
وظل الحال على ما هو عليه، المسلمون يشددون الحصار، والروم لا يعرفون سبيلا للخروج من ذلك الحصار، حتى كانت ليلة استطاع خالد بن الوليد الذي كان يراقب الموقف بدقة وعناية فائقتين أن يعبر الخندق هو وجماعة من جيشه منهم القعقاع بن عمرو، ومذعور ابن عدي سباحة بالقرب نفخوها وعلقوها في أعناقهم، وتسلقوا السور الشاهق بالحبال والأوهاق، وانحدروا إلى داخل بالحبال نفسها، وكبروا فاجتمع المسلمون حول السور والباب، وعالج خالد ومن معه الباب بالسيوف ففتحوها بعد أن قتلوا البوابين، ودخل المسلمون المدينة عنوة، وذعر أهل دمشق فهرعوا إلى الأبواب الأخرى يطلبون الصلح فوافق المسلمون، وعقدوا معهم الصلح ما عدا خالدا فقد دخلها عنوة، والتقى القواد المسلمون في وسط المدينة عند كنيسة المقسلاط بالقرب من درب الريحان [6].
يقول صاحب الفتوح: وهو موضع النحاسين بدمشق، وهو البريص الذي ذكره حسان ابن ثابت في شعره حين يقول:
يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل [7]
والرواية هذه متفق عليها بين المؤرخين في فتح دمشق إلا من شذ منهم فقلب الكلام وعكس الوضع وادعى أن خالدا دخلها صلحا وأبا عبيدة أو يزيد دخلها عنوة.
ولكن كيف عرف خالد بانشغال الروم في تلك الليلة حتى أقدم على اقتحام العاصمة؟ تجري الروايات بأن خالد كان يقظا مهتما بالأمر، وأنه كان لا ينام ولا يترك أحدا ممن معه ينام، وفي تلك الليلة لاحظ هدوء السور وخلوه من الحراس، فما أسباب ذلك؟ يقول الطبري وابن كثير وغيرهم: بأنه ولد للبطريق مولود فصنع لأهل دمشق طعاما اجتمعوا عليه،وأكلوا وشربوا وغفلوا عن واجبهم وشغلوا عن مواقفهم فلاحظ ذلك خالد فانتهز الفرصة وكان الاقتحام.
ويقول البلاذري: "إن رجلا منهم أتى خالدا، وأخبره أن هناك هذه الليلة ليلة عيد لأهل المدينة، وأنهم في شغل، وأن الباب الشرقي قد ردم بالحجارة وترك وأشار عليه بأن يلتمس سلما، فأتاه قوم من أهل الدير الذي عند عسكره بسلمين فرقى جماعة من المسلمين عليهما إلى أعلا السور، ونزلوا إلى الباب وليس عليه إلا رجل أو رجلان، فتعاونوا عليه وفتحوه وذلك عند طلوع الشمس" [8]. والروايتان تؤديان إلى نتيجة واحدة هي أن خالدا فتح دمشق من بابها الشرقي عنوة، وأن أهلها كانوا عنها غافلين، وأن خالدا استعمل في الوصول إلى غايته السلاليم سواء كانت من الحبال أم منن غيرها، وأنه غامر ودخل المدينة وهي مغلقة الأبواب وهو الذي فتحها لجيشه.
ولكنهما تختلفان مع هذا في شيء آخر وهو أن خالدا في الرواية الأولى عرف انشغال الدمشقيين بفطنته ويقظته، وأن خالدا قد أعد الحبال والأوهاق [9] ليستعملها عندما تحين الفرصة، وفي الرواية الثانية عرف انشغال الناس بواسطة واحد منهم، وأنه استعار السلاليم من أهل الدير القريب منه.
والذي تميل إليه النفس هو الرواية الثانية، فقد حدث ذلك كثيرا في البلاد التي فتحها المسلمون بعد أن استعصت عليهم، وبخاصة وأن الروم كانوا قد ظلموا الرعية، وأرهقوا الناس بالضرائب الباهظة، وكان الناس قد ملوهم وملوا حكمهم، وضاقوا بأساليب ظلمهم، وقد حدث ذلك فعلا عند فتح الإسكندرية.
وإلا فإن هدوء السور وخلوه من الحراس لا يدلان على انشغال الناس فقد يكون ذلك مكيدة للتغرير بالمسلمين وإيقاعهم في حبائلهم، ومثل ذلك لا يغيب عن فطنة خالد العبقري، ولا يعزب عن ذهنه.
والرواية الثانية على ما هي عليه لا تقلل من عبقرية خالد العسكرية، ولا تهون شأن الدور الذي قام به خالد في فتح المدينة الحصينة، بل إنها لتعطي إلى جانب القدرة العسكرية الفائقة حنكة سياسية بارعة، حيث استطاع خالد –رضي الله عنه- أن يكسب عطف الناس، ويستميل قلوبهم إليه حتى انتهز ذلك الرجل انشغال الناس بعيدهم، وقصد خالدا، وأخبره بما عليه أهل دمشق وأغراه بالفتح.
فبينما نرى خالدا سياسيا بارعا أقام علاقات حسنة مع أحد الأساقفة، وكسب عطف الناس واستمال قلوبهم، نراه هو وأصحابه وقد نفخوا القرب، وعلقوها في أعناقهم، وعبروا بها الخندق المحيط بالسور، ولا يكاد يعبر حتى ينصب السلاليم ويرقى عليها ثم يستعملها في الهبوط إلى داخل المدينة، وصيحات التكبير تملأ الفضاء، ويقتل الحراس، وينشر الرعب في أنحاء العاصمة الحالمة الوديعة التي كان أهلها بالأمس يلهون آمنين.
إنها حنكة خالد السياسية شدت أزر عبقريته الحربية فكانت الثمرة فتح دمشق العتيدة الحصينة، ما أروع الحنكة السياسية حين تتعاون مع الخبرة العسكرية، وأعظم من ذلك وأروع أن تجتمع الصفتان في رجل واحد قادر على استخدامهما متى شاء لا حين تجبره الظروف وتضطره الأوضاع.
كان فتح دمشق عند بعض المؤرخين بعد اليرموك وفي السنة نفسها بعد حصار دام سبعين يوما أو أربعة أشهر أو ستة أشهر، وكان ذلك كله ولم تخرج سنة ثلاث عشرة للهجرة النبوية، والرأي الذي رجحه ابن كثير هو أنه فتحت في رجب سنة 14 هـ وقال: "هو رأي الجمهور" [10].
واتفاق المؤرخين على أن دمشق وإن كان بعضها فتح عنوة وبعضها فتح صلحا إلا أنه قد أجرى عليها جميعا حكم الصلح، وكان الصلح عند أكثر المؤرخين على المقاسمة أي أن المسلمين قاسموا سكان دمشق كل ما كان في أيديهم حتى الكنائس، وكان عددها خمس عشرة كنيسة أخذ المسلمون منها سبعة وقاسموهم أكبر الكنائس وأضخمها كنيسة القديس يوحنا المعمدان [11]، فأخذ المسلمون نصفها وجعلوه مسجدا وتركوا لهم نصفها الغربي كنيسة يقيمون فيها شعائرهم [12]، وقد أخذ الوليد بن عبد الملك منهم النصف الذي بأيديهم وأدخله في المسجد المعروف بالمسجد الأموي اليوم [13].
وتضمن هذا الصلح فرض الجزية على سكان دمشق، وقد جعلها أبو عبيدة دينارا على كل رأس وشيئا من الحنطة والزيت والخل يقتات به المسلمون، وكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فكأن عمر لم يرض بذلك بل نظر إلى طبقات الناس واختلافهم في اليسار وعدمه [14]، كما فرضها على الذكور البالغين القادرين على تأديتها دون غيرهم [15].
روى البلاذري أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد يأمرهم أن يضربوا الجزية على كل من جرت عليه الموس، وأن يجعلوها على أهل الورق أربعين درهما، وعلى أهل الذهب أربعة دنانير، وعليهم من أرزاق المسلمين مدان من حنطة، وثلاثة أقساط زيتا، وجعل عليهم ودكا وعسلا [16]
المسلمون في دمشق:
استقر الأمن للمسلمين في دمشق، وطاب لهم فيها المقام، فعاشوا بين قصور وأنهار وورود وأزهار، ونظر أبو عبيدة فإذا كثير من أهل دمشق يتركون بيوتهم ويفرون إلى إنطاكية، حيث يقيم هرقل، ورأى المسلمين يسكنون هذه الدور، وينعمون بتلك القصور فخاف أن يخلدوا إلى الدعة والنعيم، وأن ينسوا من خلفوا وراءهم من المقاتلين فذكرهم بهم حين عمد إلى قسم الغنائم، فقسم معهم لذي الكلاع وجنوده، ولأبي الأعور ورجاله، ولبشير ومن معه، كما قسم للجنود الذي يحاصرون فحلا.
وبهذا يكون أبو عبيدة –رضي الله عنه- قد ذكر المسلمين بإخوانهم الذين دفعوا عنهم، وينتظرونهم ليكملوا معهم المشوار الذي بدءوه. وأما هذه الدور وتلك القصور التي تركها أهلها وفروا منها، فلا ينبغي أن تشغلهم عن مسيرة الجهاد في سبيل الله حتى لا يحل بهم ما أحل بأهلها الذين فروا منها إلى غير رجعة، وليكن للمسلمين فيهم عبرة فالسعيد من وعظ بغيره.
هرقل يودع دمشق:
وأما هرقل إمبراطور الروم، وصاحب البلاد، فكان كلما سمع بانتصار المسلمين يبتعد عن الموطن الذي فتحوه، وظل يفر من بلد إلى بلد، وينتقل من مكان إلى مكان يطلب النجاة، وينتظر الفرج، حتى سقطت دمشق. ثم حمص وقنسرين في أيدي المسلمين حينئذ فر هرقل إلى القسطنطينية، وأشرف على نشز من الأرض والتفت إلى الشام وقال: "السلام عليك يا سورية سلام لا اجتماع بعده" [17]. ويقول أبو جعفر: "لما فصل هرقل من شمشاط وأخلا الروم التفت إلى سورية فقال: قد كنت سلمت عليك تسليم المسافر، فأما اليوم فعليك السلام يا سورية تسليم المفارق، ولا يعود إليك رومي أبدا إلا خائفا [18].
وكتب أبو عبيدة بالفتح إلى الخليفة فسر به،وكتب إلى أبي عبيدة أن اصرف جند العراق إلى العراق، فأخرج أبو عبيدة جند العراق، وهم الذين قدموا مع خالد بن الوليد، وأمّر عليهم هاشم بن عتبة المرقال، وعوضه عمن قتل منهم، وأمرهم بالسير واللحوق بسعد بن أبي وقاص، وخرج هو وبقية الأمراء متجهين إلى فحل [19].
من دمشق إلى فحل:
لا يزال القواد العشرة الذين أرسلهم أبو عبيدة لمحاصرة فحل مرابطين عندها وكلما هم المسلمون بغزو المدينة حال الوحل بينهم وبين ما يريدون، ذلك لأن جيش الروم لما علم بقدوم جيش المسلمين إليهم فزعوا أشد الفزع، وفكروا كيف يدفعون هذا الموت الزاحف عليهم؟ فبثقوا مياه نهر الأردن ومياه بحيرة طبرية فغرقت الأرض بالمياه، وكانت الأرض سبخة فتحول ترابها إلى وحل وطين لم يتمكن الجيش بسببه من اقتحام المدينة.
وكان أبو عبيدة قد انتهى من دمشق، وعقد الصلح مع أهلها، ونظر فإذا هرقل يحرض الناس عليهم، والروم يجتمعون حوله في إنطاكية، وفكر القائد ماذا يصنع؟ أيذهب إلى هرقل ليقضي عليه، ويريح المسلمين من تحريضه وشره؟ أم يذهب إلى فحل ليؤمن ظهر الناس، وتصير الشام بعدها سلما للمسلمين؟
وسرعان ما تذكر أبو عبيدة رسالة الخليفة وأمره بالتوجه إلى فحل بعد فتح دمشق فلم يعد هناك مجال للتردد والتفكير، فليذهب أبو عبيدة وجيشه إلى فحل، وليكن من أمر هرقل بعد ذلك ما يكون. استعد أبو عبيدة للمسير إلى فحل، وخلّف يزيد بن أبي سفيان في خيله على دمشق حتى لا تنتقض أو ترتد، وتقلب للمسلمين ظهر المجن.
وكان شرحبيل بن حسنة هو أمير الجيش حسبما وصى الخليفة، ورتب شرحبيل جيشه، فجعل خالدا على المقدمة، وأبا عبيدة وعمرا على المجنبتين، وضرار بن لأزور على الخيل، عياض بن غنم على الرجل [20].
سار الجيش على بركة الله، يحده أمل كبير في فتح هذه البلاد حتى تهدأ بلاد الشام كلها، ويصبح فيها المسلمون آمنين، واتجه شرحبيل بجيشه نحو الجنوب حتى انتهى إلى الجيش المحاصر وعليه أبو الأعور السلمي، فوجده وقد حال الوحل والماء بينه وبين جيش الروم. وأراد شرحبيل أن يحرك الجيش الذي حاصر فحل تلك الفترة الطويلة دون أن يستطيع فتحها ليجدد نشاطه، ويحفزه للعمل بعد طول توقف فبعثه إلى طبرية فخرج أبو الأعور السلمي بجيشه متوجها إلى الشمال حيث تكون طبرية.
ونزل شرحبيل بجيشه الذي ضم خيرة قواد المسلمين على فحل، فوجد الأرض لا زالت غارقة بالوحل والماء، وبحث المسلمون حولهم فوجدوا أنفسهم بأطيب مقام، الأرض خصبة، والخيرات كثيرة، والعيش رغد، والروم محصورون لا يصلهم مدد ولا يسعفهم عون، فلماذا يتعجلون؟
وكتب القائد إلى الخليفة يخبره بموقف الجيش، ذلك لأن عمر –رضي الله عنه- كان يوصي القواد دائما بالكتابة له بكل ما يكون عليه الجيش حتى يكون بقلبه وروحه دائما مع المجاهدين وما كان يحب أن يخفى عليه شيء من أحوالهم، ولم يكن هناك ما يدعو للعجلة فأقام الجيش حتى يأتيه أمر الخليفة.
مغامرة يائسة:
رأى سقلاّر قائد جيش الروم وجوها جديدة تحاصر المكان، ورأى في تصرفاتهم عدم الاكتراث بطول الحصار، فتأكد أن القوم جادون في حصارهم، وأنهم لن يبرحوا الأرض –مهما طال وقوفهم- حتى يفتحوها، فماذا يفعل؟ وكيف يتصرف؟؟ لقد كانت هزيمتهم في اليرموك لا زالت تقض مضاجعهم، وتفت في أعضادهم ثم بلغتهم أخبار دمشق ذات الحصون والأسوار فزادت في فزعهم واضطرابهم وهاهي ذي الأنباء تترى بأن هرقل يتأهب لمغادرة بلاد الشام إلى غير رجعة.
لم يكن أمام جيش الروم إزاء تلك الأحداث الجسام، وبعد تلك المواقف المفزعة إلا أن يغامر بخوض معركة مع المسلمين وليكن الموت فهو على كل حال خير من الأسر وإن كان مشوبا بعار الهزيمة. عزم سقلار على مباغتة المسلمين وتبييتهم، فأرسل فرقة من جنوده ليكتشفوا له من خلال الوحل طريقا بها يهاجم منه المسلمين، معتقدا أنه سيأخذهم على غرة وهم نائمون، ولكن شرحبيل قائد قوات المسلمين كان دائما على استعداد، لأنه كان يتوقع أن يهاجمه الروم في أي لحظة، ولهذا فإنه كان يمسي ويصبح على تعبئة وجيشه في غاية اليقظة والحذر.
وتخير سقلار بن مخراق القائد اليائس ليلة ليبيت فيها المسلمين، فلما جن الليل عبر تحت ستار ظلامه ذلك المكان الوحل إلى حيث يعسكر المسلمون، وهو مطمئن تماما إلى غفلة المسلمين وعدم انتباههم له، ولكنه لم يكد يواجه الجيش الإسلامي حتى فوجئ باستعدادهم لملاقاته، وخاب أمله في كل ما كان يتوقعه من غفلة المسلمين وعدم انتباههم، فلم يكن بد من المعركة.
وتلقاه شرحبيل هو وجنوده، فقاتلوا أشد القتال، وقاوموا أعنف مقاومة أعادت إلى أذهان الروم استبسال المسلمين في معركة اليرموك، واستبسل الروم في القتال فلم تكن لهم رغبة في الحياة بعد قتلى اليرموك واستسلام دمشق وفرار هرقل.
واستمرت المعركة بتلك الشراسة طول الليلة التي هاجم فيها سقلار، وتنفس الصبح والقتال لا يزال مستمر الأوار، والموت يتخطف الناس من كل جانب، وأيقن المسلمون أن ما بين النصر والهزيمة هو صبر ساعة فصبروا محتسبين، وانتصف النهار والمعركة تزداد شراسة وفتكا، وتحمس المسلمون فبعد الزوال ينزل نصر الله كما علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وازدادت ثقتهم بهزيمة عدوهم فقد بدا على جيش الروم إعياء شديد، ولولا تشبث النفس الإنسانية بالحياة لألقوا بأيديهم منذ الجولة الأولى.
اللحظة الحاسمة:
ولمس خالد بن الوليد وضرار بن الأزور ما أصاب جيش الروم من الفشل والوهن فشدا عليه شدة حطمت معنوياته، وأحدثت فيه من الخلل والاضطراب ما لم يعد في الإمكان تلافيه، وأقبل الليل بظلامه المخيف وسيوف المسلمين تنهبهم نهبا، فتزلزلت قلوبهم في صدورهم، واضطربت مع شدة الضربات صفوفهم، فحسبوا الليل فرصة للهروب من سيوف المسلمين فانهزموا حيارى خائفين، فضلوا الطريق، وأسلمتهم الهزيمة إلى الوحل الذي صنعوه بأيديهم ليمنع عنهم زحف المسلمين وقتل سقلار ورديفه نسطورس، وظفر المسلمون أحسن ظفر وأهنأه [21].
ولحق بهم المسلمون وقد حال الوحل بينهم وبين الفرار، فتناولوهم بأطراف الرماح وقتلوا منهم ثمانين ألفا لم يفلت منهم إلا الشريد، وهكذا بدأت الهزيمة في فحل، ووقع القتل في الرداغ [22]
إن تنصروا الله ينصركم:
وهكذا بدت للمسلمين آيات الله تعالى فقد كان سبحانه يهيئ لهم أسباب النصر في شيء كرهوه وبرموا به، لقد كان انبثاق الماء، وتوحل الأرض مكيدة اتخذها الروم ليعوقوا تقدم جيش المسلمين، وأراد الله أن يكون الماء والوحل سببا في انتصارهم وهزيمة عدوهم {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال الآية 30). فانقلبت المكيدة على من اتخذها، وكانت عونا للمسلمين على عدوهم، وأناة من الله ليزدادوا بصيرة وجدا [23].
وغنم المسلمون من الروم في تلك المعركة مغانم لم يقدرها المؤرخون، فاقتسموها بينهم، واطمأنت نفوسهم إلى موعود الله لهم، وانصرف أبو عبيدة وخالد بن الوليد إلى حمص تنفيذا لأمر الخليفة، وصحبا معهما سمير بن كعب وذا الكلاع الحميري ومن معه وخلفا شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ليتمما فتح الأردن وفلسطين.
________________________________________
[1] ابن كثير 7/320. [2] الطبري 3/437-438. [3] هيكل: الفاروق عمر 1/128.
[4] البلاذري ص128. [5] الطبري 3/440.
[6] ابن كثير 7/20. [7] البلاذري ص128. [8] البلاذري ص128.
[9] الأوهاق: الحبال في أطرافها عقد تطرح على الشيء فتمسك به.
[10] ابن كثير 7/22.
[11] الفاروق عمر/هيكل 1/133.
[12] ابن كثير 7/21. [13] البلاذري ص132. [14] نفسه ص132.
[15] أبو يوسف ص132. [16] البلاذري ص131.
[17] ابن كثير 2/494. [18] الطبري 3/603.
[19] ابن الأثير 2/429. [20] الطبري 3/442.
[21] الطبري 3/443 وابن كثير 2/430. [22] ابن الأثير 2/430 والرداغ الطين والوحل.
[23] الطبري 3/443.
************************************
للدكتور محمد السيّد الوكيل
وكيل كلية الحديث الشريف
المصدر :
مجلة الجامعة الاسلامية – المدينة النبوية – العدد 53 [/align]